العلاقة بين مصر وبلاد الاغريق قديما

العلاقة بين مصر واليونان علاقة قديمة , وهي علاقة تجارية بالمقام الأول , وتمتد هذه العلاقة منذ بداية العصر الإيجي في البلاد اليونانية عام 2600 ق.م وحتى الغزو الدُوري الذي تعرضت له بلاد اليونان في عام 1100 ق.م , ومما يدل على وجود علاقة بين البلدتين في هذه الفترة هو أن جماعة من سكان جزيرة كريت قدموا إلى مصر يحملون الهدايا لفرعونها آنذاك تحتمس الثالث بقصد توطيد العلاقة التجارية بين البلدتين , وكذلك للسماح لهم بدخول الأراضي المصرية والتجارة فيها , كما أن هناك آثاراً مصرية كثيرة عثر عليها في جزيرة كريت تدل كل الدلالة على أن العلاقة التجارية كانت قائمة في ذلك الوقت , ولكن ماأن اجتاح الغزاة الدوريون البلاد اليونانية حتى انقطعت العلاقة بين البلدتين مدة الغزو الدُوري كله والذي استمر قرابة الأربع قرون من عام 1100 ق.م وحتى عام 800 ق.م , وماأن انتهى الغزو الدوري وبدأ عصر دولة المدينة في بلاد اليونان حتى عاد العلاقات أقوى مما كانت عليه في السابق وذلك يعود لعدة أسباب سياسية وتجارية بنفس الوقت وهي
وجود العدو المشترك لكل من مصر واليونان وهو العدو الفارسي
أن فراعنة مصر في ذلك الوقت احتاجوا إلى الجنود المرتزقة ولم يجدوا خيراً من الجنود المرتزقة اليونان لمواجهة الخطر الليبي والفارسي معاً
أن مصر كانت المُصدر الأول في العالم القديم لمحصول القمح بينما كانت البلاد اليونانية الأقل إنتاجاً له ولذا كان اليونان دائماً بحاجة إلى القمح المصري
أن بلاد اليونان كانت المُصدر الأول في العالم القديم للفضة بينما مصر كانت تفتقر لذلك ولذا كان المصريون بحاجة دائمة لفضة اليونان
وقد عين الفراعنة المصريين مدينة لإقامة المرتزقة اليونان ومدينة للتجار اليونان , فأما مدينة المرتزقة فهي مدينة دفنة وتقع جنوب دمياط , وأما التجار فقد وضعوا لهم مدينة نقراطيس وهي مدينة تقع في الشمال الغربي للدلتا
استيلاء الإسكندر المقدوني على مصر
حينما هزم الإسكندر داريوس في معركة إيسوس عام 333 ق.م وهرب الأخير من أرض المعركة لم يقم الإسكندر بتتبعه وإنما اتجه غرباً مستولياً على السواحل الشرقية للبحر الأبيض المتوسط ومسقطاً إياها الواحدة تلوا الأخرى صور وصيدا وغزة وكذلك مستولياً على مصر , ويرى المؤرخون بأنه في عدم تتبع الإسكندر لداريوس شرقاً واتجاهه غرباً عبقرية فذة إذ أنه سيجعل من هذه السواحل ملجأ له في حالة الهزيمة كما سيجعل من مصر ممولاً لجيوشه وسفنه إضافة إلى محاصرة الأسطول الفارسي باستيلائه على السواحل الشرقية للبحر , كما أن لإنتاج مصر الوفير من القمح سببه في استيلاء الإسكندر عليها , وما أن دخل الإسكندر مصر في خريف عام 332 ق.م حتى اتجه إلى الفرما (ممفيس) واستقبله أهلها استقبال الأبطال الفاتحين وسلمه والي الفرس آنذاك مازاكسي البلاد , وقد عامل الإسكندر أهل مصر بالمثل فمثلما عاملوه بود عاملهم هو كذلك بود , واتجه بعد ذلك إلى معبد الإله (بتاح) وقدم له القرابين ونصبه كهنة المعبد فرعوناً على مصر وقام بعمل مهرجان رياضي كبير بقصد ترفيه جنوده وكذلك ليُري المصريين بعضاً من حضارة اليونان , بعد ذلك اتجه الإسكندر إلى الشمال الغربي بقصد زيارة معبد الإله آمون في واحة سيوة التي تفصلها عن مصر العمرانية الصحراء الغربية , وفي الطريق وحينما وصل الإسكندر إلى قرية تقع على الساحل وهي قرية راقودة التي كانت جزيرة فاروس تطل عليها من الشمال وبحيرة ماريوط من الجنوب قرر أن تُبنى الإسكندرية مكان القرية وأن تُتخذ عاصمة لمصر , بعد ذلك عبر الإسكندر الصحراء الغربية واستقبله كاهن معبد الإله آمون على أنه ابن للإله آمون , ومن ثم عاد إلى ممفيس نقطة انطلاقه ورتب شؤون الحكم في مصر حيث قسمها إلى أربعة أقسام شمال وجنوبي وشرقي وغربي , وجعل لكل قسم والي كي لا يتسقل أحدهم عن الآخر بحكم البلاد ويستولي على مصر , وجعل المسئول على الشئون المالية وجمع الضرائب من الولاة شخص يسمى كليومنيس النقراطيسي من مدينة نقراطيس مدينة التجار اليونان في مصر
كليومنيس النقراطيسي
عندما عهد إليه الإسكندر بالإشراف على شئون المالية في مصر قام باضطهاد واستنقاص باقي الولاة الأربعة حتى بدا وكأنه الوالي الأول والوحيد في مصر , ولأنه كان يتميز بالحيلة والخديعة والذكاء الحاد فقد قام بمعاملة مالية مصر وكأنها ماليته الخاصة وعلى هذا النحو ولأن مصر كانت المُصدر الأول في العالم القديم لمحصول القمح فقد أصبح المُصدر الأول لمحصول القمح في العالم القديم هو كليومنيس النقراطيسي حيث أصبح يتحكم بأسعاره داخلياً وخارجياً ولم يبدأ بذلك إلا حينما قضى على كل المنافسين له في السوق المصرية متمثلين بالكهنة وكبار المزارعين , فبدأ بالكهنة ومن ثم بكبار المزارعين حين ذهب إلى كهنة الفرما والذين كانوا يعبدون التماسيح وأخبرهم بأنه في إحدى رحلاته التي مرت من لدن الفرما ابتلع أحد التماسيح أحد أتباعه ولذا فهو الآن يريد أن يقتص من كل التماسيح الموجودة انتقاماً لصاحبه , فاصطر الكهنة ولأن التمساح مقدس لديهم أن يجمعوا مبلغاً من المال كتعويض لكليومنيس عن مقتل أحد أتباعه من قِبل التمساح البريء , ومن ثم طور كليومنيس الأمر حين جمع كل كهنة مصر وأخبرهم بأنه لابد أن يهدم بعض المعابد المصرية نظراً إلى أنها تكلف الدولة مبالغ باهضة للإصراف عليها
نهاية الإسكندر
توفي الإسكندر في مدينة بابل التي اتخذها عاصمة ً له عام 323 ق.م نتيجة لإحدى احتمالاتٍ ثلاث وهي إما أنه أصيب بمرض الملاريا وإما أنه أصيب بالحمى الشوكية وإما أنه مات مسموماً إذ يقال أنه في إحدى الليالي بعد أن عاد من وجبة العشاء مع قواده سقط طريح الفراش وبقى على فراشه مدة عشرة أيام توفي بعدها , ولكن أقرب الاحتمالات هي أنه مات نتيجة إصابته بالحمى الشوكية , المهم أنه وهو على فراش الموت اجتمع قواده حوله سائلينه لمن الإمبراطورية من بعدك إذ لم يكن للإسكندر وريث شرعي يرث الإمبراطورية من بعده , فزوجته الفارسية روكسانا كانت حاملاً في ذلك الوقت ولايعرف جنس مولودها إن كان فتاة ً أم ذكراً , كما أن أخاه الغير شقيق من أبيه أريديوس كان معتوهاً غير قادر على خوض غمار السياسة والحكم , ولذا كان جواب الإسكندر لقواده جواباً مدوياً حين أجابهم قائلاً (للأقوى) , ويقال بأن الإسكندر قبل وفاته أعطى خاتم الملك لأكبر قواده وهو (برديكاس) ولكن هذا القول غير مؤكد