شبكة عراق الخير
  • السيّدة نفيسة رضوان الله عليها

    السيّدة نفيسة رضوان الله عليها

    المرأة المتألّهة
    من دار أمير مصر السَّرِيّ بن الحكم، سُمِعَت أصوات مِسْحاة تحفر الأرض وتلقي بالتراب جانباً، لكنّ هذه الدار ليست لأمير مصر اليوم، فقد كان وهَبَها إلى السيّدة المكرّمة نفيسة العابدة إحدى ذراري الإمام الحسن المجتبى عليه السّلام.
    وإذا كانت نفيسة رضوان الله عليها هي المشغولة بحفر ذلك القبر، فلِمَن يا تُرى يكون القبر ؟! ثمّ إنّ السيّدة نفيسة لم تكن يومها على حالٍ مِن الكِبَر أو العجز، ولم يكن داهمها مرض.. إلاّ أنّ شوقها للقاءِ بارئها قد اشتدّ عليها، وعَزَفت عن الدنيا وزينتها، وتهيّأت لنوال سحائب الرضوان، فأخذت تنزل كلَّ يوم إلى ذلك القبر الذي حفَرَته بيدها لتعبدَ الله تبارك وتعالى فيه، وتتذكّر الآخرة، وذا أوّل منازلها.. القبر، حيث تحلو فيه النوافل وتلاوة القرآن الكريم، فكان لها منه خَتَمات وفيرة أهْدَت ثوابها إلى أرواح المؤمنين.
    وفُوجئ الجميع أن كتبت السيّدة نفيسة كتاباً إلى زوجها السيّد إسحاق المؤتَمن ابن الإمام جعفر الصادق عليه السّلام، تطلب منه موافاتها؛ لإحساسها بِدُنوّ أجَلها، وقُرب مفارقتها لدنياها وإقبالها على أُخراها. إلى أن حَلَّت أوّلُ جمعةٍ من شهر رمضان، فاشتدّ عليها الألم وهي صائمة لا ترى شفاءً في إفطارها، وهي تُنشد هذه الأبيات:
    اصرِفوا عنّي طبيبي ودَعُـوني وحـبيبي
    زادَ بِـي شوقي إليهِ وغـرامي في لهيبِ
    طاب هَتْكي في هواهُ بـين واشٍ ورقـيبِ
    لا أُبـالـي بِـفَواتٍ حيث قد صار نصيبي
    جَسَدي راضٍ بِسُقْمي وجُـفوني بـنحيبي

    ودنا منها الأجل في العشر الأواسط من شهر الله، واشتدّ بها المرض، فاستَفْتَحت بقراءة سورة الأنعام تقرأ آياتها، حتّى إذا تَلَت قولَه تعالى: قُلِ للهِ كَتَبَ على نَفْسِه الرحمة
    فاضت روحها الطاهرة، وقيل: إنّها قُبَيل وفاتها قرأت: لَهُم دارُ السَّلامِ عِندَ رَبِّهِم وهُوَ وَليُّهُم بِما كانُوا يَعملُون
    فغُشِي عليها وانتَقَلَت إلى رحمة ربّها.
    قالت زينب ابنة أخيها: فضَمَمتُها إلى صدري، فإذا بها تشهد شهادة الحقّ، وقُبِضت. وكان ذلك في سنة 208 هجريّة.
    وقد أوْصَت السيّدة نفيسة رضوان الله عليها ألاّ يتولّى أمرَها غير بَعلها، وكان مسافراً، فكان قدومه في ذلك اليوم. وقد هيّأ لها تابوتاً وقال: إنّي لا أدفنها إلاّ بالبقيع عند جَدّها المصطفى صلّى الله عليه وآله، فتعلّق بجنازتها أهل مصر، وسألوه مُلحّين متوسّلين بالله عزّوجلّ أن يدفنها عندهم فأبى، فاجتمعوا وذهبوا إلى عبدالله بن السَّرِيّ أمير مصر، وتوسّلوا به إلى إسحاق المؤتمن أن يدفنها عندهم، خاصة وأنّ السيّدة كانت حَفَرت قبرها بيدها في دارها، فسأله الأمير في ذلك وقال له: باللهِ لا تَحرِمنا مِن مشاهدة قبرها؛ فإنّا كنّا إذا نزل بنا أمرٌ جئنا إليها في دارها في حياتها نسألها الدعاء، فما تنتهي من دعائها إلاّ وقد كشف الله عنّا ما نزل بنا، فَدَعْها لتكون في أرضنا، فإذا نزل بنا أمرٌ جئنا إلى قبرها فسألْنا اللهَ تعالى عنده، فأبى إسحاق، فجمعوا له الأموال فأبى!
    بات الناسُ تلك الليلة في ألمٍ عظيم، وهَمٍّ مقيم، فلمّا أصبحوا فاجأهم إسحاق بأن أجابهم عن طِيبِ خاطر إلى دفنها عندهم، وردّ عليهم مالهم، فسألوه عن سبب ذلك فقال: رأيتُ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله في المنام فقال لي: يا إسحاق، رُدَّ على الناس أموالهم وادفِنْها عندهم. ففرح القوم، وأخذوا يكبّرون. واجتمع الناس وأوقدوا الشموع تلك الليلة، وسُمِع البكاء على السيّدة نفيسة مِن كلّ دارٍ بمصر، وعَظُم الأسف والحزن عليها، وصُلِّيَ عليها بمشهدٍ حافل، ودُفنت في القبر الذي حَفَرَته هي بيدها رضوان الله عليها


    القبر الزاهر
    وكان السَّرِيّ أمير مصر وبَنُوه الأمراء يبجّلون السيّدة نفيسة ويُعظّمونها، فأمر عبدالله بن السريّ بأن يُبنى لها مَقامٌ على قبرها ،
    ثمّ أمر الحافظ لدين الله عبدالمجيد بن محمد بن المستنصر بالله ـ من خلفاء الدولة الفاطميّة ( ت 544 هـ ) ـ ببناء قبّة على قبرها الشريف، وبناء مدفن للفاطميّين بجوارها من الجهة الغربية. ثمّ أخذ الكثيرون في بناء القبور لهم ولذويهم حول ضريح السيّدة نفيسة رضي الله عنها؛ تبرّكاً بجوارها.
    وكان مكتوباً على باب المقام هذان البيتان للشافعيّ:
    يـا آلَ بـيتِ رسـولِ اللهِ حُبُّكُمُ فَـرضٌ مِن اللهِ في القرآنِ أنْزَلَهُ
    يـكْفيكُمُ مِـن عـظيمِ القَدْرِ أنّكُمُ مَن لم يُصَلِّ عليكُم لا صلاةَ لَهُ


    من هي السيّدة نفيسة ؟
    عرّفها البعض بأنّها: سيّدة أهل الفتوّة، والسيّدة الشريفة العَلَوية، وصاحبة الكرامات الوفيرة، والمناقب الفاخرة الكثيرة. مُشْبِعة المحروم، النقيّة الزاهدة، الراكعة الساجدة، المُحدِّثة المتبحّرة، الكثيرة النفحات، الغزيرة البركات، سليلة النبوّة، وكريمة العنصر والمنبت من آل بيتٍ اصطفاه الله تبارك وتعالى.
    وقد كلّلها الله جَلّ وعلا بهذه الألقاب الشريفة:
    1ـ نفيسة الدارَين: لعَوارفها، وشفاعتها، وتواضعها لبارئها، ورحمتها وبِرّها وصلتها لذويها وقاصديها.
    2 ـ ونفيسة العِلْم: لما استنبَطَته من دخائل العلم واستَجْلَته من غوامضه، وما نَثَرَته على طالبي الاستفادة، فرجع الناس إليها في حلّ المشكلات والمعضلات.
    3 ـ وهي نفيسة الطاهرة: لتقواها وتعبّدها، ونقائها وصفائها.
    4 ـ وهي نفيسة العابدة: السائحة في طاعة الله وتقديسه، الصالحة القانتة، المصلّية الصائمة، حجّت مرّاتٍ ومرّاتٍ ماشيةً على قدميها، حتّى إذا تعلّقت بأستار الكعبة قالت:
    « إلهي وسيّدي ومولاي، مَتِّعْني وفَرِّحْني برِضاك عنّي، فلا تُسبِّبْ لي سَبَباً يَحجبُك عنّي » .
    5 ـ وهي نفيسة المصريّين: لحبّ أهل مصر لها، وإجلالهم لها، حتّى أنّها يوم عزمت على الرحيل إلى بلاد الحجاز شقّ ذلك على أهل مصر، وسألوها الإقامة عندهم .

    المولد المبارك
    وُلِدت هذه السيّدة الطاهرة في مكّة المكرّمة في الحادي عشر من شهر ربيع الأوّل سنة 145 هجريّة. وقد عمّت الفرحةُ أكنافَ بيتها، وابتهج والدها لِما رأى في سيماها شَبَهاً عجيباً بأخته السيّدة نفيسة بنت زيد رضي الله عنها، فاختار لها اسم عمّتها متفائلاً أن تكون كذلك نفيسة.
    ووالدها هو أبو محمّد الحسن الأنور ( والد جدّ عبدالعظيم الحسنيّ المدفون بالريّ جنوب طهران )، ابن زيد الأبْلَج، ابن الحسن السِّبط المجتبى سيّد شباب أهل الجنّة، ابن أمير المؤمنين عليِّ بن أبي طالب عليهم أفضل الصلاة وأزكى السلام. وكان الحسن الأنور عالماً جليلاً، معدوداً من التابعين، كما كان مُجابَ الدعوة فاضلاً شريفاً. أصبح مدّةً والياً على المدينة إلى أن عزله المنصور لوشايةٍ فيه، مع أنّه كان ذا حزمٍ في ولايته وشدّةٍ في أخذ الناس بالحدود وحُرُمات الله .
    ومن كراماته أنّه كان يوماً في الأبطَح، فمرّت به امرأة معها ولدها، فاختطفه عُقاب، فسألتِ الحسنَ بن زيد أن يدعو اللهَ لها بردّهِ، فرفع يديه إلى السماء ودعا ربَّه، فإذا بالعُقاب قد ألقى الصغير مِن غير أن يضرّه شيء .
    أمّا أمّها فأمّ ولد، وأمّا إخوتها فأمّهم أمُّ سَلَمة زينب بنت الحسن المثنّى ابن الإمام الحسن ابن الإمام عليّ عليهم السّلام.

    النشأة والاقتران
    نشأت السيّدة نفيسة رضي الله عنها نشأةً طيّبة كريمة، دَرَجَت بمكّة المكرّمة تحوطها العزّة والكرامة، ثمّ استصحبها أبوها ـ وهي في الخامسة من عمرها ـ إلى المدينة المنوّرة برسول الله صلّى الله عليه وآله، فعلّمها رحمه الله ما تحتاج إليه من أمور دينها ودنياها. ثمّ تلقّت الحديث والفقه، وسمعت تاريخ دينها وتاريخ أُسرتها النبوية الشريفة.
    ولصلاحها وتقواها وعبادتها، رَغِب فيها فِتيان آل البيت عليهم السّلام، فأبى أبوها عليهم وقد رآها مُقْبِلةً على العلم والعبادة، حتّى تقدّم إليها إسحاق المؤتمَن ابن الإمام الصادق صلوات الله عليه، فلم يُعطِه أبوها جواباً، فقام إسحاق ووقف تجاه قبر النبيّ صلّى الله عليه وآله بخشوعٍ وإجلال يخاطبه: يا رسول الله، إنّي خطبتُ نفيسة بنت الحسن من أبيها فلم يَرُدّ علَيّ جواباً، وإنّي لم أخطبها إلاّ لخيرها ودينها وعبادتها. وفي تلك الليلة ذاتها رأى أبوها جَدَّه المصطفى صلّى الله عليه وآله في رؤيا صالحة وهو يقول له: « يا حَسَن، زوِّجْ نفيسة مِن إسحاق المؤتمن »، فما أفاق حتّى بعث إلى إسحاق يستدعيه إليه، فسارع إليه، وعُقِد له في جمعٍ من ذراري بيت رسول الله، وكان ذلك سنة 161 هجريّة . وبعد أن جهّزها أبوها تزوّجها إسحاق في دار أبيه جعفر الصادق بالمدينة، وهي الدار التي كان يُسقى فيها الماء الذي تصدّق به الإمام الصادق عليه السّلام، فكان أن التقى النُّوران: الحسنيّ، والحسينيّ.. فنفيسة من أحفاد الإمام الحسن، وإسحاق مِن أحفاد الإمام الحسين صلوات الله عليهما.

    وكان إسحاق الموتمَن من أهل الفضل والاجتهاد والورع والصلاح، رُوي عنه الكثير من الأحاديث والأخبار والآثار. قال ابن عنبة: وأمّا إسحاق بن جعفر الصادق، ويُكنّى أبا محمّد ويُلقَّب بالمؤتمن، فقد وُلِد بالعُرَيض ـ وهو وادٍ بالمدينة ـ وكان من أشبه الناس برسول الله صلّى الله عليه وآله، وكان محدِّثاً جليلاً. وكان سفيان بن عُيَينة شيخ الشافعيّ إذا ما روى عنه قال: حدّثني الثقة الرضا إسحاق بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين رضي الله عنهم .
    وقد أثمر الاقتران الطيّب بين نفيسة وإسحاق عن وَلَدَين، هما: القاسم، وأمّ كلثوم. قَدِم إسحاق مصر، ولم يمكث بعد وفاة زوجته الطاهرة نفيسة زمناً كثيراً، حيث تُوفّي في مصر ودُفن هناك، وإن قيل بأنه رضوان الله عليه رحل هو وولداه القاسم وأم كلثوم إلى المدينة بعد وفاة زوجته، وتُوفي هناك.


    منزلة السيّدة نفيسة

    ما إن فتحت السيّدة الزاكية نفيسة بنت الحسن مسامعها على ما حولها حتى أخذت تعي آيات كتاب الله العظيم، وقد أحاطها بالعناية أبٌ صالح وأمٌّ عابدة، طالما تَلَيا القرآن الكريم وترنّما بالأدعية الشريفة فانتهت إلى مسمعها الطاهر، فنشأت رضوانُ الله عليها بين المعارف والعبادات، تسمع أحاديث جَدِّها المصطفى صلّى الله عليه وآله فتُشغَف بها، ثمّ ترويها عن أبيها وآل بيتها.
    وقد حفِظت القرآن وتعلّمت تفسيره، وكانت تقرأ وتبكي، ثم تدعو: إلهي وسيّدي، يَسِّرْ لي زيارة خليلك إبراهيمَ عليه السّلام. وحين بلغت المزار، وقفت بين يَدَي جَدَث الخليل عليه السّلام وأجهشت بالبكاء بكاء السرور؛ لِتحقُّقِ أُمنيّتها، ثمّ جلست لتقرأ في خشوع آيات الله التي وردت في إبراهيم عليه السّلام: وإذْ قالَ إبراهيمُ رَبِّ آجعَلْ هذَا البلَدَ آمِناً.. إلى آخر سورة إبراهيم، فأحسّت بعد ذلك التفكّر والخشوع أنّ الخليل واقف أمامها يخاطبها: ابنتي يا نفيسة، أبْشِري فإنّكِ من الصالحات القانتات.. ثمّ أرشدها وأوصاها ببعض وصاياه الأبويّة الشريفة .
    وفي شأن طاعاتها المتواصلة، قالت ابنة أخيها زينب بنت يحيى المتوَّج ابن الحسن بن زيد: خدمتُ عمّتي السيدةَ نفيسة أربعين سنة، فما رأيتها نامت بِليل، ولا أفطرت بنهار إلاّ العيدينِ وأيّامَ التشريق، فسألتها: أما تُرفقين بنفسِك ؟ فقالت: كيف أرفق بنفسي وأمامي عقباتٌ لا يَقطعَهُنّ إلاّ الفائزون ؟!
    وكانت السيّدة نفيسة ورعةً زاهدة، ذاكرةً عابدة، تقضي أكثر أوقاتها في معبدها أو حرم جَدّها رسول الله صلّى الله عليه وآله. وكانت من أهل الآخرة، الموتُ نصب عينيها، وحفرة قبرها أمامها كانت أعدّتها بنفسها وبيديها، كما كانت متفكّرةً ليلَها ونهارها، تستلهم العِظات، وتستوحي الصالحات.
    وهي إلى ذلك زوجة صالحة مخلصة، افتخَرَ بها زوجها المؤتمَن، إذ وجَد فيها نعمةَ الله عليه.. وإلى ذلك كانت السيّدة النفيسة أمّاً حنوناً ترعى اللهَ في أولادها، فتُغدق عليهم عطفها ورأفتها، وتؤدّبهما وتربيهما على الخير والعفاف والصلاح والديانة.
    ثمّ إنّ هذه المرأة الخيّرة الصالحة النفيسة، كانت تجتمع بذوي الحاجات من الناس، وتستمع إلى المحرومين وأهل الفاقة، فتمدّ لهم يد الإعانة والسخاء.
    وأمّا أخلاقها، فهي إرثٌ نبويّ تضمّن كرمَ الخُلُق وشرف الطبع، ومكارم السجايا، فترشّح عن ذلك: كلُّ خيرٍ وفضلٍ، ورحمةٍ وإنسانيّة، وحُسنِ معاشرةٍ وتعاملٍ طيّبٍ كريم.

    من كراماتها
    لهذه السيّدة الجليلة كرامات وافرة في حياتها، وبعد وفاتها. ذكر منها ابن حجر نحواً من مئةٍ وخمسين كرامة، لا على سبيل الحصر بل على سبيل المثال. وقد اخترنا من كرامات هذه السيّدة كريمة الدارين وسلالة أهل البيت، هذه الكرامات:
    1 ـ عن سعيد بن الحسن قال: توقّف النيل بمصر في زمن السيّدة نفيسة رضي الله عنها، فجاءها الناس وسألوها الدعاء، فأعطَتْهم قِناعها، فجاؤوا به إلى النهر وطرحوه فيه، فما رجعوا حتّى زَخَر النيل بمائه، وزاد زيادةً عظيمة
    2 ـ ازدحمت الخيل على أُمّها، وكانت تحملها وهي طفلة رضيع لم تتجاوز نصفَ عام، فأشارت وهي في حضن أمها بيدها الكريمة بردّ الخيل، فردّها الله عزّوجلّ ببركتها؛ إعلاماً بما يكون لتلك الطفلة في مستقبل أيامها من علوّ شأنٍ ورفعةٍ وقَدر.
    3 ـ قال القضاعي ـ وهو من علماء الشافعيّة وفقهائها ومؤرّخيها ومفسّريها ـ: قلت لزينب ابنة أخيها: ما كان قُوت عمّتِك ؟ فقالت: كانت تأكل في كلّ ثلاثة أيّام أكلة، وكانت لها سلّة أمام مُصلاّها، فكلّما طلبت شيئاً وجَدَتْه في تلك السلّة، وكانت لا تأخذ شيئاً إلاّ من زوجها أو ما يَحبُوها به ربُّها .
    4 ـ وكان الشافعيّ إذا مَرِض يرسل إليها رسولاً مِن قِبَلهِ، كالربيع الجيزي أو الربيع المرادي، أو غيرهما من أصحابه، فيُقرئها سلامَه ويقول لها: إنّ ابن عمّك الشافعي مريضٌ ويسألكِ الدعاء، فتدعو له. فلا يرجع إليه رسوله إلاّ وقد عُوفي من مرضه .
    5 ـ وكان الناس يُهرَعون إليها في كلّ مقصدٍ وحاجة، يسألونها الدعاء، فلا يلبثون حتّى يجبر اللهُ كسرَهم، ويقضيَ حاجاتهم، ويفرّج كروبهم، ويكشف عنهم همومهم، فكانوا يزدحمون عند بابها. وقد قال لها زوجها إسحاق المؤتمن يوماً ما: ارحَلي بنا إلى الحجاز، فقالت له: لا أستطيع؛ لأنّي رأيت رسول الله صلّى الله عليه وآله في المنام وقال لي: لا ترحلي مِن مصر؛ فإنّ الله تبارك وتعالى مُتوفّيكِ فيها.
    وذُكرت للسيّدة نفيسة كرامات كثيرة اشتهرت في حياتها، لم نُدرجها لضيق المقام.. أمّا بعد وفاتها رضوان الله عليها، فقد ظهرت من قبرها المبارك كرامات كثيرة أيضاً، فاحت نفحاتها على المحبّين الموالين، يطول بيان تلك الكرامات، فنكتفي منها بهذه الشذرات النيّرة:
    1 ـ قال أبو موسى: دخلتُ إلى ضريحها، فوضعتُ يدي على الضريح، ( يبدو أنّه لم يُراعِ الحُرمة في إجلال المقام الشريف )، قال: فسمعتُ قائلاً: أهكذا تَدخلُ على أهلِ بيت النبوّة ؟!
    2 ـ وقال عبدالوهاب الشعرانيّ الحنفي صاحب ( الطبقات الكبرى ): دخلتُ أنا إلى قبر السيّدة نفيسة مرّة، فوقفت على باب مشهدها الأوّل أدباً، ودخل أصحابي إلى قبرها، فلمّا نِمتُ جاءتني وعلى رأسها مِئْزرُ صوف أبيض، وقالت لي: أنا نفيسة، فإذا جئتَ للزيارة فادخل إلى قبري؛ فقد أذِنت لك. فمِن ذلك اليوم وأنا أدخل لزيارتها، وأجلس تجاه وجهها.
    وقال الشعرانيّ أيضاً: رأيت في كلام الشيخ أبي المواهب الشاذلي أنّه رأى النبيَّ صلّى الله عليه وآله فقال له: يا محمّد، إذا كان لك إلى الله تعالى حاجة، فانذُرْ لنفيسة الطاهرة ولو بدرهم، يَقْضِ الله تعالى حاجتك.
    3 ـ وعن الشيخ محمّد علي خَلَف الحسيني؛ أنّ جاراً له كُفّ بصره، وعانى ما عانى، وصرف الكثير من أجل شفائه، فعجز عنه الأطباء، فذهب يوماً لزيارة المشهد النفيسي، وأخَذَتْه هناك سِنةُ نوم، فرأى كأنّ السيّدة نفيسة قد دخلت عليه ووضعت شيئاً في عينَيه، فأفاق من نومه وقد رجع إليه نورُ بصره، بل وزاد ضياؤه وأصبح بصيراً، فأصبح يداوم على زيارتها رضوان الله تعالى عليها .
    • قال المقريزيّ في خططه: وقبر السيّدة نفيسة رضي الله عنها أحد المواضع المعروفة بإجابة الدعاء بمصر، وهي أربعة مواضع: سجن نبيّ الله يوسُف الصدّيق عليه السّلام، ومسجد موسى صلوات الله عليه، ومشهد السيّدة نفيسة رضي الله عنها، والمخدع الذي على يسار المصلّى في قِبلة مسجد الأقدام بالقَرافة.
    • وقال السخاويّ: لم يزل الصالحون والأئمّة والفقهاء والقرّاء والمحدّثون والعلماء يزورون مشهد السيّدة نفيسة رضي الله عنها، ويَدْعُون عنده، وهو مجرّب بإجابة الدعاء .
    وقال بعض الصالحين: إنّ الله تعالى وكّل بقبرها مَلَكاً يقضي حاجات الناس، رضي الله عنها .

