تحقيقات وتقارير

مافيات فساد وغسيل أموال وراء إرتفاع أسعار العقارات في بغداد إلى مستويات “خيالية”

مافيات فساد وغسيل أموال : مما لاشك فيه بأن الضعف في دور الأجهزة الرقابية وغيابها على العقارات بشكل عام يجعلها بيئة ملائمة لغسيل الأموال عن طريق شراء العقارات والأراضي الزراعية؛ وتصبح العقارات هدفا لشخصيات تمتهن الفساد وسرقة المال العام.

ويعزو مراقبون اقتصاديون ومسؤولون عراقيون ارتفاع أسعار عقارات بغداد -بنسبة تجاوزت 50% لتزيد عن أسعار مثيلاتها في بلدان مجاورة- إلى وجود عمليات تبييض أموال .. فعالميا، وحسب إحصاءات صندوق النقد الدولي، يتراوح حجم الأموال المتداولة في غسل الأموال بين 950 مليارا و1.5 تريليون دولار، ويحتل العراق موقعا متقدما بين الدول التي يتفشى فيها غسل الأموال .

وعلى مدى سنوات عدة،وبحسب تقارير اللجنة المالية في البرلمان, كان العراق من ضمن قائمة الدول شديدة المخاطر في مجال غسل الأموال، إلا أن الحكومة العراقية أعلنت في التاسع من كانون الثاني 2022 رفع اسم البلد من قائمة الاتحاد الأوروبي للدول ذات المخاطر العالية في مجالي مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

اقرأ المزيد..عدد سكان العراق لسنة ٢٠٢٢ وتقديرات النفوس لغاية عام 2030

ماهي عملية غسيل الاموال؟

تعرف عملية تبييض أو غسل الأموال بأنها تحويل الأموال الناتجة عن ممارسة أنشطة غير شرعية إلى أموال تتمتع بمظهر قانوني سليم.

أما تعريفها القانوني فهو “قبول الودائع أو الأموال المستمدة من عمل غير مشروع أو إجرامي وإخفاء مصدرها أو التستر عليها”.

مافيات فساد
مافيات فساد

الاستثمار العراقي الى اين!

لطالما كان الاستثمار العراقي في سوق العقارات، لا سيما بعد عام 2003 ، يذهب إلى تركيا في المرتبة الأولى، أو إلى أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراقي التي نجحت في أن تكون واجهة للحداثة مع بنية تحتية جيدة وطرق سريعة ومشاريع عقارية عملاقة.

لكن مع الاستقرار النسبي في العاصمة بغداد، انطلقت في السنين الاخيرة حملة إعمار ضخمة، وارتفعت الأسعار. خصوصا في المناطق المرموقة بالعاصمة, والأسعار للأراضي والبيوت في هذه المناطق التي “كانت بين 1200 إلى 1500 و1700 دولار للمتر، اليوم تبلغ نحو ثلاثة آلاف دولار للمتر”، وصولاً إلى خمسة آلاف .

ويقول مواطنون بغداديون ان  أسعار البيوت…تتضاعف بشكل كبير , إزاء ذلك, لا تبدو البدائل مغرية، فالمجمعات السكنية الفارهة التي بدأت بالانتشار في السنوات الأخيرة، باهظة ايضا.

وحتى المناطق البعيدة عن مركز بغداد، حيث الأسعار أقلّ قليلا وغالية ايضا، مع صعوبة التنقل ورداءة الخدمات.

ويؤكد هؤلاء بان القروض المتوافرة غير مفيدة ، “حتى ولو أخذت قرضاً بمئة مليون دينار (حوالى 68 ألف دولار)، لن تشتري لك شيئاً، وفوائدها عالية لسنوات طويلة”.

مافيات فساد
مافيات فساد

الموظف والفقير ماذا يعمل؟

ويشرح المحلل الاقتصادي العراقي علي الراوي أن “المشكلة بالسوق العقارية هي أنّ التعامل يكون نقداً” وبالتالي يسهل “إخفاء الأموال بأراضٍ وبنايات”، ويرفع ذلك من “السيولة في السوق… وبالتالي الأسعار ترتفع”.

وعند بيع هذه العقارات، يتمّ الأمر “بعقود رسمية وبيان وعقد بيع وشراء، الموضوع يكون رسمياً”، وبالتالي “تبييض الأموال” عبر ذلك، يكون “سهلاً جداً”، كما يقول.

وخلال حديثه عن “سرقة القرن”، أقر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بأنّ جزءاً كبيراً من أموال الضرائب التي سرقت استخدمت في “شراء عقارات في مناطق مهمة من بغداد”.

وفي تقرير لمركز “ذي سنتشوري فاوندشن The Century Foundation” للأبحاث، يشير الباحث العراقي سجاد جياد إلى أن “أكثر من مليار دولار” من أموال الضرائب المسروقة البالغة 2.5 مليار، “استثمرت في 55 عقاراً في بغداد، ومليار دولار أخرى وزعت بين ممتلكات، وأراض، وأصول أخرى”.

ارتفاع مخيف (في الأسعار) بالعاصمة بغداد

يلقي مدير العلاقات العامة في أمانة بغداد محمد الربيعي باللوم في هذه الأزمة على “التخطيط الخاطئ” من الحكومات المتعاقبة “في ملف الاستثمار بالإسكان”، وسياسة عامة في هذا الملف “لم تفد الموظف والفقير”.

ويضيف “يوجد ارتفاع مخيف (في الأسعار). صعب حتى على الأغنياء أن يمتلكوا ولو مئة متر في بغداد”.

ويرى أن “زيادة أسعار العقارات غير مرتبطة بالسوق، بل مرتبطة بالمافيا وبغسل الأموال”.

وفي مدينة يقطن مليون شخص فيها في العشوائيات، وفق الربيعي، تنوي الحكومة الجديدة إنجاز مشاريع سكنية غير مكلفة ومدعومة بقروض، على غرار مشروع بسماية، الذي أعلنت هيئة الاستثمار الحكومية في كانون الثاني عن استئناف العمل فيه قريباً.

في ضواحي العاصمة، اختفت الأراضي الزراعية وغابات النخيل التي تعدّ رمزاً عراقياً، تحت كتل الإسمنت، مع بروز مشاريع سكنية توفر ربحيةً أكثر من الزراعة.

iraqkhair

موقع مستقل يهتم بالشأن العراقي والعربي في جميع المجالات الاخبارية والاقتصادية والتقنية والعلمية والرياضية ويقدم للمتابع العربي وجبة كاملة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights