مقالات

محمد صالح … الغربة اختياراً !!

محمد صالح … لشد ما تصيبني الدهشة والمخاوف، حين ابصر فناناً او اديباً وهو يعيش الغربة الشديدة الوطأة على روحه
غير العارفة بكيفيات انقاذها، كثيراً ما تبقى الامور متأرجحة بين الذات الارثية والذات التي تتشكل حديثاً محاولة بجهود قاسية الهيمنة على الماضي واقصاءه، وهذا مايبدو لي من الامور المهمة والمستحيلة ايضاً مع الاشارة ان المبدع المهاجر لايستطيع ان يكون جزءً من الذاكرة الجمعية لذاك البلد ،والامثلة كثيرة ومعروفة ايضاً.
الفن والادب زرع لاينبت بغير الارض التي تعرف عليها اول مرة بكل مكوناتها الجينية المتوارثة، هذا ما شعرته حين تحدثت مع الفنان محمد صالح، الذي راح يذكرني بكل ما كان عليه منذ جاء من مدينته الجنوبية العريقة واسط لينتظم في دراسته في اكاديمية الفنون الجميلة ضمن شباب غدوا فيما بعد من المع نجوم التمثيل والاخراج في البلاد.
كان محمد صالح الوسيم الاهيف الطول، الفاهم لسلوكيات الفنان اكثرهم اندفاعاً ورغبة في التطور والثبات،وقف فرق خشبة المسرح في تجربة مسرحية قادها محمود ابو العباس مخرجاً في مسرحية الهجين، وهي من اطاريح التخرج لينال تقدما ملحوظاً ولافتاً…
ثم يخوض تجربة مهمة هي مسرحية شهيق تحت الركام، ليدخل بثقة اول تجاربه السينمائية مع المخرج توفيق صالح في الايام الطويلة، وهي تجربته الاخرية ايضاً،مؤمناً باهمية المسرح ودوره المهم في اشاعة الوعي وتطهير الارواح، ليمثل في الجزء الثاني من مسرحية اطراف المدينة بديلاً للفنان ستار خضير .
محمد صالح، نال لامرتين كافضل ممثل لشخصيات مسرحية اداها بمعرفية وانقان ملفت للنظر،وليدخل في عمق تجربة مهمة هي الاخراج المسرحي هما اللي ايريد يعيش كتبها محمد حسين عبد الرحيم و الدنيا حظوظ التي كانت المسرحية التي افتتح بها مسرح ابو نواس نشاطه المسرحي، ولانه ممثل جاذب للنظر حيوي فوق الخشبة رشحه الفنان عبد الجبار كاظم الذي فكر بان يخرج مسرحية ياحافر البير، ليكون رفيقا تجسيديا له وهذه المسرحية كانت اخر نشاطات عبد الجبار كاظم وقدمت بعد وفاته على مسرح المنصور.
رحلة محمد صالح، الخطاط المعروف الذي امتهن الخط في ايام شبابه، عند هذا الحد، ليشد رحاله عام ١٩٩٦ باحثاً عن دروب خلاص كان يظن انها قادرة على ايصاله الى غاياته ومراميه، قدم محمد صالح في غربته الاختيارية التي اصبحت مع الايام اجبارية مجموعة من المسرحيات اللافتة للنظر لكنها تجارب خارج الاطر الجمعية العراقية، تحمل هوية ونفساً عراقياً لكنها لاتنتمي خشبة المسرح العراقي ولن تكون ضمن ارثيته التي يتفحصها كلما اراد بحب وتفاعل، تلك واحدة من مهن الاغتراب وغيبات امله.
محمد صالح الغربة اختياراً
يقول جورج شحاته وهو كاتب من اصول لبنانية يكتب باللغة الفرنسية، في عرض مسرحية مهاجر بريسان ، في فرنسا رايت متلقياً يصفق بحماس ويضحك بانتشاء بعد نهاية العرض ذهبت اليه مصافحاً اياه بود،فقال ياستاذ كنت اتمنى جداً ان تكون هذه المسرحية معروضة على المسارح اللبنانية لكي تكون ارثاً لبنانياً مثلها مثل مسرحيات الرحابنه !!
…..
محمد صالح … الغربة اختياراً !!

بقلم/ شوقي كريم حسن

iraqkhair

موقع مستقل يهتم بالشأن العراقي والعربي في جميع المجالات الاخبارية والاقتصادية والتقنية والعلمية والرياضية ويقدم للمتابع العربي وجبة كاملة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights