لم تحض اي امرأة سومرية بالشهرة الواسعة التي تميزت بها الملكة شبعاد

، وكانت الى جانب ذلك تتمتع بذوق رفيع بأختيار الأدوات الدقيقة الصنع التي صنعها لها فنانون مهرة مهتمون بهذه

الصناعة الذهبية والأحجار الثمينة الأحرى ، وهذا يكشف لنا عن المستوى الفني الذي وصل اليه هؤلاء الفنانون في

عصر السلالة السومرية الثانية والثالثة حتى نهاية العصر السومري الحديث

جذور الفن السومري

الملكة – بو – آبي ( شبعاد )

وفنانو النفائس والأدوات الرائعة حسين الهلالي

في أور أقترن أسم هذه الملكة بشهرة واسعة من خلال التنقيبات التي أجرها ( وولي Woolley ) في المقابر الملكية ،

ولم تحض أي أمرأة سومرية بهذه الشهرة الواسعة ، لقد كانت على ما يبدو تتمتع بذوق رفيع باختيار الأدوات الدقيقة

الصنع التي صنعها لها فنانون مهتمون بهذه الصناعة الذهبية والأحجار الثمينة الأخرى ، وهذا يكشف لنا عن المستوى

الفني الذي وصل اليه هؤلاء الفنانون في عصر السلالة السومرية الثانية ونهاية العصر السومري الحديث ، والقسم

الأكبر من القبور والتي وجدت فيه النفائس ترجع الى بداية عصر فجر السلالات الثالث ، ففي تعليق لا ندري بارو عن

حلقة عنان الحصان عثر عليها في المقبرة الملكية قائلاً (( هذه القطعة من المقبرة الملكية في اور ليست سوى مثال بين

العديد من هذه النتاجات – الفنية الرائعة التي تبرر لنا أن نصف الفنانين السومريين بأنهم أعظم من جميع الفنانين

القدامى ، فليست هناك مدينة أخرى في العالم ، وفي النصف الأول للألف الثالث قبل الميلاد تستطيع أن تتباهى بمثل هذه

الوفرة من النتاجات الفنية التي نفذت بمثل هذه الصفة الكاملة )) لقد اختارت بو –آبي – شبعاد بنفسها أدوات المائدة

الأنيقة من أرقى المعادن وهو الذهب ، وكانت انسيابية التعرجات للكأس والكاس الذي تنتهي خطوطة القوسية بقاعدته

الدائرية المملوء فراغها بزهرة تسد هذاالفراغ المدور . واختارت القلائد التي خرزاتها من الذهب والفضة ومختلف

الحجار الكريمة وهي تعتبر من النفائس الفريدة التي وجدت في المقبرة وكذلك شرائط ذهبية وزهور تعتبر من زينات

الرأس البديعة حتى علبة الزينة اختارتها بعناية فائقة من الذهب وكذلك الملاقط . وانواع الحيوانات ولم يقف هؤلاء

الصناع عاجزين عن أي صناعة أكثر تعقيداً . لقد أهتمت هذه المرأة بجمالها وزينها التي لم تسبقها امرأة في كل العهود

في تقديم أشياء أبداعية تضفي على المرأة أكثر جملاً وأكثر ابهة وتعطيها الصفة الكاملة للقدسية الملكية . أو إعطاء

الدرس في الأناقة وأختيار الموضه للعصر التي تعيش فيه هي وكل الفتيات السومريات ، وهذا أوج ما وصلت اليه المرأة

في العهد السومري في الحضارة والتقدم ، وما دامت هي التي أختارت الأواني الذهبية لمائدتها الملكية وأدوات زينتها

النادرة فلا يستبعد كونها هي التي أشارت على الصناع المهرة أن يصنعوا لها أكليل الرأس النادر ، والذي لم يشاهد من

قبل في العهود السومرية السابقة عند النساء اللواتي سبقن –شبعاد- هذا الأكليل من الذهب الخالص الذي شكل أوراق

الصفصاف أو اوراق شجر الزان المزخرفة بالذهب وقد أرتفعت فوقه ثلاث زهور تبدأ من مؤخرة الأكليل الخلفية وتنحني

حركة الخطوط الثلاثة برقة مشكلة نصف أقواس تتطاول فيها الأوراد الثلاثة ، أن هذا الأكليل يضفي مهابة وأجلال للملكة

–شبعاد- (( أكتشف وولي هذه المقبرة بين عام 1922-1933-واكتشف القبر المرقم (789) العائد الى آباركي ومن

بعده القبر الملاصق له رقم (800) العائد الى الملكة بو-آبي-شبعاد ، وقد فسر وولي هذه الظاهرة بأن الملكة بو

–آبي-بدافع حبها لزوجها الملك أباركي اوصت ان تدفن بالقرب منه بعد موتها ، ولهذا السبب نشاهد القبرين

(789)و(800)متلاصقين )).

كان عمرها اثناء وفاتها يقدر بالأربعين سنة لما تذكره المصادر التاريخية وجدت مدده على سرير من الخشب ومعها

وصيفتان الأولى قرب رأسها والثانية عند قدميها ، وكانت بو –آبي-شبعاد ترتدي فوق ملابسها ثوباً قصيراً لحد الخصر ،

وهو عبارة عن سلاسل من الخرز المصنوع من الذهب والفضة والأحجار الكريمة ، كانت هذه السلاسل تنتظم بخيوط

وتتصل بطوق حول العنق ثم تتدلى هذه الخيوط على الأكتاف أما الأقراط التي تلبسها في اذنيها هي اقراط هلالية الشكل

كبيرة الحجم وهي غير مسبوقة في جميع الحلي والجماليات في السابق ، كما وجد في قبرها ثلاث أختام اسطوانية من

اللازورد تحمل احدها أسمها ولقبها –الملكه-بوآبي-وهي تتمتع بمركز رفيع أذ دفن معها تسعة وخمسون شخصاً وكميات

كبيرة من الحاجيات الثمينة والعربات والأدوات ولكن عدم وجود أسم هذه الملكة والملك زواجها آباركي في جدول

السلالات للملوك دفع بعض المنقبين الى أعتبارها من ضحايا الزواج المقدس احدى الطقوس السومرية التي كانت تقام

لضمان الخصب والرخاء في البلاد . (( ففي هذه المراسيم كانت الكاهن الأعلى او الملك او من ينوب عنه يقوم بدور

الأله ويتزوج من أحدى الكاهنات التي تتمثل بدورها الهة الخصب وذلك وسط ترانيم وصلوات وطقوس دينية معينة ،

وكان الملك يرفع مع حاشيتة بعد قيامه بطقوس الزواج المقدس وذلك تشبها باله الخصب تموز عند نزوله الى العالم

السفلى (( وفسر العالم مورتكات Mortgot ) ظاهرة الدفن الجماعي في ضوء هذه النظرية ، فأدعى بأن الملك كان

يدفن مع حاشيته ومن تمثل الالهة عشتار-بعد انتهاء مراسيم الزواج المقدس ولكن كان يخرج من القبر بعد فترة معينة

تشيهاً بقيام الأله تموز من الأموات في فصل الربيع ،فأذا صحت هذه الفرضية تفسيراً للمقابر في أورفليس من المستبعد

أنذاك ان تكون لبو أربي صفة دينية أي أنها كانت احدى الكاهنات اللواتي قمن بدور الألهة (( اناتا)) في مراسيم الزواج

المقدس )) لقد كون وولي رأياً خاصا عندما شاهد هذه الهياكل البشرية المكتشفة في هذه المقابر الجماعية ، والذي

خلص على انها الأثر للمقاومة على أوضاعها ، كان الجميع موزعين في اماكنهم مما دفعه الى الأعتقاد بأن هؤلاء

الأشخاص قد دخلوا هذه المقابر احياء عن غاية معينة بعد أن أعطوا شيئاً من السم أو المخدر أثناء مراسيم الدفن .

وفسر ظاهر الدفن الجماعي بأنها احدى العادات القديمة التي كانت جارية في كثير من الحضارات الشرقية الأخرى حيث

كانت حاشية الملك تدفن معه بعد وفاته ، لتضمن له العيش الرغيد في العالم الثاني . أما كريمر فأعتبرها عادات نذرية

تقدم الى الهة في العالم السفلي ، تماما كما فعل جلجامش ، عندما دفنت زوجته وابنه وجواريه وخدمه وغيرهم الى

جانبه لقد نزل جلجامش الى ( قصره المطهر) ( العالم السفلي ) وقعه هذه المجاميع وكمية كبيرة من الهدايا والنذور كما

كانت عليه الحالة في القبور الجماعية . لقد وجدت قيثارات ذهبية بجانب الهياكل البشرية لنسوة يرتدين الملابس

الحمراء ويتزيين بالحلي والاحجار الكريمة. وكانت الموسيقى منتشرة ومنظمة من الدويلات السومرية وخاصة أور وتكاد

تكون من تكوينات الوظائف التي كانت قائمة انذاك في الدولة السومرية فهناك المنشدون الخاضعون الى ادارة المعبد

وهي وظيفة بتوارثها الموسيقيون والمغنون وتقسم ( كالا ) وهو المتخصص في انشاد الاغاني الدينية الحزينة ( ونار)

وهو متخصص في انشاد الاغاني الدنيوية وخاصة في الافراح مثل اعياد ( طقس الزواج المقدس) وهناك فرق خاص

بالقصر فيها نساء عازفات الى جانب الرجال الذين ينشدون الأغاني والتراثيم أي الملك والملكة / وكان بعض الملوك

يشجع الموسيقى بشكل ملفت للنظر ، مثل الملك شولكي صاحب الذوق الموسيقى الرفيع وانه كان يجيد العزف على ثمان

آلات موسيقية وانه يجيد القراءة والكتابة . وهناك نساء عازفات ماهرات فلا يستبعد ان تنتقل الوصيفات الى هيكل

الملكة ومعهن القيثارات ، وخاصة قيثارة اور الكبير الدقيقة الصنع كانت منتصبه في أرض المدفن بنحو 120سم وقد

استخدم الفنان في عملها الذهب واللازورد واستخدام مواد اخرى مختلفة مثل الفضة والصدف والعقيق مقدما حسن

الاستخدام وجلال التكوين الأخاذ ومن يدري ان هناك القبور غير المكتشفة في أور وفي مدن سومرية كثيرة وان عملية

اخفاء القبور الملكية في اعماق الارض هي عقبة كبيرة في طريق التنقيبات الحديثة (( الأرجح هو ان ملوك مابين

النهرين سيظلون متمتعين بنوم هادئ عدة قرون قادمة ))

منقول