غير مصنف

الدولة والسلطة

526608 205713556281641 814421029 n

الدولة والسلطة

حميد الطرفي

بين الدولة والسلطة تداخل في المفاهيم والتباس في اذهان المتلقين واذا استبدلنا كلمة السلطة بالحكومة فسيكون الالتباس أكثر واذا كان البعض يصف الدولة بأنها كيان حي يشبه الكيان العضوي ينمو ويتحرك ويهرم ويموت فإن السلطة ليس أكثر من مجال للصراع والمنافسة للقيمومة على هذا الكيان ورعايته . الدولة عند البعض نصاب محايد لا ينتمي لهذا الطرف او ذاك أو ليست مضافة الى فرد أو مجموعة كما يشاع في الماضي دولة بني العباي أو بني أمية ، أو كما كانت تنسب الى هذا الملك أو ذاك ( الملك هو الدولة والدولة هي الملك ) بل هي مجموعة مؤسسات مترابطة وأدوات متداخلة وضعت لإدارة المجتمع وتيسير حكمه ينبغي أن تكون هذه المؤسسات راسخة ومتناسقة تحكمها أصول لا تختلف كثيراً عن أصول الفقه أو الفيزياء أو الكيمياء بخلاف السلطة التي هي عرضة للتغيير والتداول لانها مجال للمنافسة والصراع كما اسلفنا .
مهدي بزركان اول رئيس حكومة ايرانية بعد الثورة الاسلامية عام ١٩٧٩م قال ذات يوم ان هناك من الحرس الثوري من يرى انه اذا كان الشاه يقول (١+١=٢) فعلينا ان لا نقول ذلك !!! بحجة الثورة والتغيير . لست أدري ما علاقة الانضباط الاداري ومبدأ إطاعة الأدنى للأعلى واحترام الموظف في إطار وظيفته وتخصص الإدارة والسلم الوظيفي والرقابة الادارية والتدقيق وكذا الإنضباط العسكري ووجوب الطاعة والخيانة في الحرب وتدريب المنتسبين ، ما علاقة كل ذلك بالديمقراطية والحرية وحقوق الانسان حتى يتم العبث بكل هذه الضوابط وبالتالي خلخلة كيان الدولة وضعف اداءها وانعكاس ذلك تدريجياً على تقديم خدماتها للناس وانتشار الفساد والفوضى في أجهزتها . إن تجارب الامم والشعوب وما حصل فيها من ثورات تفيد بأن الحفاظ على مؤسسات الدولة وقواعدها كان من أولى اهتماماتها فلم تلغي الثورة الاسلامية في ايران جهاز الأمن السري في عهد الشاه ( السافاك ) بل غيرت اسمه واستفادت من كوادره رغم انه جهاز اشتهر بالقمع وتعذيب الثوار لأنها أي الثورة تعلم علم اليقين حاجتها للامن بعد ايام من انتصارها وحاجتها لهذه المؤسسة وخبراتها وهيكليتها ونمطها في الوصول الى المعلومة . إن الجهاز الاداري للدولة اليوم يشكو من العبث في قواعده الانضباطية والهيكلية فالاوامر الادارية عرضة للتوهين والتغيير والتدخلات من خارج الجهاز الاداري كما ان كثرة الوظائف الحكومية بات يقيد من حركة الدولة ويحد من رشاقتها وبالتالي صواب قرارها ونفاذه وهناك من المدراء والمسؤولين من يزيد الطين بلة في فتح باب التدخلات لمن هب ودب في القرار الاداري تحت ذريعة ( مداراة الناس ) او الحفاظ على المنصب أو قاعدة ( يمعود خل تمشي ) مما يفقد المؤسسة قدرتها على الانجاز للصالح العام وتتحول الى الى انجاز للصالح الخاص وهذا خلاف الغرض الذي انشئت من اجله كل مؤسسات الدولة التي يطلق عليها بالمرافق العامة لاقترانها بخدمة الصالح العام وليس الخاص . املنا كبير في أن تبقى مؤسسات الدولة وقواعد عملها خارج تنافس السلطة وان يحرص الجميع على حسن ادائها وترصين عملها .

iraqkhair

موقع مستقل يهتم بالشأن العراقي والعربي في جميع المجالات الاخبارية والاقتصادية والتقنية والعلمية والرياضية ويقدم للمتابع العربي وجبة كاملة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights