تحقيقات وتقارير

حياة الرئيس الامريكي “بايدن” :سجل سياسي طويل ومآسي عائلية

جو بايدن ينظر الى العلم الأمريكي

يعرف بايدن بأنه سياسي ديمقراطي مخضرم، له حضوره في السياسة الأمريكية منذ سبعينيات القرن الماضي، كما عمل نائبا للرئيس إبان حكم الرئيس السابق باراك أوباما للفترة من 2009 إلى 2017.

بايدن في الـ 77 من العمر ويعد الرئيس الأكبر سنا في تاريخ الولايات المتحدة.

بالنسبة إلى مؤيديه هو خبير في السياسة الخارجية وصاحب عقود من الخبرة في واشنطن وهو متحدث مقتدر صاحب لسان فصيح بمقدوره الوصول إلى الناس العاديين ورجل واجه بشجاعة مآس شخصية كبيرة عديدة.

بالنسبة لمناوئيه هو ابن مؤسسة الحكم في واشنطن وصاحب زلات لا تصدق (لديه أيضاً ميل غريب إلى شم شعر النساء) .

الخطيب السريع:

دخل بايدن معترك السياسة قبل ولادة العديد من الناخبين الحاليين وهو ليس غريباً عن الحملة الانتخابية، فقد بدأت مسيرته المهنية في واشنطن في مجلس الشيوخ الأمريكي عام 1973 (قبل 47 عاماً) وقاد أول حملة لانتخابات الرئاسة في عام 1987 (قبل 33 عاماً). ويتملك القدرة على جذب الناخبين والاقتراب منه

جو بايدن

يكرر دائما خلال التجمعات الانتخابية قوله: “كان أسلافي يعملون في مناجم الفحم في شمال شرق ولاية بنسلفانيا” وأنه غاضب لأنهم لم يحصلوا على الفرص التي يستحقونها في الحياة.

لم يكن أي من أسلافه من عمال مناجم الفحم فقد سرق هذه المقولة والعديدة غيرها من خطابات السياسي البريطاني العمالي نيل كينوك الذي كان أقاربه عمال مناجم فعلاً. وكانت تلك مجرد واحدة من بين العديد مما بات يعرف باسم “قنابل جو”.

وقال عام 2012 أمام حشد كبير متفاخراً بتجربته السياسية: “يمكنني القول أنني عرفت ثمانية رؤساء، ثلاثة بشكل حميمي” مما فهم من هذا الكلام أنه مارس الجنس معهم بدلاً من كونهم مجرد أصدقاء مقربين.

اوباما وبايدن يدا بيد

وبصفته نائباً للرئيس أوباما في عام 2009 أثار الفزع لدى الناس عندما قال هناك “احتمالا بنسبة 30 في المائة أننا سنخطئ في تعاملنا مع المسألة الاقتصادية”.

وربما كان محظوطاً لأنه تم اختياره ليكون نائباً لأول رئيس أسود في تاريخ الولايات المتحدة رغم أنه وصفه بأنه “أول أميركي أفريقي طليق اللسان ولامع ونظيف ووسيم”.

ورغم ذلك يحظى بايدن بشعبية كبيرة بين الناخبين السود خلال حملة الانتخابات الرئاسية الحالية ولكن في الآونة الأخيرة ظهر في برنامج محادثة في ضيافة مذيع اسود وتطور الحديث وكاد أن يقع في ورطة كبيرة بعد أن ادعى: “إذا كانت لديك مشكلة في معرفة فيما اذا كنت ستصوت لي أم لترامب ، فأنت لست أسود “.

أثارت هذه الجملة عاصفة إعلامية اجبرت فريق مستشاريه على محاولة التقليل من فكرة أن حصوله على أصوات الأمريكيين من أصل أفريقي أمر مسلم به.

من السهل أن ترى لماذا كتب صحفي في مجلة نيويورك العام الماضي أن “الكلام الذي يتحدث به بايدن دون أن يفكر مليا بما يقوله بات الشغل الشاغل لفريق حملته بأكمله ويركز على تجنبه بأي ثمن”.

