توافر العملة بين الطلاب سبب لتناول الحبوب المخدرة والتدخين!


دبي- زكي الأشــقر


[IMG]http://sayidaty.net/dbpics/news/*******/2004452344_1178823332.jpg[/IMG]


قد يلفت نظرنا تجمع بعض الطلاب في الشارع، وكما بات الأمر مثيرًا للريبة بالنسبة لنا، هو كذلك بالنسبة للمعلمين،
حيث يتم تداول أشياء سرية بكف اليد، يمر الموقف سريعًا، في أغلب المرات داخل المولات،
وعندما تلمح جموع الطلاب من يراقبهم يتفرقون كأن شيئًا لم يكن، والأمر نفسه يحصل في الصالات الرياضية حيث يرقب المراهقون عضلات أجسادهم أمام المرآة،
ثم يتشاورون فيما بينهم بأمر قد يدركه صاحب الصالة، ويغض النظر عنه، ما الذي يحدث بين الشباب؟ هل هي موضة وستزول أم ظاهرة سيئة لابد من إيقافها؟
«سيدتي» تلقي الضوء على ما يحصل في المدارس من خلال التحقيق التالي.



اتهمت نيابة دبي مؤخرًا صالتين رياضيتين بترويج منشطات محظورة، وفي نهاية أكتوبر الماضي أعلن عن وفاة 17 شخصًا في الإمارات بينهم مواطنان بسبب الأقراص المخدرة،
لكن المحامي صلاح عبدالعاطي، الخبير في مشاكل وشؤون الطلاب، يشير إلى عدم وجود إحصائيات واضحة،
ويرجع الظاهرة إلى الأزمات النفسية والمشاكل الأسرية، وحالة الترف بين الطلاب القادرين على شراء هذا النوع من الحبوب المخدرة مع غياب الرقابة الأسرية،
يعلق عبدالعاطي: « هذا قد يؤدي إلى ارتفاع نسبة الجريمة، والحملات الوقائية من قبل رجال مكافحة المخدرات في الجامعات والمدارس باتت ضرورية».
لهذه الحوادث وغيرها مما لم يذكر، دعت شرطة الشارقة لإطلاق برنامج الثقافة الأمنية في مدارس الإمارة،
حيث بدأ تطبيقه في يناير من العام 2011 في 21 مدرسة، حكومية كمرحلة أولى، والبرنامج الذي يتضمن 41 مادة موزعة على المراحل الدراسية الثلاث،
بمساعدة 120 من العاملين في الشرطة، يحارب الكثير من الظواهر السيئة، من ضمنها التدخين وتعاطي المخدرات.


طلاب يعترفون!


عبدالكريم، 17 عامًا، اكتفى بحديث قصير لـ «سيدتي»، رافضًا الكاميرا التي كانت تحاول أن تلتقط صورة له، لكنه بدا غير مسؤول، واتهم رفقاء السوء الذين دعوه لتدخين السجائر في مجلس بالشارقة، وبعد عام من الاجتماعات المتكررة وجد الحبوب المخدرة تقدم له كأنها نوع من التمور،
يستدرك عبدالكريم: « كنت أدرك أن كثرة تناولي لها قد يسبب الوفاة، لكن هدفي كان تعديل المزاج فأصبحت عدوانيًا »،
ويروي لنا خالد أبوكويك، طالب في المرحلة الثانوية بدبي، قصة زميل له أدمن تناول الحبوب، بعد 5 سنوات من تعاطيها مع رفقائه في جلساتهم وصل لحالة من الإعياء الشديد،
وعثرت عليه الشرطة ليلاً وهو في حالة إرهاق داخل سيارته، وتم نقله للمستشفى، وثبت إدمانه للهيروين وغيره من المخدرات.
ويرى الطالب محمد الهليس أن الملل والاضطرابات النفسية قد تدفع الطلاب إلى تعاطي الحبوب رغم معرفتهم بخطورتها.
عبدالرحمن مصبح، طالب في المرحلة الثانوية، يرجع الظاهرة إلى سهر الطلاب أثناء الامتحانات وبعدها، بعيدًا عن مراقبة الأهل،
إلا أن الطالب يونس أحمد أرجع تعاطيها إلى تجربة لحظات سعيدة، وعلّق قائلاً: «توافر النقود بين أيديهم هو السبب».

التدخين أرحم!
سالم عبدالله في الصف الثالث الثانوي، مدخن منذ الصف الأول الإعدادي، بدا فخورًا بنفسه، ولا يعتبر الأمر انحرافًا كالحبوب المخدرة، بل اعتبره من مظاهر الرجولة، فهو يقلد والده الذي يدخن نحو 40 سيجارة يوميًا،
ويضيف سالم: « التدخين لم يؤثر على صحتي وكذلك والدي، فهو ممتع ويزيل التعب والهموم»،
وعندما سألناه عن مصدر نقود التدخين اعترف « أمي تعطيني إياها طواعية، وهي تعرف ما أفعل بها »!
حسن حمد، طالب مدرسة في الشارقة، كذلك أرجع تعلقه بالسيجارة إلى الملل والأهل الذين هم أصلاً يدخنون،
وتابع: « التدخين يحمسنا على الهروب من المدرسة لنستمتع به».


أمهات مستغربات

شباب اشكالهم غريبة يدخلون الصيدليات، وهذا ما جعل صيدلانيًا يمنع زوجته من العمل معه فيها،
كما كشفت لنا عبير عبدالله، ربة بيت وأم لثلاثة أطفال، والتي بدت أكثر تخوفًا على أطفالها؛ لمعرفتها بفتيات أدمنّ هذه الحبوب،
بينما منيفة عبدالله، وهي أم لخمسة أبناء منهم ولدان في الإعدادية، حدثها ابنها عن هذه المخدرات، ولكنه أكد لها أنه لا يتناولها، تعلّق قائلة: «لست واثقة تمامًا، وأنا مذعورة من أي مفاجأة». وحكت لنا والدة حسن، الذي أدمن على المخدرات، أنها أصبحت رهينة لتلبية رغباته،
لكنها تجد له عذرًا، فهو لم يجد ما يشغل به نفسه بعد أن ترك المدرسة، ولم يظفر بعمل يؤمن له دخلاً يعينه في حياته، مما جعله عرضة لرفقاء السوء وهم كثيرون،
وأصبح لا يعود للمنزل إلا في وقت متأخر».


فوضى

يؤكد الدكتور الصيدلي عماد غانم أن استخدام الحبوب المخدرة أو المهدئة، كما يحلو للبعض تسميتها، من دون استشارة الطبيب تعرض الحياة للخطر،
وبرأي الدكتور غانم فإن تعود الطلبة والطالبات على الفوضى في حياتهم بسبب فقدان التنظيم في الأسرة من الأسباب الكامنة وراء تناول المخدرات، التي تؤدي بالإنسان إلى الفوضى،
يعلق غانم: « غير المنظم لا يعرف ماذا يفعل فلا حدود للنوم، ولا مانع من الترفيه في أي وقت، الأمر الذي يغرس فيه الفوضى، فيجد أن تناول الحبوب المخدرة، ومنها «الكبتاجون» و«الأمفيتامين» وغيرها أمر عادي،
حيث لا نعلم مدى انتشارها بين صفوف الطلاب، ولكن المؤشرات تؤكد أنها كبيرة جدًا.

بين الفتيات!

يلفت الباحث الاجتماعي عبدالله سالم حسن، انتباه الأهالي إلى حاجة الطلاب في سن المراهقة إلى رعاية خاصة منهم،
واعتبر انتشار الحبوب المخدرة في المدارس والمؤسسات الرياضية نتيجة للضغوط التي يشعر بها الابن داخل الأسرة، وعلّق مستغربًا: « هناك حالات إدمان كشفت بين الفتيات في الصفوف الثانوية، وهذا في حد ذاته مؤشر خطر، والأسر هي المسؤول الأول،
فقد أظهرت الدراسات الاجتماعية أن الأمر ينتهي بمدمني المخدرات إلى ارتكاب أبشع الجرائم،
ويكون الإدمان سببًا رئيسًا في تفكك الأسرة وانهيارها وفشل الأبناء.


ضيق وكآبة

الرغبة الملحة في الخروج هو شعور يعتري كل إنسان نتيجة الكآبة وضيق النفس والتوتر العصبي،
كما ترى الاختصاصية النفسية فاطمة المزروعي، وهذه الرغبة للخروج برأيها تؤدي إلى الهرب من الواقع المعيش،
وتعلّق: « لعل الساعات الطويلة التي يقضيها الأب والأم خارج البيت تلعب دورًا كبيرًا في إفساح المجال أمام الأبناء؛ لفعل ما يحلو لهم، والمتابعة أصبحت من الأولويات».


آثار جسمانية


يكشف الدكتور محمد أبوالسبع، الذي يعالج عددًا من المدمنين أن الحبوب المخدرة تعمل على تفريغ خلايا المخ من مخزونها من مواد معينة في خلايا المخ، فتقلل التركيز وتجهد المخ،
هذه الحبوب تزيد في النشاط الذهني بإبعاد النوم ولكنها تؤدي إلى إنهاك العضلات،
يتابع أبوالسبع: « كثيرًا ممن يستخدمونها يعرفون هذه الحقيقة فيأخذون بعدها الحبوب المنومة، لفترات طويلة؛
حتى يستعيد نشاطه الجسمي، هذه الحبوب تحدث هذيانًا عقليًا وشعورًا بالإحباط، وارتفاعًا في ضغط الدم، وزيادة ضربات القلب، وارتفاع حرارة الجسم، وآلامًا في الصدر وصداعاً، وآلامًا في العضلات، وفشلاً كلويًا، وانسدادًا في الأوعية الدموية للمخ، ويتطور إلى نزيف في المخ، مما يؤدي إلى الوفاة».