تحقيقات وتقارير

آثار الغاء تراخيص الجيل الرابع: سينهي حلم الانترنت السريع في العراق

شبكة عراق الخير :

بعد سنوات من الانتظار والاستبشار الوطني العراقي، بالوصول أخيرًا لـ”تذوق انترنت سريع” وتجربة تقنية الجيل الرابع أسوة بالدول الأخرى المتقدمة والفقيرة حتى، دخل مشروع الجيل الرابع بنفق مظلم غير معلوم النهاية بعد تعرقل ملف تجديد تراخيص شركات الهاتف النقال التي كانت تعمل على انجاز استعداداتها لاطلاق الخدمة.

 

العراق واليمن فقط “محرومان” من الجيل الرابع

وساهمت ثورة الاتصالات والحلول الرقمية في تحويل العالم إلى قرية صغيرة، ولم يَعُد يخفى على أحد أهميّة الاتصالات في كلّ الأوقات، ومدى حاجة الناس إليها في الحياة اليوميّة وأثناء إنجاز الأعمال الروتينيّة، وما تلعبه التكنولوجيا من دور رئيسي في دفع عجلة نمو الاقتصاد المعرفي، الذي يقوم بالكامل على الاتصال والربط البيني وتطور المدن الذكية.

وبينما تتسابق دول العالم على تطوير البنية التحتية للاتصالات والجيل التالي من شبكات الاتصال النقال لمواكبة الزيادة في حركة الاتصالات النقالة وتنامي التنافسية، وتستعد لاستقبال واستخدام خدمات الجيل الخامس المرتقبة، لا يزال العراق واليمن البلدين الوحيدين في المنطقة اللذين لم يحصلا حتى الآن على خدمات الجيل الرابع.

 

 

 

الفائدة الاقتصادية للعراق من الجيل الرابع

ويعيش العراق منذ سنوات طويلة حالة من عدم الاستقرار الامر الذي عمقه انتشار وباء كورونا المستجد، الذي أدى إلى المزيد من الضغوط والركود الاقتصادي، الذي انعكس على كافة القطاعات وعلى رأسها قطاع الاتصالات، إذ سجل سوق الاتصالات العراقية انخفاضا منذ عام 2013 بما يزيد عن 40% نظراً للوضع غير المستقر في البلاد إلى جانب التحديات التي يعاني منها السوق في العراق والتي أثقلت القطاع، وهذا الأمر كان ايضاً عاملاً مؤثراً في انخفاض معدلات العائد على رأس المال المستثمر للفترة السابقة، حيث أن نسب العائدات على الاستثمار في العراق في قطاع الاتصالات تتراوح بين 5-6 % وهي النسبة الاقل مقارنة مع الشركات العاملة في المنطقة.

الجيل الرابع.. بماذا سيرفد خزينة الدولة؟

وعند اطلاق خدمة الجيل الرابع المتأخرة، سيتأثر النشاط الاقتصادي بأكمله بالبنية التحتية للجيل الرابع، مما يسرع التحول الرقمي للشركات واعتماد قطاعات كثيرة على التقنية الجديدة، كما سيتيح الجيل الرابع في إتاحة فرصة الاتجاه نحو الاقتصاد التشاركي، وسيطور الجيل الرابع تقنيات الهواتف وتحويلها إلى منصة تنقل كل ما يحتاج إليه المستخدم في أيّ مكان مع قدرة على التأقلم مع الاستخدامات المستقبلية وستسمح بإنتاج فئات جديدة من التطبيقات المتقدمة، والابتكار في مجال الأعمال وتعزيز وتحفيز النمو الاقتصادي، وسيتيح نشر خدمات الجيل الرابع المجال لإدخال الخدمات المالية الرقمية والمنصات الرقمية التي من شأنها تحريك الدورة الاقتصادية وحركة الأموال والتداولات.

 

الأثر الاقتصادي الناجم عن تعطيل اطلاق الجيل الرابع

ويتمثل الأثر الناجم عن إبطال رخصة الجيل الرابع بخسائر وعرقلة نمو في إيرادات الدولة وعلى استقطاب الاستثمار الخارجي، فيما يمثل قرار ايقاف التراخيص عقبة في طريق مواكبة التطور التكنولوجي في العراق، وسيكون له انعكاسات على ثقة الشركات في الاستثمار والعمل في العراق.

وتستفيد الدولة العراقية من قطاع الاتصالات لا سيما من العقود والرخص المبرمة مع شركات الاتصالات، إذ وصلت تكلفة أجور تراخيص الجيل الرابع في العراق إلى 233 مليون دولار أمريكي وهي الأعلى في المنطقة والعالم مقارنةُ بالمملكة العربية السعودية التي بلغت 220 مليون دولار أميركي لمدة 25 عام مع فارق معدلات انفاق الفرد هناك، فيما لم تتعدى 200 مليون دولار في الأردن لمدة 15 عام.

 

 

وتفرض الحكومة العراقية ضرائب على كارتات الشحن والاستقطاعات، فتصل ضريبة المبيعات إلى 20% ونسبة المشاركة على الواردات 19.5%. أما الرسوم والضرائب الحكومية الإضافية (رخص، ترددات، ضرائب) فتصل إلى 15%.، فضلا عن كون نسبة ضريبة المشاركة في الواردات المفروضة على شركات الهاتف النقال في العراق هي الأعلى مقارنة بالدول الأخرى حيث تصل إلى 19.5%.

وتعتبر  فترة الترخيص لشركات الاتصالات في العراق هي ٨ سنوات وهي الاقصر على مستوى العالم – فترة الترخيص في المنطقة والعالم تتراوح بين ١٥-٢٥ سنة – اذا الحكومة تحفظ حقها من خلال فترة الترخيص القصيرة.

 

اضرار اضافية

وسيعرقل ايقاف تجديد تراخيص اطلاق خدمة الجيل الرابع، يعرقل تطوير الخدمات والحوكمة والحد من الفساد، حيث إن تحقيق التحول الرقمي يتطلب توفير البنية التحتية الرقمية عبر ادخال تكنولوجيا الجيل الرابع ولاحقاً اللحاق بركب التطور والاستعداد للجيل الخامس، وإجراء إصلاحات اقتصادية من خلال تحرير وخصخصة القطاع العام والبنى التحتية والشركة العامة للاتصالات والمعلوماتية بشكل تدريجي بما يضمن التنافسية وتطوير القطاع وتحقيق الإيرادات للدولة، إلى جانب حقيق الأهداف الأساسية والتي تتمثل بإزالة القيود على مشغلي القطاع الخاص لبناء وتشغيل البنية التحتية الدولية والمحلية للألياف الضوئية ووقف حالات تهريب سعات الانترنت.

 

وسيتيح إطلاق ونشر خدمات الجيل الرابع المجال لإدخال الخدمات المالية الرقمية والمنصات الرقمية التي من شأنها تحريك الدورة الاقتصادية وحركة الأموال والتداولات، حيث يتم تجهيز خدمة الانترنت لجميع الشركات ومن ضمنها شركات الهاتف النقال من قبل وزارة الاتصالات وان جودة الخدمة التي تقدمها هذه الشركات تعتمد اعتمادا كليا على البنى التحتية للوزارة

تعتمد أسعار خدمة الانترنت المقدمة من قبل شركات الهاتف النقال على  أسعار حزم الانترنت التي تفرضها وتحددها وزارة الاتصالات

وضع الانترنت في العراق

يعتبر العراق واليمن البلدين الوحيدين في المنطقة اللذين لم يحصلا على خدمات الجيل الرابع، فيما دخل الجيل الخامس معظم بلدان العالم، وهناك من لا يزال يتحدث عن الجيل الثالث في العراق.

 

وكما غيرها من الملفات الخدمية المهمة التي يحتاجها العراقيون، تقف منظومة الفساد والمحسوبيات وراء تعطيل إطلاق الجيل الرابع في العراق، حيث يعاني العراق من تراجع الخدمات وتفشي الفساد في مختلف القطاعات، ومن دون منظومة الكترونية ونظم مدفوعات الكترونية مدعم بخدمات الجيل الرابع سيراوح البلد في مكانه.

 

ويرجح مراقبون أن يكون تعطيل إطلاق الجيل الرابع يصب بمصالح دوائر قوى وجهات تسعى لادخال مشغلين لأسباب سياسية بحتة، حيث تتيح تقنيات الجيل الرابع إرساء الحكومة الإلكترونية وتطبيق الحوكمة الإلكترونية الذي من شأنه الحد من الفساد الإداري في القطاعات العامة والخاصة.

 

من المتضرر؟

وبعد استعراض المستفيد من تعطيل اطلاق خدمة الجيل الرابع، يبقى المواطن العراقي هو المتضرر الأكبر من الغاء أطلاق خدمة الجيل الرابع الذي يعد حق من حقوقه، فيما تقف منظمة الفساد وراء تعطيل أطلاق خدمات الجيل الرابع في العراق والسبب من ذلك الحصول على مكاسب شخصية ومنتفعات حزبية.

 

 

وسيؤدي إبطال رخصة الجيل الرابع في العراق إلى حرمان العراقيين من الحصول على خدمات الاتصالات المتطورة وتحقيق التحول الرقمي المنشود للنهوض بالاقتصاد العراقي، حيث سيرفد خزينة الدولة بموارد مالية مهمة لكن الأهم سيمثل دافعاً لعجلة النمو والتطور الاقتصادي والخدماتي والصحة والتعليم، فيما بات الاتصال والتواصل ضرورة حيوية للمواطنين لإنجاز أعمالهم وممارسة نشاطاتهم، وهم يتطلعون إلى تجارب أفضل من خلال التقنيات الحديثة مثل الجيل الرابع لتعزيز مستوى كفاءة شبكات الاتصالات وأدائها.

 

فقدان أموال تكفي رواتب لـ6 أشهر!

سيحرم الغاء تراخيص الجيل الرابع، خزينة الدولة من موارد مالية مهمة ما يقارب الـ 900 مليار دينار تكلفة أجور تراخيص الجيل الرابع وهذا المبلغ يؤمن رواتب الموظفين ما يقارب ال 6 أشهر القادمة.

ويعد استحصال أجور الرخصة والديون مصدرًا سيرفد الموازنة القادمة بمبالغ كبيرة لإنعاش الاقتصاد العراقي وسيحل مشكلة الرواتب والازمة الاقتصادية التي يعاني منها المواطن العراقي، فيما يؤثر عرقلة تجديد التراخيص سلبا على الاستثمار الخارجي ويزعزع ثقة الشركات في الاستثمار داخل العراق.

 

بالاضافة الى “عرقلة مسيرة التطور التكنلوجي، وحرمان العراقيين من الحصول على خدمات الاتصالات المتطورة وتحقيق التحول الرقمي المنشود للنهوض بالاقتصاد العراقي

 

وفي حال عدم الغاء تراخيص الجيل الرابع، كان من المتوقع ان تدخل ايرادات تراخيص الجيل الرابع إلى الخزينة في عام 2022، فيما يحصل المواطن على خدمة الجيل الرابع في عام 2024، اما في حال دخول شركات جديدة بعد سنة الـ 2022 تحتاج هذه الشركات مدة لا تقل عن عامين لإعادة تأهيل البنى التحتية او استعمال البنى القديمة مايعني استمرار الخدمات السيئة للانترنت.

iraqkhair

موقع مستقل يهتم بالشأن العراقي والعربي في جميع المجالات الاخبارية والاقتصادية والتقنية والعلمية والرياضية ويقدم للمتابع العربي وجبة كاملة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights