شبكة عراق الخير
مشاهدة تغذيات RSS

ثريا

سلمان الفارسي والاسلام

تقييم هذا المقال
اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سنابل الخير مشاهدة المشاركة
قصة البحث الطويل لسلمان عن خاتم الأنبياء

لقد كان سلمان في السابق من أهل أصبهان، وأبوه دهقان قريته، يحبه بشكل يعجز عنه الوصف، ومن جراء هذا كان يخشى عليه، فيحبسه في بيته تماماً، كما يفعل بالجواري.. وكان أهله مجوساً يعبدون الشمس، ويوقدون لها النار، وصادف أن مر سلمان على كنيسة فدخل بها، ولمح أهلها يصلون، ويتضرعون إلى اللّه، فأعجب بهذا اللون من العبارة، وفضلها على طريقة أهله، لأنه في أعماقه لم يؤمن بالصلاة للشمس..
وكانت هذه الانطلاقة منه - في التحقيق عن الدين - قد جرّته لأن يجول في البلدان، يطلب دين اللّه، فقيل له بالشام فقصدها، وعاش في كنيستها برهة من الزمن ثم انتقل إلى الموصل يخدم ويتعبد في كنيستها، ومنها إلى نصيبين، وأخيراً قيل له: إن في كنيسة عمورية من بلاد الروم رجلاً صالحاً يدله علي الحقيقة فشدّ اليه الرحال وبقي ملازماً لكاهنها مدة طويلة، يتلمس فيه الإيمان، والطيب، والوفاء ولما دنت من الرجل الوفاة - وكان يحفظ لسلمان اخلاصه - دنا منه، وطلب أن يرشده على الحقيقة وإلى أين ينتقل من بعده؟ - وبين لحظات الموت والحياة - قال الكاهن: أي بني، والله ما أعلم أنه بقي أحد يستحق أن آمرك بالذهاب له، ولكن سيبعث نبي في هذا الزمان، يأتي بدين إبراهيم عليه السلام، يخرج بأرض العرب، مهاجره إلى أرض بين حرتين بينهما نخل، به علامات لا تخفى: يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة وبين كتفيه خاتم النبوة.. فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل.. وانقطع نفس الكاهن، وذبل النور في عينيه.
وهز الحديث سلماناً، وأخذ منه مآخذاً، وبقي ينتظر اللحظة التي تساعده على السفر إلى تلك الديار ساعة بعد ساعة، يتحين الفرصة، ويتطلب القافلة.
وانتشر الخبر في عمورية أن قافلة من العرب تعمل بالتجارة وصلت البلد وهرع اليها سلمان يتعرف على حالها.. إنها من قبيلة (كلب) احدى قبائل العرب ومرت أيام ولملمت القافلة أمرها وأعلنت عن سفرها، فاتفق معها على أن يعطيها كل ما يملك من بقرات، وأغنام، مقابل وصوله إلى (مكة). وتم الاتفاق وسافرت القافلة تطوي القفار، ولم تبلغ أطراف مكة، حتى عمد أصحاب القافلة عليه، وأسروه، وباعوه الى يهودي، فأخذه الى قريته يخدمه..ومرَّ على سلمان عهد في خدمة هذا اليهودي، ولكنه لم يقطع الأمل في نفسه، فقد رأى القرية يكثر فيها النخل، فرجا أن تكون هو المكان الذي يطلبه من وصف الكاهن وبينما هو عند صاحبه إذ أقبل ابن عم له من بني قريظة يسكن المدينة فأعجب به فابتاعه واحتمله اليها.. وسرَّ سلمان بهذا العمل، وكتم في نفسه فرحة عظيمة، عندما عرف المدينة، وانها التي وصفها له صاحبه، والمكان الذي سيلتقي فيه بالنبي.
وكانت الأيام تدور في مسيرتها، لكنها ثقيلة الظل على هذا المتلهف لمعرفة الحقيقة.. وفي صباح ترهق الشمس ساعاته، أخذ سلمان عدته، وذهب لإصلاح بعض النخيل، وجاء صاحبه واستقر تحتها، وهو يرقب عمله، وأقبل عليه أحد أقربائه وجلس الى جنبه، وأخذ يحدثه، وهو لا يعلم ان هذا الحديث يهم سلمان قبل كل أحد، قال اليهودي لقريبه: قاتل اللّه «بني قيلة»، إنهم الآن مجتمعون بقباء على رجل قدم عليهم من مكة اليوم، يزعمون انه نبي..
وتهادى النبأ الى أسماع سلمان، فتأخذه الرعدة، ويكاد يسقط من أعلى النخلة، ويشدّ على نفسه من الانزلاق، وينزل وهو مضطرب، ويهرع الرجل فيلح عليه بالأسئلة، يستطلع منه جلية الخبر، فيغضب صاحبه منه، ويلكمه لكمة قوية يكاد يسقط من شدتها، فيتمالك، ويصمت، ويبقى واقفاً أمامه فيصرخ في وجهه مالكه: إذهب الى عملك، ما لك والدخول في مثل هذا الحديث.
ويطوي سلمان أسئلته وشوقه، ويتجه لعمله، فيتشاغل به ريثما ينفذ أمراً كان قد قرره لحظة تصميمه على إجلاء الحقيقة.
وأقبل المساء، وانتشر الظلام في المدينة، وحمل سلمان أكلاً معه، وتسلل الى رسول اللّه في قباء.. ودخل عليه، وتطلع فيه ثم قال له: بلغني انك رجل صالح، ومعك أصحاب غرباء وهذه صدقة عندي، أنتم أحق بها من غيركم، ويقدمها للرسول فيقبلها منه ويدعو أصحابه لأكلها، ويمتنع هو عن الأكل.
ويقول سلمان في نفسه، ان هذه إحدى العلامات،فقد أخبره صاحبه الكاهن انه لا يأكل الصدقة.. وينصرف ويعود بعد ليال، ومعه حاجات اخرى، ويدخل على النبي، ويقول له: هذه هدية أرجو قبولها، فيأخذها، ويشكره على ذلك.. وتطفو على سلمان إشراقة الفرحة، انها العلامة الثانية، لا يقبل الصدقة، ويأخذ الهدية.
ولم يدر سلمان كيف تنقضي الأيام انه يحسبها دقائق وثواني لكي تسنح له الفرصة، وتشاء الصدف ان تواتيه، فيتبع النبي ببقيع الغرقد - وهي مقبرة المدينة - ويدخل عليه، ولم يستقر به المكان حتى يستدير بنظره الى خلف الرسول، فيلتفت ماذا يريد، ويلقي الرداء عن متنه، ويظهر خاتم النبوة فشهق سلمان، وسقط على كفي النبي يقبلهما، ويبكي فرحاً، لتنتهي الايام الطوال في البحث عن النبي الخاتم بلقائه ليبدأ بقص قصته على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ..


منقووول :


المصدر
كتاب: بين يَدي الرسُول الأعظم (ص) ـ القِسم الأول
تأليف: محمَّد بحر العُلوم

أرسل "سلمان الفارسي والاسلام" إلى Digg أرسل "سلمان الفارسي والاسلام" إلى StumbleUpon أرسل "سلمان الفارسي والاسلام" إلى Google أرسل "سلمان الفارسي والاسلام" إلى Facebook أرسل "سلمان الفارسي والاسلام" إلى twitter أرسل "سلمان الفارسي والاسلام" إلى Yahoo

الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد إضافة/ تعديل الكلمات الدلالية
التصانيف
غير مصنف

التعليقات

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

جميع آلمشآركآت آلمكتوبه تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكل من الاشكال عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى