مقالات

احتفالات كربلاء جرس انذار

شبكة عراق الخير : سامر حسن

احتفلت محافظة كربلاء مؤخرا بالذكرى السنوية بعيد مولد السيد المسيح ع في سابقة فريدة، وهذا بحسب رأيي له اسباب ودوافع علي تناولها في هذا المقال.
ان اهم سبب او دافع للمحتفلين هو لكسر الرتابة التي فرضتها عليهم الظروف الحياتية والمعيشية وبالاخص السياسة النافذة في المدينة، والتي تتسم بالطابع الديني المحافظ، رغم ان الاحتفال هذا لا يمثل للمدينة ولا عقيدة اهلها اية اهمية سوى اتباعهم التقويم الميلادي بحساب ايام السنة…ففي كربلاء بشكل خاص، تتوشح المدينة بطابع مظاهري اكثر منه جوهري. فلو كنت من مدّعي الفجور -اجلّك الله- كان عليك اخفاء مظاهر هذا الفحش فقط للخلاص من الانتقاد ومن ثم لك ان تقترفه كما شئت!
نعم للاسف هذا النوع من (النفاق الاجتماعي) الذي يتشح به مجتمعنا له جذور عميقة تأريخيا، وكما اشرت، لمجتمع مدينتنا نصيب كبير منه، ليس من باب الانتقاص ابداً، فانا فرد من هذا المجتمع ولكن من باب الدراسة والتشخيص.
اعود الى صلب الموضوع، فهذه الشباب عمدت الى كسر حالة الرتابة والجمود في خضم الشعارات والمظاهر التي تلزمهم عيش حياتهم حزانى بؤساء، طبقا لروايات رجال الدين التي تؤكد على عدم انتهاج الفرح والسرور والا كانت النتائج والعواقب وخيمة..! وهذا ما لمسته من انطباعات الكثيرين من الناس خصوصا عن طريق تعليقاتهم على منشورات الاخرين على مواقع التواصل الاجتماعي والخاصة بخبر الاحتفالات براس السنة، حيث كانت ردودهم جلها (زين ما الله يكلبها بينا، راح تخسف بيكم الگاع، شلون بعد الله يرحمنا؟، ولكم راح يصير يوم القيامة…الخ) وهذا بطبيعة الحال يعكس ثقافتنا التي اكتسبناها من الروايات والموروث الديني -صائبا كان ام لا- وكذلك الاجتماعي وما ترعرعنا عليه وهو غير دقيق بالمرة لمن يفهم الدين وحقوق الانسان التي اعطاها ايانا الخالق، فيقول الامام علي ع “اعمل لدنياك كأنك تعيش ابداً …”. فاحتفال الزواج مثلا مباح واحتفال الختان كذلك والموالد ايضا، فالاحتفالات بمواليد الائمة ايضا موجودة ويتم التحضير لها والمشاركة فيها، ونحن ايضا بشر لدينا مشاعر وميول وانطباعات تجرنا للتصرف كباقي البشر، فلماذا نغالط انفسنا ونفخر بمظاهر الحزن والتأسي ونترك الجانب الاخر من جوانب الطبيعة الانسانية الا وهو السعادة والانشراح؟!
ما يهمني من ذلك كله هو النتائج المترتبة على هذا الحدث الا وهو الاحتفال بعيد رأس السنة الميلادية والرسالة المجتمعية الواضحة والغير مشفرة وفحواها؛ ان الحياة شئ وقيود المؤسسات الدينية ذات النفوذ والاعراف المجتمعية التي تغلغلت الينا مؤخرا شيئا اخر.

المجتمع ملّ التقييد هذا والاتباع المغلفين بغلاف الدين (رجاله) وكذلك الاعراف والتقاليد -لست هنا احاول الانتقاص من الضابط الديني والخلقي والتقاليد الاجتماعية المحافظة- ولكن المثل يقول (الزيادة كالنقصان)، وارى يوما بعد يوم، ان التشدد في التعامل مع الناس من قبل بعض هؤلاء الناس وكذلك بعض شيوخ المنابر مدعي الزهد الممل اضافة الى المسؤولين المتبرقعين بالرداء الديني المذهبي الخداع ممن يريدون من وراء ذلك مكاسب شخصية فئوية، هذا التشدد يجعل من الناس تسلك طريقا اخرا؛ اما بالاتجاه المعاكس، او الموازي ولكن بطريقة مختلفة، وهذا الحدث يعتبر معاكسا تماما وهو بمثابة رسالة صريحة -كما ذكرت- للقائمين على فرض قيودهم على المجتمع قسرا تتلخص بالاتي:-
• ان كنتم تتبعون الدين الحقيقي وتريدون تطبيق مبادئه بنوايا صادقة فعليكم ان تنتبهوا الى خطواتكم جيدا وتعطوا الناس حقوقهم كما تريدون منهم الكثير من الواجبات التي تلزمونهم بها عن طريق الترهيب والتخويف، فالدين كما هو شديد وحدّي الى انه سمح ولين، حيث يقول الله تعالى (وما يكلف الله نفسا الا وسعها) فانتبهوا وعوا، فلرب حجر لا يعجبكم يدميكم يوم لا ينفع الندم وتتحول حينها بلادنا الى فوضى عارمة ومجتمع ثاني جراء الانفجار الذي يولده الضغط، ومن الطبيعي ان يكون التغير جارفا كتيار يأخذ معه كل ما في طريقه وهذا الحال سيكون سلبيا خطيرا يستدعي من المسؤول -ان كان يكترث- ان يأخذ ذلك بنظر الاعتبار.
• ان كنتم تتصرفون ابتغاء مرضاة مصالحكم واهوائكم؛ فالنتائج المنتظرة من جراء قبضتكم على سلوك الناس؛ ستكون كفيلةً باسقاطكم ونفور الناس منكم يوما بعد يوم، وانتم من يتحمل المسؤولية كاملة عن كل ما يحدث من نفور هذه الناس ايضا من الدين وانفجاجهم عنه بسبب سياساتكم البلهاء وانشغالكم بمصالحكم الدنيوية الضيقة حين تأمرون الناس بالبر وتنسون انفسكم ولن يكون من هؤلاء الناس الا العصيان السلوكي اذ انهم ليسوا متصوّفين ولم يعتادوا على ذلك امام التطور والحداثة وسبل التواصل مع العالم الخارجي الذي تغيّر كلياً، فاحفظوا لنا مدينتنا ولكن ليس بالتظاهر والشكل بل بالجوهر والفحوى.
قانون قدسية المدينة؛ كان احد الاسباب المباشرة لما حدث وسيحدث ان كنتم تعقلون، فالناس قد ضجرت من التزييف المتعمد من القائمين على السلطة والمؤيدين لهم والراضين بفعلهم…ويوما بعد يوم تفلت الامور من ايديكم، وليتها جاءت على ذلك فحسب بل ربما ستكون وبالاً على ديننا ومدينتنا وتأريخنا وانتم المسببون الحقيقيون لذلك فهل للمواطن ان يأخذ على ايديكم ام انه لا تعنيه هذه ايضاً؟!
“الانسان حريص على ما مُنع” علي بن ابي طالب ع

iraqkhair

موقع مستقل يهتم بالشأن العراقي والعربي في جميع المجالات الاخبارية والاقتصادية والتقنية والعلمية والرياضية ويقدم للمتابع العربي وجبة كاملة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights