العباسيون في ما وراء النهر : أوزبكستان

العباسيون في ما وراء النهر :أوزبكستان
وصل العرب إلى ما و ا رء النهر في النصف الأول من القرن الأول الهجري وكان من أبرز
المشاركين في ذلك الفتح العظيم من أهل بيت النبوة الصحابي الجليل قثم) 1( بن العباس، وكما هو
معلوم فقد كان قثم بن العباس رضي الله عنهما، الوحيد من آل البيت الذي استشهد و ا رء النهر
وضريحه لا ي ا زل قائماً بتلك البلاد اليوم، ويعد من أهم المآثر الإسلامية هناك إذ بنى عليه
تيمورلنك ضريحاً فخماً بقبة مزخرفة، وهو يعرف في تلك المنطقة ب )شاه زنده( أي الملك الحي
وقد اهتم الخلفاء المسلمون بسمرقند اهتماماً كبي ا رً وخاصة في عهد الخلفاء العباسيين الذين ا زدوا
في تحصينها ببناء القلاع حولها، وشحنها بالمقاتلين من المجاهدين العرب، فأصبحت سمرقند
بذلك أحد أهم الحصون الإسلامية المتقدمة في مواجهة دول الكفر في المشرق، وعدت ضمن المدن
.) التي كان يطلق عليها العواصم) 2
ولم يكتفِ الخلفاء العباسيون بهذه الإج ا رءات الدفاعية للمدينة، لأن المسلمون عندما فتحوا
تلك البلاد كان هدفهم الأساسي هو الدعوى إلى الله، لذا جعل الخلفاء العباسيون في مطلع القرن
الثاث الهجري من سمرقند قاعدة علمية إسلامية كبرى ينطلق منها الفكر والثقافة الإسلامية في
آسيا الوسطى، فانتدبوا إليها الكثير من العلماء والفقهاء، والمحدثين، والقضاة العرب من عاصمة
الخلافة وغيرها لتعليم الناس هناك أمور دينهم، وشجعوا أهلها أيضاً للقدوم إلى بغداد وغيرها من
حواضر الخلافة لتلقي العلوم الدينية، حتى أصبحت سمرقند فيما بعد تساير مدن وحواضر
الخلافة العباسية في النهضة العلمية العظيمة التي ظهرت في ذلك الوقت، بل أصبحت معقلاً
رئيساً للعلم والثقافة ومحط أنظار العلماء وطلبة العلم وبلغت من التقدم حد منافستها لعاصمة
الخلافة بغداد من حيث عدد المكتبات وضخامتها، وانتشار المدارس، ودور العلم في أرجائها،
وبرز من أهلها الكثير مما لا يحصى عدده من أئمة علماء الإسلام في الفقه والحديث والتفسير
وغيرها من العلوم السائرة، ويكفيهم شرفاً أن خرج منهم الإمامان )البخاري، ومسلم بن الحجاج
القشيري(.
1( هناك عدد من الكتب التي تحدثت عن العباسيين في ماو ا رء النه رومناطق وسط أسيا مثل )القند في تاريخ (
سمرفند للنسقي(، و) تميمة الدهر للثعالبي(، و) تاريخ جرجان للسمي ( ، وكتاب )القبائل والبيوتات الهاشمية
للشيخ إب ا رهيم السام ا رئي(.
2( انظر ترجمته في الجزء الثاني. (
3( العواصم: أطلقها المسلمون في العهد العباسي على المدن والثغور والقلاع التي تقع على حدود المواجهة مع دول الكفر آنذاك، (
ويقصد بها )التي تعصم المسلمين من العدو( وقد استحدث الخلفاء العباسيون منصباً لإدارة شؤون العواصم ومتابعة إعمارها
وتحصينها والإشراف عليها من الناحية العسكرية، ويطلق على من يتولى هذا المنصب )أمير العواصم( وكان الذي يولى عليها
يعد في منصب وزير الدفاع كما كانوا يحرصون أن=
= يولوا في هذا المنصب رجلاً من أكابر أمراء الأسرة الحاكمة.
وكما أسلفنا الحديث عنه أنه منذ أن فتحت تلك البلاد استوطنها الكثير من القبائل العربية
العدنانية منها واليمنية، مثل قبيلة: شيبان، وخ ا زعة، وتميم، وغيرهم بهدف الم ا ربطة على الثغور
الإسلامية والجهاد في سبيل الله. وازدادت هجرة الكثير من القبائل والبيوتات العربية إليها، ولا
سيما العلماء وطلبة العلم منهم لتبادل العلم والمعرفة، وخاصة بعد ما وصلت إليه )سمرقند( في
العهد العباسي من تطور حضاري في شتى المجالات العم ا رنية والعلمية، بل وحتى الكثير من
التجار العرب استوطنوها واستقروا بها بسبب ما وصلت إليه أيض اً من ازدهار اقتصادي هائل
حيث كانت المركز الوسيط على طريق الحرير التجاري الذي كان يسيطر عليه المسلمون آنذاك.
