قراءة في كتاب الغيرة المفتقدة
الكتاب يدور حول الغيرة التى يصفها المؤلف بكونها أرفع خصال الرجال مع أهليهم وأعراضهم فيقول في مقدمته :
"أما بعد: الغيرة هي أرفع خصال الرجال مع أهليهم وأعراضهم، فيها تتجلى المحبة والود ربما تذكر الشهامة والقوامة، وعلى أساسها تنتشر الفضيلة ويسود العفاف"
والخصال معظمها فيها المحرم والمحلل ومن ثم فليست الغيرة على النساء أرفع في كل الأحوال لأنها قد تتحول لذنب الشك كما قد تتحول لجرائك كالقتل والجرح
وتحدث عن كون الغيرة من صفات الله تعالى عن ذلك فقال :
"والغيرة صفة من صفات الله جل وعلا، فهو يغار – كما يليق بجلاله سبحانه – على عباده من أن يعبدوا غيره، أو يطيعوا أحدا سواه
وهي أيضا من صفة الأنبياء والمؤمنين، ومن النعوت التي لا تكتمل رجولة الرجال إلا بها في سائر الأعراف والملل
عن سعد بن عبادة - رضي الله عنه - أنه قال: يا رسول الله إن وجدت رجلا مع امرأتي، أمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «نعم»
فقال: والذي بعثك بالحق، إن كنت لضربه بالسيف غير مصفح
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «أتعجبون من غيرة سعد؟! لأنا أغير منه، والله أغير مني» [رواه البخاري ومسلم]"
والحديث باطل فالله لا يوصف بصفات خلقه كالغيرة التى هى ظن قد يصدق وقد يكذب وهو ما يتعارض مع علم الله الشامل
والغيرة إحساس الناقصين في معظم الأحوال والله ليس بناقص كما أن الغيرة تتعارض مع مفهوم الاختيار فكيف يغار وهو عالم بأن الناس سيكفر معظمهم به
ومن ثم لا يمكن وصف الله بالغيرة في أى صورة من صورها
وتحدث المؤلف عن أنواع الناس في الغيرة فقال :
"والناس في غيرتهم على الأعراض أصناف:
فمنهم من فهم الغيرة فهما سليما فحفظ بها قوامته، وصان بهم عرضه
ومنهم من تطرف في فهمها، حتى صارت في حقه بلاء، وهما ومنهم من تقاعس عنها فعرض عرضه للأخطار والأمراض"
وهذا الكلام عن التطرف في الغيرة يتناقض مع وصف المؤلف لها بأنها أرفع الخصال
وتحدث عن معنى الغيرة فقال :
"فما هي الغيرة؟ وما نواقضها؟
الغيرة المحمودة
الغيرة على الأهل تعد من مفردات الحب والمودة الزوجية، وهي من أخص خصائص الشهامة والقوامة في الرجل، لذلك ما جاء الإسلام إلا ليقر وجودها وفرضها ويتمم معانيها الجميلة
فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «إن الله يغار، وإن المؤمن يغار، وإن غيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه»
والغيرة المحمودة: هي ما كانت من الرجل إذا ارتاب في أمر أهله، بحيث لا تتسلط عليه الوساوس والأوهام، وإنما يبنى مواقفه وحفاظه على أهله بما شرعه الله جل وعلا، وأتى به العرف"
وكما سبق القول فإن الغيرة لابد منها في الحق فالرجل يجب أن يغار على وقوع زوجته في معصية الله وكذلك المرأة لابد أن تغار من وقوع زوجها في المعاصى وليس من زواجه من اخرى أو إرادته ذلك
وتحدث عن مظاهر الغيرة فقال :
"ومفردات الغيرة المحمودة كثيرة جدا، تكون بمجملها قيم الفضيلة، والحيطة من التهم، وأهم مظاهر الغيرة:
1- أن يصون الرجل أهله من الاختلاط: وذلك بمنعها من الذهاب إلى الأماكن المشبوهة التي يخاف عليها من الضرر، فإن كان ولابد فمصاحبتها إياه أو مع أحد محارمها، فإن ذلك من تمام سلامتها وحفظها من مرضى القلوب
يقول محمد بن صالح العثيمين: (وأما اختلاط النساء بالرجال ومزاحمتهن لهم فهذا موجود في كثير من محلات البيع والشراء وهو خلاف الشرع فلقد خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسجد وقد اختلطت النساء مع الرجال في الطريق قال - صلى الله عليه وسلم - للنساء: «استأخرن فإنه ليس لكن أن تحتضن الطريق عليكن بحافات الطريق» فكانت المرأة تلصق بالجدار حتى إن ثوبها ليعلق به ولقد رغب النبي أمته عن اختلاط النساء بالرجال حتى في أماكن العبادة فقال - صلى الله عليه وسلم - : «خير صفوف النساء – يعني: اللاتي يصلين مع الرجال – آخرها، وشرها أولها» وإنما كان آخر صفوفهن خيرا لبعده عن الرجال، ومخالطتهم، ورؤيتهم لهن، ألم يكن في هذا أوضح دليل على محبة الشرع لبعد المرأة عن الرجال واختلاط بهم) [نصائح وتوجيهات للنساء للشيخ العثيمين]
ومن تمام الغيرة في هذا الشأن أن يتحرى المسلم لأهله إذا خرجت معه أو مع غيره من المحارم، أنظف الأماكن، فإن كان لشراء الحاجيات فأنظف السواق وهكذا
فعن علي - رضي الله عنه - قال: «بلغني أن نساءكم يزاحمن العلوج في الأسواق ألا تستحون؟ ألا تغارون؟ ترك أحدكم امرته تخرج بين الرجال» [الزواجر عن اقتراف الكبائر]
وقال ابن القيم: «ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر، وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة، كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا، وهو من أسباب الموت العام والطواعين المتصلة» [الطرق الحكمية ص325]"
والحق أن الاختلاط أمر لابد منه خاصة في الأسواق لأن الرجال يكونون في الصباح في وظائف العمل ومن ثم لابد أن يتعاملوا مع الرجال الذين يبيعون والغيرة من الاختلاط الممكن الوقوع ليست سليمة طالما أن ذلك في أماكن عامة من النادر أن تحدث فيها الذنوب علنا
ثم قال :
2- أن يلزم أهله بالحجاب الشرعي أمام الأجانب: فإن بسبب نزول آية الحجاب ومنها قوله تعالى: { وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب } الآية، إنما نزلت بسبب غيرة عمر - رضي الله عنه - إذ قال: يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فأنزل الله آية الحجاب» [رواه البخاري]
ولأن الحجاب ستر وطهارة وعفاف، فإن من الغيرة التي تجب على المسلم أن يلزم أهله بالحجاب كما أمر الله سبحانه فإنه مسؤول أمام الله عنها، وعن لباسها وخروجها"
والكلام صحيح لا غبار عليه وتحدث عن دخول الأغراب البيت فقال :
3"- أن يحذر من دخول الأجانب إلى بيته: وأما دخول الأجانب مطلقا فهو مما لا يتصور وقوعه إلا مع امرأة عاصية، ويبقى الخطر قائما مع خلوة المرأة بالأجانب من أقربائها، وهذا هو الذي يفوت بعض الرجال فيتساهلون فيه إحسانا للظن وإعمالا لعادات تخالف ما شرعه الله سبحانه
فعن عقبة بن عامر الجهني - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إياكم والدخول على النساء» فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله الله أفرأيت الحمو؟ قال: «الحمو الموت» [رواه البخاري ومسلم]
والحمو: هو قريب الزوج، وقد شبهه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالموت، وفي ذلك دلالة بالغة الشدة في التحذير من دخول الأجانب إلى البيت، ولو كان القرين أخا الزوج إذا لم يكن مع الزوجة محرم شرعي "
وهذا الحديث باطل لم يقله النبى(ص) لتعارضه مع كتاب الله الذى أباح ادخال الرجال الأغراب البيت لمصلحة ما وهذا الإدخال يكون بإذن الرجال كما قال تعالى :
"يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم"
والمقصود عبارة:
"فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم"
ثم قال :
4"- أن يحفظ أهله من شبهات العصر ومن الفتن: فإن بعض الأزواج تجده أشد في غيرته على أهله، لكنه يناقض غيرته وحياءه إذ يدخل إلى بيته من أسباب الفتنة العصرية ما يدفع أهله شيئا فشيئا إلى الشبهات
وتعد الفضائيات الأجنبية، وكذلك الاختلاط بالخدم في البيوت، والأغاني الماجنة المسموعة والمرئية من الأسباب التي تلوث صفاء العفاف في البنات والزوجات
وما ذكر الله لقصة امرأة العزيز مع يوسف إلا ليتحرص الرجال على نسائهم من الخدم ومن كل فتنة تستخف عقولهم وتستدعي شهوتهم فقد قال - صلى الله عليه وسلم - : «ما خلا رجل بامرأة إلا وكان ثالثهما الشيطان»
وعن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - : أنه كان يأكل تفاحا ومعه امرأته، فدخل عليه غلام له، فناولته تفاحة قد أكلت منها، فأوجعها ضربا» [روضة المحبين ص306]
ولله در القائل:
أغار عليك من نفسي ومني
ومنك ومن مكانك والزمان
ولو أني خبأتك في عيوني
إلى يوم القيامة ما كفاني
وكان من شدة غيرة علي - رضي الله عنه - على فاطمة رضي الله عنها أن غار عليها من السواك، فقال في ذلك:
قد فزت يا عود الأراك بثغرها
ما خفت يا عود الأراك أراك
لو كنت من أهل القتال قتلتك
ما فاز مني يا سواك سواك"
وحديث كون الشيطان ثالث الرجل والمرأة يتناقض مع كونه ثانى الرجل وثانى المرأة وإلا بم نفسر من ينكح بهيمة أو تنكح بهيمة أو نفسر من يمارس الاستمناء أو تمارس الاستمناء
والحديث متعارض مع حديث أخر مع جريان الشيطان في دم كل واحد وواحدة ومن ثم لا يكون الشيطان ثالث ارجل والمرأة وإنما ثالث ورابع حسب الحديث الثانى
وقد أباح الله الاختلاء للضرورة كما اختلى خاتم النبيين(ص) بالمجادلة كما قال تعالى :
" قد سمع الله قول التى تجادلك في زوجها وتشتكى إلى الله"
وتحدث عن تعريض المرأة في الشبهات:
"وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن رجل له زوجة أسكنها بين ناس مناجيس وهو يخرج بها إلى الفرج وإلى أماكن الفساد، ويعاشر المفسدين، فإذا قيل له: انتقل من هذا المسكن السوء فيقول: أنا زوجها، ولي الحكم في امرأتي، ولي السكن، فهل له ذلك؟
فأجاب: الحمد لله رب العالمين: ليس له أن يسكنها حيث شاء، ولا يخرجه إلى حيث شاء؛ بل يسكن بها في مسكن يصلح لمثلها، ولا يخرج بها عند أهل الفجور، بل ليس له أن يعاشر الفجار على فجورهم، ومتى فعل ذلك وجب أن يعاقب عقوبتين: عقوبة على فجوره، بحسب ما فعل، وعقوبة على ترك صيانة زوجته، وإخراجها إلى أماكن الفجور، فيعاقب على ذلك عقوبة تردعه وأمثاله عن مثل ذلك، والله أعلم"
وهذا الكلام يحدث في مجتمعات لا تحكم بشرع الله وإنما في مجتمعات خليطة أعلنت العلمانية دينها حتى وإن أكثر سكانها مسلمون غلبوا على أمرهم
ثم قال :
"أخي الكريم: إننا أحوج ما نكون اليوم إلى فقه الغيرة الشرعية، فالكثير من الناس يعملونها على غير حقيقتها يغارون في أعمالهم بينما سلوكهم وتصرفاتهم تجاه أسرهم تنبي عن تفريط سافر في حراسة الفضيلة والغيرة على الأعراض
إذا غابت الغيرة غابت القيم والمثل ودب الفساد والانحلال وانتشرت الأمراض وتفككت المجتمعات وضاعت المعاني الجميلة للعلاقة الزوجية التي يغمرها التوحد بين الزوجين دون شريك
ذكر حماد بن زيد عن أيوب عن أبن أبي مليكة: أن ابن عمر رضي الله عنهما سمع امرأته تكلم رجلا من وراء جدار، بينها وبينه قرابة لا يعلمها ابن عمر، فجمع لها جرائد ثم ضربها حتى اضبت حسيسا» أي: صوتا"
وهذا الحديث باطل وإذا صح وقوعه فهو جهل فلابد من تبين الرجل لما يقال بين الرجل والمرأة فقد يكون حديث خير كأنه يساعد أحدهما ألاخر ماليا أو غير هذا
وتحدث عن الغيرة المذمومة فقال:
«وليست الغيرة تعني سوء الظن بالمرأة، والتفتيش عنها وراء كل جريمة دون ريبة، ومتى ما تحين الرجل الفرص ليأخذ امرأته على غرة، التماسا لعثرة منها بدون أي ريبة كانت هذه غيرة مذمومة، فعنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن من الغيرة غيرة يبغضها الله، وهي غيرة الرجل على أهله من غير ريبة» [عودة الحجاب 2/388]
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث» [رواه البخاري ومسلم]"
والحديث باطل لأن الظن ليس كله كاذب وإنما بعضه فقط كما قال تعالى :
"إن بعض الظن إثم"
وحكى الرجل حكايات عن السلف في الموضوع فقال :
"من غيرة السلف
عن حماد بن سلمة أن أبا السيارة أولع بامرأة أبي جندب يراودها عن نفسها، فقالت: لا تفعل؛ فإن أبا جندب إن يعلم بهذا يقتلك، فأبى أن ينزع، فكلمت أخا أبي جندب فكلمه فأبى أن ينزع، فأخبرت بذلك أبا جندب، فقال أبو جندب: إني مخبر القوم أني أذهب إلى الإبل، فإذا أظلمت جئت فدخلت البيت، فإن جاءك فأدخليه علي
فودع أبو جندب القوم وأخبرهم: إني ذاهب إلى الإبل
فلما أظلم الليل جاء فكمن في البيت، وجاء أبو السيارة، وهي تطحن في ظلها، فراودها عن نفسها، فقالت: ويحك! أرأيت هذا الأمر الذي تدعوني إليه، هل دعوتك إلى شيء منه قط؟ قال: لا، ولكن لا أصبر عنك
قالت: ادخل البيت حتى أتهيأ لك، فلما دخل البيت أغلق أبو جندب الباب، ثم أخذه فدقه من عنقه إلى عجب ذنبه، فذهبت المرأة إلى أخي أبي جندب فقالت: أدرك الرجل؛ فإن أبا جندب قاتله فجعل أخوه يناشده فتركه، وحمله أبو جندب إلى مدرجة الإبل فألقاه فكان إذا مر به إنسان قال له ما شأنك؟ فيقول: وقعت من بكر [أي الفتى من الإبل] فحطمني وبلغ عمر - رضي الله عنه - فأرسل إلى أبي جندب فأخبره بالأمر على وجهه، فأرسل إلى أهل المرأة فصدقوه، فجلد عمر أبا السيارة مائة جلدة، وأبطل ديته"
والحكاية باطلة لم تقع لأنها تخالف حكم الله فالمفترض هو :
إبلاغ القضاء لاثبات التهمة وهى التحريض على شيوع الفاحشة وهى جريمة عقابها القتل لكونها حرب على الله وليس أن يجلد الرجل بعد أن تم دهسه مائة جلدة
ثم قال :
"* وكان الزبير - رضي الله عنه - من أغير الصحابة على نسائه، فعن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها قالت: تزوجني الزبير - رضي الله عنه - ، وماله في الأرض مال ولا مملوك ولا شيء غير فرسه قالت: فكنت أعلف فرسه وأكفيه مؤونته وأسوسه، وأدق النوى للناصحة، وأعلفه وأسقيه الماء، وأخرز عربه، وأعجن ولم أكن أحسن أخبز، كان يخبز لي جارات من الأنصار، وكن نسوة صدق
قالت: وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على رأسي، وهو على ثلثي فرسخ
قالت: فجئت يوما والنوى على رأسي، فلقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه نفر من أصحابه فدعا لي، ثم قال: أخ أخ»؛ ليحملني خلفه فاستحييت أن أسير مع الرجال، وذكرت الزبير وغيرته قالت: وكان من أغير الناس
قالت: فعرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أني قد استحييت فمضى، فجئت الزبير فقلت: لقيني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى رأسي النوى، ومعه نفر من أصحابه، فأناخ لأركب معه فاستحييت وعرفت غيرتك
فقال: والله لحملك النوى كان أشد علي من ركوبك معه
قالت: حتى أرسل إلي أبو بكر بعد ذلك بخادم، فكفاني سياسة الفرس، فكأنما أعتقني» [حياة الصحابة 2/691]"
والحكاية فيها تناقض ظاهر فمرة تعلن أنها تسير أى تمشى بقولهم "فاستحييت أن أسير مع الرجال" ومرة تعلن أنها تركب بقولهم " فأناخ لأركب معه"
ثم قال :
"وقد رفع إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - رجل قد قتل امرأته ومعها رجل آخر، فقال أولياء المرأة هذا قتل صاحبتنا, وقال أولياء الرجل: إنه قتل صاحبنا
فقال عمر - رضي الله عنه - : ما يقول هؤلاء؟ قال: ضرب الآخر فخذى امرأتي بالسيف فإن كان بينهما أحد فقد قتلته، فقال لهم عمر: ما يقول؟ فقالوا: ضرب بسيفه فقطع فخذي المرأة فأصاب وسط الرجل فقطعه باثنتين
فقال عمر - رضي الله عنه - : إن عادوا فعد"
والحكاية السابقة غامضة والظاهر أنها لم تقع فالسيف قطع الرجل والمرأة المقتولين مرة واحدة
وكما سبق القول لا يمكن السماح للرجل بقتل المرأة ومن معها لأن العقوبة هى جلد الزناة ومن ثم يعاقب القاتل على قتله
ثم قال :
"خاتمة
أخي الكريم: إن الحجاب الذي هو تاج العفاف والفضيلة، قد أوجبه الله على نساء المؤمنين طهارة لنفوسهن وأعراضهن وصيانة للمسلمين من الفتنة
ولو تأملت في سبب نزول آية الحجاب، وهي أول آية نزلت بشأن فرضه، لوجدت سبب نزولها كلمات من عمر - رضي الله عنه - قالها في سياق غيرته على نساء الرسول - صلى الله عليه وسلم -
فعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال عمر - رضي الله عنه - قلت: يا رسول الله، يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب فأنزل الله آية الحجاب» [رواه البخاري]
قال بكر أبو زيد: «وهذه إحدى موافقات الوحي لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وهي من مناقبه العظيمة
ولما نزلت حجب النبي - صلى الله عليه وسلم - نساءه عن الرجال الأجانب عنهن، وحجب المسلمون نساءهم على الرجال الأجانب عنهن، بستر أبدانهن من الرأس إلى القدمين، وستر ما عليها من الزينة المكتسبة» [حراسة الفضيلة 46]
ومقارنة بغيرة السلف - رضي الله عنهم - على نسائهم وبناتهم وأعراضهم، تعد غيرة الكثير من الناس في هذه العصور على النساء تفلة في بحر، ولو كان أهلها أحياء في عصور السلف لما قلدوا وسام الغيرة أبدا"
وحكاية الحجاب لم تقع لأن الوحى لا ينزل على رأى أحد ولم تذكر الحكاية في وحى الله والحجاب المذكور في كتاب الله ليس لباس المرأة وإنما المقصود به ستارة أو باب يقفل بين الرجال والنساء ويطلب الضيوف من خلفه ما يريدون من طعام أو شراب
ثم قال :
"إن الغيرة حرقة في القلب، ومراقبة للرب، وعزيمة على صيانة الشرف والعرض من أن يشار إليه ببنان أو يلوكه لسان أو تسرق النظر فيه عينان أو يمسه إنسان وذلك يتطلب من الغيور فقها بمنهج الله في القوامة على أهله ومراعاة أصله وعرفه"
والغيرة المطلوبة هى الغيرة على معصية الله بإنكارها وتغييرها