تحقيقات وتقارير

حجاب النساء: تقليد أو عادة اجتماعية أم واجب شرعي

شبكة عراق الخير:

في السنوات الأخيرة، كان لدى الدول المسيحية بشكل رئيسي، وخاصة في أوروبا، مشاكل مع ارتداء النساء

للحجاب والنقاب، الذي ينظر إليه اليوم على أنه شكل من أشكال الإسلام الراديكالي. إلا أنه عند النظر للتاريخ،

نجد أن النساء المسيحيات واليهوديات هن أول من ارتدى هذا النوع من الملابس وذلك قبل ظهور الإسلام.

كان النقاب رمزًا للكرامة والعفة والعذرية في التقاليد المسيحية. وبشكل عام، فإن مسألة لباس المرأة، وعلاقته

بالتقوى ومراعاة القواعد الأخلاقية، هي جزء من التعاليم المسيحية وقد فرضها على مر القرون رؤساء الكنائس.

في بداية القرن السادس عشر، نجح نساء نورنبرغ (Nuremberg) النبيلات بمساعدة الأرشيدوق فرديناند، أحد

أمراء العائلة المالكة في النمسا، في التخلص من أغطية الرأس التقليدية (المسماة) “شتورتس” الصلبة

والمصنوعة بإتقان، وذلك ضد إرادة أعضاء مجلس المدينة، الأمر الذي أصبح مثالاً شهيراً. في إسبانيا، من ناحية

أخرى، مُنعت النساء من ارتداء الحجاب في نهاية القرن السادس عشر لأنهن استخدمن – بنظر منتقدين ذكور –

ما يسمى بغطاء الجسم “التابادو” بطريقة فاحشة لإغواء الرجال.

لبست جاكلين “جاكي” كينيدي الحجاب  لدى حضورها جنازة زوجها جون إف كينيدي، الذي اغتيل في 22

نوفمبر 1963، مع شقيقي الرئيس الأمريكي المغتال روبرت كينيدي (إلى اليسار) وإدوارد كينيدي (إلى اليمين).

ظل النقاب شائعاً كموضة في الغرب حتى يومنا هذا تقريبًا، وتم إنتاج الأقمشة (الخاصة به) في مناطق

المنسوجات الرائدة مثل شمال إيطاليا، وبالقرب من زيورخ، أو في سيليزيا، لجميع أنحاء أوروبا، كما جاء في

كرونيتس (Krünitz)، وهي موسوعة كانت مهمة في بداية القرن التاسع عشر. واستخدمت النساء المشهورات

مثل أميرة موناكو، أو الأرامل مثل جاكي كينيدي، هذا الصنف من النقاب حتى القرن العشرين. في السنوات

الأخيرة فقط، ترسّخ الإكراه على كشف الوجه في الغرب وحل ذلك محل استخدام أغطية الرأس بالكامل تقريبًا.

وانعكس حكم الدولة العثمانية على زي النساء التي كانت ترتدي الحجاب وغطاء الوجه والعباءة التي وصلت

للجزيرة العربية بشكلها الحالي خلال الحكم العثماني. وبعد سقوط الدولة العثمانية وبينما كانت الجمهورية

التركية العلمانية لا تزال في مهدها، تم إدراج قضية اللباس على قمة جدول أعمال النظام الجديد.

أراد أتاتورك تحديث تركيا وجعلها تصل إلى مستوى الحضارة الأوروبية المعاصرة فوجد أن المظهر الديني التقليدي

يبعد شعبه عن أوروبا. لذلك، صدر عام 1934 قانون اللباس الذي يحظر ارتداء الملابس الدينية خارج أماكن العبادة

وفي عام 1984 جاء أول قرار بحظر الحجاب في الجامعات والذي طبق على نطاق واسع ليشمل عددا من

القطاعات.

في الشرق الأوسط بالتحديد ,حاولت عدة بلدان تنظيم قضية لباس المرأة. ففي تركيا، تم حظر ارتداء الحجاب في

المؤسسات العامة منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وكان الحجاب لسنوات عديدة مشهداً نادراً في المناطق

الحضرية في معظم أنحاء المنطقة. ولكن خلال السبعينيات، جلبت الهجرة الجماعية من المناطق الريفية إلى

العواصم والمدن نساءً يرتدين الحجاب والنقاب أحيانا، وإن كان ذلك لأسباب تتعلق بالتقاليد أكثر منه لأسباب دينية.

​​وفي عام 2008 تم رفع حظر لبس الحجاب وفي عام 2013 تم رفع الحظر عنه في مؤسسات الدولة بشكل كامل.

ورغم غياب أي قانون يلزم النساء بلبس الحجاب، حتى اليوم، لكن هناك طرقا غير مباشرة لنشر الحجاب من خلال

الاجبار او العنف  التي تتعرض لها النساء من الرجال المطالبين بلباس أكثر تحفظا.

ما حدث في تركيا ، حصل بشكل مشابه في إيران سابقا. ففي عهد رضا شاه بهلوي عام 1928 كان هناك حظر على الحجاب

وكان الزي الأوروبي الزي الرسمي للبلاد. ومن لا يلتزم باللباس يعاقب إما بغرامة مالية أو بالسجن غي عقوبة تتراوح بين سنة وسبع سنوات.

وفي أوائل عام 1979 أعطى الزي بعد الثورة الإسلامية الإيرانية زخما للتحالفات السياسية والدينية. وفي عام 1981 أعلن الحجاب

لباسا إجباريا لكل النساء من سن الثانية عشرة سواء للمسلمات أو لغير المسلمات وأصبحت عقوبة عدم لبس الحجاب تصل إلى سنة في السجن.

وقد خرجت احتجاجات نسائية اعتراضا على هذا الفرض, ووجهت بالقوة من قبل قوات الأمن المعترضات وبدأت بضرب البعض

بالعصي وهم يرددون “غطاء الرأس، أو ضرب الرأس”.

اما في السعودية على سبيل المثال، لم يكن الحجاب مفروضا على مضيفات الخطوط الجوية السعودية ولا مذيعات التلفزيون. ولم

يكن لبس العباءة إجباريا بالنسبة للأجنبيات في المملكة إذ كان لهن كامل الحرية في اللباس وحتى الظهور على الشواطئ

وحمامات السباحة. لكن كل ذلك تغير بعد حادثتي جهيمان العتيبي في الحرم المكي والثورة في ايران وكلتا الحادثتين حصلت عام

1979.

ومع بزوغ عهد الصحوة في الثمانينيات من القرن الماضي، لم تكتف السلطات السعودية بفرض الحجاب بل منعت نهائيا ظهور

المذيعات على القناة السعودية وبث أغاني المطربات وفرضت العباءة على الأجنبيات.

 

وفي مصر كان للتغييرات السياسية أثر كبير على مظهر المرأة. فقد كان للحركات للتحررية التي دعمتها أسرة محمد علي أثر كبير

في ظهور المصلحين الاجتماعيين والحداثيين في حركات تحرير المرأة خاصة بقيادة المصلح الاجتماعي قاسم أمين. بدأت هذه

الحركة عام 1889 وظهرت نتائجها بوضوح عام 1920 بقيادة الناشطة النسوية المصرية هدى شعراوي التي كانت إحدى المؤثرات

في نزع النقاب في مصر عام 1921 عندما نزعت النقاب أمام العامة. وكانت هذه الحركة النسوية التحررية مؤثرة على أغلب الدول

العربية.

استمر هذا الوضع الحداثي في عهد الملكية المصرية إلى أن تم الانقلاب العسكري عام 1952. بدأت مصر منذ ذلك الوقت بالاتجاه من الحداثة إلى مبادئ القومية العربية بقيادة جمال عبد الناصر التي كانت لها نزعات علمانية ولم تكن متوافقة مع أيدلوجيات الإسلاميين وخاصة الإخوان المسلمين في فرض الحجاب.

وبشكل عام يعتبر الحجاب في السلام بمثابة الحفظ والستر للمرأة، وهو دليل على طهارة القلب، وصدق الإيمان؛ حيث إنه يدفع أسباب الفتنة والريبة عن المرأة الصالحة، ويحفظها من أعين الناس، ويبعِد عنها كل ما يمكن أن يدور حولها من الشبهات، ويحفظها من الوقوع في المحرمات.

قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا).

ويمثل الحجاب لدى عامة المسلمون أهم جزءٍ في العفة والحياء؛ حيث إن هاتين الخصلتين تعتبران من شعب الإيمان وآثاره

الظاهرة، فإن كان الإيمان في القلب كما يقال، فيجب أن تظهر آثاره على المؤمن وتتمثل في مظهر العبد من خلال التزامه بما

أمره الله به من أفعال وأقوال وهيئات، والحجاب من الهيئات التي يظهر فيها الإيمان ومدى التطبيق العملي له على الواقع

الملموس، فليس الإيمان بالتمني ولكنه ما وقر في القلب وصدقه التطبيق العملي.

فيما يقول باحثون في علم النفس , يفترض بزي النساء أن يكون خيارا وليس فرضا، وألا يدخل ضمن مفهوم هوية سياسية أو دينية معينة.كما أنه يجب العمل على رفض أي فرض للباس سواء كان ذلك عن طريق القوانين أوأيديولوجيات معينة.

لقد اختلف الفقهاء المسلمون بالنسبة للحجاب وطريقة فرضه او لبسه , ومع كل هذه التحديات ثبت للعالم العربي والاسلامي أن

الحركات النسوية في الغرب لا تفقه شيئا عما تعانيه المرأة في الدول العربية والإسلامية وإنما يتم استغلالها من قبل فئات لها مصالح معينة.

وتسعى منظمات نسوية وحقوق المراة والانسان الى تفعيل الحركات النسائية داخل كل دولة في المنطقة العربية للحفاظ على

استقلالية المرأة وحريتها في الاختيار.

 

 

iraqkhair

موقع مستقل يهتم بالشأن العراقي والعربي في جميع المجالات الاخبارية والاقتصادية والتقنية والعلمية والرياضية ويقدم للمتابع العربي وجبة كاملة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights