فن

سعدي يونس .. الشارع مسرحاً

سعدي يونس … ذات صباح من عام ١٩٧٥وقف الولد المدهور بالمسرح، امام شاب مشتعل بالاحلام، ليختبرالاداء المسرحي من اجل تاسيس فرقة مسرحية عمالية في نقابة الميكانيك كان الولد الخاضع للاختبار هو شوقي كريم، اما المختبر
فهو الفنان سعدي يونس، روح متوهجة تحف بها ابتسامات لذيذة يشوبها خجل مرتبك، تلك كانت البداية المليئة بالاعجاب والمتابعة لمشروع مهم وفاعل لم يتكرر مثله عبر تاريخ المسرح العراقي.
الوسيم صاحب الشهرة التي سبقته يهتم بالسينما اهتماماً خاصاً يتابع تطوراتها ويحفظ كل اتجاهاتها الا شتغاليه، شكل مع عشاق السينما المجموعة التي حاولت الاسهام في تطوير السينما العراقية وارضاء غرور محبيها، فاسهم في مجموعة افلام استطاعت البقاء ضمن الذاكرة الجمعية لانها افلام حيوية يمكن التفاعل معها ساعة نشاء.
هاجس المسرح ظل يلاحقه وبخاصة تلك التجربة التي اراد من خلالها ايصال المسرح الى الناس دون بهرجة الصالات وتقاليدها الاتية من البعيد.
سعدي يونس مواليد ، بغداد، هو احد أبناء يونس البحري، ووالدته الفنانة والإعلامية هناء إسماعيل حقي اتجه إلى دراسة الفن بدلا من القانون .
في باريس أكمل دراستة في المسرح ثم عمل بالتمثيل مع فرق مسرحية فرنسية ومنها فرقة مسرح الشمس مع الفنانة الفرنسية المعروفة أريان نوشكي ثم مسرح تياترو الذي قدم فيه أعمالا من تأليفه ثم حصل على شهادة الدكتوراه في الأدب المسرحي الفرنسي عن تصوير الطبقة العاملة في المسرح منذ سنه 1945.
كما درس أعمال جورج شحادة وسارتر من سنة 1945 ولعل الفنان الدكتور سعدي يونس بحري واحدا من هؤلاء المبدعين الذين درسوا الفن في فرنسا وعاد الى الوطن حاملا شهادة الدكتوراه ليصبح استاذا في اكاديمية الفنون أبان عقد السبعينات والثمانينات محاولا تقديم خبراته التي استمدها من باريس مدينة النور والتنوير.
فالى جانب وظيفته الجامعية كانت موهبته التمثيلية حاضرة في الكثير من الاعمال الفنية التي قام بتجسيد ادوارها سواء في السينما او المسرح والاذاعة والتلفزيون.
فمن ينسى ادواره في فيلم الظامئون واعماله الرائعة في المسرح مثل يوميات مجنون للكاتب الروسي غوغول وملحمة كلكامش التي برع في اسلوب تقديمها من خلال قيامه بتجسيد جميع شخصياتها واعادة كتابتها لاكثر من مرة بطريقة مسرحية اخاذة مكنته ان يتنقل بها في كثير من مسارح العالم.
كما استطاع سعدي يونس ان يبرع في بمسرح الشارع وهو نمط مسرحي عرفته فرنسا ارتبط بجمهور الطبقات الكادحة والتعبير عن قضاياها وكفاحها واصبح له مهرجانات مهمة مثل افنيون الذي تأسس عام ١٩٤٧ ولا يزال و مهرجان ادنبرة في انكلترا ,
وقد حاول الفنان سعدي ان ينقل هذا الاتجاه المسرحي الى العراق فبادر ذاتيا لانتاج عدة مسرحيات في هذا المنحى منها الاستعراض الكبير ، الدربونة، بنادق الام جيرار للكاتب والمخرج الالماني برتولد برخت وحكاية الفلاح عبد المطيع للكاتب المصري سيد حافظ .
وقد جال بمسرحياته هذه معظم محافظات العراق وقدمها في اماكن مختلفة كالمقاهي والمصانع والحدائق والساحات العامة اجتذبت الالاف من الجمهور الذي اعجب بها وصفق لممثليها.
لقد تحمل الفنان سعدي يونس على عاتقه هذا النشاط وكان يحاول بقدراته الذاتية وفريقه المعدود ان يضىء بافكاره مساحات الوطن لكنه بعد جهود مصنية شعر بالاحباط نتيجة عدم الاهتمام من قبل المعنيين في الشأن الثقافي وانشغالهم بمجالات اخرى من شأنها تقديم المديح وتلميع صورة السلطة وتشديد الرقابة على الاعمال الثورية الناقدة لذلك قرر الفنان يونس مغادرة الوطن عائدا الى فرنسا مرة اخرى كي يتنفس عبق الحرية ويمارس عطائه الثر الذي مايزال من خلاله يضيف الجديد لرصيده الابداعي عبر مختلف النشاطات السينمائية والمسرحية والتمثيلية.
ولعل اخر اعماله هو مشاركته مع الكاتبة و المخرجة الفرنسية كارولينا جويلا في مسرحية أخوة” التي حملت اسم FRATERNITÉ بالفرنسية وهو عرض يقدم فكرة فلسفية وانسانية خلال ازمة عامة وظفت المخرجة عدد من فناني العالم ليجسد كل منهم ملمحا انثربولوجيا عن وطنه بلغته الاصل في توليفه فنية متداخلة و رائعة مازال العرض يقدم ضمن جولات منتظمة في مسارح العالم الشهيرة منذ العام الماضي وحتى الان.
سعدي يونس برغم غربته الطويلة ظل يحمل وجوده الوطني اينما اتجهت به الخطوات واينما استقر به المقام !!
………………
سعدي يونس،،،الشارع مسرحاً!!

بقلم: شوقي كريم حسن

iraqkhair

موقع مستقل يهتم بالشأن العراقي والعربي في جميع المجالات الاخبارية والاقتصادية والتقنية والعلمية والرياضية ويقدم للمتابع العربي وجبة كاملة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights