رغم أن مدينة دز فول ليس لها تلك المكانة الاقتصادية المتميزة
ومدينة بسيطة ليس فيها ترف اجتماعي
فأنها فيها خليط من الإيرانيين والعرب
وليس هناك فيها ما يدعو للقلق فأنها مدينة آمنة ومسالمة
ويحترمون ويحبون الغرباء
ومن النادر أن تجد رجال الشرطة منتشرين في الشوارع
ولكن هناك رجال مرور يطبقون القانون بحذافيره
وفي الأماكن المزدحمة بالسيارات فقط
والكل يطبق القانون وليس هناك استثناء
فأن الكل سواسية أمام القانون .
ومن المدهش أن شوارعها وأزقتها في غاية النظافة
فلا تجد اكداس للنفايات قط
وكأن سكان هذه المدينة يعشقون النظافة والهدوء
فمن النادر أن تسمع أبواق السيارات .
قال لنا داريوش أن منطقة ( سد تنظيم ) منطقة سياحية جميلة
وكانت تبعد عن وسط المدينة حوالي 15كم
فذهبنا إليها وكانت الساعة تقترب من الخامسة عصرا
وكان الناس عددهم كبير جدا ويمارسون السباحة
مع أن تيار الماء كان سريعا
وتعرفت هناك على شاب عربي من أهل المدينة
أسمه علي وتبين لي أنه من عشيرة (السواري )
وأن اعمام له يعيشون في مدينة ( العمارة العراقية )
وكان معه شباب عرب يأكلون ( الركي )
وكانوا يمزحون مع بعضهم البعض برمي القشر على بعضهم البعض
بطريقة ( مؤذية ) حتى أن أحدى القطع كادت أن تصيبني
فشعرت بالحرج وأنا أرى العوائل المتجمعة في المكان تنظر لهم بازدراء
ولكن لا أحد منهم تكلم عن تصرفهم فهم أحرار في تصرفاتهم
فطلبت فورا من السائق أن نغادر المكان
فلم يعجبني قط ما حدث
وطلبت منه العودة إلى وسط المدينة .
https://www.iraqkhair.com/up/do.php?img=11821
https://www.iraqkhair.com/up/do.php?img=11822
كان الوقت يقترب من الغروب
حين أخرجت الخريطة
وطلبت من داريوش أن نذهب إلى جسور دزفول القديمة
فذهب بنا أولا إلى مدينة تاريخية تقع في وسط النهر !!
أمام الجسر الحديث وكان الدخول إليها مغلق
فشعرنا بالاستياء ولكنه طلب منا الصبر
ونزل من السيارة وذهب للحارس
وأخذ يتكلم معه بهدوء وهو يشير لنا وبعدها عاد لنا
وفهمنا منه أن الحارس وافق على دخولنا
على شرط أن لا يتجاوز الوقت عشرة دقائق
فلم نصدق ذلك إلا عندما دخلنا
وحين أخرجت بعض المال لكي اعطيه على سبيل المكافأة
رفض ذلك وهو يبتسم وكأنه يقول لنا أننا ضيوف
ومن الواجب الترحيب بكم وكان رفضه قاطعا
فسحبني داريوش بهدوء
وفهمت منه أن الحارس يرحب بنا
ولا يستطيع أن يأخذ منا أي مال لأنه موظف حكومي !!!
استغربت الأمر في الحقيقة فأن أجرة الدخول كما في الإعلان الملصق
تشير إلى أن تذكرة الدخول لأهل المدينة 2 تومان
وللأجانب 10 تومان وهو يرفض 30 تومان !!
وهذا المبلغ كبير بالنسبة لهم .
https://www.iraqkhair.com/up/do.php?img=11823
https://www.iraqkhair.com/up/do.php?img=11824
https://www.iraqkhair.com/up/do.php?img=11825
https://www.iraqkhair.com/up/do.php?img=11826
وتأخرنا حوالي خمسة دقائق ولكن الحارس لم ينادي علينا ..
بل كان ينظر لنا وهو مبتسم
بعد أن شاهد شغفنا وسعادتنا في هذا المكان الجميل والرائع
وحين كنا نهم بالخروج قدمت له علبة عصير
فرفض ذلك ولكن داريوش تكلم معه فتقبلها على استيحاء
وهو يشكرنا ويحني رأسه مرارا
حتى خجلت من تصرفه معنا فرتبت على كتفه وصافحته
وكان يشد على يدي بقوة ويقول كلاما فيه مودة وترحيب !!
ومع أن البداية منذ دخولنا إلى إيران كانت سيئة
ولكن في أي مكان تذهب إليه ستجد هناك الشخص الجيد وعكسه .
ثم ذهبنا إلى جسر دز فول القديم
وهو لا يبعد كثيرا عن الجسر الحديث فأن الدعامات على حالها
ومقتربات الجسر على حالها أيضا
ولكنهم استفادوا من أربع دعامات لوضع هيكل معدني على شكل ثلاث أقواس
ليكون صالحا لعبور السيارات فعبرنا إلى الجهة الشمالية من المدينة
والحقيقة فأن مقتربات الجسر من الشمال أو الجنوب على حالها
وكان هناك مجرد ترميم بسيط لها
فأنهم كانوا حرصين جدا على أن يكون الجسر قبلة للسائحين
بعطره التاريخي المميز
وتجد الحدائق الجميلة محاطة به
والعائلات تنتشر فيها على مساحة واسعة
فلم نجد ما يعكر صفوها ولا شباب يتحرشون ببنات أبدا .
بل تجد العوائل تفترش الأرض ومعهم كل ما يحتاجون إليه
من فرش وطعام .
https://www.iraqkhair.com/up/do.php?img=11827
https://www.iraqkhair.com/up/do.php?img=11828
https://www.iraqkhair.com/up/do.php?img=11829
ومن بعدها ذهبنا إلى مطعم لتناول العشاء
وكانت الوجبة ( جلو دجاج ) .. تكة لحم دجاج مع الرز
وكان معنا السائق داريوش .
نهار حافل بكل شيء من الصباح حتى المساء حتى عدنا للفندق مرة أخرى .
كان هناك الشفت الليلي من الرجال
وطلبنا من داريوش أن يسمح لنا بتدخين الاريكلة في حديقة الفندق
فأن التدخين في الاماكن العامة محرم
وعاد إلينا وهو يضحك ويقول أن خمسة تومانات كافية
منحته بما يعادل 40$ نظير خدماته لنا .. وكان سعيد جدا
فأنه لو عمل طوال اليوم لن يحصد ثلث المبلغ .
وطلبنا منه أن يكون في الفندق في الساعة الثامنة صباحا بالتحديد
كانت لدينا خطة أخرى بديلة .
وكانت الساعة العاشرة ليلا حين ذهبنا للنوم
انتهى اليوم الأول في مدينة دزفول
وقطعنا ما يعادل 260 كم تقريبا وربما أكثر بكثير
أصبحت المسافة 775كم
إلى حلقة أخرى