وبعد هذه المقدمة المختصرة عن علاقة المسلمين العرب بتلك البلاد وما وصلت إليه من
نهضة وازدهار في عصر الخلافة العباسية، فليس من المستغرب أن يستقر في هذا الإقليم
العباسي الإسلامي بعض علماء، وأم ا رء بني العباس ليس فقط كونه أحد أقاليم ملكهم، ولكن
ليشرفوا بأنفسهم على الحركة العلمية هناك ويساهموا أيضاً في الدعوة لله والجهاد والغزو في
سبيله، وقد استقر الكثير من رجال الأسرة العباسية ببلاد سمرقند وما حولها منذ منتصف القرن
الثالث الهجري، ومن يطلع على بعض كتب السير والت ا رجم يجدها مليئة بذكر الكثير من
الشخصيات العباسية وخاصة من الفقهاء والمحدثين الذين توطنوا بتلك الديار بل واعتبروا من
أعلامها مثل: الإمام المحدث الجليل الشريف أبي العباس محمد بن الحسن بن العباس الرشيدي
العباسي) 1(، والإمام المحدث والفقيه الجليل قاضي مدينة نسا ببخارى الشريف أبي الحارث
المعروف بابن أم شيبان بن محمد بن صالح بن علي بن يحيى العباسي) 2(وكثيرون غيرهما،
ويشكل اليوم أبناء وأحفاد رجال الأسرة العباسية ممن استوطن تلك الديار منذ القدم العديد من
البيوتات والعشائر التي لا ت ا زل حتى اليوم تحتفظ جميعها بوثائق وصكوك أنسابها العباسية، كما
ولا ي ا زل منهم الكثير من الأئمة الأعلام المتصدرين حلقات العلم والفتوى هناك، وقد كان لبعض
العباسيين في )أوزبكستان( في العصر الحديث دور في زمن التسلط الشيوعي الروسي على
الجمهوريات الإسلامية قبل استقلالها الصدارة في قيادة المعارك وملاحم الجهاد في سبيل تحرير
بلادهم من هيمنة الشيوعية وقد استشهد من كبار علمائهم وأئمتهم وحتى أطفالهم ما لا يحصى
في مجازر رهيبة قام بها الروس ضدهم هناك، ورغم كل ذلك لم يوهنوا أو يتخاذلوا في الدفاع عن
دينهم وعقيدتهم، ولا ي ا زلون حتى اليوم متصدرين منابر، وحلقات العلم في تلك الديار، ومن
أشهر
البيوتات العباسية في تلك المنطقة:
1( أقام بسمرقند وحدث بها، وتوفي بتركستان سنة 063 ه. (
2( أقام بسمرقند وحدث بها، وقلد القضاء لمدينة )نسا ببخاار(( سانة ) 333 ها((، وتاوفي ببخاار( فاي ليلاة الجمعاة مان أول شاهر ربياع (
الأول سنة 363 ه(.
أ آل الأمير طاهر:
وهم ذرية الأمير طاهر وهو من عقب أمير المؤمنين هارون الرشيد ابن محمد المهدي ابن
أبي جعفر المنصور رضي الله عنهم، ويرجع بنسبه من ناحية والدته إلى محمد المعروف بابن
ومركز سكناهم اليوم بمدينة )فركت(، وفي نمنكان بوادي ،ïپ„ الحنفية بن علي بن أبي طالب
فرغانة ومنهم جماعة في ه ا رة بأفغانستان التي بها ضريح الأمير طاهر الموما إليه وهم يتفرعون
إلى عدة أفخاذ من أشهرها:
1 آل نعمان:
وهم ذرية الشيخ نعمان ابن شيخ الإسلام محمد ذاكر الطاهري الرشيدي العباسي.
2 آل برهان:
وهم ذرية الشيخ برهان ابن شيخ الإسلام محمد ذاكر العباسي، ومنهم: )آل كامل(، وغيرهم
آل القارئ: وهم عقب قارئ ابن شيخ الإسلام محمد ذاكر، ومنهم: )آل عزيز(، و)آل عيسى(.
4 آل سليمان:
وهم عقب شيخ الإسلام سليمان ابن شيخ الإسلام محمد ذاكر العباسي، ومنهم: )آل فضل(،
و)آل سليمان النادم(، و)آل عبد المولى(، و)آل سلمان(.
5 آل معروف:
وهم ذرية معروف ابن شيخ الإسلام محمد ذاكر العباسي، ومنهم: )آل عبد الرحمن(
وغيرهم.
6 آل نجم الدين:
وهم عقب نجم الدين ابن شيخ الإسلام محمد ذاكر العباسي، ومنهم: )آل حسين، وآل
حسن(.
7 آل محمد:
وهم ذرية أحمد الأمين ابن شيخ الإسلام محمد ذاكر.
8 آل باقر:
وهم ذرية باقر ابن شيخ الإسلام محمد ذاكر العباسي، ومنهم: )آل جعفر(، و)آل محمود(،
و)آل محمد(، و)آل حسين(.
ب آل ابن أم شيبان:
وهم عقب الإمام الفقيه والمحدث الجليل قاضي بخارى الشريف أبي الحارث محمد المعروف
بابن أم شيبان بن صالح بن علي بن يحيى بن عبد الله ابن محمد بن عبيد الله بن عيسى بن
موسى بن محمد الكامل ابن التابعي الجليل الإمام علي السجاد ابن الصحابي الجليل عبد الله
.ïپ‰ حبر الأمة وترجمان الق آ رن ابن العباس ذو ال أ ري عم النبي
ج آل محمد بن محمد بن الحسن الرشيدي العباسي:
وهم عقب الإمام الجليل الشريف أبي العباس محمد بن محمد بن الحسن ابن العباس بن محمد بن
علي ابن أمير المؤمنين الخليفة هارون الرشيد ابن الخليفة محمد المهدي ابن الخليفة عبد الله أبي
جعفر المنصور بن محمد الكامل ابن التابعي الجليل الإمام علي السجاد ابن الصحابي الجليل
ابن عبد المطلب بن هاشم، ïپ„ عبد الله حبر الأمة ابن الصحابي الجليل أبو الفضل العباس ذو ال أ ري
وكانت مساكنهم في فرغانة وتفرعوا إلى عدة فصائل وأفخاذ متوطنة بتلك البلاد، وما جاورها من
الجمهوريات الإسلامية.
القبائل والبيوتات العباسية في العالم