اخبار العالم

الهند مثالا: كورونا تعاقب الغطرسة والتراخي

شبكة عراق الخير:

تعاني الهند الآن ارتفاعا في عدد حالات الاصابة بكورونا وبشكل كبير ومتفشي, مع نفاذ قناني الأوكسجين وأسرة

الرعاية المركزة في المستشفيات. وتجري عمليات حرق الجثث الجماعية في منشآت مؤقتة. ويتم بث صور

المعاناة الموجعة في جميع أنحاء العالم. وتشير عمليات مسح في مستودعات الجثث إلى أن عدد وفيات كوفيد –

19 قد يكون مرتين إلى خمس مرات أعلى من الرقم الرسمي البالغ نحو ألفي شخص يوميا.

ناريندرا مودي ليس أول رئيس دولة في العالم يدفع ثمن التصرف ببطء شديد و إعلان النصر قبل أن يحين

أوانه.ففي الصين مثلا، حيث نشأ الفيروس، أول رد فعل لحكومة الرئيس تشي جينبينج كان قمع الأخبار السيئة

الآتية من ووهان. في الولايات المتحدة، توقع دونالد ترمب، الرئيس آنذاك، مرارا وتكرارا أن الفيروس سيختفي

بأعجوبة. في البرازيل، خاطب الرئيس جايير بولسونارو حشودا من المتظاهرين المناهضين لعمليات الإغلاق. في

بريطانيا، أغلق رئيس الوزراء بوريس جونسون البلاد بعد فوات الأوان. والاتحاد الأوروبي أفسد عملية شراء اللقاحات.
لكن حكومة مودي ارتكبت بعض الأخطاء المميزة والكارثية. بعد الإعلان عن نهاية الأزمة قبل الأوان، انفتحت الحكومة الهندية بسرعة كبيرة. وبدافع الرغبة في الفوز بولاية البنغال الغربية الحاسمة، نظم حزب بهاراتيا جاناتا تجمعات انتخابية جماعية. كما تم السماح بإطلاق مهرجان كومبه ميلا، وهو مهرجان ديني يسمح لملايين الناس بالتجمع في بلدة واحدة، وحتى إن حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي روج له.
فشلت الحكومة الهندية في استخدام الانخفاض في عدد الإصابات بعد الموجة الأولى لكي تستعد بشكل صحيح للموجة الثانية. من الواضح أن إمدادات الأكسجين إلى أقسام الطوارئ كانت منخفضة للغاية. على الرغم من حقيقة أن الهند هي أكبر منتج للقاحات من جميع الأنواع في العالم، إلا أن الحكومة كانت بطيئة بشكل مؤلم في تقديم طلبات الحصول على اللقاحات من شركات التصنيع المحلية. كما أبطأت أيضا الموافقة على اللقاحات الأجنبية المؤكدة لكوفيد – 19، مثل لقاح بيونتيك/فايزر، أثناء الترويج للقاح مصمم في الهند ذي طابع تجريبي أكثر.
لعب الفخر الوطني دورا في رغبة الهند في الاستمرار في تصدير اللقاحات، حتى مع تأخر الإمدادات المحلية. روجت الحكومة الهندية لفكرة أن البلاد هي “صيدلية العالم”. كان التنافس الجيوسياسي مع الصين، التي تستخدم دبلوماسية اللقاحات لكسب النفوذ العالمي، عاملا في الخلفية. كما قورن استعداد دلهي لتصدير اللقاحات إلى العالم بشكل إيجابي مع نقص الصادرات من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. لكن الحكومة الهندية حظرت الآن تصدير اللقاحات. كما أنها تسرع في الموافقة على اللقاحات الأجنبية.
دخل مودي في هذه الأزمة بتقييمات عالية في استطلاعات الرأي، لكن من الواضح أنه عرضة لردود فعل عنيفة. نظرا لأنه عمل على تركيز السلطة منذ أعوام عديدة، يبدو الآن أنه ينقل عبء المسؤولية عن التعامل مع كوفيد – 19 إلى حكومات الولايات.
محنة الهند لها آثار عالمية. لا يزال هناك اتجاه في الغرب للتعامل مع الوباء على أنه سلسلة من الأزمات الوطنية التي تتنافس فيها الدول لمعرفة من يمكنه التعامل مع الفيروس بشكل أفضل. لكن هذه أزمة عالمية مترابطة. على حد تعبير تيدروس أدهانوم جيبريسوس، رئيس منظمة الصحة العالمية، فإن كوفيد – 19 هو حريق دولي، و”إذا غمرت جزءا منه فقط بالماء، فسيظل الباقي يحترق”. في نهاية المطاف، من المحتمل أن ينتشر الحريق مرة أخرى، ويعود إلى الأماكن التي يعتقد أنه تم إخماده فيها.
هناك بالفعل سبب للقلق من أن المملكة المتحدة كانت بطيئة جدا فوق الحد في تطبيق إجراءات الحجر الصحي الصارمة للركاب القادمين من الهند. هذا أمر خطير بشكل خاص، نظرا لظهور أنواع جديدة من الفيروس في الهند قد تكون أكثر قابلية للانتقال ومقاومة للقاحات.
أصبح الحصول على المساعدة الطبية للهند الآن ضرورة إنسانية وعملية للعالم الخارجي، الذي بدأ في الاستجابة. بالنسبة للولايات المتحدة قد يكون ذلك أيضا ضرورة جيوسياسية، بالنظر إلى أن أمريكا تعتبر الهند حليفا مهما في تنافسها المتزايد مع الصين. رفض إدارة بايدن، حتى الآن، السماح بالتصدير الطارئ للقاحات إلى الهند يغذي المشاعر المعادية لأمريكا في البلاد، التي قد لا يتم تعويضها عن طريق إرسال الطائرات لتنقل بشكل سريع أجهزة التنفس الاصطناعي وغيرها من المعدات.
يجب على العالم الخارجي أيضا أن يحذر من التهاون من النوع الذي كان سائدا في الهند حتى وقت قريب. حقيقة أن أعداد الحالات آخذة في الانخفاض وأن معدلات التطعيم آخذة في الارتفاع في بريطانيا يمكن أن تسبب بسهولة حالة خطيرة من التراخي، مماثلة لتلك التي مرت بها الهند قبل شهرين. أعلن مقال نشر أخيرا في صحيفة التايمز أن “بريطانيا يمكن أن تبدو وكأنها الجنة هذا الصيف”.
الدرس المستفاد من الهند هو الاحتراس من الاحتفال المبكر أو الغطرسة. ينبغي استخدام أي تحسن في وضع فيروس كورونا فرصة للتحضير للموجات المستقبلية وللمساعدة في جهود المكافحة الدولية للوباء. لن تكون الهند آخر دولة تشهد عودة مأساوية لكوفيد – 19.

جديون راشمان من لندن

جديون راشمان – Gideon Rachman

iraqkhair

موقع مستقل يهتم بالشأن العراقي والعربي في جميع المجالات الاخبارية والاقتصادية والتقنية والعلمية والرياضية ويقدم للمتابع العربي وجبة كاملة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights