49

اعتبر تقرير اصدره مكتب رقابة اميركي ان الفساد يمثل تهديدا كبيرا على العراق لدرجة ان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قال انه يمثل نفس الخطر الذي يمثله الارهاب على استقرار البلاد. لواشار الى ان ملف الفساد في العراق سائر الى المزيد من الالتباس والتعقيد والتسييس وخلط الأوراق في ظل إرادة سياسية تدعي الوعي بحجم الفساد المستشري لكنها أضحت في الفترة الأخيرة متذمرة بقوة من الرقابة فهي (تنشغل) بمحاربة الرقابيين أكثر من انشغالها بمكافحة الفاسدين.
وجاء في تقرير اصدره مكتب "لجنة المفتش العام الخاص لاعادة اعمار العراق" للكونغرس الاميركي استنادا الى معلومات من البنك الدولي ان العراق هو احد اقل دول العالم مقدرة على ضبط الفساد.
واحتل العراق المرتبة ال175 من بين 182 دولة في مؤشر الفساد التابع لمنظمة الشفافية الدولية للعام 2011.
وقال تقرير المفتش العام ان المالكي قال ان "الارهاب والفساد وجهان لعملة واحدة"، في البلد الذي يشهد تفجيرا او هجوما بشكل شبه يومي. واضاف ان "القضية تتعلق بعدم كفاية الانظمة القانونية التي وضعت بعد اجتياح العراق عام 2003، والضغوط والتهديدات التي يتعرض لها الموظفون المسؤولون عن مواجهة الفساد خاصة على اعلى المستويات".
واشار التقرير الى قضية وزير الدفاع العراق الاسبق حازم الشعلان الذي ادين بتهمة اختلاس 1,3 مليار دولار عبر عقود لشراء الاسلحة بين عام 2004 و2005.
وقال التقرير انه رغم ادانة الشعلان غيابيا، الا انه ومنذ منتصف كانون الثاني/يناير "يعيش بكل راحة في الخارج"، فيما يعيش راضي الراضي المسؤول عن التحقيق في تلك القضية-- والذي ترأس هيئة النزاهة من عام 2004 حتى 2007 -- في الولايات المتحدة الاميركية حاليا بسبب مخاوف من اغتياله في حال بقائه في العراق.
وقال الراضي للمنظمة ان "احد مصادري الموثوقين في وزارة الدفاع ابلغني انني على قائمة +القتل+". وناقش القاضي الصعوبات التي واجهها اثناء ترؤسه هيئة النزاهة، وقال "لم ياخذ الزعماء هيئتنا التي تكافح الفساد على محمل الجد. وقد كانت فكرة وجود هيئة مستقلة مخولة بمكافحة الفساد جديدة، وبالتالي فلم تلق الفهم او القبول اللازمين".
واضاف "حتى ان رئيس الوزراء (اياد علاوي) انذاك لم يكن يفهم لماذا لا يستطيع ان يتحكم بنا كما كان يفعل ما باقي الحكومة". وقال ان "هذه اصبحت مشكلة لان رئيس الوزراء هو سياسي يخضع لضغوط سياسية - وقد بدأت هذه الضغوط السياسية في التدخل في عملنا".
ولفت الى ان احدى العوائق الرئيسية هي فجوة قانونية تتمثل في المادة 136ب من القانون الجنائي العراقي الذي "يسمح للوزراء بوقف التحقيقات مع موظفي الوزارة".
وقال ان القانون "لا يسمح لرئيس الوزراء بمنح حصانة مماثلة للوزراء، ولكن علاوي زعم ان القانون يسمح له بذلك، ولم يجادله احد في ذلك". واشار التقرير الى انه رغم الغاء هذه المادة، الا ان طعنا مقدم امام المحكمة العليا يمكن ان ينتج عنه اعادة العمل بهذه المادة.
وكان رئيس اخر لهيئة النزاهة وهو رحيم حسن العكيلي استقال في ايلول/سبتمبر 2011 بسبب ما قال انه بسبب ضغوط احزاب سياسية اتهمها بمحاولة التستر على اختلاس اموال.
وكان العكيلي (44 عاما) والذي تراس الهيئة منذ كانون الثاني/يناير 2008 حتى استقالته، اتهم في مقابلة مع وكالة فرانس برس في شباط/فبراير الماضي، وزراء بانهم يفضلون التستر على فساد في دوائرهم بدلا من مكافحته وان هذه الاموال هي المصدر الرئيسي لتمويل المتمردين.
وقال في رسالة الاستقالة التي وجهها الى لجنة النزاهة البرلمانية ان "التكالب على نهب اموال الدولة وعقاراتها هو الجزء غير المعلن من الصراع على السلطة في العراق اليوم".
واضاف "لذا فان ملف الفساد فيه سائر الى المزيد من الالتباس والتعقيد والتسييس وخلط الأوراق في ظل إرادة سياسية تدعي الوعي بحجم الفساد المستشري، لكنها أضحت في الفترة الأخيرة متذمرة بقوة من الرقابة و(تنشغل) بمحاربة الرقابيين أكثر من انشغالها بمكافحة الفاسدين، وبذلك قد لا نحصد الا المزيد من التراجع الذي ارفض بشدة أن أكون شريكا فيه".