شبكة عراق الخير
  • هل صحيح تاريخ الهندية ( طوريج ) يبدأ بتاريخ عرب الاهواز وعرب شط الاخضر

    اصل تسمية طويريج

    يذكر المؤرخ العراقي عبدالرزاق الحسني في كتابه المعروف "تاريخ المدن العراقية"، ان مدينة طويريج كانت في بدايتها تسمى "طريق المبتغى" الى كربلاء اذ انها في رأيه كانت الطريق الاقرب للوصول الى كربلاء لزيارة الامام الحسين (ع) ثم صغرت هذه الكلمة فقالوا على غير القياس (طويريق) ثم جرى عليها تصحيف آخر فأبدلت القاف جيما فصارت.. طويريج.

    لكن آخ...رين توهموا ان مصدر اسم طويريج هو تحريف محلي لعبارة two way reach الانكليزية على اساس ان البلدة كانت المحطة الوحيدة الموصلة بين الطريقين الرئيسيين المتجهين الى الحلة شرقا لأحدهما والى كربلاء غربا للثاني، زاعمين ان تلك العبارة وضعت كعلامة مرور نصبتها القوات البريطانية المحتلة على مدخلي المدينة ومكثت فترة طويلة بعد انسحابها منها ثم تطورت التسمية مع الزمن فأصبحت "تويريج" ثم طويريج لصعوبة نطقها بالنسبة لمعظم الناس تلك الايام الا ان هذا التفسير ضعيف برأينا اذ ليس هناك وقائع او وثائق تثبت وجود علامة مرور كتلك، كما ان المس بيل التي زارت المدينة في 1917 واخذت لها صورا عديدة كتبت اسم طويريج هكذا: Tuwairij وليس كـ "two-way-reach" في عدة رسائل مهمة لها احداها على الاقل الى هنري دوبس المندوب السامي البريطاني في العراق تزف له نبأ احتلال طويريج.

    وثمة رائ ثالث وارد وهو ان اسم طويريج جاء عن طريق اسم احد شيوخ احد العشائر العربية الامير طويريج بن هدل التميمي من شيوخ الشريفات في منطقة حفر الباطن

    غير ان الاسم بابلي الاصول من ناحية المعنى في الاقل، وان الاسم البابلي مشابه للاسم الحالي على صعيد اللفظ ايضا ويعني الطريق الاقصر. وبالتالي فان معنى طويريق كان لدى البابليين "طريق المبتغى" لزيارة كربلاء التي وقبل ان تصبح طريقا لزيارة الامام الحسين (ع) كانت مزارا مقدسا حيث اورد الأديب اللغوي (انستاس الكرملي) ان بعض كتب الباحثين تذكر ان كلمة كربلاء منحوتة من كلمتي (كرب) و(إل) أي (حرم اللـه) او (مقدس اللـه) نظرا لأن (ال) كان معناها (اله) عند الساميين أيضا. لذا فهي تتضمن بالضرورة موقعا مقدسا و(قرب) الله روحيا خاصة وان (كرب) البابلية قريبة جدا من العربية. فيما ذكر السيد العلامة هبة الدين الشهرستاني ان كربلاء كانت مدينة قديمة حيث ورد ان اسمها يعنى (كور بابل) وهو يعنى مجموعة من القرى البابلية.

    وينقل العلامة الراحل مصطفى جواد عن أحد الباحثين في تاريخ كربلاء قوله ان "كل ما يمكن ان يقال عن تاريخها القديم انها كانت من أمهات مدن طسوج النهرين الواقعة على ضفاف نهر بالاكوباس (الفرات القديم) وعلى أرضها معبد للعبادة والصلاة، كما يستدل من الأسماء التي عرفت بها قديماً كعمورا، ماريا، صفوراً، وقد كثرت حولـها المقابر، كما عثر على جثث موتى داخل اوان خزفية يعود تاريخا إلى قبل العهد المسيحي، وأما الأقوام التي سكنوها فكانوا يعولون على الزراعة لخصوبة تربتها وغزارة مائها لكثرة العيون التي كانت منتشرة في أرجائها".

    الهندية

    وتؤكد مصادر عديدة ان "الهندية" سميت بهذا الاسم لوقوع اراضيها على شاطئي "نهر الهندية" الذي كان الوزير الهندي المعروف آصف الدولة المتوفي في عام 1895 (وهو جد النواب اقبال الدولة ومؤلف "الرسالة الآصفية" ووزير اكبر شاه امبراطور الهند) قد انفق على حفره في عام 1893 (1208 هجرية) وافتتحه بعد سنتين من اجل ايصال الماء الى مدينة النجف فنسب اليه وذلك ايام الوالي العثماني احمد باشا.

    وهناك من يرى ان سبب تسميتها بالهندية يعود الى ان والدة السلطان عبد الحميد الثاني التي كان اسمها”هندية“ او تكنى بالهندية، زارت البلدة القديمة فسميت باسمها مع مرور الزمن. الا ان هذا الرأي ضعيف وغير مدعوم تاريخيا.

    والحال ان طويريج تقع في منتصف الطريق تحديدا بين بابل وكربلاء وعلى مبعدة بضعة فراسخ عن قلب الامبراطورية البابلية الكونية آنذاك بل نعتقد انها كانت بلدة زاخرة بالحيوية من بلدات تلك الامبراطورية بغض النظر عن اصل التسمية وكون المؤرخين لم يذكروا انشاء قرية سميت بهذا الاسم الذي يمكن ان يكون من الأسماء السامية او الآرامية أو البابلية وكلها قريبة من العربية. ويعزز هذا الافتراض ان نهر الهندية هو تحديدا نهر بالاكوباس (الفرات القديم) الذي كانت الحضارة العظيمة لتلك البلاد تستقي منه قاطبة. ونلاحظ هنا ان كربلاء نعتت احيانا بأسماء عديدة مختلفة اخرى منها الغاضرية ونينوى وعمورا والنواويس والحائر والحير والطف وطف الفرات وشاطئ الفرات وشط الفرات. الا إن الهندية هي المقصودة على الارجح بطف الفرات وشاطئ الفرات وشط الفرات نظرا لكونها المنطقة الاقرب الى كربلاء اطلالا على الفرات.

    ومما يعزز الامر بعدم استبعاد ان يكون الاسم او معناه قديما جدا كون طويريج هي ايضا الطريق الاقصر بين مدينتي بابل العاصمة ومدينة بورسيبا البابلية القديمة المعروفة حالياً باسم (البرس) أو (برس نمرود) المحرف من الاسم القديم بارسبا أو بورسيبا والواقعة جنوب غرب الحلة، والتي كانت في الايام الزاهية للامبراطورية البابلية حاضرة كبرى ومركزا دينيا ساميا اشتهر بثورة النبي ابراهيم الخليل على عبادة الاوثان. ويعتقد بأنها كانت امتداداً لمدينة بابل، ويسميها المؤرخون في المصادر القديمة (بابل الثانية). وبورسيبا من الأسماء السومرية ومعناه (سيف البحر) أي ساحل البحر. ولذا يعتقد أن هذه المدينة كانت تقع قرب بحر أو بحيرة، ربما كانت بحر النجف المندثر حالياً، والتي ما زالت واضحة للعيان.

    والمدينة قديمة التأسيس وقد جاء ذكرها في شريعة حمورابي سادس ملوك سلالة بابل الأولى، حيث يذكر في شريعته تجديد أبنية المدينة المهمة لاسيما معبد (نابو) إله الحكمة والمعرفة في عهد نبوخذ نصر الثاني. وقد جاء ذكرها بعد ذلك في العديد من الإشارات التأريخية للعهود التي تلت حمورابي وسلالة بابل. وكان أكبر ازدهار لبورسيبا في عهد المملكة البابلية المتأخرة والمعروفة بالسلالة الكلدانية (612 - 538) قبل الميلاد، وخاصة في عهد الملك الكلداني نبوبلاسر وابنه (نبوخذنصر) واستمرت المدينة في الوجود الفرثي والعهد الفارسي الساساني. وكذلك ذكرت المدينة في أخبار الفتوح الإسلامية للعراق حيث كان فيها جيش فارسي اشتبك مع جيوش المسلمين بعد موقعة القادسية في طريقهم لفتح المدائن، وقد ظلت بورسيبا مأهولة لزمن خلال العهد الإسلامي وتؤكد ذلك بعض الأخبار التاريخية العربية.

    فخلال فترة حكم نبوخذنصّر (604 - 564) بلغت بورسيبا (ومعناها في اللغة الاشورية " برج اللغات (أوج ازدهارها وشهرتها الدينية باعتبارها مدينة الاله الحامي للامبراطورية البابلية نابو، وقد ساعدها قربها من العاصمة، بابل، في أن تصبح مركزاً دينياً هاما حيث بنى فيه حمورابي (الذي حكم في الفترة 1792-1750 ق. م.)، أو أعاد بناء معبد إيزيدا وكرّسه لمردوك (كبير مجمع آلهة البابليين)، واعتبر الملوك اللاحقون نابو إلهاً لإيزيدا وجعلوه ابن مردوك، وأصبح معبده الثاني مباشرة في القدسية بعد معبد مردوك في بابل. وهناك زقورة غير مكتملة بناها نبوخذنصّر وهي الآن خربة، ونقب فيها في عام 1902 عالم الآثار الألماني روبرت كولدواي. ويظهر أن الزقورة دُمِّرت جراء حريق بالغ القوة، وربما كان حريقا ً غير مقصود في حصران القصب وفي الزفت الموضوع أصلا ً في لب البناء لدعمه من الداخل. وقد دمر الملك الأخميني أحشورش الأول بورسيبا في أوائل القرن الخامس ولا زال اكتشاف تاريخها ومنجزاتها غير كامل تماما.

    ونعتقد ان قضاء الهندية يحتوي هو ذاته على كنوز اثرية بابلية كبيرة لم يتم اكتشاف معظمها بعد. ويأتي العثور على بعض الآثار في احد المواقع مؤخرا والمعروف بـ "تل كريط الخبازة" الواقع على مسافة 12 كم غرب المدينة ليدعم هذه الفرضية غير النهائية. اذ ان الهندية كانت امتداداً لمدينة بابل ولا تبعد عن عاصمة الامبراطورية سوى مسيرة بضعة ساعات مشيا على القدمين باتجاه الشمال الشرقي. اما بالنسبة لبورسيبا فالمسافة مماثلة نظرا لأنها عمليا ضمن المناطق المجاورة لقضاء الهندية وعلى مسافة عشرة أميال تقريباً.



    حاليا، تبعد طويريج نحو 20 كيلو مترا عن مركز محافظة كربلاء غربا و24 كيلومترا عن الحلة مركز محافظة بابل شرقا تحدها من الشمال سدة الهندية ومن الغرب ناحية الحسينية ومن الشرق ناحية ابي غرق ومن الجنوب منطقة الحيدرية.

    ويتربع قضاء طويريج على ضفاف الفرع الرئيسي لنهر الفرات وكذلك على جدولين متفرعين منه هما جدول ابي غرق والجدول الغربي. ويقسم الفرات المدينة الى قسمين كبيرين يربطهما الجسر الوحيد على نهر الفرات في المنطقة وهو من الخرسانة المسلحة ومقام على ركائز كونكريتية متينة بعد ان كان جسر الهندية السابق معرضا للتصدع دائما بفعل قوة التيار في ايام صعود ارتفاع منسوب النهر اذ كان عبارة عن سفن خشبية اوصل بعضها ببعض بالواح خشبية ايضا.



    جسر الهندية

    قيل ان تنفيذ الجسر الحديدي تم باشراف مهندس انكليزي كان قد وضع رسالة ماجستير عن تصميم لجسر مماثل مقام في استراليا ويحمل نفس المواصفات، وان العمل فيه استمر حوالي خمس سنوات وتضمن ادخال سبيكتي شيلمان ضخمتين من الحديد بعمق 20 مترا تحت الارض والثالثة وضعوا عليها قالب من الاسمنت.

    يبلغ طول الجسر (173.7) متراً وعرضه 14 متراً يتوسطه قوس حديدي مزدوج ومزخرف وبلغت كلفة إنشائه 351.299 ديناراً. وقد افتتح في السادس من نيسان من عام 1956 من قبل رئيس الوزراء نوري السعيد



    والجسر الحديث الثاني هو من المشاريع الاستراتيجية والحيوية الهامة في المنطقة ويبلغ طوله 264 مترا وعرض 15 موزعة على 12 مترا للتبليط و1,5 متر للممرات، وقد دخل مرحلة التنفيذ في نهاية 2006 وهو متكون من جزئين اساسين الاول عبارة عن جسر خراساني فيما يتكون الثاني من مقتربات للجسر بطول 11 كم وبكلفة اجمالية قدرها اربعة مليارات و480 مليون و50 الف دينار مخصصة من الدولة.



    وصف للمدينة بعيون الكتاب والادباء



    والهندية "مدينة الجداول المنسابة بهدوء مع نسيمات الصباح حيث تتمايل اعناق النخيل وتفوح رائحة العنبر، وتتصاعد رائحة البساتين المختلطة بعبق القداح والياسمين"، كما كتب باسل عبد الجبار في مقالة جميلة عن الطبيعة في طويريج نشرها قبل سنوات عديدة شدد فيها على ان الذاكرة تختزن فيها على مدى الايام صورا "تجسد معالم محفورة في سجلات الزمن لأماكن تركت بصمات واضحة في تاريخ المسيرة الطويلة، انها صور رائعة لابداعات الخالق واختراعات الطبيعة، جمال ساحر اخاذ يشبه لوحة ابدع في رسمها فنان، ومناظر تستقر في الذاكرة تداعب الوجدان والمشاعر لايمكن ان تمحى. ومهما مرت الايام وتقادم الزمن تظل شاخصة، تروي قصة الزمن للذين مروا.. والذين ينتظرون، وما بين اللحظة واللحظة هناك نداء قادم يخرق السكون وينادي المشاعر ويغري الناظر: انه نداء الطبيعة الخلابة مابين الماء والخضراء واية البهاء والحسن".



    وهذا الرأي نجده سلفا في الفولكلور العراقي حيث اشتهرت طويريج بجمال وبهجة الطبيعة الى حد ان العيش فيها صار بمثابة الحلم كما عبرت عن ذلك الاغنية العراقية القديمة والشهيرة التي غناها الفنان حضيري ابو عزيز وقبله كثيرون ومطلعها:

    اني ارد اشرج تشريج واكضي العمر بطويريج

    الدنيا بيها بلا ضيـج



    وتقول الامثال الشعبية عن سخاء اهلها:

    ما تبقالك هموم ابشر يزاير من توصل طوريج ما تظل حاير







    جغرافيا الهندية



    تحيط بطويريج شبكة غزيرة من المياه حيث يحدها من الغرب والشرق جدولان مهمان هما جدول بني حسن وجدول علي الغربي فيما يتهادى نهر الفرات كالبحيرة المترامية الاطراف في وسطها قاسما المدينة الى قسمين. وكان لابد لزائر هذه المدينة قبل 1955 ان يشاهد جسرها التاريخي الذي بني عام 1913، قبل ان يحل محله جسر حديدي. اما الريف فهو هنا كما وصفه احد الكتاب العراقيين "لوحة أبدع الخالق في خلقها حيث الجداول والبساتين المظللة ورائحة العنبر، والنسيم الذي يكحل الاجفان ليغمر الزائر بفيض من المشاعر الدافقة التي تود لو ان اللحظات تطول وتطول لترسم الاحداق هذه المناظر البديعة التي لابد ان تحفر لها مكانا في الاذهان مدى العمر".



    اشهر ما اشتهرت بة الهندية



    وقد اشتهرت منطقة الهندية المحاطة بالبساتين من جميع الجهات بخصب اراضيها الزراعية وبانتاج التبغ بكميات كبيرة وخاصة التنباك (وهي مفردة ايرانية تعني تبغ الاركيلة) وبنوعيات اجود مما تشتهر به بعض مدن كردستان العراق، حيث ينقل هذا النوع من التبغ الى كربلاء كي يجفف ويعبأ بالاكياس ليرسل الى مراكز الاستهلاك، كما اشتهرت بكثرة الفواكه والمحاصيل ومنها الى جانب التبغ التمور الحنطة والذرة والرز اذ تشتهر الهندية بزراعة الرز (العنبر) وهي نوعية تمتاز برائحتها الطيبة ومذاقها الجيد. والمدينة اضافة الى ذلك محطة تجارية بين محافظتي الحلة وكربلاء وهي تعتمد في زراعة اراضيها على مياه الفرات الا انها تتميز وتنفرد بسعة الانهر المتفرعة من نهر الفرات.

    الهندية تجاريا

    ذاع صيت الهندية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ومطلع القرن الماضي كميناء نهري لاسيما لنقل الرز من منطقة الفرات الاوسط الى المناطق الاخرى. اذ كانت تجثم على امتداد ضفتي النهر واطراف القصبة معامل ابتدائية لتقشير الشلب ليكون رزا تدعى ب"المجارش" قدر عددها بزهاء ثلاثين مجرشة يشتغل فيها نحو الف وخمسمائة عامل فيما كانت كميات الشلب الطائلة ترد من اطراف "المشخاب" و"الشامية" ومن نواحي القضاء نفسه فتجرش فيها وتصدر الى مختلف الانحاء وهذا ما جعلها مخزنا من مخازن التموين الكبيرة وتساعدها على ذلك سهولة المواصلات النهرية والبرية. وقد ادى ذلك النشاط الاقتصادي الى جعل المدينة مركزا يستقطب الايدي العاملة من الانحاء المجاورة ويزخر بقوافل الابل التجارية. وكان البدو يفدون عليها على الدوام حتى قبل سنوات قليلة وهناك عدد كبير من سكان طويريج هم في الاصل من ابناء القبائل الرحل، فيما يعتقد ان كثيرا من الزوار الفقراء القادمين من دول اخرى لزيارة العتبات المقدسة في كربلاء خاصة قرروا هم ايضا اختيار طويريج موطنا جديدا لهم مع مرور الوقت وهو حال مستمر لحد الآن مما يفسر وجود جماعات سكانية مختلفة الاصول في المدينة.



    اما المؤرخ العراقي الراحل عبد الرزاق الحسني فقد اعتبرها في كتابه "العراق قديما وحديثا" بانها "روضة مدن الفرات الاوسط" واصفا قصبة طويريج التي هي مركز قضاء الهندية بانها "متوسطة بعمرانها، جميلة بمناظرها، حسنة بموقعها، تمتد على ضفة النهر اليمنى، ويربطها بالضفة اليسرى، التي بدأت العمارة فيها مؤخرا، جسر حديدي متين بني عام 1955 وتحيط بها الحقول والبساتين التي تسقيها الجداول والنهيرات الكثيرة وتنير شوارعها وبيوتها الاضواء الكهربائية منذ عشر سنوات، وفيها من النفوس (6800) نسمة، اما نفوس القضاء فعددهم (82466) نسمة بحسب احصاء 1947".



    كما لاحظ الحسني ان "اسواقها مستقيمة طويلة، وشوارعها عريضة مزفتة، ورصيفها الممتد على ضفة النهر اليمنى من اجمل ما تقع عليه العين فيها، وقد غرست الاشجار المختلفة على جانبي هذا الرصيف، كما غرست على جوانب بقية شوارعها"، ورأى في وسط القصبة "ميدان فسيح تزينه حديقة غناء وتشغل جانبا منه بناية مشروع اسالة الماء وامام هذه الحديقة صرح الحكومة الواسع ودار القائمقام المشيدة على الطراز الحديث، وعلى مسافة قصيرة منها بناية المدرسة الابتدائية وسائر المدارس الرسمية تحف بها حدائق واسعة ودور للاهلين كثيرة".



    مساحتها

    تبلغ مساحة الهندية حاليا اكثر من 136648 دونما منها 32431 دونما خضراء من البساتين المغطاة بأجود انواع النخيل. اما بشريا فقد كانت الهندية دائما بين اكبر اقضية العراق من ناحية الكثافة السكانية اذ يقدر عدد سكانها حاليا بأكثر من 320000 نسمة، يسكن نحو ثلثهم في مركز المدينة الذي يعد عصب الحياة فيها. وحسب معلومات تخمينية للامم المتحدة في 2003 فان مجمل سكان قضاء الهندية هو 304035 فيما اشارت سجلات انتخابات 2005 الى وجود 61966 ناخب مسجل على اساس بيانات وزارة التجارة الى جانب عدة آلاف من المهجرين العائدين او الراغبين بالعودة الى ديارهم لا سيما ممن هاجر منهم الى ايران وسوريا والدول الاوروبية حيث وجدت على الدوام ولحد الآن تجمعات كبيرة لأبناء الهندية بينهم شخصيات ثقافية او علمية او سياسية متميزة ومرموقة.

    من الناحية التجارية، كانت الهندية سابقا تعتمد على المجارش الوطنية التي كانت تدار بالايدي من قبل نساء ورجال وقد امتدت على طول الساحل حوالي 20 مجرشه وبعمق 30 ـ 40 مترا من الساحل والطنبي وهو الصوب الصغير وفيه 3 ـ 4 مجارش وكانت الاف الاطنان المنتجة من الارز في الشامية والمشخاب تجلب الى الهندية لتجرش وتصدر اما الى كربلاء والمسيب والكوفة او الى بغداد ومدن اخرى او الى مناطق نائية في البادية الغربية وذلك اذ كانت منافذ الهندية الرئيسية تشهد يوميا لا سيما في فصل الربيع مجيء افراد وجماعات من البدو الرحل للتزود بالرز المجروش وكانوا يضطرون احيانا على امضاء ليلة او اكثر في الهندية تاركين جمالهم في اماكن خاصة لربط حيوانات النقل تعرف بالطولات مقابل اجر زهيد.

    ولقد حولت تلك المجارش الهندية الى محطة اقتصادية لامعة في المنطقة لاكثر من ستين سنة بين تاريخ سقوطها بيد العثمانيين اثر حملة نجيب باشا على المنطقة في 1842 وبين افتتاح سدة الهندية في نهاية 1913. فقد وفدت الى الهندية عشرات العوائل ومئات الايدي العاملة الرجالية والنسائية من مختلف انحاء العراق للعمل سواء كعمال في المجارش او في السفن النهرية التي صارت ترتاد شواطئ الهندية محملة ايابا بالشلب وذهابا بالرز، او في الخدمات والمهن اليدوية الكثيرة التي ولدت بفضل تلك الحركة الاقتصادية ومنها الحمالة والكيالة والمطاعم والمقاهي والخياطة..والخ. كما ظهرت بموازاتها طلائع حركة ثقافية وفنية مستفيدة من التفاعل والبحبوحة الاقتصادية الجديدة تلك

    والهندية القضاء مدينة حديثة البناء تأسست في القرن الثامن عشر على الارجح، اذ ان الطاعنين في السن يؤكدون ان العمارة الجديدة فيها لم تنطلق في مركزها الا مع حلول القرن التاسع عشر وان رجلا من زحّاف كان اول من بدأها وزحاف جماعة كبيرة تعيش في ظل الاسرة القزوينية الشهيرة،



    سكان الهندية



    ان المعلومات التاريخية المتوفرة تؤكد بالمقابل ان الهندية كانت اكثر الاقضية سكانا في النصف الاول من القرن اللاحق. ففي 1935 كان عدد نفوس قضاء الهندية يفوق عدد نفوس سكان قضاء الحلة فقد كان 78279 نسمة للهندية وملحقاتها مقابل 57874 للحلة وملحقاتها حسب احصاء نشره الدليل الرسمي العراقي لعام 1936 (ص 673). ولم يدخل في ذلك الاحصاء عدد افراد قبائل الهندية وابرزها في ذلك الحين قبيلتا بني حسن وكان رئيسها عمران الحاج سعدون وال فتلة وكان رئيسها سماوي الحاج جلوب. وطويريج مدينة إخاء منذ الاصل. ففي مطلع القرن الماضي كان سكان المدينة يتألفون من اقوام متعددة من العرب، وهم الاغلبية الساحقة، والفرس والهنود والاكراد والتركمان واليهود الذين قدر عددهم في 1940 بأكثر من خمسين اسرة يعمل افرادها في التجارة والمهن الحرة.



    و ينحدر عرب طويريج من قبائل عربية عديدة عريقة تجمعها الاعراف والقيم التقليدية المشتركة الا انها دخلت احيانا في حروب دموية ومعارك طاحنة من اجل الكلأ والماء لا سيما عندما واجهت قبائل رئيسية منها خطر مجاعة افرادها بسبب انهيارات سدة الهندية المتكررة في القرن التاسع عشر مما كان يؤدي الى جفاف نهر الحلة خاصة وموت الزراعة في المدن والقرى المعتمدة في سقيها على مياهه. وقد وثقت احداث بعض تلك المعارك بقصائد شعرية معروفة لحد الآن احيانا. أما ابرز هذه القبائل فهي ال جشعم و بنو طُرف و آل فتلة وبنو حسن والدعوم وآل گريط وآل يسار.



    فآل جشعم قبيلة عريقة الاصول وقديمة العهد في العراق والهندية موطنها الأصلي، وكان شيوخها أمراء غزية حيث أمتدت أمارتهم الى هيت وكان لهم عشر الدولة العثمانية من نهر الحسينية عندما جرى شقه في زمن سليمان القانوني. ومن أبرز قادتها ال ثويني، ويتركز سكنها حاليا في المناطق الواقعة بين كربلاء وطويريج. أما فروعها في الهندية فهي الضياغم، والنعيم، والبو حديدة، والبو غصيبة، والصهبان. ويرأس هذه الفروع الشيخ محسن محمد الجشعمي.



    اما بنو طُرف فهم قبيلة عربية عريقة الاصول ومحاربة مهاجرة من الاهواز وأصلها من بني طرف الطائية الحويزية. من فروعها في الهندية آلبوعوفي وهم الرؤساء، والبو دبيّس، والمگاطيف، والبو حسين، وآل شيخ زاير، والبو زغنون، والكرافة، وكنانة، وبنو صالح. وهاجر قسم من بني طرف في مطلع القرن التاسع العشر الميلادي من الحويزة الى كربلاء لزيارة العتبات المقدسة وعند وصولهم قرروا البقاء في أراضي الهندية لخصوبتها ووفرة مياهها وبعد فترات من الزمن لحقت بهم مجاميع من عشائر الحويزة أمثال (الزابية والكرافة وبني سالة والحيادر) ودخلت في عدادهم حتى أصبحت بني طرف عشيرة كبيرة تنقسم حالياً الى قسمين هما آل اسعيد وهم ذرية أسعيد بن حرز بن هيجل والمهاجرون الاوائل الى الهندية ويتسلسل شيوخهم فيها من الشيخ ثعيب بن حاج محمد المتوفي في 1884، الى الشيخ جفات بن الشيخ كنجي بن الشيخ سلطان بن الشيخ ثعيب الرئيس الحالي للعشيرة، وآل صيّاح ويشكلون نصف قبيلة بني طرف في العراق والأحواز، اما تسلسل شيوخها فيبدأ مع الشيخ عوفي بن عبدالله المعاصر للوالي مدحت باشا في وتصل الى الشيخ شاكر بن الشيخ عبد بن الرئيسالحالي للعشيرة.



    وتنتمي قبيلة آل فتلة إلى قحطان، وهي قبيلة كبيرة وعريقة، اصلها من زبيد وقيل من قبيلة النخع السبئية. اقسامها في العراق عديدة احدها في قضاء الهندية برئاسة آل چلّوب وآل موسى، وآخر في قضاء الشاميّة برئاسة آلبو هِدله، وقسم في قضاء أبو صخير برئاسة آل فرعون. وهم مزارعون متوطّنون هاجروا الى الهندية من مناطق الديوانية في حوالي منتصف القرن التاسع عشر اثر موت اراضيهم جراء جفاف شط الحلة.



    قبيلة بني حسن العراقية من جانبها فرع من بني مالك وهي غير بني حسن الأردنية. وهي مجموعة أحلاف عدنانية كبيرة من بقايا قبيلة بني هلال المضرية وتنسب ايضا الى ثروان العبادي العقيلي، هاجرت الى الهندية من مناطق الديوانية في حوالي منتصف القرن التاسع عشر لنفس السبب اعلاه ولها مضارب تمتد من الكفل حتّى حدود كربلاء وهي من عدة أفخاذ في الهندية منهم آل جميل والتراون والجرّاح وآل جبّاس وال صبار والبو عوض والبو عارضي والبو سلامة والرحيم والحواتم وال دهيم وزغيب. اما أبرز شيوخهم فهم ال عباس.



    والدعوم قبيلة غزية وبطن من بني خالد في العراق وقيل من الجبور الزبيدية القاطنة في ناحية القاسم بالحلة ومنها نزح قسم افرادها إلى كربلاء والهندية وسدّة الهندية في منتصف القرن التاسع عشر لنفس الاسباب المذكورة. ويقع موطن إقامة هذه القبيلة على جدول بني حسن على طريق كربلاء الهندية. والدعوم برئاسة ميري خان آل علي، أما فروعها فهم آل سمير وآل هيجل والجغيلات.



    اما آل گريط فهي قبيلة قادمة الى الهندية قبل قرن ونصف تقريبا وتنتسب إلى قريط بن عبيد بن كلاب من ذرية قيس بن عيلان، وقيل تنحدر من شمر عبدة يقطن أفرادها في ضواحي الهندية في اراضي أبو رُوَيّه التابعة لناحية الخيرات، ويسكن قسم منهم في ناحية أبي غرق. ولها أفخاذ، منها: الحوافظ، وآلبو خلف، والحويفظات، والعشاير.



    وهناك عشائر عريقة اخرى اقل عددا في المنطقة ومعظمها حديث التوطن في الهندية ابرزها ال مسعود وآل يسار والاكرع الشمرية وبني اسد وجليحه والضيف والعويد والجنابات وال دبيس من فروع عشيرة العزايز ومنهم البو هبيش والبو خطار والبو محمد والبو خليل والبو ياسين والبو خضير، وهناك عشيرة الحوافظ والحويفظات، وابوزريدة والبو شاوي من بني كعب، والبو كريدة من فروع جبور ال واوي و ال علي أحد عشائر بني مالك.



    معارك اهالي الهندية

    اشتبكت عشائر الهندية في نزاعات مستمرة ضد الحكومة التركية بين 1841 وحتى 1914 وهي السنة التي دخل فيها الاحتلال الانجليزي للعراق. وتذكر المصادر والروايات التاريخية ان اهالي الهندية اعلنوا العصيان على الحكومة التركية اكثر من مرة، وفي كل مرة كانت عساكر الدولة تقصدهم ثم ترجع خائبة بسبب قدرتهم على اللجوء سريعا الى هور العوينة الذي يقع في منطقة ابوروية والطرفاية كي يحميهم ويحصنهم ضد القوات العثمانية. وفي عام 1841 توجه اليهم والي بغداد علي رضا باشا بعد ان سد فرات الهندية من صدره ليسهل على عساكر الدولة الوصول الى مواقع الثوار داخل الهور وفعلا حاربهم واجلاهم عنها فنزلوا في مكان اسمه الاحمر وعند وصول العساكر اليهم تمكن الثوار من نصب فخ لهم قتل فيه كثير من العسكر العثماني.

    وفي عام 1842 توجه اليهم محمد نجيب باشا الذي حل محل علي رضا في الولاية ونزل بجيوشه في المسيب وحاول سد فرات الهندية لغرض تجفيف هور العوينة ايضا فلم يتمكن من سد الفرات فغير مسعاه ثم توجه الى مدينة كربلاء للقضاء على حركة ابراهيم الزعفراني قاد المقاومة ضد الحكم العثماني في كربلاء وحاصر المدينة واحتلها في نفس السنة.

    نواحي الهندية

    من نواحي الهندية ناحية الجدول الغربي التي مركزها قرية الرجيبة الواقعة على مسافة اربعة كيلومترات عن مركز القضاء غربا. وهي قرية كبيرة متباعدة البيوت وتأخذ مياهها من جدول "ام طراريد" الصغير المتشعب من جدول بني حسن وينتهي الى اراضي ام نعجة قرب الكوفة. واهم قبائل الرجيبة بنو حسن وكريط والدعوم وجليحة. اما ناحية السدة التي فيها "سدة الهندية" فهي تابعة اداريا الى قضاء المسيب الا انها اقرب الى الهندية جغرافيا ومن كل النواحي الاخرى.

    منقول
    هذه المقالة نشرت أصلا في موضوع المنتدى : هل صحيح تاريخ الهندية ( طوريج ) يبدأ بتاريخ عرب الاهواز وعرب شط الاخضر كتبت بواسطة الفراتي مشاهدة المشاركة الأصلية
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

جميع آلمشآركآت آلمكتوبه تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكل من الاشكال عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى