العراق بلد قديم وحضارة عريقة، ولعله أول حضارة بشرية ظهرت في فجر التاريخ. تشير بعض المصادر التاريخية إلى أن اسم العراق هو تعريب لكلمة (أوروك)، والتي تعني المدينة أو أرض المدينة باللغة السومرية القديمة، إشارة إلى تمدن هذه الأرض وتقدمها العلمي والتكنولوجي آنذاك، مقارنة بنظيرتها غير المتمدنة والمتحضرة آنذاك، أو نظيرتها العربية كما نعرفها اليوم (الوركاء).

كما كان أرض العراق يُعرف باللغة اليونانية باسم (ميسوبوتاميا)، والتي تعني (بلاد ما بين النهرين)، وهي أرض العراق الأصلية قبل أن تصبح محافظات ما شمال بغداد وكردستان جزءا من جمهورية العراق بحدودها كما نعرفها اليوم، وكذلك كان اسم هذه الأرض باللغة الأكدية هو (بيت نهرِين) والتي تعني (أرض الأنهار)، نظرا لكثرة أنهار هذه المنطقة مقارنة بالأراضي الصحراوية المجاورة لها. ويُقال كذلك أن العراق هو من العرق، أي النهر، إِشارةً إلى تعدد أنهاره ومجاريها في أرضه العامرة في السابق والمنكوبة اليوم.

وايضا اسم (العراق) مشتق من كلمة (عيراق) أو (إيراق) والتي تعني بالفارسية القديمة (الأراضي السفلية أو المنخفضة)

هذا معنى العراق (والله أعلم بالصواب). ولكن ماذا عن مدن العراق ومحافظاته؟ ما أصل تسمياتها؟

نبدأ بالعاصمة الحبيبة (بغداد)، ويقال انها كلمة فارسية (باغداد) والتي تعني حرفيا (عطاء البستان) نظرا لكثرة أشجارها آنذاك ولم تكن بغداد في قديم العهد مدينة ذات أهمية أو شأن كبير، قبل أن يعمل الملك العباسي أبوجعفر المنصور على تشييدها وتوسيعها ومن ثم اتخاذها عاصمة لمملكته مترامية الأطراف آنذاك. فمعلوم أن المدائن التي تقع اليوم بالقرب من عاصمتنا بغداد، كانت هي عاصمة الامبراطورية الفارسية في عصر ما قبل الإسلام.

أما (البصرة)، فهي أيضا يقال أنها مأخوذة من الكلمة الفارسية (بسراه) التي تعني (ملتقى الطرق) آنذاك نظرا لموقعها الإستراتيجي، ومنهم من يقول أن الكلمة عربية صرفة، تسمت بها المدينة لأنها كانت أرضها من الحجارة الرملية الرخوة البيضاء الصغيرة اللامعة التي بإمكان المرء أن (يبصرها) من بعيد، ولهذا، سميت بـ (البصرة)، وهو الرأي الأرجح بنظري.

وبحسب الترتيب الأبجدي :

(أربيل): وهي باللغة الآشورية (أربع إيل)، أي، (أربعة آلهة) نظرا لوجود أربعة معابد آشورية كبرى فيها آنذاك، حيث كانت في العهد الآشوري مركزا لعبادة الآلهة عشتار. ألا أن الأكراد اليوم قد هجروا هذه التسمية واختاروا بدلا منها اسم (هولير) أو بالإملاء الكردي الدقيق (ھەولێر) لعاصمتهم. وهي لم تصبح مدينة عراقية إلا عند قيام المملكة العراقية في العام 1921، حيث كانت قبل ذلك خاضعة للاحتلال العثماني خارج نطاق التعريف الرسمي لعراق اليوم.

(الأنبار): كلمة عربية صرفة مفردها (نَبر) وتعني (المخزن)، أطلقها المناذرة عليها لأنها كانت مخزنا للحنطة والشعير والتبن، وكذلك لأنها كانت مخزنا للعدد الحربية حيث كانت مركزا دفاعيا مهما لحماية العاصمة (المدائن) من هجمات الروم. وهذا قول ثابت تاريخيا لا خلاف عليه.

(بابل): أصلها (باب إيل) وهي تعني باللغة السومرية (باب الإله)، وكانت معقلا لحضارة البابليين المشهورة آنذاك.

(دهوك): وهي بالأصل (دو هوك)، وتعني بالكردية (حفنتين أو صاعين) من الغلة، لأن أميرها (آخ شندو) عند وقت تسميتها كان يأخذ (خاوة) قدرها صاعين من الحنطة أو الشعير من قوافل الحبوب المارّة عبر هذه المنطقة.

(ديالى): نسبة إلى نهر (ديالا) وليس معروفا بالضبط سبب تسمية هذا النهر بهذا الاسم.

(القادسية): نسبة إلى قرية (قادس) التي كانت موقعا لمعركة القادسية الشهيرة التي انتصر فيها المسلمون على الفرس في عصر صدر الإسلام. وايضا اسم هذه المحافظة هو محافظة (الديوانية) نسبة إلى مدينة (الديوانية) التي اشتهرت بكثرة المضايف ودواوين الضيافة فيها، ولا زلنا اليوم في العراق نسمّي غرفة استقبال الضيوف وخدمتهم في منازلنا بـ (الديوانية).

(ذي قار): نسبة عيون (ذي قار) التي كانت كذلك موقعا لمعركة ذي قار الشهيرة التي انتصر فيها العرب على الفرس في الجاهلية وكانت أول مرة يدحر فيها العربُ الفرسَ بعد طول ذلة وهزيمة، ولا يُعرف بالضبط أصل تسمية كلمة (ذي قار) نفسها.

وقد فرح العرب فرحا شديدا غير مسبوق بهذا النصر غير المتوقع، وأخذت الحمية شاعرنا الأعشى فكان من جملة ما قاله عن ذلك في شعرنا العربي الجميل:

وجند كسرى غداة الحنو صبحهم منا غطاريف ترجو الموت فانصرفوا
لما رأونا كشفنا عن جماجمنا ليعلموا أننا من بكر فينصرفوا
قالوا: البقية والهندي يحصدهم ولا بقية إلا النار فانكشفوا
جحاجح، وبنو ملك غطارفة من الأعاجم، في آذانها النطفُ
لما أمالوا إلى النشاب أيديهم ملنا ببيض فظل الهام يختطفُ
وخيل بكر فما تنفك تطحنهم حتى تولوا، وكاد اليوم ينتصفُ
لو أن كل معد كان شاركنا في يوم ذي قار ما أخطاهم الشرفُ

(السليمانية): ليس معروفا بالضبط، ولكن تقول بعض الأساطير أنه عثر فيها على (خاتم) منقوش عليه باسم سليمان (أي، خاتم سليمان)، فسميت هذه المنطقة بالسليمانية نسبة للخاتم، ولكن هذا الرأي غير مؤكد، حيث يوجد رأي آخر يقول أنه سميت كذلك نسبة لأحد السلاطين أو الولاة العثمانيين اسمه (سليمان باشا). واسم هذه المحافظة باللغة الكردية اليوم هو (سليماني).

(صلاح الدين): سميت بهذا الاسم نسبة إلى صلاح الدين الأيوبي الذي وُلد فيها

(كربلاء): واسمها على الأرجح مشتق من كلمتي (كرب و بلاء)، وذلك لأنها كانت موقعة لفاجعة الطف التي استشهد فيها الإمام الحسين (ع) وأصحابه في ثورته ضد الطاغية الأموي يزيد بن معاوية آنذاك.

(كركوك): ولهذه الكلمة روايات كثيرة لا يُعرف أيها الصحيح على الأرجح، منها أن اسمها الحالي يرجع إلى اسمها القديم بالسريانية (كرخا دبيث سلوخ)، أي (قلعة السلوقيين)، والله أعلم. كانت تُعرف هذه المحافظة في عهد البعث المقبور باسم محافظة (التأميم) نسبة إلى مشروع تأميم النفط في العام 1972، وكان يتم (تدليعها) في الأوساط الإعلامية الشمولية آنذاك باسم (محافظة الذهب الأسود).

(المثنى): نسبة إلى القائد العربي (المثنى بن حارثة الشيباني) وهو أحد أصحاب الباع الطويل في دحر جيوش الفرس في العراق في موقعة (قس الناطف) التي مات فيها متأثرا بجراحه بعد انتصاره في المعركة، فسميت هذه المنطقة باسمه تيمنا به، وحدث هذا في عهد صدر الإسلام قبل معركة القادسية الشهيرة.

(ميسان): يُقال أنها الأرض التي تكثر فيها الحشائش والأعشاب والسهول حيث (تميس) أي تتمايل مع هبوب الريح، وكذلك أطلق عليها الصابئة المندائيون اسم (ميس يانه) وهو الماء الممزوج ببقايا وأجزاء النباتات العشبية في الأهوار فيها.

(النجف): وهو المكان العالي الذي لا تعلوه الماء، وكانت منتجعا للمناذرة قبل أن يتخذها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) عاصمة لخلافته ومن ثم موقعا لاستشهاده ودفنه فيها.

(نينوى): يقال والله أعلم أنها نسبة إلى (نينا) آلهة السمك أو الحوت، وهي مدينة النبي يونس (أو يونان أو ذي النون) (ع) وقصته الشهيرة مع الحوت كما وردت في التوراة والقرآن الكريم.

(واسط): بناها الحجاج بن يوسف الثقفي لتكون مقرا عسكريا لجنوده، وسميت بواسط لوقوعها في الوسط ما بين العراقَين آنذاك، وهما البصرة والكوفة.

منقول للمعلومه فقط