شبكة عراق الخير : بقلم صاحب الشريفي
المقدمـــــــة:
العمارة الإسلامية هي أحد مظاهر الحضارة التي ميزت مدينة كربلاء بقبابها الذهبية واسواقها التراثية ومحلاتها
العريقة وأبنيتها وبطيقانها وشناشيلها الجميلة وما تزال إلى يومنا هذا شاهدة على عظمة هذه الحضارة
وإنسانيتها وتأريخها المجيد والتي احتفظت بها الذاكرة الكربلائية الغناء مجسدة بعادات وقيّم ورموز اهلها الطيبين
لكي يبقى الطريق الذي يربط الماضي بالحاضر لبناء مستقبل الاجيال القادمة ومنها محلة المخيم التي هي
موضوع بحثنا الذي اعتمدنا على جمع المعلومات من خلال البحث الميداني والذاكرة الشفهية واللقاءات التي
أجريناها مع الاستاذ زكي عبدالحسين حيدر والاستاذ عامر قاسم واللواء صبيح حيدر محمد الصحاف وهم من
سكنة محلة المخيم القدامى، وكذلك على التحقيق الميداني الذي أجراه الاستاذ الباحث المسرحي عبدالرزاق
عبدالكريم الخفاجي والمنشور في مجلة كربلا الموقرة بعددها الأول(1437ه) الموافق كانون الثاني(2016م).
محلة المخيم:
هي إحدى محلات مدينة كربلاء القديمة وتسمى(أم كربلاء)، وقد وسميّت بمحلة المخيم لتكون رمزاً من رموز
المدينة المقدسة تيمناً إلى المكان الذي عسكر فيه الإمام الحسين(ع) سنة(61 ه) ونصبت فيه الخيام.
وتغطي المحلة مساحة واسعة تمتد من محلة باب الطاق شمالاً إلى جنوب وشرق محلة العباسية.
ازقة(عگود) المخيم:
محلة المخيم تحتوي على عدة ازقة(درابين) وهي:
عگد الچشمچية(النزاحين) وعگد (جاسم لاري) وعگد (كبيس) وعگد(ماوية) ويسمى أيضا بعگد معاوية و شارع
حبيب بن مظاهر، وعگد (المناكيش)و(عگد خلف السور)وعگد(حميد بستان) وعگد (شريف العلماء) وعگد(النقيب)
وعگد(الدده) وعگد (الصراف) وعگد(الفحامة) وعگد (شيخ مهدي الحائري)وعگد (حاج عبود البحراني)وعگد (سيد
يوسف)، وعگد الخطيب، وشارع المغتسل، وشارع باب قبلة الحسين(ع)، وستنكلم عنها مفصلاً لاحقاً.
سادة ووجهاء وشيوخ واعلام المحلة:
من السادة آل الدده السيد علي الدده، والسادة آل طعمة السيد مصطفى والسيد محي آل طعمة، والسادة آل
جلوخان وآل الشهرستاني، وآل الشروفي السيد عبود الشروفي، وسماحة العلامة السيد احمد الفالي، وأسرة
البحراني عميدها سماحة العلامة آية الله السيد محمد طاهر البحراني، وآل الخطيب الشيخ محمد الخطيب
والمحامي صادق الخطيب رئيس بلدية كربلاء الأسبق، ومن الشيوخ آل كمونة الشيخ عبدالحسين كمونة والشيخ
علي كمونة، وشيخ المناكيش الشيخ صلبي والشيخ بديوي، وعشيرة الرحيم الشيخ مسلط العبد وكاظم العبد
والشيخ حنظل، وعشيرة القريشية عزيز القريشي، وعشيرة الظويهر الحاج مدالله والحاج عبود، وآل الگلگاوي
الحاج سعيد والحاج سليم، والشيخ حمود السلمان آل عويد والشيخ عبود السلمان ونعمة السلمان والاستاذ رياض
نعمة السلمان. ومن العموم السيد عبدالله النقاش، والحاج مهدي كريدي، وبيت المغسلچي الحاج علي، وبيت
المعمار الحاج حسون المعمار، وبيت عذاب المرحوم كريم عذاب، وبيت حيدر المرحوم عبدالحسين حيدر وسعد
حيدر.
معالم محلة المخيم:
1- تل الزينبية:
ويقال عنه كان هذا التل يشرف على ساحة المعركة(الطف) حيث وقفت عليه العقيلة زينب(عليها السلام) وشاهدت مصرع قومها.
2- المخيم الحسيني:
المكان الذي عسكر فيه الإمام الحسين(عليه السلام). وهو أيضا احد المحطات المهمة لمواكب العزاء الحسيني
في يوم العاشر من محرم الحرام وتنتهى عنده مراسيم عزاء طويريج (ركضة طويريج) و حرق الخيام.
3- سوق الزينبية.
4- سوق باب القبلة.
5- عگد ماوية( معاوية) أو شارع حبيب بن مظاهر.
6- شارع باب قبلة الحسين (ع).
7- مدرسة الخطيب
الدينية.
8- مدرسة المخيم الابتدائية.
9- مدرسة السجاد.
10- مغتسل المخيم.
11- شارع المغتسل.
12- ساحة المخيم.
13- سبيل الماء (سقخانة).
مع القسم الثاني تباعاً إن شاءالله وسوق باب القبلة وشارع باب قبلة الحسين(ع) الجهة المحاذية للسوق.
في هذا القسم سيكون بحثنا في جزئين الأول عن شارع باب قبلة الحسين(ع) الجهة المحاذية لسوق باب القبلة
والجزء الثاني عن سوق باب القبلة..
الجزء الأول:
شارع باب قبلة الحسين(ع).
نبدأ من مرقد الشاعر التركي محمد سليمان المعروف بـ(الفضولي البغدادي) ونحن باتجاه تقاطع الحسين(ع) مع
شارع الجمهورية.
نبذة مختصرة عن مرقد الفضولي البغدادي:
ولد في بغداد عام 912ه سنة 1494م، وهو أشهر الشعراء الآذربايجانية.
ويذكر العلامة حسين علي محفوظ إن أصل فضولي البغدادي يرجع إلى عشيرة بيات وهي بطن من قبيلة الغزي التركمانية التي استوطنت العراق قديماً.
وقد وافاه الاجل عام 963ه الموافق سنة 1556م لاصابتة بمرض الطاعون الذي تفشى في كربلاء وبعد ثلاثة أيام من إصابته فارق الحياة، وقد دفن في مقبرة السادة الدده قرب ضريح عبد المؤمن بابا مؤسس تكية البكتاشية، وذكر الكاتب محمد مهدي في مقال له والمنشور في جريدة المؤتمر بعددها 2983 في الخامس من حزيران 2014م قائلاً: لقد ازيح قبر الفضولي من مكانه قدام باب قبلة الحسين(ع) في سنة 1975م على أثر توسيع الساحة من باب القبلة بعد أن تم هدم الضريح ويقال انه تم بناء قبر رمزي له في غرفة مكتبة ودار المخطوطات الواقعة في الجانب الايمن من باب القبلة(السياج الخارجي) على اثر السؤال عن قبر الفضولي من قبل الاتراك والآذريين وفي ايلول بالذات في مهرجان فضولي البغدادي المقام في بغداد سنة 1994م.
ويجاور الفضولي البغدادي محل السيد محمود مفتخر(أبو محمود) لبيع الشكريات، وبعده محل العطار ذو الشخصية الفولكلورية الشعبية محمد صالح شهربنلي وهو من أبناء شهربان وكان يتمتع بحس الفكاهة (الدعابة أو الطرفة) بغرض إثارة الضحك والتسلية، فكان يضحك الناس ويضحكون عليه لمواقفه الهزلية والعصبية وكان يحبذ العمل من الليل إلى الصباح واختصاصه ايجار الحقنة الشرجية باغلى سعر، ثم مقهى محمد القهواتي والد الأستاذ الدكتور حسين القهواتي، ويأتي بعد المقهى مطعم جار الحسين لاولاد عباس شمسة القصاب وكان والدهم أمام محل وفي الجراخ في سوق الحسين(ع) وكان للمطعم واجهتين احداهما تشرف على سوق القبلة والآخر على الشارع العام، ويضيف لنا الأستاذ الدكتور حسين القهواتي من ذاكرته النيرة عن مطعم جار الحسين قائلاً:
كان مطعم أولاد شمسة في عشرينيات القرن الماضي في الاصل يعود للحاج حكيم ثم ورثه منه ابنه أحمد حكيم وكان المطعم الوحيد في كربلاء من حيث نظافته وتنوع أكلاته، وبجانب المطعم كان مقهى والدي الحاج محمد القهواتي وكان المقهى يتسع ليطل على سوق القبلة بثلاث واجهات واسعة وكانت تزين جدرانه المرايا المؤطرة والمزخرفة بحيث كانت تصطف الواحدة جنب الاخرى وعلى الاجاغ أي(محل اعداد الشاي) الذي يحوي على أقدم سماورين ارتفاعهما أكثر من نصف متر وعليهما نقش عدد من قياصرة الروس وفي أعلى الجدار عبارة “العدل والانصاف”.
وكان من رواد المقهى المرحوم محمد الشيخ علي وشريف الشيخ علي والسيد أحمد الحكيم والد الدكتور سلطان والمختار البصير والد بديوي الذي آلت المختارية إليه من بعده، ومن الرواد أيضاً رجال عگد المناگيش، وكذلك كان المرحوم الحاج عبد الواحد السكر يرتداد المقهى في زيارته الى كربلاء، وأكثر من مرة التقيته وتحدثت معه على الاريكة الخارجية المطلة على شارع القبلة، وكان يتردد بين حين وآخر السيد محمد الدده والد الاستاذ زكي الددة وكذلك المرحوم الأستاذ الحاج هادي صالح مهدي الحافظ ايام كان طالباً وكذلك السيد فخري الداماد شقيق السيد عباس الداماد الذي كان يودع كتابه عند والدي عندما ينتهي من المطالعة لثقله لانه مجلد لكتاب النبات والحيوان والتشريح لانه كان من أمنيات السيد بعد نجاحه من الخامس ان يدخل الطبية!! ولكن مع الاسف لم يحقق امنيته في النجاح الا في سنة الزحف… ومن الرواد عبد الرحمن الواسطي الذي كان يتابع إقامة الزوار الطهرانيين وكذلك ساعي البريد الذي يأتي برسائل الزوار على عنوان المقهى كان المقهى ديواناً لحل المشاكل وسوقاً للبيع والشراء وللالتقاء باصحاب الحرف وكان لكل هؤلاء ركن مخصص لهم.
والمؤرخ العراقي الاستاذ الدكتور حسين محمد القهواتي هو من الشخصيات الكربلائية المثقفة والمرموقة في المدينة، وحالياً يقيم في المملكة الأردنية الهاشمية وفيها أسس جامعة آل البيت ومدرساً فيها.
ويضيف أستاذ رعد حميد شمسه عن مطعم والده قائلاً:
ماذكره الدكتور حسن القهواني عن مطعم اولاد عباس شمسة وبالتحديد هو والدي حميد شمسة صاحب مطعم جار الحسين(ع) وفي الستينيات من القرن العشرين كنت اجلس عند باب المطعم من جهة السوق المسكف وانا بعمر خمس أو سته سنوات وكانت لدي بسطية مقابل عكد المناگيش داخل السوق تحوي الجگليت والحلقوم والحب التي فرضها عليَّ المرحوم والدي حميد شمسة ليحد من حركاتي ومشاكلي في السوق وحتى اكون امام انظاره، وكان هناك مقهى كبير ودكاكين مختلفة البضائع الشعبية، وكان البريد والبرق والهاتف بالجانب الآخر ومصرف الرافدين فرع كربلاء بجنبه محل آل حياوي لبيع الملابس… كان هذا السوق مركز تجاري كبير ونشط…
اما عن أدوات الطبخ في ذلك الوقت والتي كانت تستخدم في الطبخ قبل استخدام الغاز أو النفط فكان والدي يستخدم جدوع النخل لاشعال النار وتهيئة الأكل، وعن مساحة المطعم فكان المطعم ذات مساحه كبيرة تصل إلى(140) متر بطابقين أحدهما للعوائل يشرف من جانب على سوق باب الحسين ومن الجانب الآخر على شارع باب القبلة وهو ببابين أحدهما على شارع باب القبلة والآخر على سوق باب القبلة أيضاً… وذات يوم جاءوا سدنة الإمام الحسين(ع) إلى والدي(رحمه الله) يشكون الزائرين من عدم محافظتهم على نضافة صحن الحسين(ع) خلال جلبهم الطعام من مطعم(جار الحسين) وهم يجلسون في صحن ولواوين الحسين(ع) ليأكلون الكباب ثم يتركون مخلفات الطعام فيه، حينها كان هو المطعم الوحيد، عندها طلبوا منه بأن لا يبيع لهم الطعام السفري.
ونواصل جولتنا حيث يأتي بعد مطعم جار الحسين عقد العكس الذي يؤدي إلى سوق قبلة الحسين(ع) وهناك دار السيد محمد حسن الكليدار آل طعمة مؤلف مدينة الحسين (رحمه الله)، ومخبز محمود المعروف(ممود)، بعده يأتي وكيل عام شركة سنجر للخياطة المرحوم سعيد الگلگاوي والد سعد وفائق، ثم ياتي بعده أول ستوديو فني حديث في كربلاء هو(ستوديو كربلاء) لصاحبه المصور الفني حسين محمد الذي انتقل فيما بعد إلى شارع العباس مقابل البريد في أوائل ستينيات القرن العشرين، وبعده تأتي ثلاثة دكاكين للبقالة.
الجزء الثاني:
سوق باب القبلـــة.
ننتقل إلى سوق باب القبلة المقابل لباب قبلة الإمام الحسين(ع) والمجاور إلى مقام تل الزينبية، هو أحد الاسواق القديمة المهمة ومن معالم محلة المخيم وكان سابقاً عبارة عن مجموعة دور وخان كبير اشرف الوالي العثماني في حينه على نصب (الجملونات) أي المسقفات وافتتح في عهد متصرف كربلاء جلال باشا في الفترة (1326ه _ 1328ه)، ورددت اهزوجة شعبية في حينها بعد وضع (الجمالي) على السوق من قبل الوالي العثماني تقول: ((الله يديمه الوالي ….سوه السوك جمالي))، ويمتد طولا إلى شارع المخيم بحدود(300م)، وهو مسقف تسقيفاً هندسياً بـ(الجملون) وقاعدته حديد مشبك، ويمتاز هذا السوق عن اسواق مدينة كربلاء بتقديم الخدمات لزوار كربلاء إذ يحوي ما يحتاجه الزائر من الفنادق والمطاعم بكافة أنواعها بالاضافة الى الحمامات والمقاهي وغيرها وهي مفتوحة من الفجر وحتى منتصف الليل.
وقد اختص هذا السوق العريق ببيع السبح والترب الحسينية وسجاد الصلاة في محاله ودكاكينه إضافة إلى بيع المواد الغذائية والعطارية والاعشاب الطبية والادوات المنزلية والخضروات وغيرها.
وامتاز السوق بارتفاعه التاريخي عن سطح الأرض ووجود المدرجات الحجرية في مداخله الثلاثة المرتفعة.
كان في بداية السوق مقبرة لآل الدده ومقبرة الشاعر التركماني محمد سليمان المعروف بـ(الفضولي البغدادي) الذي تكلمنا عنه في القسم الثاني.
ويجاور مرقد الفضولي البغدادي محل السيد محمود مفتخر لبيع الشكريات، وكان في وسط السوق يوجد زقاق يسمى عگد(المناگيش) والذي تقع فيه دور يسكنها أفراد هذه العشيرة ويمتهنون الزراعة وكان لهم مكانة اجتماعية مشهودة بوطنيتها، ومن رجالاتها الحاج بديوي والحاج ديلي والحاج هاشم والحاج صالح والحاج عبدالأمير والد الاستاذ حسين ورشيد والأساتذة عبدالحسن وصفاء وجاسم وعادل ومسلم ومهدي ومنهم مختارو المحلة وهم الحاج صليبي المنگوشي وحالياً ولده أحمد شيخ من شيوخ عشيرة المناگيش والدكتور حسين جواد المنگوشي الأستاذ في جامعة كربلاء ويتقلد الآن منصب قائمقام مركز كربلاء، كما لهم إسهامات فعالة في إقامه عزاء المخيم الى جانب المرحوم الحاج حمود السلمان وكانت هناك دور اخرى يتعاطى اصحابها بيع الحليب الطازج للمحل للمحال والناس، ومن مختاري المخيم السابقين الحاج صالح والحاج محمد البغدادي وعبود ابراهيم السعدي عبدالأمير المنگوشي وبديوي عبدالأمير المنگوشي والحاج ابراهيم محمد علي الطائي.
ومن البيوت العلوية الساكنه هي: دار السيد موسوي وهو من اسرة الكربلائي عريقة من احفاد السيد حسين الموسوي الواقف لبستان(ام السودان) التي تقع على نهر(زناد) كما كان لعائلة هاشم محمد حسون شرف الخدامه في الصحن العباسي المقدس ولهم نسبة من مع الحاج نعومي وهو من ملاكى البساتين وكان يعمل معه بصفه (الضمندار) واتخذته عشيرة المناگيش واجهة لهم في جلساتهم العشائرية لما لهذه العائلة من شرف النسب لاهل البيت عليهم السلام عراقة الاصل حتى اطلق عليه سيد المناگيش، اما الأولاد والاحفاد فهم السادة: محمد موظف متقاعد وأولاده: الدكتور جاسم وصفاء صاحب فندق وحيدر يعمل في العتبة الحسينية المقدسة وعباس إعلامي وشاعر ومرتضى وشاكر موظف في المحافظة وأولاده كل من: السادة أحمد يعمل في العتبة العباسية المقدسة ومحمود مهندس في جامعة كربلاء ومصطفى وعادل معاون محافظ كربلاء وولده محمد.
اما المحال والدكاكين فكان مقهى المرحوم الحاج علي البناء (ابو صاحب) الكائن مقابل حمام باب القبلة، وهو مقهى كبير يرتاده البناؤون وبعض الكسبة وكان مقهى مزين بصور المرحوم نفسهم وهو في زي المرشد حيث كان أحد المرشدين في لعبة الزورخانة في مدينة كربلاء وتعني(بيت القوة) وكان يتميز بالقوة البدنية و تربية الاجسام وفتل العضلات رغم كبر سنه، وكان مقرها في منطقة باب النجف مقابل علوة الاسماك وتعرف باسمه، ومحل قلوم(علي الباچچي)، ومقهى محمد علي القهواتي(أبو شاكر) وكان المقهى بمثابة مقراً لطائفة البهرة لان أبو شاكر كان يجيد لغتهم ويقدم الحليب المعلب المحلى ومقراً لجماعة الدراويش ايضاً، وكان الشاي يقدم للزبون ومعه مكعبات من السكر، والحاج مشتي كبابچي، و محل الحاج صالح العطار بائع(ماء الورد)، ومحل الحاج مهدي سخته الخراز (أبو صلاح) لبيع ملابس الاطفال، حيث كان هذا الرجل طريفاً ومرحاً ويتمتع بحس الفكاهة والنكت وكانت البسمة لا تفارقه، وهو محبوباً بين اوساط الناس، ثم محل الحاج عباس شمس الدولة المختص بإقامة التكيات، ومقهى الحاج حسين والد الحاج كاظم وجودي، ومحل داش المختص بعمل الهريسة، ومحل شاي أصغر.
اما الجهة المقابلة فكان تفترشه بسطيات النساء بائعات الخبز والروبة والخضرة و(الكراعين)، ومنهن نجية الخبازة وبنية أم الروبة وبائعة الكوارع المسماة بـ(العمة)، وبائع (المعلاگ) حسون(أبو الفشافيش).
اما اصحاب المحال(الدكاكين) فهم:
رضا القصير بائع الثلج، ومحل علي العطار، ومحل عطارية الحاج مجيد فروخي، ومحل المرحوم الشاعر الشعبي كاظم السلامي، ومحل الحاج محمد علي الطائي لبيع التتن بانواعه مع ورق اللف المشهور بورق الشام، ومقهى السيد صالح الموسوي(أبو هاشم)، وكان المقهى كبير وجدرانه مزينة باللوحات القرآنية والثريات و(الهبابيات) الجميلة، وكان من رواد المقهى المرحوم عبد الرضا الهر وهادي الاعرجي وصاحب عبد المنعم گرمه وعبد الحسن هاشم المنگوشي وصفاء عبد الحسين وصباح صالح الهنداوي وأبو سعد الطفيلي وابن عمه محمد وحسن على الوهاب وعباس والوهاب، وفي أيام رمضان كان يشاركهم الجلوس بالمقهى أيضاً جماعة من اهالي الكاظمية وبغداد منهم: جواد حسين الطريحي والسيد جواد جعفر ومحمد حسن گرمة وصاحب شمسة ومجيد عباس والحاج هادي الكاظمي، وكانت تجري مطارحات أدبية وثقافية وسياسية واراء دينية متنوعة وبعدها يتم توزيع الحلويات والفاكهه المتوفرة حسب الموسم،
ومطعم جار الحسين لصاحبه عباس شمسه القصاب وأولاده منهم حميد شمسه والذي كانت إدارة المطعم سابقاً تعود الى والد السيد جمال الحكيم ورؤوف الحكيم وكان المطعم له مدخلان أحدهم على السوق والاخر على شارع باب قبلة الحسين(ع)، وكان معظم وزبائن المطعم هم من موظفي الدولة الذين هم من خارج مدينة كربلاء، وكان المطعم يقدم الاكلات الكربلائية الشهية
المتنوعة.
وبجوار المطعم مقهى محمد القهواتي الذي ورد ذكره آنفاً مع مطعم(جار الحسين) التي تطل واجتهما الأخرى على شارع باب قبلة الحسين(ع).
ومن أكلات السوق كانت الباچة والمعلاك وتمن الكلم وكباب شامي، ومن الاكلات الشعبية ايضاً التي كان يبيعها المرحوم السيد علي هي: أكلة اللوبيا مع الطماطمة والبصل والطرشي.
واما في موسم الشتاء كانت الهريسة لها حضور دائم في مطعم المرحوم الحاج عبد كبابي إضافة إلى عمله الاصلي الكباب.
وفي وسط السوق كانت بناية بلدية كربلاء لجباية اجور الماء والكهرباء وكان وقتها المسؤول عن الجباية المرحوم عبدالحسين مجيد(أبو علي)، ثم تحولت فيما بعد إلى مستوصف صحي (المستوصف الحسيني).
ثم ننتقل الى محل المرحوم كريم القانوني(أبو كاظم) لكوي الملابس بالمكواة أبو الفحم وهي الطريقة القديمة، وتسميته بالقانوني لانه كان عازفاً ماهراً بآلة القانون، ويقال طلب منه أن ينضم إلى الفرقة الموسيقية العاملة في الإذاعة العراقية كموظف إلا أنه رفض التوظيف.
وكان في السوق حانوت المرحوم رضا كرجي لبيع الاجبان والمشروبات الغازية، ومحل المرحوم عبدعلي الخباز الذي كان يتفنن بعمل ارغفة الخبز بالسمسم وباحجام مختلفة، وكذلك محل المرحوم نعمة حياوي(أبو حمودي) لبيع الملابس المستوردة، ومحل عطارية وبقالية المرحوم فاضل خيون، ومحل حلاقة الحاج حسين الحلاق وكان يمارس أيضاً التطبيب كقلع الأسنان والحجامة والختان، وكان شخصية محبوبة ومحترمة، ومحل خياطة للمرحوم الحاج عبدالزهرة(أبو خمرة) وهو مختص بخياطة الملابس الشعبية كالصاية والزبون والدشداشة والسروال، ومحل أكبر الباچچي، ومحل الحاج حسين مهدي جوي لبيع الادوات المنزلية بانواعها المعدنية والخزفية وكان معروف عنه البيع بالآجل(اقساط) لموظفي الدولة والعرسان.
وعما في نهاية السوق كان هناك مقهى حسين كلك المطل على شارع المخيم القديم، وكان يساعده ابنه نجم الذي كان يتسامر مع رواد المقهى وهو يجيد تقليد الأصوات والحركات البهلوانية.
وفي نهاية السوق كان محل السيد جلال الزجاجي لبيع الزجاج بانواعه وكذلك عمل (الچراچيب) المذهبة وبيع اللوحات الفنية والأثرية والدينية، وكان في وسط السوق محل عطارية السيد حسين الموسوي(أبو صالح) وبيع الأعشاب وماء الورد الأصلي الذي كان يقطره في داره.
وكان هناك زقاق يحوي على دار السيد أمين الهندي، ودار الحاج جواد المعمار والد الحاج كاظم وعلي وحسن، وكذلك دار حمود السلمان كانت الدار ذات بابين احداها على السوق والأخرى على الشارع المحاذي للسوق، ثم ننتقل إلى مسافر خانة يديرها السيد إسماعيل يمان، ومحل السيد طالب البقال، وفرن خبازة صاحبه جعجة، اما المحال المطلة على الشارع الجمهورية والتي هي نهايه السوق فهي: مقهى المناگيش صاحبها حسن كريم، ومقهى حسن تركة، ومحل الحاج صالح(أبو البلور)، ومحل الحاج أمين التتنچي، ومحال الحكيم العائدة للسيد موسى الحكيم والسيد حسن الحكيم وتقي مخلص، ومحل حبيب (أبو الثلج)، ومحل المصور عبدالأمير، ومحل المصوريين الاخوين أكبر وأصغر.
وكانت المواكب حسينية الوافد إلى كربلاء اثناء مناسبة اربعينية الإمام الحسين عليه السلام تمر من هذا السوق وهي متجهة إلى صحن الأمام الحسين(ع).
كما كان يقيم كسبت السوق خلال شهري محرم وصفر ووفيات الائمة عليهم السلام مجالساً للعزاء على مدار السنة وكان المسؤول عن تلك المجالس المرحوم الحاج حسين رشيد واخوه المرحوم الحاج عباس الحلاق…
ولنا موعد آخر مع القسم الثالث إن شاء الله.
