مقالات

سعد اليابس .. فخاريات تبهج

سعد اليابس : صديقي الكاتب الياباني كوبو .. حين انصت ذات ليلة بصرية مربدية وهو يشيل الدنيا ابتهاجاً دون ان يقعدها، نظر اليَّ مستغرباً وثمة اكثر من علامة دهشة ترتسم على محباه، من اين تأتي كل تلك الاصوات التي لاتملها الروح ولا ترفضها اذن؟!! مالذي يفعله هذا المبتسم بكومة الفخار تلك وهي يستطيع سواه فعل ما يفعل ؟!!
سعد اليابس .. فخاريات تبهج
ظل ذاك السؤال يطوف فوق الرؤوس مثل حمائم تريد اقتحام الضجيج من اجل الوصول الى دعة الاصوات وفوران عذوبتها ، الطبلة الفخارية التي يمنحها سعد اليابس من عنديات روحه صارت فارقة وجود بصرية، يسعى اليها الساعون اينما وجدت، لم يبق سعد اليابس رهين اخضرارات البصرة ولياليها الملاح بل امتدت باحلامها لتملأ عوالم ماعرفتها من قبل وما انتبهت اليها، حين يجلس اليابس جلسته البصرية الخليط بين هدوء النفس وتحفز الايقاع، تظل العيون مبصرة اليه، مالذي يمكن ان يحدث وكيف يستنطق اليابس هذا الجماد الفخاري الذي لاينطق بذات العذوبة والجذب الى من بين اصابعه المتحركة مثل اصابع ساحر عارف بما يمكن القيام به.
ذات ليلة بصرية ايام المربد في خلوة خصيبية وبعد انتصاف الليل، هجر اليابس تحفظاته، فراحت الطبلة تتقافز من بين يديه مانحة اعماقنا اضطراباً حرك سواكننا فرحنا نهز الرقاب ونحرك الاكف تصفيقاً، نغم اليابس طبلته التي يعرف اسرارها ويعرف وحده كيفيات فك طلاسمها.
سعد اليابس .. فخاريات تبهج
اليابس انسان لايمكن ان يغمض عينيه دون تمتمات ايقاعيه تسرح بمخيلته الى العوالم التي يظنها مليئة بالايقاعات كلغة تفاهم وتمجيد للموسيقى والغناء، تلك المهنة منحت سعد اليابس اشارة يختص بها لوحده، اشارة تقول ان الطبل الذي يستنطقة اليابس لابد وان يكون صناعته اناملة الشديدة الحساسية.
صناعة طبلة من طين البصرة يحتاج الى قياسات وتوقيتات وتراتيل تمزج بين اناشيد السياب و عروضيات الفراهيدي والكثير من الايقاعات الاتية عبر البحر من كل بقاع الدنيا، بهذا تستقيم الرؤيا وتستقر الارواح التي تخاف النشاز، في هاتيك المرة سألت اليابس، هل تطير الاقاعات من بين يديك مثلما تطير القوافي من بين يدي الشاعر؟….
ظلت روحه تتمتم لبعض الوقت، متأملاً اصابعه الغير عارفة للخدر، كلما تعالت الاكف هياماً، تصاعدت مرويات سعد يابس الايقاعية.
يمكن لليابس ان يصفن، ان يسافر بعيداً بعقله المليء بالمرويات لكن اصابعه لاتفارق السطح المنطلق بالمحاسن والمحسنات، اراه مرات يغمض عينيه ببطء ومايلبث ان يفتحهما على الاتساع مراقباً تاثير معازفه على الارواح التي
تعيش وجداً صوفياً خالصاً بين يديه، اخذة بنشوة الارتقاء لتضعها بين طيات كتب رضاها.
لم يكتف سعد اليابس بطبلته التي اينعت طبولاً سكنت اكف بصرية اخرى،لكنه درب حنجرته على كل مايرسم ملامح الطرب البصري الذي امتد حتى بحار الخليج العربي بمدنها المتباينة الذائقة حتى صار معلما من معالمها الموسيقية التي تتفاخر بها.
مثلما اسس السياب شعراً غير مسارات الشعر العربي بكامله، تمكن سعد اليابس ان يقدم ايقاعاً بصرياً خالصا تلاقفته الايقاعيات الباقيات ومزجته ليكون لوناً موسيقيا ادائياً مرافقاً يذكر المنصتين بهاتيك الادوار المزيجة بين التوسل والحزن الاتيه من عمق البحر ساعة هيمنة الظلام والشعور بالبعد والفراق’!!
حكاية سعد اليابس،،بل حكاياته تحتاج الى تدوينات وشروحات لتفقهها الايام القادمة ولا تنساها ابداً!!
………………
سعد اليابس…فخاريات تبهج!!

بقلم: شوقي كريم حسن‏ 

iraqkhair

موقع مستقل يهتم بالشأن العراقي والعربي في جميع المجالات الاخبارية والاقتصادية والتقنية والعلمية والرياضية ويقدم للمتابع العربي وجبة كاملة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights