شبكة عراق الخير
مشاهدة تغذيات RSS

عثمان الجبوري

مؤذن الرسول : بلال بن رباح

تقييم هذا المقال
اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لقى الورد مشاهدة المشاركة
يا بلال ( بما سبقتني إلى الجنة )

كان عمر بن الخطاب، إذا ذكر أبو بكر قال:
" أبو بكر سيدنا وأعتق سيّدنا"..
يعني بلالا

وإن رجلا يلقبه عمر بسيدنا هو رجل عظيم ومحظوظ..
لكن هذا الرجل الشديد السمرة، النحيف الناحل، المفرط الطول الكث الشعر، الخفيف
العارضين، لم يكن يسمع كلمات المدح والثناء توجه اليه، وتغدق عليه،
الا ويحني رأسه ويغض طرفه، ويقول وعبراته على وجنتيه تسيل:

"انما أنا حبشي.. كنت بالأمس عبدا"..!!
فمن هذا الحبشي الذي كان بالأمس عبدًا..!!

انه "بلال بن رباح" مؤذن الاسلام، ومزعج الأصنام..
انه احدى معجزات الايمان والصدق.
احدى معجزات الاسلام العظيم..
في كل عشرة مسلمين. منذ بدأ الاسلام الى اليوم، والى ما شاء الله
سنلتقي بسبعة على الأقل يعرفون بلالا..
أي أن هناك مئات الملايين من البشر عبر القرون والأجيال عرفوا بلالا،
وحفظوا اسمه، وعرفوا دوره. تماما كما عرفوا أعظم خليفتين في الاسلام:
أبي بكر وعمر...!!
وانك لتسأل الطفل الذي لا يزال يحبو في سنوات دراسته الأولى في
في كل بقعة من الأرض يقطنها مسلمون،: يا غلام من بلال؟
فيجيبك: انه مؤذن الرسول.. وانه العبد الذي كان سيّده يعذبه بالحجارة
المستعرّة ليردّه عن دينه، فيقول:
"أحد.. أحد.."


وحينما تبصر هذا الخلود الذي منحه الإسلام بلالا.. فاعلم أن بلال هذا،
لم يكن قبل الاسلام أكثر من عبد رقيق، يرعى ابل سيّده على حفنات من
التمر، حتى يطوِ به الموت، ويطوّح به الى أعماق النسيان..
لكن صدق ايمانه، وعظمة الدين الذي آمن به بوأه في حياته، وفي تاريخه مكانا
عليّا في الاسلام بين العظماء والشرفاء والكرماء...
كان يعيش عيشة الرقيق، تمضي أيامه متشابهة قاحلة، لا حق له في يومه،
ولا أمل له في غده..!

ولقد بدأت أنباء محمد تنادي سمعه، حين أخذ الانس في مكة يتناقلونها،
وحين كان يصغي الى أحاديث ساداته وأضيافهم، سيما "أمية بن خلف"
أحد شيوخ بني جمح القبيلة التي كان بلال أحد عبيدها..
لطالما سمع أمية وهو يتحدّث مع أصدقائه حينا، وأفراد قبيلته أحيانا عن
الرسول حديثا يطفح غيظا، وغمّا وشرا..
وكانت أذن بلال تلتقط من بين كلمات الغيظ المجنون، الصفات التي تصور له هذا
الدين الجديد.. وكان يحس أنها صفات جديدة على هذه البيئة التي يعيش فيها..
كما كانت أذنه تلتقط من خلال أحاديثهم الراعدة المتوعدة اعترافهم
بشرف محمد وصدقه وأمانته..!!


وذات يوم يبصر بلال بن رباح نور الله، ويسمع في أعماق روحه الخيّرة رنينه،
فيذهب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويسلم..

ولا يلبث خبر إسلامه أن يذيع.. وتدور الأرض برؤوس أسياده من
بني جمح.. تلك الرؤوس التي نفخها الكبر وأثقلها الغرور..!! وتجثم شياطين
الأرض فوق صدر أميّة بن خلف الذي رأى في اسلام عبد من عبيدهم
لطمة جللتهم جميعا بالخزي والعار..

عبدهم الحبشي يسلم ويتبع محمدًا..؟!
ويقول أميّة لنفسه:
ومع هذا فلا بأس.. ان شمس هذا اليوم لن تغرب الا
ويغرب معها اسلام هذا العبد الآبق..!!

ولكن الشمس لم تغرب قط باسلام بلال بل غربت ذات يوم بأصنام قريش
كلها، وحماة الوثنية فيها...!
أما بلال فقد كان له موقف ليس شرفا للاسلام وحده، وان كان
الاسلام أحق به، ولكنه شرف للانسانية جميعا..
لقد صمد لأقسى الوان التعذيب صمود البرار العظام.
ولكأنما جعله الله مثلا على أن سواد البشرة وعبودية الرقبة لا ينالان
من عظمة الروح اذا وجدت ايمانها، واعتصمت بباريها، وتشبثت بحقها
لقد أعطى بلال درسا بليغا للذين في زمانه، وفي كل زمان، للذين على
دينه وعلى كل دين.. درسا فحواه أن حريّة الضمير وسيادته لا يباعان
بملء الأرض ذهبا، ولا بملئها عذابا..
لقد وضع عريانا فوق الجمر، على أن يزيغ عن دينه، أو يزيف اقتناعه فأبى..
وظل يردد وهو صامد صمود الجبال
"أحد.. أحد.."

لقد جعل الرسول عليه الصلاة والسلام، والاسلام، من هذا العبد الحبشي المستضعف
أستاذا للبشرية كلها في فن احترام الضمير، والدفاع عن حريته وسيادته

وتجيء الغداة وتقترب الظهيرة، ويؤخذ بلال الى الرمضاء، وهو صابر
محتسب، صامد ثابت.
ويذهب اليهم أبو بكر الصديق وهم يعذبونه، ويصيح بهم:
(أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله)؟؟
ثم يصيح في أميّة بن خلف: خذ أكثر من ثمنه واتركه حرا..
وكأنما كان أمية يغرق وأدركه زورق النجاة..
باعه لأبي بكر الذي حرّره من فوره، وأخذ بلال مكانه بين الرجال الأحرار..
وحين كان الصدّيق يتأبط ذراع بلال منطلقا به الى الحرية قال له أمية:
خذه، فواللات والعزى، لو أبيت الا أن تشتريه بأوقية واحدة لبعتكه بها..
فأجاب أمية قائلا:
والله لو أبيتم أنتم إلا مائة أوقية لدفعتها..!!

وبعد الهجرة وقع اختيار الرسول عليه ليكون أول مؤذن للاسلام.
وبصوته النديّ الشجيّ مضى يملأ الأفئدة ايمانا، والأسماع روعة وهو ينادى:

الله أكبر.. الله أكبر
الله أكبر .. الله أكبر
أشهد أن لااله الا الله
أشهد أن لا اله الا الله
أشهد أن محمدا رسول الله
أشهد أن محمدا رسول الله
حي على الصلاة
حي على الصلاة
حي على الفلاح
حي على الفلاح
الله أكبر.. الله أكبر
لااله الا الله

وشـاء الله أن يلتقي بلال بأمية بن خلف الذي أذاقه صنوف العذاب
وذلك في غزوة بدر
فبينما المعركة تقترب من نهايتها، لمح أمية بن خلف" عبد الرحمن بن عوف"
صاحب رسول الله، فاحتمى به، وطلب اليه أن يكون أسيره رجاء أن يخلص بحياته
وقبل عبد الرحمن عرضه وأجاره، ثم سار به وسط العمعمة الى مكان الأسرى.
وفي الطريق لمحه بلال فصاح قائلا:
"رأس الكفر أميّة بن خلف.. لا نجوت ان نجا".
ورفع سيفه ليقطف الرأس الذي لطالما أثقله الغرور والكبر، فصاح به
عبد الرحمن بن عوف:
"أي بلال.. انه أسيري".

ورأى بلال أنه لن يقدر وحده على اقتحام حمى أخيه في الدين عبد الرحمن بن
عوف، فصاح بأعلى صوته في المسلمين:
"يا أنصار الله.. رأس الكفر أمية بن خلف، لا نجوت ان نجا"...!
وأقبلت كوكبة من المسلمين تقطر سيوفهم المنايا، وأحاطت بأمية وابنه ولم يستطع
عبد الرحمن بن عوف أن يصنع شيئا
وألقى بلال على جثمان أمية الذي هوى تحت السيوف القاصفة نظرة طويلة،
ثم هرول عنه مسرعا وصوته النديّ يصيح:
"أحد.. أحد.."


وتمضي الأيام وتفتح مكة..
ويدخلها الرسول عليه الصلاة والسلام شاكرا مكبرا على
رأس عشرة آلاف من المسلمين..
ويتوجه الى الكعبة رأسا.. هذا المكان المقدس الذي زحمته قريش بعدد
أيام السنة من الأصنام..!!
لقد جاء الحق وزهق الباطل..
ويأمر بلال أن يعلو ظهر المسجد، ويؤذن.
فيؤذن بلال.. فيالروعة الزمان، والمكان، والمناسبة..!!

كفت الحياة في مكة عن الحركة، ووقفت الألوف المسلمة كالنسمة
الساكنة، تردد في خشوع وهمس كلمات الآذان ورء بلال

وعاش بلال مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يشهد معه المشاهد
كلها، يؤذن للصلاة، ويحيي ويحمي شعائر هذا الدين العظيم الذي
أخرجه من الظلمات الى النور، ومن الرق الى الحريّة..

منقوله

أرسل "مؤذن الرسول : بلال بن رباح" إلى Digg أرسل "مؤذن الرسول : بلال بن رباح" إلى StumbleUpon أرسل "مؤذن الرسول : بلال بن رباح" إلى Google أرسل "مؤذن الرسول : بلال بن رباح" إلى Facebook أرسل "مؤذن الرسول : بلال بن رباح" إلى twitter أرسل "مؤذن الرسول : بلال بن رباح" إلى Yahoo

الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد إضافة/ تعديل الكلمات الدلالية
التصانيف
غير مصنف

التعليقات

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

جميع آلمشآركآت آلمكتوبه تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكل من الاشكال عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى