من المعروف ان المجتمع العربي مجتمع قبائلي عشائري يتكون من مجموعة قبائل او عشائر تربطها رابطة الدم أي وحدة الإباء والأجداد ...أي انهم من نسل رجل واحد ...
ويتميز العرب دون غيرهم بالتفاخر بالأنساب ...ويكاد تفاخرهم بالانساب يغطي على أي منجز لهم ان وجد ...
وبالرغم ان التفاخر بالأنساب منبوذ في الإسلام ومنهى عنه شرعا لقوله تعالى { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات : 13]... وقوله تعالى {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} [المؤمنون : 101] ...وما قول النبي ص ( تعلموا من انسابكم لتصلوا به ارحامكم ) ماهو الا وسيلة لصلة الارحام ونشر التآلف والتكافل الاجتماعي ، الا أن العرب ليومنا هذا تتفاخر بآبائها واجدادها رغم خلوهم من اي منجز حضاري او علمي ... وبرعوا في الاحتفاظ بأنسابهم وتوثيقها ونظم الاشعار بها ...
وتقسم المجتمع العربي الى عصبات تتقاتل بينها تارة وتتحد تارة تحت مسميات الشعوب والقبائل والعشائر ...
واليوم اصبح اللقب العشائري جزءا لا يتجزأ من اسم الشخص وكنيته وأصبحت عصبته العشائرية وتكتل افراد العشيرة خلفه مصدر حماية له في المجتمع .
الى أن جاءت الثورة العلمية التي تبحث في أصول السلالات البشرية من خلال عمليات الفحص الجيني للفرد ...
هنا بدأت الأرض الصلبة التي تقف عليها العشيرة من خلال انتماء الافراد لها تتفطر ...فقد اثبتت فحوصات الأبوة ( Y-TEST ) ان التكوين العشائري لا يرتبط بوحدة الأب لأفرادها ... فالفحوصات الجينية اثبتت ان العشيرة الواحدة تتوزع على آباء مختلفين ...مما يدل على ان القبيلة او العشيرة ما هي الا تجمع بشري لا يشترط به وحدة النسل او وحدة الأب ... ويمكننا القول بلغة الانساب على ان القبيلة متكونة من تحالف اشخاص .. اذ لم يثبت العلم لحد الآن نقاوة عشيرة 100% وانها ذات تحور جيني واحد ..فهي خليط من تحورات جينية مختلفة ...
والامر طبيعي جدا ...فمثلا قبل 3000 سنة جاء زيد من عشيرة جرهم الى عشيرة الحناظلة مثلا ، وعاش معهم وتزوج منهم فحتما بعد 200 سنة يصبح احفاد واحفاد احفاد زيد حناظلة وينسون ان اصلهم جرهم ...وبعد مرور 3000 سنة تصبح سلالة زيد قبائل وكلها تسمى بالحناظلة ....ثم نأتي اليوم لنفحص قبائل الحناظلة فسنجدهم حتما على تحورين جينيين مختلفين ...التحور الجيني لعشيرة الحناظلة الأصلي والتحور الجيني لعشيرة جرهم التي اتتنا من زيد ... وتصور لو ان اشخاص آخرين غير زيد دخلوا مع الحناظلة خلال الفترات التاريخية المتعاقبة ...فكم تحور جيني سنحصل عليه اليوم .... ناهيك على ان الناس قبل الاف السنين لم تكن تتزوج بعقود زواج دينية إضافة الى ان الجنس كان شبه مشاع فكم شخص نسب الى أب غير أباه ، وجعل التحور الجيني يتجه اتجاها آخر غير اتجاهه المطلوب ...
هنا تبدأ المشكلة فكل طرف سيدعي ان تحوره الجيني هو الأساس والآخر حليف ولا أحد يملك الحقيقة ليحسم الخلاف ...
حقيقة الأمر هي أن علم السلالات هذا قضى كليا على عمل النسابين واعمدة النسب التي ثبتوها للقبائل ...فالفحوصات الجينية اثبتت ان افراد العشيرة الواحد التي ترتبط بعمود نسب واحد يختلفون جينيا عن بعضهم ... أي انهم ليسوا أبناء رجل واحد ولا ينطبق عليهم نفس عمود النسب ...
لذا فإننا لا نجزم بنقاوة اصل عشيرة ما مالم نحصل على تطابق جيني لما لا يقل عن 90% من افرادها وهذا مستحيل ، ويبقى 10% منها متحالفين معها ...او نبدأ بإعادة هيكلة العشائر وإعادة تكوينها على أساس تطابقها الجيني فنقول هذه من عشائر الـ J وهذه من عشائر L وهكذا ...أو نتوقف عن التفاخر بالأنساب وجعجعة الأصل الواحد ونتقبل بعضنا البعض على أساس نحن متحالفون ولا فضل لعربي على اعجمي ولا لأبيض على اسود الا بالتقوى ...
أتمنى على أساتذتي الأفاضل المختصون بأمور السلالات البشرية الادلاء بدلوهم وتصحيح الأخطاء التي قد تكون وردت في هذه المقالة البسيطة
تحياتي

Abd Ali Al-Zubaidi‎‏