كيف يأمن السارقون ؟
حميد الطرفي
في الارث الشعبي حكاية جميلة عن المثل الشائع ( ضاع ابتر بين البتران ) وهي تلخص قصة ثعلب ماكر مارس الاعتداء وكانت علامته انه مقطوع الذنب فاراد ان يتخلص من هذه التهمة فعمد الى حيلة بان ربط كل الثعالب بعضها ببعض عن طريق اذنابها ثم فاجأهم ( اي الثعالب) بخطر داهم ففر كل واحد منهم الى رابية بعد ان قُطع ذنبه من شدة الجر . هذه الحكاية تلخص واقع بعض المفسدين اليوم وبعض إعلامهم الذين يحاولون جاهدين أن يشيعوا فاحشة الفساد في كل مرفق من مرافق الدولة ويحاولون أيضاً أن يوحوا الى الجماهير أن لا مسؤول إلا وهو فاسد شاء أو أبى . وقف احد الناشطين ( المدنيين ) بعد اقتحام الخضراء في مؤتمر صحفي مهدداً انه و ( جماهيره) لا بد وان يقتحم المجمع الحكومي ثانيةً لأنه يدخل مُجمعاً ( لـ اللصوص ) ، نائب برلماني مشهور أراد اللمعان فصرح في مقابلة انه لا يوجد مسؤول او عضو مجلس نواب الا وهو سارق لاموال الشعب ، تذكرت وانا اكتب هذه السطور هتافات المتظاهرين في عديد من المحافظات ( ….كلهم حرامية) ولك ان تملأ الفراغ مجلس كربلاء ، مجلس الحلة ، مجلس النواب … الخ حتى رأى زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر ان مفردة ( شلع قلع ) تلقى استحساناً من الجماهير . وكم تثلج هذه الشعارات صدور المفسدين وتدمي صدور الشرفاء الوطنيين لقد تبدد الجهد وتشتت النظر وفسد المطلب وأُخِذ المحسن بجريرة المفسد . قال لي احد الشرفاء انه أثار عدة ملفات ذات وزن ثقيل من الفساد أمام هيئة النزاهة وتابعت الهيئة اجراءاتها بجدية ولكنه فوجيء بعد ايام بإثارة قضية كبيرة عليه امام الاعلام ربما تمتد اثارها لاشهر عضو مجلس في محافظة ما فوجيء باستدعائه الى الهيئة بقضية تافهة بعد ان قدم معلومات قيمة عن ملفات فساد . مسؤول إداري شريف ونزيه أودع السجن ليوم أو يومين بقضية تافهة وكاد يبقى لولا تدخل البعض لاخراجه . لو ركز المتظاهرون ومعهم القضاء وهيئة النزاهة على المفسدين الحقيقيين وأودعوا رأساً أو أكثر من رؤوس الفساد في السجون لارتدع كثيرون . لا نبالغ اذا ما قلنا ان التظاهرات الاخيرة وموجة الاعلام الضخمة حول الفساد التي مرت ولم يرافقها تشخيص المفسدين ومعاقبتهم ستكون عامل إغراء لهم ولغيرهم ، وتلك هي المأساة بعينها نتطلع الى اليوم الذي نرى فيه العدالة قد أنزلت بحق المستخفين بالمال العام ونال المفسدون جزاءهم تحت ظل القانون ومؤسسات الدولة بعيداً عن لغة الثأر والسحل والانتقام فلا ينتج العنف الا العنف اللهم استجب .
