وكان مستوى مياه بحيرة ساوة قد بدأ ينخفض تدريجياً منذ عام 2014، بحسب مدير البيئة في محافظة المثنى
يوسف سوادي جبار.
و وضح سوادي بوجود أسباب طبيعية تقف وراء جفاف البحيرة تتمثل في “التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة في محافظة المثنى الصحراوية التي تعاني كثيراً من الجفاف وشح الأمطار”… والسبب الآخرهو من صنع البشر ويتمثل في الآبار الارتوازية فوق المياه الجوفية التي كانت تغذي البحيرة، والتي حفرت لإقامة مشاريع صناعية قريبة تتعلق خصوصاً بالإسمنت والملح، الأمر الذي حول البحيرة إلى “أراض جرداء”.
وقد تكون بحيرة ساوة في حاجة إلى ما يشبه المعجزة لتعود إلى طبيعتها، إذ يتطلب الأمر إغلاق هذه الآبار غير القانونية وكذلك عودة الأمطار الغزيرة بعد ثلاث سنوات من الجفاف في بلد من بين أكثر الدول المتضررة من التغير المناخي في العالم.
وكشفت الهيئة العامة للمياه الجوفية، في وقت سابق الاثنين، أسباب جفاف بحيرة ساوة بمحافظة المثنى، مستبعدة امكانية إعادة البحيرة الى سابق عدها خلال الوقت الراهن، فيما أكدت ان الطبقة الاولى للمياه الجوفية قد نضبت تماماً.
فيما يرى خبراء أن الأمل الوحيد في استعادة تلك البحيرة رونقها، هو صعود منسوب المياه، وتحسن المناخ عالمياً، ما ينعكس إيجاباً على الأنهار العراقية.
كما بينت دائرة المهندس المقيم في محافظة المثنى،عن أسباب تعرض بحيرة ساوة للجفاف.
وقال إن “حركة الصفائح التكتونية والزلازل التي حصلت في مناطق شمال شرق العراق منذ عام 2016 وحتى الآن، والتي وصلت توابعها إلى السماوة أدى إلى انسداد المجاري تحت السطحية التي تغذي (بحيرة ساوة) مما أدى إلى جفافها”.
وبين، أن “وزارة الموارد المائية على اتصال مباشر مع الجهات العالمية ولا سيما جامعة (فرايبورگ) الالمانية، التي زارت المكان أكثر من مرة وقامت فرقها بالغطس لمعرفة طبيعتها وتوصلت الى نتائج مهمة”، لافتا إلى أن” اعادة الحياة الى البحيرة لا يمكن إلا من خلال جهات عالمية تملك أجهزة متخصصة بهذا المجال، فضلا عن توفر الأموال اللازمة لهذا العمل”.
وأكد علي، أن “فرضية جفاف الآبار التي أدت إلى (بحيرة ساوة) خاطئة ولا صحة لها”، مبينا أن “اجتماعات الهيئة العامة للمياه الجوفية أكدت عدم وجود انخفاض للمياه في (حوض الدمام)”.
وعبر عراقيون عبر حساباتهم على منصات التواصل الاجتماعي عن صدمتهم وحزنهم لما شاهدوه من صور لبحيرة ساوة، في حين حذر مراقبون ومتخصصون من خطورة الجفاف الذي يعصف بالعراق.
وقال فريق “مغامر جيولوجي” المتخصص في علوم الأرض -عبر صفحته على فيسبوك- إن “أحد أسباب الجفاف هو “استخدام الضخ المكثف للمياه الجوفية من موقع يقع جنوب البحيرة لتغذية ممالح السماوة الذي يستخرج منها كلوريد الصوديوم، بالإضافة إلى استخدام الآبار غير القانونية في الزراعة”.
وتخضع المنطقة منذ عام 2014 لاتفاقية “رامسار” الدولية، بحسب ما تشير لوحة كبيرة ثبتت عند ضفاف أرض منخفضة كانت بحيرة في ما مضى. كذلك تحذر اللوحة ذاتها من “ممارسة صيد الأسماك بأيّ شكل من الأشكال” بالإضافة الى “عدم الاقتراب من العين المغذية للبحيرة بتاتاً”. يذكر أن “رامسار” هي معاهدة دولية للحفاظ على المناطق الرطبة واستخدامها المستدام، من أجل وقف الزيادة التدريجية لفقدان الأراضي الرطبة في الحاضر والمستقبل وتدارك المهام الإيكولوجية الأساسية للأراضي الرطبة وتنمية دورها الاقتصادي كما الثقافي والعلمي وقيمتها الترفيهية. وتحمل الاتفاقية اسم مدينة رامسار الإيرانية.
وعلى الموقع الإلكتروني الخاص بالاتفاقية، جاء أن التركيب “الكيميائي للمياه (في البحيرة) فريد من نوعه”، مع الإشارة إلى أنها “مسطح مائي مغلق في منطقة ملحية”. وكانت ساوة المكونة من “صخور طينية معزولة بمادة جبسية” في الماضي، موطناً لأنواع نادرة عديدة من الطيور في العالم، مثل النسر الإمبراطوري الشرقي وطائر الحبار والبط البني.
والجفاف لا يقتصر على ساوة، فهذه حال مسطحات مائية كثيرة في العراق، من جراء ارتفاع معدلات التصحر وشح المياه.
وتنشر باستمرار صوراً لأراض جرداء ومناطق جافة خصوصاً في مناطق الأهوار جنوب البلاد وهي مدرجة على لائحة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، من بينها هور الحويزة (جنوب) وكذلك بحيرة الرزازة في محافظة كربلاء وسط العراق.
وبحسب تقديرات البنك الدولي، فإنه في حال عدم توفر سياسات مناسبة، قد يشهد العراق انخفاضاً بنسبة 20 في المائة في ما يخص موارد المياه العذبة المتاحة بحلول عام 2050 بسبب ارتفاع درجات الحرارة.