    زيارتها
    انطلاقاً من إجلال المقام السامي للسيّدة العلَويّة المكرّمة نفيسة حفيدة رسول الله وأمير المؤمنين وفاطمة سيّدة نساء العالمين، من نسل الإمام الحسن المجتبى صلوات الله عليه، واستفادةً من بعض الروايات العباديّة.. يرى البعض أنّ على مَن يزور مقامَ كريمة الدارين أن يبدأ بصلاة ركعتَينِ لله تعالى؛ تحيةً لمسجدها، ثمّ يتّجه إلى ضريحها بخشوع وهو يقول: رحمةُ اللهِ وبركاتُه عليكم أهلَ البيت، إنّه حميدٌ مجيد. اَللّهمّ إنّك قد نَدَبتَني إلى أمرٍ قد فَهِمتُه واعتقدته، وجعلتَه أجراً لنبيّك محمّدٍ صلَّى الله عليه وآلهِ، الذي هَدَيتَنا به إليك، ودَلَلتَنا به عليك، فكان كما قلت: وكانَ بِالمؤمنين رحيماً ، وتلك الفريضةُ التي سألتَها له وهي المودّةُ في القُربى. اَللّهمّ زِدْهم شرفاً وتعظيماً، وهَبْ لنا بزيارتهم مغفرةً وأجراً عظيماً.
    السلامُ عليكم يا بني المصطفى، يا بني فاطمةَ الزهراء.
    السلامُ عليكِ يا نفيسةَ العلم، يا كريمةَ الدارَين وجناحَ الرحمة.
    السلامُ على آلِ بيتِ رسولِ الله صلّى الله عليه وآله، اللّهمّ صَلِّ على محمدٍ وآلِ بيتٍ محمّد... اَللّهمّ بلِّغْني ما أمّلتُ ورجوت، وأعِدْ علَيّ وعلى المسلمين من بركاتِهم ونَفحاتِهم يا ربَّ العالمين. وسلامٌ على عبادِه الذينَ آصطفى،
    والحمدُ للهِ ربِّ العالمين
    هذا من باب جواز إنشاء الزيارة في مشاهد الأولياء والصالحين وعند أضرحتهم وقبورهم بما يناسب شأنهم، كما عليه معظم علماء المسلمين.. قال الموفّق بن عثمان: كان بعض السَّلَف يزور السيّدة نفيسة رضي الله عنها فيقول عند ضريحها:
    السلامُ والتحيّةُ والإكرامُ والرضى، مِن العليِّ الأعلى، على السيّدةِ نفيسة سُلالةِ نبيِّ الرحمة، وشفيعِ الأُمّة، مَن أبوها عَلَمُ العِترة، وهو الإمامُ حيدرة. السلامُ عليكِ يا بنتَ الإمامِ الحسن المسموم، أخي الإمامِ الحسينِ المظلوم. السلامُ عليكِ يا بنتَ فاطمةَ الزهراء، وسلالةَ خديجةَ الكُبرى. رضيَ اللهُ عنكِ، وعن أبيكِ وعمِّكِ وجَدِّكِ، وحشَرَنا اللهُ في زُمرتِهِم أجمعين. اَللّهمّ بِحقِّ ما كان بينَك وبينَ جَدِّها محمّدٍ صلّى الله عليه وآله ليلةَ المعراج، اجعَلْ لنا مِن أمرِنا الذي نَزَلَ بنا بابَ آنفراج، وآقْضِ حوائجي في الدنيا والآخرة، بمحمّدٍ وآله أجمعين.
    هذا، وكان بعضهم يدعو بدعاءٍ آخَر يقول فيه:
    السلامُ والتحيّةُ والإكرام، على أهلِ بيتِ النبوّةِ والرسالةِ الكرام، السلامُ والرحمة على نفيسةَ بنتِ الحسنِ الأنورِ آبنِ زيدِ الأبلجِ آبنِ الحسنِ السِّبطِ آبنِ عليٍّ وآبنِ فاطمةَ الزهراءِ رضيَ اللهُ عنهم.
    أنتم غِياثٌ لكلِّ قوم، في اليَقَظةِ والنوم، فلا يُحرَمُ فضلَكُم إلاّ محروم، ولا يُطرَدُ عن بابِكُم إلاّ مطرود، ولا يُواليكم إلاّ مؤمنٌ تقيّ، ولا يُعاديكُم إلاّ منافقٌ شقيّ.
    اَللّهمّ صَلِّ على سيّدنا محمّدٍ وعلى آله، وأعطِني خيرَ ما رجوتُ بهم، وبلِّغْني خيرَ ما أمّلتُ فيهم. يا آلَ بيتِ المصطفى، إنّما السرورُ والسلامة فيكم، جئتُكم قاصداً فَبِاللهِ آقبلوني، فقد حُسِبتُ عليكم. اَللّهمَّ:
    إنّـي ألُـوذُ بِـحُبِّ آلِ محمّدٍ أرجـو لـذلك رحمةَ الرحمانِ
    مِـنّي الـدعاءُ بِحبِّهِم لكَ دائماً يا دائمَ المعروفِ والغفرانِ

