مقالات

الكاظمي واوهام التكليف

شبكة عراق الخير :

نشر  الكاتب جبار المشهداني مقالا  على صفحته الشخصية : “الكاظمي واوهام التكليف”

  • هذا ما يجري في العراق حسب تصور تسعين بالمئة من المحللين والمتابعين ..
    الكاظمي وأوهام التكليف
    بهدوء وروية قررت أن أفكك (مشهد) تكليف السيد مصطفى الكاظمي والذي أثبت فيه فخامة الرئيس أنه مؤد بارع وأنه قادر على إستدعاء الأداء المسرحي إذا إقتضت الضرورة ذلك .
    وربما كان أكثر سؤال ملح يوجه لي من الأصدقاء هل سيشكل الكاظمي حكومته وهل ستمر عبر البرلمان ؟. وقد وعدت من سألوني أني في غد سأجيبهم وها أنا الآن أحاول أن أجمع الوقائع والمعلومات لأصل إلى أقرب إجابة ممكنة دون أن أخفي عليكم مقدماَ أني أسير معكم حذراً وسط حقل الألغام الأخطر والأكثر فتكاً ألا وهو المشهد السياسي العراقي بكل تقلباته وتاثره الشديد بعوامل داخلية وإقليمية ودولية.

بدءاً لابد من التذكير أني قلت يوم ٩ شباط الماضي في تصريح لقناة روداو أن تكليف السيد محمد توفيق علاوي جاء لكسب المزيد من الوقت .
وفي يوم ١٣ شباط كتبت على صفحتي على الفيس بوك أن حكومة السيد علاوي لن تنال الموافقة عليها وطموح المتحاصصين أكبر من أحلام الحالمين.
وفي ٤ آذار الماضي قلت في حديث لقناة دجلة الفضائية أن السيد المالكي هو من سيحدد رئيس الحكومة الجديدة.
وفي يوم ٢١ آذار نشرت مقالاَ بعنوان (من يقتل عدنان الزرفي) وقلت أن حكومته لن تمر وأن مشروعه سيقتل وشرحت الأسباب.

وجميع ما ذكرته آنفاً منشور ومثبت على صفحتي لمن يريد التأكد أو إستعادة تسلسل الأحداث.
إلى هنا لم اجب عن سؤالكم بعد : هل سيعبر الكاظمي أم أن ترشيحه جاء لكسب شهر إضافي آخر تحتاجه قوى محلية وإقليمية ودولية؟.

أولا لاشك أن هناك قوى عراقية محددة تتمنى عبور كابينة المكلف الأخير وهناك قوى داعمة لا تقف عند حدود التمني وهناك قوى لن تدعم مالم يحقق لها الكاظمي ما سلب منها في مراحل سابقة ، فاذا تحقق ذلك فستكون داعمة بالتأكيد !!.

وكلنا يعرف أن المنصب المختلف بشأنه منذ شهور هو من حصة القوى السياسية الإسلامية الشيعية الحاكمة وما على بقية ( الشركاء ) سوى السير مع رغبة ( الأخ الأكبر )، لذلك علينا الإعتراف أن القوى السياسية الإسلامية الشيعية الحاكمة هي التي بيدها تمرير أو إفشال اي مكلف.
وكما رأينا ان كل الأسماء التي طرحت سابقاً رشحها أحد مكونات هذه القوى وأفشلها مكون آخر ، ولنا في أسماء السيد محمد شياع السوداني ود. قصي السهيل والسيد نعيم السهيل والسيد توفيق علاوي والسيد الزرفي وغيرهم أمثلة حية على ذلك .

وبالعودة إلى مشهد تكليف الكاظمي يمكننا أن نلاحظ وجود أكثرية واضحة من الكتل السياسية الشيعية مع غياب واضح للسيد المالكي الذي قيل إنه إعتذر عن الحضور لمرض مفاجيء ألم به !!!!.

وكان الخطاب السياسي الذي ألقاه فخامة الرئيس صالح والدعم الذي اعلنه السيد العامري ( الفتح ) ، والتعازي التي قدمها السيد العبادي للمكلف على عظم المهمة المسندة إليه والكلمات الأخرى المساندة من بعض الشخصيات الحاضرة أيضاً دليلاً دامغاً على ما يظنه الكاظمي وكابينته الوزارية ضماناً للمرور في الجلسة البرلمانية المنتظرة (لمنح الثقة) ، والتي أرى بوضوح يقيني إنها ضرب من خيال المستحيلات في ظل قراءتي المعمقة والخبيرة بطول السنوات للمشهد السياسي العراقي .

ويبدو أن السيد الكاظمي الذي حزم أمره للتشكيل الوزاري السريع أراد أن يوضح عزمه وحزمه حول ذلك في ذات يوم التكليف لذلك توجه بخطاب متلفز عبر عدد من القنوات الفضائية للشعب العراقي تأكيداً لذلك ، وفي رأيي أن الكلمة التي ألقاها وهو يحدق بجهاز الاوتوكيو بحيث بدأ متسع الحدقتين كأنه غاضب من شئ ما، كانت جيدة المضمون كارثية الإلقاء ، حيث بدأ فيها وهو يدغم عدداً من الحروف ويدمج بعض الكلمات بعجالة ، ولا يجيد لفظ
الّات التعريف أشبه ما يكون بالزعيم عبد الكريم قاسم (رحمه الله) مع فارق أن عبد الكريم قاسم كان أكثر تأثيراً في الناس وأرسخ حضوراً من الكاظمي الذي ربما إرتبك لكونها المرة الأولى التي يلقي فيها خطاباً رسمياً .

اليوم الجمعة اطلعت على بيان كتائب حزب الله التي وصفت تكليف الكاظمي بأنه تفريط بحقوق الشعب العراقي وخيانة لتأريخ العراق !!!!

ولأنني مغرم دائماً حين تغيم الرؤية ويتضبب المشهد بنثر حبات (مسبحة) الأحداث هنا وهناك ثم جمعها ونظمها مع (شاهولها) للوصول إلى خلاصة الكلام وخيطه الذي لا ينقطع بسهولة ، لذلك أرى من الصخب والفوضى والترقب الذي تتجمع سُحبه الآن ، إن الفاعل الإقليمي الأقوى (إيران) لن تسمح أبداً بقيام حكومة يترأسها مدير جهاز المخابرات المقرب جداً من الأمريكان *والمتهم بقضايا حساسة جداً تمس إيران في صميم مشروعها السياسي الإقليمي ، واأخطرها قضية إغتيال الجنرال سليماني وأبو مهدي المهندس* ، إضافة الى إتهام سبق للشيخ الخزعلي أن وجهه يتعلق بالضلوع مع أحدى الرئاسات الثلاث بمؤامرة تقودها الولايات المتحدة الأمريكية ضد العملية السياسية في العراق !!!

ومن يتحدث عن زيارة إسماعيل قاآني الأخيرة للعراق على أنها الضوء الأخضر الذي عبر بموجبه موكب تكليف الكاظمي !!!
أقول له لا تتوهم بما تسمع من تسريبات تتناثر هنا وهناك ، لأن الحقيقة ليست كذلك بالمرة ، فتوصية المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران التي حملها قاآني تقول : الإبقاء على حكومة السيد عادل عبد المهدي وإعادة التصويت عليها بالثقة مرة أخرى من البرلمان العراقي ، نقطة وراس سطر .

لن تمر كابينة الكاظمي وسيمر شهر آخر من عمر العملية السياسية وهذا الشهر سيكون مفتوحاً على جميع الإحتمالات فقد يكون هناك عمل سياسي بنكهة البندقية لأحد قطبي الصراع في العراق وهما إيران أو أمريكا وقد يبقى الجميع بإنتظار نتائج الوضع الإقتصادي والصحي الذي يهدد مستقبل العالم ، ولكن الإرادة الإيرانية لن تتغير ، وعبد المهدي باق ويتمدد .

أما السيد المالكي الذي ما يزال ممسكاً بسبحة العملية السياسية في العراق يقلب حباتها بين أصابعه بكل (رهاوة)، ربما سيفاجئنا بعودة دراماتيكية مفاجئة له لتشكيل حكومة إنقاذ برئاسته ، أو الموافقة والتأكيد على الرغبة الإيرانية ببقاء السيد عبد المهدي في موقعه !!!، والذي أرى أنه سيتحمل الفاتورة الثقيلة التي ترتبت في المرحلة الخطيرة المنصرمة كلها وسيكون كبش فدائها (البغيض) في نهاية المطاف .

جبار المشهداني.
العاشر من نيسان ٢٠٢٠ .

iraqkhair

موقع مستقل يهتم بالشأن العراقي والعربي في جميع المجالات الاخبارية والاقتصادية والتقنية والعلمية والرياضية ويقدم للمتابع العربي وجبة كاملة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights