يعتقد الكثير من أبناء القبيلة انهم أولاد جد واحد والحقيقة ليست كذلك ..فاتفاق القبيلة على انتمائها لجد واحد هو نوع من أنواع (الأيديولوجيا) ، أي انهم متفقون على هذه الفكرة فهي توحدهم وأصبحت عندهم عقيدة رغم أنها غير حقيقية ..
أما اتفاق أفراد فخذ أو عشيرة على أنهم أبناء جد واحد اذا أظهر الفحص الجيني انهم من نسل واحد فهذا نسميه (جينولوجيا) ...أي ما يربطهم هي البيولوجيا أي الروابط الجينية أي التركيب الوراثي ..
لذا فإن النسب المتعارف عليه في القبيلة هو الغطاء الآيديولوجي وليس الحقيقة التاريخية ،أي أنها فكرة اتفق عليها الجميع فصاروا قبيلة تحكمها المصالح الإنسانية وخصوصا التجمع من اجل الحماية والشعور بالقوة والأمان مع هذه العصبة ...
وحقيقة الأمر أن العصبة الصريحة النسب والتي تحمل نسب جينولوجي واحد هي التي تجمع حولها بقية الأفراد من المتحالفين والموالي والعبيد ، والتي انضوت جميعها تحت مسمى العصبة الصريحة النسب وحملت اسمها ونسبها وأصبحت منها ...ومن كل هؤلاء تشكلت القبيلة ...
من هو صريح النسب بعد هذه المدة الطويلة ؟
من المعروف أن القبيلة تتكون من :-
1- صريحي النسب الذين منحوا القبيلة اسمها .
2- الحلفاء الذين انضموا لهذه القبيلة ، وكانوا في البداية يُعرفون بأنهم حلفاء للقبيلة ولكن بعد أربعة أجيال او اكثر انصهروا مع أبناء القبيلة الصرحاء النسب وأصبحوا حالهم حال الأصيل لا يمكن التفريق بينهم يحملون نفس اللقب ولهم عمود نسب الصرحاء.
3- الموالي وهم العبيد الذين يعتقون ويبقون مع القبيلة يحملون اسمها ووزرها وهم يحملون اسم القبيلة .
4- العبيد والسبي الذي حصلت عليهم القبيلة من خلال حروبها اوشرائها للعبيد كما هو معتاد عند العرب وهؤلاء يحملون اسم القبيلة ايضا..
السؤال هنا بعد 3000 سنة أو أقل أو اكثر هل بقى الصرحاء النسب هم من يقود القبيلة وهم معروفين بصراحة النسب ...أم أن كل أفراد القبيلة يحملون نفس النسب ولا يعرف الأصيل من الدخيل ...
الحقيقة لم يعد الأمر سهلا لتحديد الأصيل من الدخيل ..حتى لو استخدمنا الفحص الجيني لتحديد صلات أفراد القبيلة جينولوجيا مع بعضهم ...
فإذا ظهرت لنا كثرة من القبيلة على تحور جيني معين ، فلا يمكن الجزم بأن هؤلاء هم الصرحاء نسبا في القبيلة أي الأصلاء النسب ..
فقد يكون المتحالفين مع القبيلة الأم ولاّدين بحيث تكاثروا بسرعة فأصبح عددهم في القبيلة أكثر من الأصلاء الصريحوا النسب ...وتنطبق القاعدة أيضا على الموالي والعبيد ...ففي هذه الحالة لا يمكن أن نحدد صريحوا النسب في القبيلة بواسطة الفحص الجيني .. فلو كانت قاعدة الكثرة المتفقة في التحور الجيني هم الصرحاء صحيحة لكان المهاجرون الى الدول الأجنبية التي زاد عدد المهاجرين فيها على عدد أبناء البلد الأصليين لكانوا هم أصحاب البلد وليس الشعب الأصيل ..كما حصل في بريطانيا بحيث اصبح البريطاني يسأل الموجودين في الشوارع والمحلات ( Do you speak English ) لكثرة عدد المهاجرين نسبة لأبناء البلد ..
الحل الوحيد لمعرفة الأصيل من الدخيل هو البحث عن رفاة الجد الجامع وأخذ عينة من جثته وتحديد تحوره الجيني ، ثم مطابقة المنتمين لهذا الجد في عمود انسابهم جينيا مع تحور الجد الجامع .
أما ماورد عن نسب قبيلة معينة بالتواتر والشهرة والرقعة فلا يمكن الركون اليه (جينولوجيا) ....ويجب الاعتماد عليه (أيديولوجيا )..
لهذا أصدرت مكاتب الإفتاء فتاوى حرمت فيها تقسيم القبائل جينيا ..والكثير من الدول العربية أصدرت قوانين مشددة تمنع تجزأة القبائل على أسس جينية وحددت عقوبات صارمة لمن يجزأ القبائل من الناحية الجينية ...
لذا فلا غرابة تعتري الشخص عندما يجد قبيلة ما مختلفة التحورات الجينية ...
أما المشاريع الجينية المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي ..فلكل منها غرض خاص وهدف معين يعرفه صاحب المشروع ..والعارفة منهم من يعرض تحورات قبيلة معينة كما هي ولا يحدد الصرحاء من الحلفاء من الموالي والعبيد ... الكل يجب أن تجتمع على نسب متواتر معروف حتى لو كان ظنيا ..فهدف القبيلة هو التلاحم والتكتل من أجل حماية الفرد ورد الاعتداء والتعاون يوم الضيق ...
لذا فإن تنظيم القبائل على أساس مطابقة الفرد فيها للتحور الجيني المفروض على القبيلة ، سيقود الى أن أنساب القبائل سيكون حسب إسم التحور الجيني ..فعندها سنجد قبيلة J1 ، وقبيلة E ، و قبيلة L ...وهكذا تذهب الأنساب والأجداد من مشجرات القبائل ...
الموضوع علمي ...قابل للنقاش ..
مع وافر الشكر والتقدير ...
المهندس الشيخ عبد علي الزبيدي ..