    وكان بعضهم يقف على ضريح السيّدة نفيسة رضي الله عنها فيقول:
    يـا ربِّ إنّـي مؤمنٌ بمحمّدٍ وبـآلِ بيتِ محمّدٍ.. ومُوالي
    فـبِحقِّهِم كُـنْ لي شفيعاً مُنقِذاً مِن فتنةِ الدنيا وشرِّ مَآلي

    كما كان بعض السلف إذا دخل ضريح السيّدة قال:
    إنّما يُريدُ اللهُ لِيُذهِبَ عنكُمُ الرِّجْسَ أهْلَ البيتِ ويُطَهِّرَكُم تطهيراً ، رحمةُ اللهِ وبركاتُه عليكم أهلَ البيت، إنّه حميدٌ مجيد. اَللّهمّ إنّي نازلٌ إليك بأعتابِهِم، مُتقرّبٌ بولائِهم، مُتذرِّعٌ بالطاهرين مِن رجالِهم والطاهراتِ مِن نسائِهِم. اَللّهمّ زِدْهم شرفاً وتعظيماً، وشرِّفْهم حادثاً وقديماً، وهَبْ لنا مِن زيارتِهم مغفرةً وأجراً عظيماً.
    السلامُ عليكُم يا آلَ بيتِ المصطفى، يا بني فاطمةَ الزهراء، يا بني عليّ المرتضى، يا بني الحسن والحسين. يا أهلَ النبيّ، أنتمُ القوم، لا يُحرَمُ مِن خيرِكُم إلاّ محروم، ولا يُطرَد مِن بابِكُم إلاّ مطرود، ولا يُواليكم إلاّ تقيّ، ولا يُعاديكُم إلاّ شقيّ. اَللّهمّ صَلِّ على محمّدٍ وعلى آل محمّد... وعلى ذُرّيّة محمد. اَللّهمّ أنِلْني ما رَجَوتُ بِهِم، وبَلِّغْني ما أمّلتُ فيهم، وأعِدْ علَيّ مِن بركاتِ السعي إليهم، وهَوِّنْ علَيّ موقفي بين يَدَيك بالوقوف بين أيديهم.
    ثمّ يقرأ الفاتحة، ويدعو بقضاء حوائجهِ في أمر دنياه وأُخراه.
    وهنالك زيارات أخرى يقرأها المحبّون عند الضريح المبارك في حالةٍ من الخشوع والتعظيم والإجلال، ثمّ يُنشِدون هذين البيتين:
    يـا بَني الزهراءِ والنورُ الذي ظَـنّ مـوسى أنّـه نارُ قَبَسْ
    لا أُوالـي الـدهرَ مَن عاداكُمُ إنّهم آخِرُ سطرٍ في عَبَسْ

    إشارة إلى قوله تعالى: أُولئكَ هُمُ الكَفَرةُ الْفَجَرَة
    قال الأستاذ توفيق أبو علم: وقد قال بعض السلف الصالح من العارفين: مَن كان في شدّةٍ وكَرْب وأراد تفريجه عنه، فَلْيتوجَّهْ لكريمة الدارين السيّدة نفيسة رضي الله عنها، ولْيَقُل عند قبرها بعد قراءة الفاتحة مرّة والإخلاص إحدى عشرة مرّة، وسبّح كذلك، ثمّ يقول:
    كـم حـاربَتْني شـدّةُ بـجيشِها فضاق صدري مِن لقاها وآنزَعَجْ
    حـتّى إذا آيَـسْتُ مِـن زوالِها جـاءتنيَ الألطافُ تَسعى بالفَرَجْ

    ثماني عشر مرّة، فإنّ الله تعالى يفرّج عنه كَرْبَه، ويقضي سُؤْلَه .
    هكذا توارث ذلك أهلُ مصر، وعملوا به.

    في شعر المحبّين
    كما حاول المحبّون لأهل البيت عليهم السّلام تخليد ذراري النبيّ صلّى الله عليه وآله مِن خلال إقامة أضرحتهم وإعمار قبورهم وتشييدها، وزيارة مراقدهم وتجليلها، كذلك نظموا القصائد الفاخرة في مدحهم وتمجيدهم وإعلاء شأنهم. والسيّدة نفيسة رضوان الله عليها كأهل بيتها حَظِيت بشعرٍ وافر مِن قِبَل الأدباء والشعراء والفضلاء، إقراراً منهم بفضائلها، ونشراً لمناقبها. وكان من بين هؤلاء الناظمين الشيخ أحمد محمّد الكِناني، حيث قال في قصيدةٍ له:
    بِـهذي الرحابِ رحابِ الكرامْ أنَـختُ رِكـابي، فحاشا أُضامْ
    وكـيف وإنّـي مُـحِبٌّ لَـهُم بـتلك الـمَغاني هَوىً وغَرامْ!
    فـما القلبُ يصبو إلى غيرِها ورؤيـةُ عـيني سِواها حَرامْ
    إذا زادَ سُـقْمي وعَـزَّ الشِّفاء فـقُربيَ مِـنها يُـزيلُ السُّقامْ
    وإن لـم أُمَـتِّعْ بـها ناظِري فـأنّى لِـعَينَيَّ طِيبُ المَنامْ ؟!
    كَـلِفتُ صـغيراً بتلك الربوع وقـلبي يَـحِنُّ لـتلك الـخِيامْ
    ولـيس عـجيباً.. فـإنّ بِـها مَـقامَ نـفيسةَ بِـنتِ الـكِرامْ
    نـفيسةُ ذاتُ الـعلومِ، ومَـن مِـنَ اللهِ فـازَت بـأعلى مَقامْ
    كـشـمسِ الـنهارِ كـراماتُها وكـم مِن دليلٍ على ذاك قامْ!
    فـكم مِـن أخـي شِقْوةٍ أَمَّها فـعادَ سـعيداً ونـالَ الـمُرامْ
    وكـم مِـن حـزينٍ أتاها فَعادَ قَـريرَ الـعُيونِ عَـلاهُ ابتسامْ
    أسـيّـدتي إنّـنـي واقـفٌ بِـبابِكِ أرجـو.. وَجُودُكِ عامّْ
    نَـعَم، إنّـني لـم أكُنْ صالحاً وإنّ ذنـوبي عِـظامٌ جِـسامْ
    ولـكنْ نـزلتُ بـساحةِ مَـن تُجيب الضعيفَ إذا الدهرُ ضامْ
    فـأنتِ رجـائيَ بَـعدَ الإلـه ومَن جاء هذا الحِمى لا يُضامْ
    وجَـدُّكِ طـه شـفيعُ العُصاة وغَـوثُ الخلائقِ يومَ الزِّحامْ
    عـليه مِـن اللهِ فـي كلِّ آنٍ أجَـلُّ الـصلاةِ وأزكى السلامْ

    • وقال الشيخ أحمد الحامي في مدح السيّدة نفيسة وزيارتها:
    يـا صاحِ إن رُمتَ الحياةَ الفاخره فـآقصدْ حِمى بنتِ الكرامِ الطاهره
    ذاتِ الـكراماتِ الـمُعظَّمةِ الـتي أسـرارُها بـين الخلائقِ ظاهره
    وبـها تَـوسَّلْ وآحْـتَمِ بِجِوارِها وآذكُـرْ مُصابَك تَلْقَها لك ناصره
    فـهيَ الـمُنجّيةُ الشبابَ مِن العذا بِ مُـغيثةُ الملهوفِ شمسُ الدائره
    كـم جـاءها ذُو فاقةٍ يرجو الغِنى جَـبَرَت بتيسير المعايشِ خاطرَه
    فـآغنَمْ وسَـلْ بمَقامِها تُعطَ المُنى فـعَلَى الـدوامِ لـزائريها حاضره
    وآدخُـلْ وطُفْ وآسْعَ وسَلْ بتأدُّبٍ مـا تـشتهيهِ ونـادِها: يا طاهره
    إنّـي قـصدتُكِ مُـستغيثاً لائـذاً مُـستعطِفاً أهـلَ القلوبِ العامره
    حـاشا وكَـلاّ أن يُـضامَ نزيلُكُم أو أن يـعودَ بـصفقةٍ هي خاسره
    يـا كـعبةَ الأسـرارِ، جئتُكِ لائذاً أبغي النَّدى مِن وَكْفِ كفٍّ عاطره
    يـا بـنتَ طـه أنقِذي مَن لم يَجِدْ جاهاً سوى ذي المعجزاتِ الظاهره

    • وقال الأستاذ أحمد فهمي محمّد:
    قِـفْ لائـذاً بـسليلةِ الـزهراءِ بـنـتِ الـنبيّ كـريمةِ الآبـاءِ
    ذاتِ العُلى والمَكْرُماتِ « نفيسةٍ » بـنتِ الأمـيرِ وسـيّدِ الـكُرَماءِ
    وكـريمةِ الـدارَينِ سيّدةِ الحِمى غـوثِ اللهيـفِ وفُـرجةِ الغَمّاءِ
    فـآقصدْ حِـماها راجـياً متوسِّلاً وآرفَـعْ أكْـفَّ ضَـراعةٍ ودُعاءِ
    فـهناك مَـهبِطُ رحـمةٍ وشفاعةٍ وبــه يَـنابيعٌ مِـن الـنَّعْماءِ
    الـفَيضُ فـي جَنَباتِه.. ومَقامُها حَـرَمٌ مـن الـبأساءِ والضرّاءِ
    والـنورُ يَسطعُ في حَفافَي قبرِها نـورُ الـنبوّةِ فـي سَنىً وسَناءِ
    فاللهُ يـنـفعُنا بـهـا وبِـجَدِّها واللهُ يـكـتبُنا مَــعَ الـسُّعَداءِ

    • وقال شرف الدين محمّد بن سعيد البُوصيريّ صاحب البُردة والهمزيّة، مادحاً السيّدةَ نفيسة وآل البيت رضي الله عنهم، في قصيدةٍ طويلة اخترنا منها هذه الأبيات:
    جَـنـابُكِ مـنه تَـستَفيدُ الـفوائدُ ولـلناسِ بـالإحسانِ مـنكِ عَوائدُ
    فـطُوبى لِـمَن يَسعى لمشهدِكِ الذي تـكادُ إلـى مَـغْناهُ تَسعَى المَشاهدُ
    إذا مـا أتـاه الـقاصدون تَـيسَّرَت عـليهم وإن لـم يـسألوكِ المَقاصدُ
    سـليلةَ خـير الـعالمينَ « نفيسةٌ » سَـمَت بـكِ أعراقٌ وطابت مَحاتِدُ
    إذا جُـحِدَت شـمسُ النهارِ ضياءها فـفضلُكِ لم يَجحَدْه في الناسِ جاحدُ
    بـآبائِكِ الأطـهارِ زُيِّـنَتِ الـعُلى فـفـضلُكما لـولا الـنبوّةُ واحـدُ
    مـعارفُ مـا تَنفكّ.. يقضي بسرِّها إلـى مـاجدٍ مِـن آلِ أحـمدَ ماجدُ
    يُـضـيءُ مُـحـيّاهُ كـأنّ سَـناءهُ إلى الصبحِ سارٍ أو إلى النجمِ صاعدُ
    إذا مـا مـضى مِنهم إمامُ هُدىً أتى إمـامُ هُـدىً يـدعو إلى اللهِ راشدُ
    تَـبلَّجَ مِـن نـورِ الـنبوّةِ وجـهُهُ فـمِـنه عـلـيهِ لـلعُيونِ شـواهدُ
    وفاضَت بحارُ العلمِ مِن قَطْرِ سُحبِها عـليهِ.. فـطابَت لـلرَّواءِ المَوارِدُ
    فـقُلْ لـبني الزهراءِ والقولُ قُربةٌ لـكـلِّ لـسانٍ فـيهمُ أو حـصائدُ:
    أحَـبَّكُمُ قـلبي، فـأصبح مـنطقي يـجـادلُ عـنكم حَـسْبةً ويَـجالِدُ
    وهـل حـبُّكُم لـلناسِ إلاّ عـقيدةٌ عـلى أُسِّها في اللهِ تُبنى القواعدُ ؟!
    وإنّ اعـتقاداً خـالياً مِـن مـحبّةٍ ووُدِّ لـكـم آلَ الـنـبيِّ لَـفـاسدُ
    وإنّـي لأرجـو أن سـيُلحِقُني بِكُم ولائـي.. فـيَدنو المَطْلبُ المُتباعِدُ
    فَـدَتْـكُم أُنـاسٌ نـازَعوكمُ سـيادةً فلم أدْرِ ساداتٌ هُمُ أم أساودُ ؟!
    أرادوا بِـكُم كـيداً فـكادوا نفوسَهُم بِـكُم.. وعـلى الأشقى تَعودُ المَكائدُ
    وأنـتمُ أُنـاسٌ أُذْهِبَ الرجسُ عنهمُ فليس لهم خَطْبٌ وإن جَلّ جاهدٌ



    منقول للفائدة وشكراااا للجميع
    هذه المقالة نشرت أصلا في موضوع المنتدى : السيّدة نفيسة رضوان الله عليها كتبت بواسطة ثريا مشاهدة المشاركة الأصلية
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

جميع آلمشآركآت آلمكتوبه تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكل من الاشكال عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى