اخبار اقتصادية

الاقتصاد العراقي والإصلاحات الى أين

الاقتصاد العراقي والإصلاحات , أشار الإصدار الجديد من تقرير المرصد الاقتصادي للعراق إلى أن البلاد تخرج تدريجياً من الركود

العميق الذي مرت به في عام 2020 بسبب جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) وما صاحبها من انهيار أسعار النفط. وقال التقرير

أنه على الرغم من التوقعات بنمو الاقتصاد العراقي بنسبة 5.4% في المتوسط سنويًا بين عامي 2022 و 2024، فإن توقعات

الاقتصاد الكلي تحيطها درجة كبيرة من المخاطر نظراً للاعتماد الكبير على النفط، واستمرار أوجه الجمود في الموازنة، والتأخير

في تشكيل الحكومة الجديدة. كما أكد التقرير أن الاعتماد على النفط وحده يمكن أن يضر بالدوافع المحلية لتنفيذ الإصلاحات

الاقتصادية، مما من شأنه أن يعمق التحديات الاقتصادية الهيكلية في البلاد.

أقرأ أيضا :انتعاش الاقتصاد العراقي:نفط البصرة بـ”55″ دولار للبرميل الواحد

توسع قوي في الإنتاج غير النفطي
البنية التحتية للنفط
البنية التحتية للنفط

ويَخلُصُ عدد الربيع لعام 2022 من تقرير المرصد الاقتصادي للعراق الذي أصدره البنك الدولي اليوم تحت عنوان: “تسخير

عائدات النفط المفاجئة لتحقيق النمو المستدام”، إلى أنه بعد الانكماش بنسبة تزيد على 11% في عام 2020، حقق

الاقتصاد العراقي نمواً بنسبة 2.8% في عام 2021 مع تخفيف القيود التي فرضتها جائحة كورونا على التنقل، وجاء هذا النمو

مدعوماً بتوسع قوي في الإنتاج غير النفطي، ولا سيما في قطاع الخدمات. ومع الإلغاء التدريجي في تخفيضات إنتاج “أوبك+”،

فقد بدأ إجمالي الناتج المحلي النفطي أيضًا في النمو في النصف الثاني من عام 2021، كما دفع ارتفاع عائدات النفط إلى

تحقيق فائض في الأرصدة المالية العامة والأرصدة الخارجية الكلية في العراق في عام 2021. ومع ذلك، تستمر أوجه الجمود

في المالية العامة، كما تبقى المتأخرات غير المحصلة كبيرة.

إصدار الربيع من المرصد الاقتصادي للعراق

وتعليقاً على هذا، قال ساروج كومار جاه، المدير الإقليمي لدائرة المشرق بالبنك الدولي: ” يتمتع العراق بفرصة فريدة لإجراء

إصلاحات هيكلية عاجلة وواسعة النطاق من خلال الاستفادة من الحيز المالي الناتج عن عائداته النفطية المفاجئة الأخيرة.

وتُعد إعادة توجيه الإنفاق الحكومي نحو البرامج التي تعمل على تحسين النمو أمراً بالغ الأهمية للتنويع الاقتصادي وخلق

فرص العمل، وأيضاً لمعالجة أزمة رأس المال البشري في البلاد.”

أقرأ المزيد :تفاصيل الاتفاقية الاقتصادية العراقية – الاردنية

ويكشف إصدار الربيع من المرصد الاقتصادي للعراق أن تحديات الأمن الغذائي الحالية في العراق قد اشتدت حدتها في خضم

الارتفاع الحالي في أسعار السلع الأساسية عالمياً، في حين يقل مستوى إنتاج الغذاء المحلي عن مستوى الطلب الناجم

عن النمو السكاني السريع. وقد أدت موجات الجفاف الشديد وعوامل تغير المناخ الأخرى إلى تفاقم هذا الوضع. وفي حين أن

الإعانات والتحويلات المباشرة يمكن أن تساعد في التخفيف من هذه التأثيرات السلبية على المدى القصير، فإن تحقيق الأمن

الغذائي يتطلب تنسيق الجهود لتحسين الإنتاج المحلي من الغذاء والمزيد من الكفاءة في إدارة موارد المياه.

وتؤكد الهشاشة المالية والاجتماعية والاقتصادية في العراق على الحاجة إلى تسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية والمالية الكلية

المطلوبة بشدة للتخلص من العوائق التي تعترض طريق تنمية القطاع الخاص، وزيادة الاستثمارات في كفاءة المياه وأنظمة

الأغذية الزراعية، والتحول نحو مصادر أكثر استدامة للطاقة، بالإضافة إلى إزالة الكربون من قطاع النقل.

 

المرصد الاقتصادي للعراق
المرصد الاقتصادي للعراق

وقد يؤدي المزيد من التأخير في تشكيل الحكومة وإقرار موازنة عام 2022 إلى الحد من استخدام إيرادات البلاد المفاجئة من

النفط، حيث تم بلوغ السقوف الفعلية لموازنة عام 2021، وتعليق تنفيذ مشاريع استثمارية جديدة، ما قد يخفض النمو

الاقتصادي. أما “الورقة البيضاء” التي وضعتها الحكومة العراقية فتبقى حتى الوقت الحالي نموذجاً ومخططاً جريئاً لبرنامج

إصلاحات اقتصادية شامل نحو التنويع الاقتصادي.

جائحة كورونا وأزمة رأس المال البشري
جائحة كورونا وأزمة رأس المال البشري
جائحة كورونا وأزمة رأس المال البشري

ويُفردُ التقرير فصلاً خاصاً عن “جائحة كورونا وأزمة رأس المال البشري: تعويض الخسائر التعليمية من أجل الإنتاجية والنمو في

المستقبل”، يفحص فيه تأثير الجائحة على ما يواجهه العراق حالياً من تحديات لبناء رأسماله البشري. وعلى سبيل المثال،

فإن الطفل المولود في العراق قبيل جائحة كورونا قد تبلغ إنتاجيته عند بلوغه سن الثامنة عشرة نسبة 41% فقط مما كانت

ستكون عليه لو كان يتمتع بتعليم كامل وصحة تامة. لقد أثرت الجائحة على رأس المال البشري في العراق من خلال التأثير

سلبًا على صحة العاملين اليوم وعلى مستوى رفاهم الاقتصادي، وكذلك من خلال تخفيض الإنتاجية المحتملة لجيل

المستقبل في العراق. وتتطلب معالجة مثل هذه التحديات اتخاذ مسار إصلاح تعليمي للارتقاء بمستوى التعلم وتنمية

المهارات لدى أطفال العراق.

العراق الأسرع نموا عربيا

أقرأ المزيد : “بي إن سبورتس” ستبث 22 مباراة دون تشفير .. وميسي يعيش بعزلة في الدوحة

على غير العادة، سجل العراق مؤشرات اقتصادية إيجابية في الأسابيع الماضية، إذ أكد وزير المالية العراقي علي علاوي أنه

من المتوقع ارتفاع الاحتياطات النقدية للبلاد إلى أكثر من 90 مليار دولار بحلول نهاية 2022، مشيرا إلى أن هذا المستوى يعد

قياسيا بالنسبة للعراق، في غضون ذلك توقع صندوق النقد الدولي نمو الاقتصاد العراقي بنسبة 9.5% خلال العام الجاري

ليكون الأعلى عربيا.

ورأى الوزير العراقي أن التعافي في أسعار النفط والإدارة المالية التي وصفها بـ”الحكيمة” ساعدا الاحتياطات على أن تصل

لمستوى 70 مليار دولار في أبريل/نيسان الماضي، بعد أن انخفضت احتياطات البلاد من العملات الأجنبية إلى مستوى أنذر

بالخطر في عام 2020 عندما تسببت جائحة كورونا في انهيار أسعار النفط عالميا.

العراق الأسرع نموا عربيا
العراق الأسرع نموا عربيا
أسباب النمو

وتثير هذه الأرقام الإيجابية للاقتصاد العراقي الأسئلة حول أسبابها، إذ يشير مظهر محمد صالح المستشار الاقتصادي لرئيس

الوزراء العراقي في حديثه للجزيرة نت إلى أن ارتفاع حجم الاحتياط النقدي في البلاد يعزى لارتفاع أسعار النفط عالميا بزيادة

تقدر في المتوسط بين 40% و45% عن العام الماضي.

وتابع صالح أن الحكومة العراقية تعتمد على النفط في تسديد النفقات الداخلية بعد استبدالها بالعملة العراقية المحلية وفق

سعر صرف الدينار الصادر عن البنك المركزي والذي يعادل 1460 دينارا لكل دولار.

وبالتالي، وبما أن التدفقات المالية الخارجية أكبر من حجم الإنفاق الداخلي الذي يعتمد نسبة 1 إلى 12 وفق قرار الإدارة

المالية بسبب عدم إقرار الموازنة الاتحادية للبلاد، فإن ذلك أدى لتراكم النقد الأجنبي لدى البنك المركزي وزيادة حجم

الاحتياطات، بحسب تعبيره.

أقرأ المزيد :ما هي تجارة الفوركس وأزواج العملات المتداولة في الفوركس

وعن الإيجابيات، أوضح أن حجم النقد الأجنبي يقارب تغطية قيمة العملة العراقية وحجم العملة المتداول محليا، وهو ما يشكل

عامل استقرار للدينار بما يساعد على مواجهة التضخم داخل البلاد بسبب تداعيات استمرار الحرب الروسية الأوكرانية.

هل هو نمو حقيقي؟

وتثير بيانات صندوق النقد الدولي العديد من التساؤلات عما إذا كان نمو الاقتصاد العراقي حقيقيا، لا سيما ما يتعلق باستقرار

العملة الوطنية، وفي هذا الصدد يقول الخبير المالي محمود داغر إن معدل النمو المرتفع في العراق حاليا يعزى لبروز القطاع

النفطي بوصفه مصدرا وحيدا للقيمة المضافة اقتصاديا، في حين تتراجع القطاعات الاقتصادية غير النفطية.

وفي حديثه للجزيرة نت، يوضح داغر أن النمو الاقتصادي الذي أعلن عنه صندوق النقد الدولي يعد نموا للقطاع النفطي وليس

للاقتصاد العراقي الحقيقي، وبغير القطاع النفطي لن يسجل العراق أي نمو حقيقي بمثل هذه النسبة التي أعلن عنها

الصندوق.

وأضاف أن ارتفاع احتياطات البنك المركزي العراقي لا يعد مؤشرا كاملا للوضع الاقتصادي، معللا ذلك بأن حجم الاحتياطات لا

يغطي حجم السيولة النقدية العراقية التي بلغت 80 تريليون دينار، وبالتالي تعد نسبة حجم الاحتياطات أقل مما كانت عليه

قبل عامين عندما كان حجم الكتلة النقدية العراقية قرابة 60 تريليون دينار، موضحا أن الاحتياطات الحالية توفر حجم سيولة

كافيا للاستيراد من الخارج دون توفيره الاستقرار المالي للعملة المحلية.

ويذهب إلى هذا الرأي أستاذ الاقصاد بالجامعة العراقية عبد الرحمن المشهداني، الذي يقول إن ارتفاع حجم احتياطات البنك

المركزي يعزى لفارق النسبة بين ورادات العراق بالدولار وما تبيعه الحكومة العراقية في مزاد العملة، موضحا أن الواردات

العراقية بلغت 8 مليارات دولار شهريا، في حين أن مزاد العملة يبيع ما مجموعه 4.5 مليارات دولار في الشهر الواحد.

 

الفقر
الفقر
انعكاسه على العراقيين

ورغم هذه الطفرة الاقتصادية التي تكشفها الأرقام، فإن العراقيين يتساءلون عن الأسباب التي تمنع من انعكاس ذلك على

الشعب العراقي الذي يعاني من معدلات تضخم وفقر وبطالة مرتفعة، إذ يرى المشهداني في حديثه للجزيرة نت أن العراق

بحاجة لسياسات اقتصادية حقيقية في وقت تفتقر فيه البلاد إلى موازنة مالية عامة بعد انقضاء أكثر من 5 أشهر من السنة

المالية.

أقرأ المزيد :مقدم المحتوى المؤثر القطري مبارك فرج العبد الله يستخدم “الهندسة العكسية” لفهم جمهوره على وسائل التواصل الاجتماعي

وبسبب ذلك، برزت -بحسب المشهداني- مشكلة لدى الحكومة في كيفية تصرفها في الفائض المالي، معلقا بالقول إن

الحكومة العراقية كانت قد حدت منذ عام 2014 التوظيف في القطاع العام في ظل أن القطاع الخاص فيه الكثير من المشاكل

ويعتمد بصورة كبيرة على القطاع العام، فضلا عن أن قانون تجريم التطبيع مع إسرائيل الذي أقر مؤخرا يضم مواد قانونية

ستتسبب بضرر كبير على الاستثمار الأجنبي في العراق، وهو ما سيزيد من الصعوبات الاقتصادية بحسبه.

ويضيف الخبير المالي محمود داغر أسبابا أخرى تتمثل في أن العراق يشهد مشاكل سياسية تعيق تشكيل الحكومة وإقرار

الموازنة العامة للبلاد، وهو ما يعني أزمة في معالجة الاقتصاد العراقي بما يمنع من استفادة العراقيين من العائدات المالية

الكبيرة.

ارتفاع بأسعار النفط
ارتفاع بأسعار النفط

أما عضو اللجنة المالية البرلمانية السابق أحمد حمه رشيد فإنه يعتقد أن السبب الرئيسي لعدم استفادة العراقيين من الوفرة

المالية يعزى لعدم نمو الاقتصاد الإنتاجي داخل البلاد، وهو ما يعد المحرك الرئيسي للنمو الداخلي بسبب توفيره فرص العمل،

لافتا إلى أن العراق يشهد زيادة في الإيرادات المالية مع استمرار تراجع الاقتصاد الإنتاجي، بحسب رأيه.

ويضيف رشيد للجزيرة نت أنه لا يوجد أي قطاع إنتاجي أسهم في زيادة نسبة النمو التي أعلن عنها صندوق النقد الدولي،

وبالتالي فإن العراق يمكنه شراء سندات الخزينة الأميركية أو لأي دولة أخرى بهامش ربحي قليل دون قدرته على استثمار

الأموال داخليا، واصفا النمو الاقتصادي بـ”الفقاعة الاقتصادية”، مما يؤدي إلى بقاء العراق ضمن الدول ذات الاقتصاد الهش ما لم

يعالج مشكلاته الهيكلية.

الاقتصاد العراقي والإصلاحات

وأما حكوميا، فيرى مظهر محمد صالح المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء العراقي أنه لا توجد أي انعكاسات إيجابية في

الشارع العراقي ما لم تقر الموازنة العامة للبلاد التي تضم نفقات اجتماعية واستثمارية، لا سيما أنه من المؤمل أن تصل قيمة

الموازنة العامة للبلاد في حال إقرارها إلى 200 تريليون دينار بما يعادل 136 مليار دولار ارتفاعا من مستوى 90 مليار دولار ع

ن ميزانية 2021.

أقرأ المزيد : القبول في الكليات الاهلية مع الاجور الدراسية

ويبقى العراقيون رهينة المواقف السياسية التي تبعدهم عن الاستفادة من الإيرادات المالية الكبيرة التي بات يحظى بها

العراق خاصة مع ارتفاع أسعار النفط وزيادة حجم الصادرات النفطية العراقية إلى مستوى قياسي في الأشهر الماضية.

المصدر : الجزيرة ووكالات

iraqkhair

موقع مستقل يهتم بالشأن العراقي والعربي في جميع المجالات الاخبارية والاقتصادية والتقنية والعلمية والرياضية ويقدم للمتابع العربي وجبة كاملة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights