تساؤلات عن نسبة الضياغم الى جعفر الطيار
لا يخفى على المتتبع لشأن الانساب العربية أنه حصلت في الفترة الاخيرة دعوى انتساب آل جعفر أمراء حائل الى جعفر الطيار ثم يظهر أن هذا القول اتسع قليلة ليشمل كل شمر عبدة ، ثم ليتسع اكثر فيشمل كل من ارتبط معهم من قبائل عبيدة والجحادر وغيرها من قبائل قحطان ، حيث ذكر أصحاب هذا الرأي مما ننقله هنا حرفيا وهو أن : عبدة من اكبر قبائل شمر وهي لا اب ولا ام انما نخوة جمعت القبائل المتحالفة والمختلفة بالنسب من عدنان وقحطان وعددها (76) عشيرة عربية ونخوتها (القناعيس) ، كان جدهم قحطان بمدينة الكوفة سنة (127هـ) وهو عدناني ومنه قبيلة قحطان ومفردها القحطاني واعقب جحدر ومنه قبيلة الجحادر وعبيدة ومنه قبيلة عبيدة تسكن هذه القبائل الثلاثة الى الان في جنوب الجزيرة العربية اما ضيغم بن بن ربيعة بن سعد بن مضيم بن قحطان المذكور ومنه الضياغم من نسب مضيم بن قحطان وكانت ولادة ضيغم في مكة سنة (321هـ) وكانت حياة ولديه مقددم الذى اعقي ترجم واعقب ترجم دغير واعقب دغير علي واعقب علي تسعة اولاد وهم الدغيرات والتراجمة اما الابن الثاني الى ضيغم فهو منيف كان في مكة سنة (391هـ) وطردوا منها الى العراق فالشام ثم الى مصر ودار شؤون الدولة الفاطمية بمصر الى ست الملك لمدة اربعة سنوات سنة (411هـ) وتلقب بالمعضد او المعاضيد لتعاضده وازره للدولة الفاطمية اما الاخوان الستة وهم جاسم ومحسن ومردان وجدى وعفريت وزكروط اولاد محمد بن ربيع بن محمد الملقب بالاصفر لشجاعته وفروسيته بن ربيع بن كاعب بن عمير بن احمد بن راشد بن منيف (المعضد) بن ضيغم بن ربيعة بن سعد بن مضيم بن قحطان بن عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن معاوية بن علي بن عبد الله بن معاوية بن عبد اللهبن جعفر الطيار بن ابي طالب وهم مؤسسي وقادة وامراء حلف شمر عبدة وكانت تغيير نخوتهم في حائل مابعد سنة (714) من قبل زعيم الضياغم شهوان بن منصور بن ضيغم بن منيف بن ضيغم ومعه عمير وراشد اما عشيرة الطوقة من جدهم طوق بن حميدان الضيغمي والمجابلة من جدهم مجبل الضيغمي)).
ولنا مع هذا المقال عدة وقفات:
الوقفة الأولى : أن صاحب المقال ذكر لنا عمود نسب متسلسل الى جعفر الطيار مع احداث ووقائع وتواريخ ومثل هكذا أمور لا تضبطها الحافظة جزما ... فيا حبذا لو اطلعنا على المصادر التي تذكر لنا هذه المعلومات.
الوقفة الثانية : قال : ( عبدة من اكبر قبائل شمر وهي لا أب ولا أم إنما نخوة جمعت القبائل المتحالفة والمختلفة بالنسب من عدنان وقحطان) .. وهنا نتسائل :
1- ما هو مصدر هذه المعلومة ؟
2- قوله أن (عبدة ) نخوة لهذه العشائر فهذا ما لم يؤثر عن هذه العشائر أبدا لأن نخوة هذه العشائر هي ( سنا عيس ) ولم يؤثر أن نخوتها ( عبدة ) .. .. مع أنه ذكر بعد هذا بقليل أن نخوتها هي (قنا عيس) .. فما عرفنا رأيه بالتحديد في نخوة هذه العشائر هل هي : (عبدة) ، أم (قنا عيس) ، أم كما هو المشهور المتداول بينهم أنها ( سنا عيس) حتى اطلق على هذه العشائر لقب السنعوسية ولم تسمى القنعوسية.
الوقفة الثالثة : قال أنهم ينتسبون إلى جد لهم اسمه قحطان وحدد زمانه بسنة (127) وأنه عدناني النسب ، ومن مدينة الكوفة ...
هنا نحتاج إلى مصدر يؤكد لنا وجود قحطان هذا وانه من أهل الكوفة وأنه كان موجودا سنة (127هــ) .... فالملاحظ هنا أنه ذكر تاريخا يصعب ضبطه اعتمادا على الحافظة مع طول الفترة الزمنية (127هـ) .. والحافظة إذا ارادت ان تضبط شيئا في مثل هذه الفترة الطويلة تحفظه على رؤوس المئات كأن يقول على رأس المئة ، أو على رأس المئتين وهكذا ، لا ان تحفظه بهذه الدقة الى ما بعد ثلاثة عشر قرنا ..
الوقفة الرابعة : قال أن قحطان أعقب : جحدر ومنه قبيلة الجحادر ، وعبيدة ومنه قبيلة عبيدة تسكن هذه القبائل الثلاثة الى الان في جنوب الجزيرة العربية .. فهو على هذا يريد ان ينسب قبيلة قحطان التي تسكن في جنوب الجزيرة والتي منها الجحادر وعبيدة الى جعفر الطيار مع انهم يعرفون نسبهم جيدا الى جنب من مذحج .. فما هو دليل ذلك ؟
ثم نسب ضيغم على أنه : ضيغم بن بن ربيعة بن سعد بن مضيم بن قحطان المذكور ومنه الضياغم ..
أقول إن ضيغم نسب على نسبتين احدهما نسبه إليها بعض ابناء العشيرة فقالوا انه ضيغم بن قيس بن شمر ... وعلى هذا يكون ضيغم جاهلي بينما نجد احفاده المباشرين في القرن السادس والسابع الهجري مما ينفي هذه النسبة المذكورة .. وهذه ما ظهرت الا للتوفيق بين عبدة ونسبتها الى ضيغم واشتهارها انها من شمر ..
النسبة الثانية وهي موثقة في زمن الاحفاد المباشرين لضيغم وثقها الرسولي قبل سبعة قرون في طرفته حيث نسب ضيغم بنسب متسلسل الى مدرك.
والموثق مقدم على المحفوظ كما لا يخفى على كل لبيب .
الوقفة الخامسة : حدد ولادة ضيغم في مكة سنة 321 هجرية ...كالعادة بدون ذكر مصدر المعلومة مع دقة التاريخ.
ثم ذكر حفيده شهوان بن منصور بن ضيغم بن منيف بن ضيغم .. وذكر أنه كان زعيم الضياغم سنة 714 هجرية ..
فنلاحظ هنا : أن ضيغم مولود سنة 321هـــ وحفيد حفيده شهوان موجود سنة 714هــ ..
وبين التاريخين 393سنة شغلتها اربعة وسائط .. أي أن كل واسطة شغلت قرابة (85)سنة.
أي أن ضيغم ، ما ولد له منيف ألا وعمره (85)سنة
ومنيف ، ما ولد له ضيغم ألا وعمره (85)سنة
و ضيغم ، ما ولد له منصور ألا وعمره (85)سنة
ومنصور ، ما ولد له شهوان ألا وعمره (85)سنة
لتكون بهذا الحساب ولادة شهوان سنة 661هــ فيكون سنة 714هـــ زعيما للضياغم وعمره (53سنة) ..
بينما لو حسبنا على متوسط العد بحسب القاعدة الخلدونية فما هي النتيجة ؟
إن كان تاريخ ضيغم مضبوط وهو انه ولد سنة 321هــ .. فبحساب متوسط عدد الاجيال يكون شهوان مولود سنة 454هــ .. وهو غير صحيح قطعا لأن شهوان معاصر للرسولي المتوفى في أواخر القرن السابع الهجري ، فيكون شهوان قد عمر اكثر من مئتي سنة .
وإن كان تاريخ شهوان مضبوط وقدرنا عمره سنة 714 بخمسين إلى ستين سنة أي أن ولادته قريبا من سنة (550)هـــ .. تكون ولادة ضيغم سنة 417هـــ ..
فالنتيجة أن هذان التاريخان احدهما ينفي صحة الآخر ..
الوقفة السادسة : ذكر أن منيف بن ضيغم كان موجودا سنة 391هــ في مكة .. وهذا أيضا بحاجة الى مصدر ودليل ..
كما أنه يجري فيه ما جرى من كلام حول السنين بينه وبين حفيده شهوان بن منصور بن ضيغم بن منيف فهنا الفرق بين زماني وجودهما هو (323)سنة الرقم كبير والوسائط أقل أي أنه بحسب هذا الفاصل الزمني تكون بين ولادة كل واسطة وأخرى (90) سنة
يعني أن منيف ، ولد سنة 391هـ ..
وما ولد له ضيغم ألا وعمره (90)سنة .. فيكون مولد ضيغم سنة 481هـ
وضيغم ، ما ولد له منصور ألا وعمره (90)سنة .. فيكون مولد منصور سنة 571هـ
ومنصور ، ما ولد له شهوان ألا وعمره (90)سنة .. فيكون مولد شهوان سنة 661هــ .. فيكون سنة 714هـــ زعيما للضياغم وعمره (53سنة) ..
.. وهذا بعيد جدا أبعد من سابقه ..
الوقفة السابعة : ثم ذكر أنهم طردوا من مكة الى العراق فالشام ثم الى مصر ودار شؤون الدولة الفاطمية بمصر إلى ست الملك لمدة اربعة سنوات سنة 411 هجرية وتلقب بالمعضد او المعاضيد لتعاضده وزاره للدولة الفاطمية ..
هذه المعلومات ما هو مصدرها ؟
خصوصا وهي تتعلق بوزير للدولة الفاطمية .. كيف خلت منها الكتب التي أرخت للدولة الفاطمية وذكرت وزرائهم وكتابهم وقضاتهم وووو..... الخ
ثم متى وكيف رجعوا الى عسير .. حتى كانت لهم بها وقائع دونها معاصرهم الرسولي عنهم مباشرة ..
الوقفة الثامنة : عودا إلى قحطان الجد المزعوم للقبيلة ... نسب هكذا : قحطان بن عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن معاوية بن علي بن عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر الطيار بن أبي طالب
وإذا تتبعنا هذا العمود من الجذم نزولا الى الذراري : نرى أن جعفر الطيار فعلا لديه ولد اسمه عبد الله ، وكذلك عبد الله لديه ولد أسمه معاوية ، ثم معاوية لديه ولد اسمه عبد الله ، وهو الذي بويع له في البصرة ، وقد نص العمري في المجدي على انقراض عقب عبد الله هذا وعقب أخيه علي وانه انقرض بانقراضهما عقب أبيهما معاوية بن عبد الله بن جعفر ...
فالمجدي من أوثق ما كتب في انساب الطالبيين ينص نصا واضحا بما لا لبس فيه بأن عبد الله بن معاوية منقرض ... فمن أين جعلنا له هذه الذرية ؟
ثم أن عبد الله هذا كان قد ثار على مروان بن محمد الأموي أي أنه كان موجودا سنة 127هــ ، في حين أن صاحب المقال يقول أن قحطان موجود سنة 127هـــ وقد نسب قحطان كما تقدم بأنه : قحطان بن عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن معاوية بن علي بن عبد الله بن معاوية .. أي أن بين قحطان وعبد الله تسعة أباء وهما متعاصرين فهل يعقل هذا ؟
لكن يكفينا عن كل ذلك النص الصريح على انقراض عبد الله بن معاوية .. وفي قبال ذلك ما ذكر في نسب الضياغم من معاصرهم الرسولي من كونهم من قبيلة جنب من مذحج ... وما عدا ذلك مفتقر إلى الدليل .


بقلم الباحث علي العكيلي