استخدام القرميد الاحمر في الابنيه 28a-na-52754.jpg



تزين البيوت القديمة والمنازل التراثية أسطحتها بالأجّر “القرميد” وتتوزع داخلها الأعمدة الحجرية والرخامية والغرف الواسعة والممرات الطويلة، فضلاً عن الحدائق الخضراء المفعمة بالذكريات. بحيث بات سكان اليوم يتمنون أن يزين القرميد بنقوشه الجميلة بيوتهم الجديدة أو بيوت عامرة متوجة بالقرميد يتمنون امتلاكها لأنها رمز للرفعة وسط الأحياء أو الجبال على حد سواء.


بات الأجّر “القرميد” سمة المدينة الكبيرة، وأصبح ملمحاً عمرانياً جميلاً خلال السنوات الماضية والحاضرة، فظل يدافع عن تراثه، يحاول الحفاظ على إرث في زمن الإرث الضائع.


تراث عمراني




تحمل الكثير من المباني والبيوت في العاصمة بيروت وبقية المناطق، تراثاً عمرانياً يظهر التصاميم القديمة المبنية بالحجر، والمسقوفة بالقرميد الأحمر، الذي لا يزال يحافظ على شكله الجميل، من حيث هندسة السطوح التي يزيد بعضها عن بضع مئات، مع بناء “علية” إضافية تدعى “طيارة”، لواجهتها الرئيسية أشكال مميزة بالقناطر الحجرية. أما لجهة الشكل الخارجي للمنازل القرميدية فهي مربعة بصورة عامة، حيث يعلو مدخل المنزل عند بابه عتبة كبيرة فوقها قنطرة نصف دائرية، محاطة بدائرتين على اليمين والشمال من الباب الرئيسي، المحاط بنافذتين عن يمينه وشماله ايضاً، ويطل من المنازل شرفات معلقة على نوعين، الأولى على طريقة “المندليون”، اي ان ركيزة الشرفة من الحجر، والثانية معلقة على جسر حديدي، سماكته (20- 30 سم)، وهذه الشرفات مزينة بدرابزين حديدية واقية على شكل نبال، تنتهي كل نبلة بزهرة “اللوتس”، او بقنطرة على شكل كوفي.


تجارة واستثمار


أصبح بيت القرميد في بيروت نادر الوجود، حتى أنه استعيض عن البيت الواحد ببناية كاملة، وكأن من يملك منزلاً عتيقاً يثير إعجاب الآخرين وليس فقط لامتلاكه البيت، بل لأنه مالك محتمل لبناية كاملة تقوم مكانه، بعد بيعه أو هدمه، لبناء شققاً سكنية، فمنطق الجمال وحجة التاريخ وتعابير أخرى لم تعد تطبق اليوم! بعدما طغت التجارة والأسعار وكواليس الاستثمار على أهمية البيوت العريقة وسقوف القرميد، وسط معالم الحداثة والأبنية الشاهقة.


كيفما اتجهت في العاصمة والجنوب والشمال، تجد في كل قرية ومدينة حكاية مع القرميد المترسخ والمتجذر في ذاكرة أصحاب الأبنية، الذين يعددون مزايا هذه الصناعة وضرورتها في عملية العمران، وما تتطلبه من دقة وذوق وعمل دؤوب، يظهر في البيوت القديمة المبنية بالحجر، والمسقوفة بالقرميد، لتشكل نموذجاً تاريخياً للتراث الشرقي، فاكتسب بعضها شهرة واسعة، جعلته محط أنظار البعثات الأجنبية، ومرجعاً مهماً لتواريخ القرميد على أنواعه، بالرغم من أن هذا الفن انقرض في بعض الأماكن، أمام موجة البناء الحديث، البعيدة كل البعد عن الأصالة الشرقية، وروح التراث التي كانت تعطي بيوت القرميد رونقاً فريداً من نوعه، وكل ما يحمل من بصمات عربية.




مميزات عديدة

إن أنواع وأشكال القرميد تختلف بالنسبة للسطوح والسقوف وفقاً لكل جديد، وعملية الاختيار تتم وتخضع للظروف المناخية ومساحة المكان، وهيكلية “تسقيف” المنازل يدخلها مواد عدة، نستخدمها في الألواح الخشبية والمتداخلة، والقبب الزجاجية وصولاً إلى القرميد”.


إنه عبارة عن قطع من الطين المحروق الأسقف، يثبّت على جسور من خشب، تحيطه من الأسفل ألوان مختلفة، وهو يستخدم في تغطية “الفايبر” أو قطع الألمنيوم أو ألواح من الخشب، إضافة إلى ذلك من الممكن إقامة سقف صناعي من البلاستيك أو آخر على شكل الهرم. أما مميزات القرميد فتبدأ في أنه يحمي المنزل من الأمطار، وخزانات المياه من حرارة الجو، ويبقي البيت والغرف فيه باردة في فصل الصيف مع إضفاء المظاهر والمشاهد الجميلة لشكل القرميد الذي يجذب الأنظار بفخامته وبساطته معاً”.


من فوائده انه يمنع تسرّب المياه والأمطار، وألوانه لا تتغير مهما طالت السنين، عدا أن وزنه خفيف جداً فلا يحمل أية اثقال على البناء بشكل يرهق الأساسات، ويقاوم الرياح العاتية والرطوبة. لذا يبرز الآن إلى جانب القرميد المعروف، نوع آخر يعرف بالقرميد الزجاجي، وهو عبارة عن ستار يستقبل الضوء الطبيعي، ويشكل بمظهره العصري نموذجاً للبناء الحديث الذي يحمل أيضاً بصمات تراث الماضي”.




خطة إنقاذية


بالرغم من بساطة هذا التراث وعظمته وقيمته التاريخية، حيث تنتشر أبنية القرميد الأحمر بحجارتها الهرمية الصلبة، يبقى “سوس” العمران الحديث ينخر في البيوت القديمة، تحت ذريعة “الموضة” والتطور ومواكبة العصر، إضافة الى ضيق ذات اليد من أجل الترميم والصيانة، فيتهاوى القرميد إلى غير رجعة، ويطمس التراث أمام استثمارات تجارية، وأبراج سكنية وحركة عمران عشوائية، رائدها الاسمنت والباطون.



- منقول للفائدة-