مقالات

لا أريد حبا آخر بعد رحيلك

شبكة عراق الخير : لا أريد حبا آخر بعد رحيلك :  بقلم  فراس الغضبان الحمداني

الحب يأتي مرة واحدة ويفيض وينتشر على كل مساحة القلب سواء أكانت مساحة جرداء أو فيها بعض الحياة ومهمته أن يجعل تلك المساحة مخضرة ، وعندما يذهب ذلك الحب لا يعود ، بالإمكان أن نعيش تجربة جديدة مماثلة فالحب الأول هو الذي إخضرت به صحراء القلب ومنحنا الأمل وصنع منا شيئا آخر .

كل ما يأتي يكون مجرد شعور واهم وزائل وغير مكتمل خجل مما سبق من ذلك الحب الأصيل المتنامي ، عندما غادرتني سيدتي الفاتنة تركتني وحيدا ، صحيح إنني أمتلك القدرة على الضحك لكنه ضحك مزيف موهوم مثل عملة مزورة سرعان ما يكتشفها المتعاملون بها ويمزقونها .

فالإبتسامة التي أفخر بها هي تلك التي رسمتها أنت على شفتيك ونقشتها بيديك على جدار القلب وغرزتيها مثل سهم في روحي الملتهبة بحبك لا يغادرها رغم رحيلك الفاجع منذ سنين طويلة ، حين تركت في عهدتي حمامتين ، كبرت إحداهما ، وكانت جميلة ، وحطت على غصن بعيد عني لا أستطيع بلوغه لكنني أنظر إليه من بعيد مسليا نفسي بأن حمامتي التي وهبتها لي بأمان تغفو ولا تخشى من الهلكة ، بينما الحمامة الأخرى تحولت فجأة الى جسد حمامة وروح أفعى تلدغني كل حين ، وتترك في القلب غصة وفجيعة تذكرني بخساراتي المتكررة التي بدأت يوم رحيلك ذات فصل حزين من فصول غربتي في هذا البلد .

سيدتي أعرف أن روحك الطيبة تناشدني أن أعيش دون حزن ، لكن كيف لي أن لا أحزن وقد فقدتك ، ولم تعد كل أشكال الجمال تغريني حتى مع إدعائي إنني قد ولعت بهذه وتلك من النساء غير إنني أعود كل مساء الى فراشي البارد لأكتشف أن لا امرأة استطاعت أن تمنحني ذلك الدفء سواك ، كانت تترقبني حين أعود لتضع على مائدتي أطيب الطعام وألذه لتسليني بمهارتها العالية في الطهو وكانت تهبني ابتسامتها الجميلة وحلما ظننته يدوم لكنه مات فجأة حين توعكت صانعة الحلم وعرفت وإياها إنها لابد راحلة عن عالمنا الدنيوي هذا .

سيدتي ، وماذا تريني أكتب لك في هذه العجالة عن سنين تلقيت فيها الصدمات والمواجع والفراغات والخسارات وأنت بعيدة عني ، وقد هجرت الحياة وقررت أن أعيشها لكي أكمل الرحلة دون رغبة بل لأنني مكره على هذا البقاء وأتخيل إنني سأموت في أي لحظة لألحق بك غير إنني لا أثق كثيرا إنني سأرافقك في عالمك الجميل حيث الخضرة والأزاهير والظلال الباردة .

فروحك تختلف عن روحي برغم العشق الذي تكنه لك وما تزال تحتفظ به ولا تريد أن تفارقه ، وتداوم عليه مثل تلميذ لا يكل من الذهاب الى المدرسة كل صباح ، ويقاوم البرد والحرارة العالية منتظرا إبتسامة من معلمته الجميلة ، أو هدية تقدمها له أو قبلة تطبعها على وجنته وكلمات تتلوها في أذنيه الصغيرتين وتدعوه ليستمر في شطارته ليصل الى أعلى درجات النجاح وتعده بهدية جميلة نهاية العام

iraqkhair

موقع مستقل يهتم بالشأن العراقي والعربي في جميع المجالات الاخبارية والاقتصادية والتقنية والعلمية والرياضية ويقدم للمتابع العربي وجبة كاملة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights