هكذا يصف رسول الله ص وضع المسلمين حاليا(يَلِيهم أمراء جَوَرة ، ووزراء فسقة ، وعرفاء ظلمة ، وأمناء خونة )
اليكم الخطبة كاملة
عن عبد الله بن عباس ، قال : حججنا مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) حجة الوداع ، فأخذ بحلقة باب الكعبة وأقبل بوجهه علينا ، فقال :
(معاشر الناس ، ألا أخبركم بأشراط الساعة) .
قالوا : بلى يا رسول الله ؟
قال :
(مَن أشراط الساعة : إضاعة الصلوات ، وإتّباع الشهوات ، والميل مع الأهواء ، وتعظيم المال ، وبيع الدين بالدنيا . فعندها يذوب قلب المؤمن في جوفه كما يذوب الملح في الماء ممَّا يرى من المنكر فلا يستطيع أن يغيّره . فعندها يَلِيهم أمراء جَوَرة ، ووزراء فسقة ، وعرفاء ظلمة ، وأمناء خونة . فيكون عندهم المنكر معروفاً ، والمعروف منكراً . ويؤتمن الخائن ، ويخون الأمين في ذلك الزمان . ويصدق الكاذب ، ويكذب الصادق . وتُتأمَّر النساء ، وتُشاور الإماء ، ويعلو الصبيان على المنابر ، ويكون الكذب عندهم ظرافة وسبب الطرب ، فلعنة الله على الكاذب وإن كان مازحاً .
وأداء الزكاة أشد التعب عليهم ، وخسراناً ومغرماً عظيماً . ويحقّر الرجل والديه ويسبّهما . ويبر صديقه ، ويجالس عدوه . وتشارك المرأة زوجها في التجارة ، وتكتفي الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء . ويغار على الغلمان كما يغار على الجارية في بيت أهلها . وتشبّه الرجال بالنساء ، والنساء بالرجال . وتركب ذوات الفروج على السروج . وتزخرف المساجد كما تزخرف البِيَع والكنائس . وتحلّى المصاحف ، وتطوّل المنارات ، وتكثر الصفوف ، ويقل الإخلاص ، ويكثر الرياء . ويؤمُّهم قوم يميلون إلى الدنيا ، ويحبون الرئاسة الباطلة .
فعندها قلوب المأمومين متباغضة ، وألسنتهم مختلفة . وتحلّى ذكور أُمتي بالذهب . ويلبسون الحرير والديباج وجلود السمور . ويتعاملون بالرشوة ، والربا .
ويضعون الدين ، ويرفعون الدنيا . ويكثُر الطلاق ، والفراق ، والشك ، والنفاق ، ولن يضر الله شيئاً .
وتكثر الكوبة ، والقينات ، والمعازف ، والميل إلى أصحاب الطنابير والدفوف والمزامير وسائر آلات اللهو .
ألا ومَن أعان أحداً منهم بشيء من الدينار والدرهم ، والألبسة والأطعمة وغيرهما ، فكأنما زنى مع أمه سبعين مرة في جوف الكعبة .
فعندها يليهم أشرار أُمتي ، وتنهتك المحارم ، وتكتسب المآثم . وتسلط الأشرار على الأخيار . ويتباهون في اللباس . ويستحسنون أصحاب الملاهي والزانيات ، فيكون المطر غيضاً . ويفشو الكذب ، وتظهر اللجاجة ، وتفشى الفاقة .
فعندها يكون أقوام يتعلَّمون القرآن لغير الله ، فيتخذونه مزامير . ويكون أقوام يتفقَّهون لغير الله . ويكثر أولاد الزنا . ويتغنّون بالقرآن ، فعليهم من أُمتي لعنة الله .
وينكرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتّى يكون المؤمن في ذلك الزمان أذلّ من الأَمة . ويظهر قرّاؤهم وأئمتهم فيما بينهم التلاوم والعداوة ، فأولئك يدعون في ملكوت السماوات : الأرجاس الأنجاس .
وعندها يخشى الغني من الفقير أن يسأله . ويسأل الناس في محافلهم ، فلا يضع أحد في يده شيئاً .
وعندها يتكلَّم مَن لم يكن متكلِّماً .
فعندها تُرفع البركة ، ويُمطرون في غير أوان المطر . وإذا دخل الرجل السوق ، فلا يرى أهله إلاَّ ذاماً لربّهم ، هذا يقول : لم أبعْ شيئاً ، وهذا يقول : لم أربحْ شيئاً .
فعندها يملكهم قوم : إن تكلموا قتلوهم ، وإن سكتوا استباحوهم . يسفكون دمائهم ويملأون قلوبهم رُعباً ، فلا يراهم أحد إلاَّ خائفين مرعوبين .
فعندها يأتي قوم من المشرق ، وقوم من المغرب ، فالويل لضعفاء أمتي منهم ، والويل لهم من الله ، لا يرحمون صغيراً ، ولا يوقرون كبيراً ، ولا يتجافون عن شيءٍ .
جثتَّهم جثَّة الآدميين ، وقلوبهم قلوب الشياطين . فلم يلبثوا هناك إلاّ قليلاً حتى تخور الأرض خورة حتى يظن كل قوم أنَّها خارت في ناحيتهم . فيمكثون ما شاء الله ، ثم يمكثون في مكثهم ، فتلقي لهم الأرضُ أفلاذ كبدها) .
قال :
(ذهباً وفضةً) .
ثم أومأ بيده إلى الأساطين ، قال :
(فمثل هذا ، فيومئذٍ لا ينفع ذهبٌ ولا فضةٌ ، ثم تطلع الشمس من مغربها .
معاشر الناس ، إنِّي راحل عن قريب ، ومنطلق إلى المغيب ؛ فأودعكم
وأوصيكم بوصية فاحفظوهما :
إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبداً .
معاشر الناس ، إنِّي منذرٌ ، وعليٌّ هاد ، والعاقبة للمتقين ، والحمد لله رب العالمين) .
المصدر
اسم الکتاب:مختصر كفاية المهتدي