الملكه توسرت... فرعونة تناساها التاريخ






توسرت: الملكة المنسية وفرعونة مصريه واحدة من النساء القليلات اللاتي حكمن مصر القديمة كأنها أحد الملوك الرجال.


وكانت توسرت الفرعون الأخير من الأسرة التاسعة عشر(٢٠٠٠ عام قبل الميلاد), وواحدة من اثنتين فقط من الملكات الإناث اللاتي دفن في وادي الملوك الشهير في مصر. وعلي الرغم من ذكر اسمها لدي هوميروس باعتبارها فرعونة مصر التي تفاعلت مع هيلين في وقت حرب
طروادة ظلت لفترة طويلة يكتنفها الغموض حتي بين علماء المصريات.


ومؤخرا نجحت بعثات الاكتشافات الأثرية في تسليط الضوء علي إنجازاتها, ومدي نفوذها. ويعد هذا الكتاب هو أحدث تعاون بين البروفيسورريتشارد
ويلكنسون, الأستاذ بجامعة أريزونا للآثار المصرية وعدد من العلماء المرموقين في البحث والتنقيب ليزداد فهمنا لحياة وعهد هذه المرأة العظيمة. ويستغل هذا
الكتاب المليء بالتقاصيل الصور الممتعة الغنية بالاكتشافات الحديثة لتصحيح صورتها جنبا إلي جنب مع ملكات أخريات مثل حتشبسوت وكليوباترا, وهي
الشخصيات التي هيمنت طويلا علي رأينا ومفهومنا حول الملكات الإناث في مصر القديمة. ويجمع الكتاب الدراسات الأثرية والتاريخية والنسائية لتوفير وجهة نظر أكاديمية لتكون إسهاما مهما في أدبيات علم المصريات.

ويطرح الفصل الأول عدة أسئلة حول الأدوار التقليدية للملكات في مصر وكيف تطورت مع مرور الوقت؟ ويتعرض لوجود ثلاث نساء قويات في تاريخ مصر الطويل أطلق عليهن لاحقا فرعون.

ولهذا وقبل التعرف علي توسرت استعرض الفصل الأول السيدتين اللتين عرفتا بالفرعون وهن الملكه سوبك نفرو من فترة عصر الدولة الوسطي وحتشبسوت من الأسرة الثامنة عشرة الرائعة.

ومن خلال النظر في تطور الملكية للإناث والرجال في مصر القديمة نحصل علي فكرة عن الكيفية التي غالبا ما يشغل بها الحكام الإناث الأدوار التي ترتبط تقليديا بنظرائهن من الرجال, مثل حشد القوات في أوقات الحرب لنستطيع أن نفهم كيف شعرت توسرت بالالتزام بدور الفرعون.

وأما الفصل الثانيالمرأة حورس: حياة وحكم توسرت يتناول بالتحديد حياة وعهد توسرت ويركز علي مكانتها في مصر آنذاك مستعرضا عهد سبتاح الذي انتهي به الحال ليكون تحت سيطرة توسرت.

ويظهر بعد ذلك باي مستشار سبتاح الذي اعتبر نفسه همزة الوصل بين سبتاح وتوسرت حتي أعدم علي يد سبتاح ويقال أن توسرت التي فعلتها.
المهم أن الفصل يسرد بعد تلك الحادثة وصول توسرت إلي العرش بعد الوفاة المبكرة لسبتاح. واستمرار عهد توسرت من8-11 عاما, حيث بدآت قصتها مع حكم مصر.

أما الفصل الثالثكنوز منسية: توسرت كما تبدو في الآثار فيتناول قصتها مما تكشفه الآثار الخاصة بها. ويبدأ بدراسة قبرها المدهش الموجود في وادي الملوك وصورتها كفرعونة محبوبة من شعبها.

ويمضي الفصل الثالث في وضع التفسيرات المختلفة حول تمثال توسرت وتصويرها في معبد أمادا في النوبة ليؤكد مدي وتأثير حكمها.



ويتناول بقية الفصل الثالث المقابر والمعابد, والكنوز التي تصورها في جميع أدوارها كوصي وحاكم. ويكشف لنا ان توسرت كانت تتمتع بشخصية قوية و تهتم بهويتها الشخصية حيث أنها كانت تصر علي تصوير أنوثتها علي جميع الزخارف والتماثيل و لم تسعي إلي استرضاء الرجال الأقوياء والتشبه بهم.

وبالتالي تم تكريس الفصل الرابع بالكامل لشرح تفاصيل قبرها الرائع في وادي الملوك. فتوسرت واحدة من الحكام الإناث اللاتي دفن في وادي الملوك.

وتقع المقبرة في الوادي الشرقي بوادي الملوك وتتكون من حجرتين للدفن وهي نتاج عمليات التوسعة التي قام بها الفرعون ست نخت أول ملوك الأسرة العشرين لتكون بذلك واحدة من أكبر مقابر وادي الملوك حيث انها تمتد علي مساحة211 متر مربع. ويلاحظ طمس معالم الملكة توسرت من علي جدران المقبرة ومحاولة تحوير النقوش لتلائم الملك ست نخت, كما يلاحظ إزالة الاسم الملكي لست نخت من علي جدران المقبرة وإحلال اسم الملك سيتي الثاني بدلا منه خلال العقود التالية.

ويتتبع الفصل تاريخ بناء المقبرة وسيرة توسرت الذاتية كما يخبرنا عن مكانتها خلال مراحل مختلفة من حياتها.

ونصل في النهاية إلي الفصل الأخير الذي يختتم به البروفيسور ريتشارد ويلكنسون الكتاب كخير خاتمة حيث أنه جمع كل احداث الماضي ودراسات العلماء وحكي لنا بكل بساطة كيف نجح حب علماء الأثار والمستكشفين في توضيح غموض قصة سيدة نادرة من نوعها. فرغم انتهاء عهد توسرت منذ أكثر من3 آلاف سنة وعدم اهتمام التاريخ بها لكن اسمها سيظل محفورا في الأذهان وقيمتها لا يمكن تعويضها وسيظل بالتالي البحث مستمرا عن المزيد من أسرار قوة نساء مصراللاتي ليس لهن نظير.

لا تزال نقوش مقبرة توسرت باقية بألوانها المختلفة في حالة جيدة . ويوجد منقوشا على حوائط الحجرة الأمامية نقوشات تعبر عن كتاب الجحيم طبقا لمعتقدات المصريين القدماء .

تتضمن نقوش مقبرة توسرت المراحل التالية : عبادة الشمس أثناء الغروب ، تقديم توسرت القرابين إلى الآلهة وتحية حراس أبواب العالم الآخر، حماية الملكة عيقوم بها الآلهة المنوطين بالحماية على مدي ساعات الليل المتتالية ، تحية توسرت ثانية لحراس أبواب العالم الآخر ، تمثيل طقوس فتح الفم على تمثال الملكة ، تحية إلى توسرت يقدمها آلهة مختلفة ، نصوص من كتب الآخرة .

في الحجرة j1 من المقبرة وهي الحجرة الخاصة بالملكة توسرت نجد نقوش من مراحل كتاب الأبواب وكتاب الجحيم ، كما نجد السقف منقوشا بالنجوم وبعض الأبراج السماوية الهامة لقدماء المصريين. وتوجد في الحجرة j2 - والتي يوجد بها تابوت الملك "ست ناختي" - مشاهد من كتاب الأبواب ، وسقف الحجرة مزين أيضا بنقوش فلكية.

تفيد نقوش أسقف الحجرات الباحثين في التعرف على معلومات وتصور المصريين القدماء عن علم الفلك خلال الأسرتين التاسعة عشر و العشرين.