بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


دائما ما نسمع صوت المرأة يعلو بالشكوى والتذمر لإهمال زوجها لبعض أمورها، فنراها تطالبه بأشياء قد تبدو عادلة إلى حد كبير ولكن ماذا لو تخيلنا الزوج مكانها وهو يبوح لها بكل ما يعترك في صدره وما يحزنه ويقلقه ويتمناه.. تخيلوه معي وهو يبتدرها قائلا :

زوجتي الحبيبة.. طالما تطالبينني بالتحدث إليك، والسماع لك، والبشاشة في وجهك، والنعومة عند معاملتك والهمس حين الحديث معك، والتودد إليك بالهدايا بمناسبة وبدون مناسبة، ومشاركتك أمور أولادنا.

كل هذا جميل يا حبيبتي ولكن.. ألم تسألي نفسك ذات يوم ما الذي يضايقني؟ وما الذي يبعدني عنك ما الذي لا أحبه منك؟ .

لقد أرهقتني يا زوجتي سلسلة المقارنات التي تفاجئينني بها كل يوم، نعم حين تضعينني في مقارنات ظالمة مع أزواج صديقاتك أو إحدى بنات العائلة، من جاء لها بكذا ومن أعطاها كذا ومن اشترى لها! حتى أصابني الإحباط والحزن وأحسست أنه لا فائدة تطال مني.

لذا فقد آن أوان إخبارك بتصرفات منك تضايقني وذلك ليس إلا لرغبتي الأكيدة في استمرار حياتنا ولتعلمي أنني مصر على مشاركتك هذه الحياة التي أعلم أنها لا تصفو لأحد.

فأنت يا حبيبتي كثيرا ما تتهمينني بالتخلي عن مسؤوليتي تجاه أبنائنا، فلو استطعت تحديد تلك المسؤولية أكون شاكرا لك، أليس كدي وتعبي في العمل لتوفير نفقات تعليمهم مسؤولية؟.

أليس حرصي على متابعة أخبار دراستهم منك بخاصة حينما أعود متأخرا ولا ألقاهم جزء من مسؤوليتي؟ ألا تعدين حواراتي معهم - وإن كانت قليلة - جزء لا يتجزأ من مسؤوليتي؟.

ثم لو قمت بكل شيء تجاههم وأنا الرجل الذي يسعى طوال النهار في الخارج فأين سيكون دورك أنت؟ لعلك تتراجعين عن اتهامك هذا لي.

ثم إن شد ما يزعجني منك ؛ حديثك عن علاقتنا الشخصية وخصوصياتنا عند الأخريات ورفع صوتك بما يسيئنا في كثير من الأحيان، لأنني مثلا ذات مرة ثرت عليك، أو لم أنتبه لطلب طلبتيه أو لم أستجب لمصاحبتك في إحدى زياراتك للعائلة، أو لشراء شيء كمالي ولم يكن متوفرا معي ثمنه في حينها.

ثم ترفعين صوتك منددة بخروجك للعمل كي تكفي نفسك ذاتيا! وأسألك: هل توفر معي ما أعطيه ولم أنفق؟ وأنت تعلمين جيدا أن كلا ينفق على سعته؟.

أرجوك.. لا تقارنينني " بزيد أو عبيد " ولكن قارنيني بنفسي، وتذكري كيف كانت حياتنا في بدايتها صعبة ، لكنها كانت بسيطة وبالرغم من ذلك لم تتذمري إنما جاء تذمرك هذا بعد أن فتح الله علينا وبعد أن امتدت عيناك إلى ما عند صديقاتك وقريباتك فاختفت قناعتك التي كنت تحملين في صدرك وصرت تصدرين لي الأحاسيس السلبية بالعجز وعدم القدرة والدونية وعدم المسؤولية.

والتي صارت بشكل يومي تؤلمني حتى صارت كالشوكة في الظهر فأصبحت أفضل البعد عنك وأفتعل المواقف لأتلاشى الجلوس معك أو مع أولادي وأسعى لأن أهرب بعيدا، لقد صرت أحب بقائي في العمل دون الرجوع إلى البيت.. البيت الذي امتلأ نكدا بعدما كان من قبل هو الجنة لي.

ثم إن فضولك يا حبيبتي كاد يهدم بيتنا أكثر من مرة لولا أنني تحليت بالصبر وأرجعت ذلك لحبك لي وخوفك علي،فها أنت تشمين ملابسي كقطة!!، وتفتشين هاتفي وتتنصتين على محادثاتي وتتفقدينني في العمل وتسألين مع من تكلمت ومن قابلت وماذا قلت.

قلت لك: أعلم أنك تحبينني لكن لا تفقدي الثقة في ولا تهدمي جدارها المتين الذي بنيناه معا منذ أول زواجنا.

زوجتي الحبيبة.. أنت تمتلكين خصالاً طيبة نادرة، وقلبا يسع الكون برقته وحنانه، فلا أطلب منك أكثر من العودة إلى بدايتنا معا وتنظري لي بعين الرضا التي لا ترى إلا كل جميل.

فأنا برغم ما عددت لك من تصرفات منك تضايقني إلا أنني لم أبح لك بها إلا الآن ، حينما وجدتك تصرين على اتهامي بالتقصير وإن لم تنطقي بذلك صراحة في بعض الأحيان.

فأنا لم أقارن بينك وبين أمي التي هي المثال عندي في كل شيء، لإيماني بأن لكل إنسان قدرات ولكل زمان تقاليد ولكل منا شخصيته فلم أشأ أن أجعلك ترتدين ثوبها أو تتصرفين حتى في أبسط المواقف مثلها.. كالطهي مثلا ومع اعتزازي بها وحبي وإجلالي، إلا أنك صرت لي كل الأشياء فلا تحرميني دفئك وحنانك.


منقوله للقرءاة واطلاعكم