شبكة عراق الخير
مشاهدة تغذيات RSS

الارشيف

حكمة حمورابي

تقييم هذا المقال
اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هاشم الطرفي مشاهدة المشاركة

  • نزار عبد الستار



ما الذي يدفع شخصية مرموقة مثل حمورابي (1792 ـ 1750 ق.م) الى الادعاء ان الاحكام التي خطها على مسلته والتي تعب كثيرا في كتابتها مستمدة من رسالة حلمية وصلته من الالهة.



لو ان حمورابي لم يعوّل كثيرا على مسألة الشرعية واستغل سلطته المدنية في فرض القوانين لكان الآن غير حمورابي الذي نعرف ولحظي ببقاء أكثر قيمة في التاريخ المعاصر.



المدهش في حمورابي انه كان يدرك وقتها صعوبة فرض سلطته على بلد يضم مكونات عرقية تختلف بتعددية قوانينها وتعددية آلهتها لذلك عمد الى انتشال مردوخ، وهو اله من الدرجة الثالثة، من مرتبته السفلية وجعله رئيسا على مجمع الالهة وجند الكهنة لإعادة ترتيب انساب الآلهة واعطاء مردوخ جميع انواع المفاخر وبذلك ضمن حمورابي كسب ود العراقيين لأنه لم يميز إلها عن آخر.



بعد مرور 3762 سنة على وفاة حمورابي يمكن القول ان العديد من الساسة الآن يعملون بالتوجس نفسه وبالغياب العميق لمفهوم التاريخ. قضية التاريخ لم تكن غائبة عن حمورابي ولكنه ادرك قيمة الاسس ولهذا عمد على تغيير البنية بما يتفق مع اهدافه ولقد احتاج الى ثلاثين عاما كي يرسخ مفهومه القانوني في العراق ويحدث ثورة في مفهوم الناس عن الأعراف المتوارثة.



اليوم توجد قضية في غاية الخطورة وهي كيف يمكن لشخص جاء للحكم بوسائل تقليدية (بدعم حزبي او طائفي) ان يتخلى عن هذا ويبدأ من جديد. رأينا في السنوات الماضية كيف ان وزراءً تخلوا عن انتماءاتهم الحزبية وتمسكوا بمناصبهم وكيف ان سياسيين انشقوا عن قوائمهم لأنهم رفضوا تغيير المناهج وأعابوا على رؤسائهم الانحراف السياسي.



ربما من المفيد الآن البحث في مسألة زيادة السلطات. الهاجس الذي تملك حمورابي قبل 3762 سنة موجود الآن في أعماق الكثير من لاعبي السياسة ولكنهم يتخوفون من كلمة التمرد.



ان البحث عن سلطات جديدة غير مقولبة هو جوهر قانوني ودستوري؛ فالقوانين تتلوّن وتتغير حسب الحاجة واعادة النظر في الدستور هي الآن فرصة ذهبية ويجب النظر اليها ليس من باب منح الحقوق فقط وانما من باب ان يمتلك السياسي قوة تمكنه من تطبيق الأفكار.



حمورابي لم يشرب كأسا من شراب العنب في ليل بابل وجلس ليكتب أحلامه التشريعية. لقد أجرى هذا الرجل تعديلات كثيرة طوال ربع قرن من حكمه وكان يجدد مسلته بين حين وآخر. نعاني في الوقت الحاضر من تخوّف الإفصاح عن الأفكار الجديدة. ان السنوات الماضية أوجدت بالفعل خبرة لا يستهان بها والعديد من السياسيين يمكنهم تشخيص الخلل وهم بحاجة الى تشجيع كي ينطقوا الحق بشجاعة.



الكل الآن يشعر ان العملية السياسية في العراق تصيب بالملل ذلك لأن البعض لا يريد أن يفهم ان الحكم لا يرتبط بأشخاص ومذاهب وألوان بقدر ما يرتبط بالقدرة على إشاعة التماسك والانتماء الى وحدة موضوعية وان تعدد الأعراق والتوجهات لا يعني الفوضى والصراع وانما القدرة على التواشج والاشتراك بمصلحة واحدة.



قبل حمورابي كان العراق تحكمه الأعراف ولكن هذا الرجل وضع اصبعه على الكدمة وكتب بعد فترة وجيزة يمدح نفسه: (استأصلت شأفة العدو شمالا وجنوبا، ووضعت حدا للحروب، وطورت ازدهار البلاد، وجعلت الناس يهنؤون بعلاقات حميمة، ولم أدع أحدا يرهبهم).










أكثر...

أرسل "حكمة حمورابي" إلى Digg أرسل "حكمة حمورابي" إلى StumbleUpon أرسل "حكمة حمورابي" إلى Google أرسل "حكمة حمورابي" إلى Facebook أرسل "حكمة حمورابي" إلى twitter أرسل "حكمة حمورابي" إلى Yahoo

الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد إضافة/ تعديل الكلمات الدلالية
التصانيف
غير مصنف

التعليقات

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

جميع آلمشآركآت آلمكتوبه تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكل من الاشكال عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى