حسين علي هارف .. الباحث عن الجمال

حسين علي هارف : يوم نظرت اليه، كان شاباً في مقتبل الحياة، يحمل كتباً ويقف عن ركن المسرح ليتحول بعد لحظات زمن الى راوية يشبه اولئك الرواة الموغلين بالوصف ودقة الاشهار، اظنه في زمنه ذاك حفظ عن ظهر قلب وصايا وتعميمات وشروحات المخرج مقداد حمادي، قرأت بعض التردد يومض من خلل عينيه مطوياً بهاجس السؤال الذي يحاصره من انه يقف على خشبة الكون بصحبة ممثلين تجاوزوا سن الرشد وعرفوا بدقة ودراية ومعرفية عالية اسرار مهنة التمثيل، وخبروا كل معرفاتها،وبخاصة ان الخيط والعصفور كانت اللبنة الاولى في ايضاح مسرح المغايرة الشعبي، نعم نضحك نعيش والمتلقي زمن سعيد لكن دون اسفاف وتهريج، كل شيء محسوب بدقة، ولكل ممثل مقاصد واضحة تلتقي ومقاصد الممثلين الاخرين.

فيما بعد الخيط والعصفور كلما رأيت حسين علي هارف ممثلاً اصابتني الحيرة، حتى اني ذات مربد وفي طريقنا الى البصرة ابحث له بهواجسي ومخاوفي،من انه مخرج ومفكر اهم منه ممثلاً، اتجه حسين علي هارف الى اخراج وتمثيل مسرحيات الفصل الواحد ،جذب المتلقي في الكثير من عروضه وخاصة تلك التي كان يقودها كاتباً ومخرجاً، وتوقفت بعض العروض عند الارتباك وعدم الدقة،سهل على حسين علي هارف الانتقال من تجربة حية مثيرة الى تجربة اخرى اكثر نجاحاً وتاثيراً لهذا نراه يسعى باتجاه الازمنة والامكنة ليقدم عروضه .

عند لحظة صحو قرر حسين علي هارف، ان يكون صانع دمى ومحركها ومؤلفها ومخرجها ايضا،لذا اسس فرقة دمى مالبثت ان وجدت لها مكانا في الوجدانية الجمعية وان لم يرسخ بعد،لم يهمل حسين علي هارف التمثيل كلياً بل كان الاقرب الى التمثيل الاذاعي فاشترك في كم لاباس به من المسلسلات، التي نالت الاهتمام والاعجاب، حتى انه اوقفني حائراً حين جسد شخصية الامام الحسين عليه السلام في مسلسل ظمأ المفازات فكان عملاقاً مجيداً بحق.