صاحب الحملات المخضرم

بايدن يأخذ صورة سيلفي

ولكن هناك جانب آخر لمهاراته الخطابية في عالم يضم الكثير من الساسة الآليين الذين يتكلمون كما يملى عليهم. ويقال ان بايدن يتكلم بما هو مؤمن به.

ويقول إن التلعثم الذي كان يعاني منه في مرحلة الطفولة جعله يكره القراءة من جهاز عرض الخطابات المعد سلفاً وبدلاً من ذلك يفضل أن يتحدث من القلب.

بايدن

وبحسب مراقبين فأن بايدن قادر على اثارة مشاعر تجمع من العمال ذوي الياقات الزرقاء عبر خطاب مباشر وتلقائي وبعدها يختلط بالحشد فيصافح ويربت على الظهور ويلتقط صور شخصية مثل نجم روك بشعر فضي.

وقال وزير الخارجية الأمريكي السابق والمرشح الرئاسي جون كيري لمجلة نيويوركر: “إنه يجذبهم ويحتضنهم معنوياً وجسدياً أحياناً”. “إنه سياسي قريب من القلب وكل ذلك حقيقي وبلا تمثيل أو تصنع”. ولكن كيف بات يشعر باللمس فعلاً أصبح مصدر متاعب ومشاكل لبايدن”.

اتهامات

بايدن

تقدمت ثمان سيدات العام الماضي واتهمن بايدن باللمس أو المعانقة أوالتقبيل غير اللائق، وقامت القنوات الإخبارية الأمريكية بنشر مقاطع عن طريقته الشخصية اللصيقة في تحية النساء في المناسبات العامة والتي يبدو أنها تتضمن أحياناً شم شعرهن. ورداً على ذلك، تعهد بايدن بأن يكون “أكثر حرصاً” في تعاملاته مع الآخرين.

ورغم ذلك في مارس/آذار الماضي زعمت تارا ريد أنه أسند ظهرها إلى الحائط واعتدى عليها جنسياً قبل 30 عاماً عندما كانت تعمل في مكتبه..

نساء يتظاهرن امام المحكمة العليا في الولايات المتحدة دعما لضحايا الاعتداءات الجنسية

ونفى بايدن هذا الاتهام وأصدرت حملته بياناً قالت فيه: “لم يحدث هذا على الإطلاق”.

ويشير الديموقراطيون الذين يدافعون عن مرشحهم الرئاسي إلى أن أكثر من اثنتي عشرة امرأة اتهمن علناً الرئيس ترامب بالقيام بإعتداءات جنسية مختلفة عليهن. ولكن هل يمكن تحويل هذه المسألة المهمة الى مجرد لعبة أرقام؟

منذ ظهور حركة MeToo يصر الديمقراطيون بمن فيهم بايدن على أن المجتمع يجب أن يصدق النساء وأي محاولة للتهوين من الادعاءات ضده ستترك العديد من النشطاء غير مرتاحين للغاية.

تجنب تكرار الأخطاء

ترامب و هيلاري كلينتون

على الرغم من أن الأمر بات في طيات الماضي لكن أنصاره يأملون أن أسلوبه الأقل تكلفاً والأقرب الى الناس العاديين سوف يمنعه من الوقوع في الفخ نفسه مثل العديد من المرشحين الديمقراطيين السابقين للرئاسة.

فهو صاحب خبرة كبيرة في العمل السياسي في العاصمة، أمضى فيها ثلاثة عقود عضواً في مجلس الشيوخ وثماني سنوات كنائب للرئيس أوباما، لكن هذا النوع من السيرة الذاتية الطويلة غير مفيدة دائماً.

يأمل أنصار بايدن بأن تمكنه شخصيته المتواضعة تجنب مصير العديد من المرشحين الديمقراطيين في مواجهة الجمهوريين.

بايدن واوباما

ولأكثر من مرة أثبت الناخبون الأمريكيون أنهم يصوتون للمرشحين الذين يدعون أنهم ليسوا من افراد مؤسسة الحكم في واشنطن لكنهم يريدون الوصول إلى البيت الأبيض لتغيير المؤسسة السياسية.

وهذا أمر يكاد يكون من المستحيل على بايدن اداءه بعد قضاء ما يقرب من خمسين عاماً في اروقة السياسة في واشنطن، بل يمكن استخدام هذا السجل الطويل ضده.

سجل طويل

بايدن في انتخابات 1987

لقد شارك بايدن في اتخاذ قرارات وكانت له مواقف بشأن كل حدث رئيسي خلال العقود القليلة الماضية وقد لا تبدو هذه القرارات محبذة كثيراً في المناخ السياسي الحالي.

في سبعينيات القرن الماضي انحاز بايدن إلى رافضي الاختلاط في الولايات الجنوبية في معارضة نقل الأطفال البيض والسود في حافلات مشتركة من أجل الاسراع في الاندماج بين البيض والسود في المدارس العامة. وقد استخدم هذا الموقف مرارا ضده خلال هذه الحملة.

يحب الجمهوريون الإشارة إلى موقف وزير الدفاع في إدارة الرئيس أوباما روبرت غيتس من بايدن إذا وصفه بقوله: “من المستحيل ألا يحب المرء بايدن، ولكنه كان “مخطئاً في كل قضايا السياسة الخارجية والأمن القومي الرئيسية تقريباً على مدار العقود الأربعة الماضية”.

مآسي عائلية

بايدن يقطع قالب حلوى عيد ميلاد

للأسف أحد الأسباب التي تجعل بايدن يبدو أقل بعداً عنا مقارنة بغيره من الساسة أنه مر بالتجربة الوحيدة التي تؤثر على الجميع ألا وهو الموت.

فبينما كان يستعد لأداء اليمين الدستورية بعد وقت قصير من فوزه بأول انتخابات لمجلس الشيوخ توفيت زوجته نيليا وابنته نعومي في حادث سير إضافة إلى إصابة ولديه بو وهانتر.

بايدن وابنه الراحل بو
 

توفي ابنه بو لاحقاً بسبب ورم سرطاني في المخ في عام 2015 عن 46 سنة. إن فقدان بايدن للكثيرين من المقربين منه عندما كانوا في سن مبكرة جعله قريبا من العديد من الأمريكيين إذ أكد ذلك أنه على الرغم من مكانته السياسية وثرائه فإنه واجه مآسي مثل غيره من الامريكيين العاديين. لكن بعض جوانب حياته العائلية مختلفة تماما فيما يتعلق بابنه هانتر.

السلطة والفساد والأكاذيب؟

هانتر بايدن مع والده
تسبب ابنه هانتر بمتاعب سياسية لوالده بايدن , وأصبح هانتر محامياً ويدير جماعة ضغط قبل أن تخرج حياته الشخصية عن سيطرته. أشارت زوجته الأولى إلى تعاطيه المخدرات والكحول ونوادي التعري في أوراق الطلاق، وتم طرده من قوات الاحتياط في البحرية الأمريكية بعد أن كشفت الاختبارات تعاطيه للكوكائين.

واعترف هانتر لمجلة نيويوركر أنه حصل على حجر ألماس من أحدة كبار رجل أعمال صيني متنفذ يعمل في مجال الطاقة والذي تم التحقيق معه لاحقاً من قبل سلطات بكين بتهم الفساد.

جمع هانتر بين طريقة حياة شخصية علنية صاخبة ومليئة بالأحداث من جهة (في العام الماضي تزوج من زوجته الثانية بعد أسبوع واحد من مقابلتها) وكسب مبالغ كبيرة من المال من جهة أخرى وهو ما جعل والده مادة لعناوين أخبار سلبية.

قد يتعاطف العديد من الأمريكيين مع شخص يعاني من مشاكل الإدمان على المخدرات لكن توليه رغم ذلك وظائف تدر عليه مبالغ طائلة يؤكد مدى اختلاف فرص الحياة بالنسبة لأبناء النخبة السياسية أمثال بايدن مقارنة مع الاناس العاديين..

محاولة عزل ترامب

ترامب يحمل صحيفة تحمل عنوان خبر تبرئته

من بين الأعمال المجزية التي تولاها هانتر كان عمله في أوكرانيا الأمر الذي شجع الرئيس ترامب على الطلب من رئيس اوكرانيا البلاد التحقيق في عمل هانتر هناك بشبهة فساد.

أدت المكالمة الهاتفية بين ترامب ونظيره الأوكراني إلى مساءلة ترامب من قبل مجلس الشيوخ لكن محاولة عزله باءت بالفشل بسبب الاغلبية التي يتمتع بها الجمهوريون في مجلس الشيوخ، وكانت مناورة سياسية ما كان بايدن يرغب بالتورط فيها..بحسب المراقبين في واشنطن.

السياسة الخارجية

بايدن مع الرئيس الصيني
ويتمتع بايدن بخبرة طويلة على الصعيد العالمي ,وان إحدى نقاط قوته هي خبرته الدبلوماسية. وقد كان سابقاً رئيساً للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ وتفاخر بأنه “التقى بكل زعيم دولي كبير في السنوات الـ 45 الماضية”.

في حين أن هذا طمئن الناخبين بأنه يمتلك خبرة ليصبح رئيساً ويمكن وصفه بأنه معتدل في توجهاته الخارجية.

صوت ضد حرب الخليج عام 1991 ثم لصالح غزو العراق عام 2003 لكنه أصبح لاحقاً من كبار منتقدي تورط بلاده في غزو العراق.

القوات الامريكية والسعودية تدخل الكويت في حرب الخليج الاولى ام 1992
 

وبطبيعة الحال نصح أوباما بعدم شن عملية القوات الخاصة التي قتلت أسامة بن لادن في باكستان.

وكشفت الوثائق التي حصلت عليها وكالة المخابرات المركزية من مخبأ بن لادن وأفرجت عنها أن الأخير أمر أنصاره باستهداف أوباما وليس نائب الرئيس آنذاك لأنه كان يعتقد أن “بايدن غير مناسب تماماً لهذا المنصب وسيقود الولايات المتحدة إلى أزمة لو وصل إلى الرئاسة “.

لا تروق العديد من وجهات نظر بايدن كثيراً للناشطين الشباب في الحزب الديمقراطي الذين يفضلون الآراء المناهضة بشدة للحرب لأمثال بيرني ساندرز أو إليزابيث وارن لكنه مسالم أكثر من اللازم بالنسبة لبعض الأمريكيين الذين هللوا لخطوة ترامب في بتصفية الجنرال قاسم سليماني في غارة بطائرة بدون طيار اوائل هذا العام.

كل شيء أو لا شيء

جو بايدن

تضع استطلاعات الرأي بايدن في مقدمة الرئيس ترامب بنحو خمس إلى عشر نقاط في السباق إلى البيت الأبيض لكن الانتخابات لا تزال بعيدة وستكون هناك بالتأكيد العديد من المعارك المريرة.

وبايدن غالباً يرتدي قناع للوجه “الكمامات” في الخارج ضد فيروس كورونا بعكس منافسه السابق ترامب .الذي تواجه معه كثيرا في مسالة عنف الشرطة ضد الأمريكيين السود.

قال بايدن قبل بضع سنوات عندما كان يفكر بدخول السباق الرئاسي عام 2016: “يمكنني أن أموت سعيداً دون أن أكون رئيساً” لكن ذلك لم يعد ممكنا بعد الآن.

iraqkhair

موقع مستقل يهتم بالشأن العراقي والعربي في جميع المجالات الاخبارية والاقتصادية والتقنية والعلمية والرياضية ويقدم للمتابع العربي وجبة كاملة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights