مقالات

الياس علي الناصر .. مافعلته السينما؟

الياس علي الناصر :  لم يك يفارق الشاشة الفضية بكل ماتشعه من بهاء يغمر الارواح ويجعلها تراقب العوالم المتسارعة الخطى امام الابصار، كان الولد الكرخي الفارع الطول مغرماً بهذا الفن الخالب للنفوس، كلما انتهت حكاية فيلم هب مسرعاً لصالة عرض ثانية، حتى عرفه الجميع مغرماً, يفكر بروح المغامر باكثر من كونه عاشقاً يهيم حباً بالوجوه والافعال التي يحفظ عنها كل شيء، خطواته الحالمة تجاوزت حدود المعقول، لانه لم يدرس فن الاخراج السينمائي ولا التمثيل حتى في معهد او كلية مختصة.
روح المغامرة هي التي تحرك اعماقه، ايام تصوير فيلم النهر، رأيت تواضعه الجم ورسومات احلامه وقد ارتسمت على محياه، مثيرة الكثير من الاسئلة التي ما وجد لها جواباً طوال فترة عشقه السينمائي الذي استمر لأربعين حولاً موجعاً ربح بعض من رغباته التي قلت له انها مجنونة، فابتسم يود مشاكستي قائلاً : (الفنون جنون ومثلي ادركته حرفة السينما حتى انني لم افكر يوماً بسواها، تلك اللعنة التي اخذت اعمارنا ،ستلاحق اعماركم انتم ايضا … وهذا ما كان فعلاً) !!.
الياس علي الناصر، الذي يكاد ذكره قد ضاع، ما ان يمر من امام صالة عرض سينمائية حتى تجده بكله يلتفت اليها متمنياً لو ان الوقت يمنحه بعض الانتظار ليزور تلك الصالات ويشم عبقها ولو كانت صالات السينما موجودة ايام ولادته، لقلت ان امه القت بسرته في صالة سينما.
والسؤال ظل دون اجابة،من اين ادركه هذا العشق ولم مازجه الجنون في ان يشكل تاريخاً سينمائياً مهماً مع مجموعة مغامرين في بلاده التي فتحت مباصرها للتو على مدنية الحياة ؟!!
المغامرة تسبق العقل وحمى الرغبات تسبق المغامرة، والياس علي الناصر مغامر لايشبهه احداً مهما كانت جرأته، حين ذكرته بمغامرات يونس بحري، اغمض عينيه ثمة شبه بينهما، وبهدوء وقور قال.. معي المغامرة تختلف مغامراتي سعت الى بناء سينما عراقية مثلما موجود في بلدان الدنيا والمجلات التي اصدرتها كانت معنية بالفن وشحونه وتلك مهام تثقيفية في وقت كان الانسان العراقي قد ابصر الحياة للتو….!!
شكلت جرأته اول اسس النجاح في بناء وتأسيس سينما محلية بهوية عراقية خالصة على الرغم من بساطتها، لكن اعتمادها البساطة جعلها قريبة من روح المتلقي العراقي وطموحاته في ان يجد ما يرضي غروره الاجتماعي والثقافي.
ولد ياس علي الناصر في الكرخ محلة سوق الجديد سنة 1921 وكانت مدرسته الأولى في الحياة مع والده الذي يصحبه الى بني تميم هناك تبهره العشائر العراقية في افراحها واحزانها كانت تلك المشاهد الثرة تغذي مخيلته التي نضجت وتحققت خلال رحلة حياته في السينما.
بدء الياس علي الناصر مع مسرحية “مجنون ليلى” على مسرح الفارابي الصيفي، بعد ذلك قدم مسرحيتين على قاعة الملك غازي خصص ريعهما للجمعيات الخيرية.
ومن ابرز هذه الاعمال التي عمل بها مسرحية الاستعباد ليوسف وهبي وجوف الفيافي, ابن الباشا, الذبائح.
ثم عاد ليمثل مجنون ليلى على مسرح الفارابي حيث اخرجها حسين علوان السامرائي وكانت تلك آخر مرة تواجد بها على خشبة المسرح ليتجه الى الصحافة كان ذلك عام 1948، اذ اصدر ثلاث مجلات هي “الكواكب العراقية” “صرخة الفن”، “دنيا الفن”.
الياس علي الناصر مافعلته السينما
بدأت علاقته مع السينما سنة 1930 كان مشاهدا مزمنا للافلام وقد عشق فيلم البؤساء الذي عرض في رويال سينما فأثر هذا الفلم في نفسيته غاية التأثير كما اثر به فيلم يحيا الحب ويوم سعيد.
ومن ذلك التاريخ وضع في ذهنه ان يصنع سينما لا وجود لها  وقد حفزه على المضي مشاهدته للفيلم العراقي المصري المشترك “ابن الشرق” الذي عرض في سينما غازي سنة 1945 ففكر في فلم فتنة وحسن وهو جالس في سينما غازي يذكر بانه لم يك يملك سوى 750 فلسا فقط ومن خلال هذا المبلغ الضئيل جمع الممثلين للعمل بامكانات بسيطة لعل ابرزها “استخدام التنكات والبواري في الاضاءة”.
نجاح فلم “فتنة وحسن” دفعه الى مشاريع سينمائية اخرى منها فيلم “المياسة والمقداد” الذي وفر له كافة الامكانات وعندما فشلت فكرة انجاز مشروع فلم المياسة والمقداد قرر البدء في عمل فيلم الدكتور حسن الذي اخذت فكرته من قصة صراع في الظلام للاستاذ محمد منير آل ياسين.
وقد نجح هذا الفلم نجاحا متوسطاً بسبب هجوم بعض الاقلام المناوئة لتلك الفترة حيث كان الفيلم يعالج قضية صراع الفلاحين ضد الاقطاع.
اشترك بعد ذلك بانتاج فلم “عفرة وبدر” كما مثل دور البطولة , و اشترك بفيلم “ليلى في العراق” مع الممثل ابراهيم جلال.
وكما اسهم في بطولة فلمين من انتاج عراقي تركي هما “طاهر وزهرة” و”اوزو وقمبر”.
الياس علي الناصر مافعلته السينما
في سنة 1955 الغيت جميع المطبوعات فتخلى عن العمل الصحفي على مضض, و واصل عمله في السينما حيث شارك في 1944م واخذ يقيم الحفلات التمثيلية الترنيمية باسم مستعار هو (الهاوي صباح) وجراء نشاطه هذا اتيحت له فرصة المشاركة في فيلم (ليلى في العراق) اخراج المصري : احمد كامل مرسي ، ومثل ايضا في فيلمين تركيين انتجا في العراق وصورا في استوديو بغداد في مطلع الخمسينات هما : (ارز وقنبر) و(طاهر وزهرة) …
وخلال هذه الفترة اصدر عدة مجلات فنية هي (الكواكب) و(صرخة الفن) و(دنيا الفن) .
وفي عام 1955م اتفق ياس علي الناصر وصلاح الدين البدري على تشكيل (شركة دنيا الفن للافلام) التي انتجت فيلمها الاول (فتنة وحسن) اعتمادا على طاقات عراقية, فتولي المخرج (حيدر العمر) كتابة قصة وسيناريو الفيلم واخراجه ، بحوار عبدالهادي مبارك وتصوير وانارة (وليم سايمون) ، وصوت ومونتاج (عبدالخالق رشيد السامرائي) وماكياج (مهدي الاوقاتي) وموسيقى (ناظم نعيم) وتمثيل : ياس علي الناصر ، ومديحة رشدي ومنعم الدروبي وغازي التكريتي وسلمى عبدالاحد وعبدالله زكي وغازي السراج ومقبولة حسين …. ومن انتاج شركة افلام دنيا الفن.
مثل ياس علي الناصر في فيلم (الدكتور حسن) اخراج : محمد منير ال ياسين ، والذي صوره (عبدالله سلمان علي ) في ستوديو بغداد للافلام المحدودة . وشارك في تمثيله مع ياس علي الناصر ، كل من : خلود وهي ، ونعيم الجواهري ، وسلمى عبدالاحد ، وقدري الرومي ، ومديحة سعيد ، وشكري العقيدي ، ومحي ابو حمرة ، وتوفيق لازم ، وعلي الانصاري .
الياس علي الناصر .. مافعلته السينما؟
الياس علي الناصر .. مافعلته السينما؟
ومثل ياس علي الناصر في فيلم (عفرة وبدر) الذي اخرجه : فالح الزيدي ، وعرضه عام 1964م .
كما واشترك في دور صغير في فيلم (النهر) الذي انتجته المؤسسة العامة للسينما والمسرح ، واخرجه : فيصل الياسري ، وكان ضيف الشرف في هذا الفيلم الفنان حقي الشبلي ، وكان اخر اشتراك له في فيلم (الباحثون) لمخرجه الراحل : د. محمد يوسف الجنابي ومجموعة افلام مهمة شكلت اهمية وتاريخاً مهماً للسينما العراقية!!
………….
الياس علي الناصر.. مافعلته السينما؟!!

بقلم/ شوقي كريم حسن

iraqkhair

موقع مستقل يهتم بالشأن العراقي والعربي في جميع المجالات الاخبارية والاقتصادية والتقنية والعلمية والرياضية ويقدم للمتابع العربي وجبة كاملة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights