مشجر ال جراح do.php?img=12356


الإمارات والمشيخات الطائية من بني الجراح في بلاد الشام

دور الطائيين في فتوح الشام
إنتشرت عشائر طيء مع بداية الفتوحات الإسلامية لبلاد الشام، وكان دليل خالد بن الوليد من أرض السماوة في العراق الى أرض الشام ، رافع بن عميرة الطائي، صهر خالد بن الوليد، ومما قاله خالد مخاطبا جبلة إبن الأيهم، كما نقله الواقدي " أنا المعروف بكبش بني مخزوم، أنا خالد بن الوليد، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الرجل الذي عن يميني، هو عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وهذا الذي عن شمالي، من أهل اليمن من كرام طيء، وهو رافع بن عميرة الطائي، صهري، وفؤادي، وذلك أني أخذت من كل قبيلة شجاعها المعروف، وبطلها الموصوف ..." إ.هـ..
كانت طيء حاضرة جنبا الى جنب مع بقية قبائل العرب أيام اليرموك وفتح دمشق، وحصار قلعة حلب، وقنسرين، وبعلبك، وبيت المقدس... وممن سيرهم خالد لغزو إنطاكية صهره رافع على رأس ألف فارس من طيء.
وهذا أبو عبيدة يختار صناديد العرب لفتح قلعة حلب، التي إستعصت عليهم مدة ستة شهور، وفي طليعتهم الطائيون، برئاسة خزعل بن عاصم الطائي، يقول الواقدي " لما وعظ أبو عبيدة يوقنا، وفرغ من وعظه، ضم إليه مائة فارس، وألبسهم زي الروم، قال‏:‏ وكان كل عشرة من قبيلة، قال: وهم: من طيء، وفهر، وخزاعة، وسنيس، ونمير، والحضارمة، وحمير، وباهلة، وتميم، ومراد، وجعل على كل عشرة نقيبًا" إ.هـ..
وكان لرجالات طيء، وأبناء عمهم مذحج دور في التجسس على معسكرات الروم، فكانوا يتخفون بلباس النصارى العرب، يقول الواقدي " وكانت العيون من المسلمين من بين طيء ومذحج ينزلون، ويتزيون بزي العرب المتنصرة، يتجسسون الأخبار ، حتى إختلطوا بالعساكر المذكورة، وكانوا حذاقا متفرسين...." إ.هـ.
تغلغلت ذراري طي ، في فترة الخلفاء الراشدين والأمويون، كما تغلغل غيرها من القبائل العربية في بلاد الشام، وكانت السمة الغالبة على ذراريها بنو جديلة (سعد) وكانت الرياسة العامة لسلائل بني هني بن عمرو الذين منهم إياس بن قبيصة الطائي ملك العراق قبيل البعثة، وكل بطن من بطون جديلة بزعامة أمير من نفس البطن، فهناك بنو جرم (ثعلبة) وبنو لام وبنو سنبس وتركز تواجدهم على أرض الشام الجنوبية فلسطين والأردن، ومعهم قبائل جذام وقبائل قضاعة الحميرية.

تشكل الإمارات الطائية
بنو الجراح
تشير المصادر التاريخية في عهد الخلافة الفاطمية في مصر، أن عشائر طيء، هيمنت في البلقاء، وباديتها، وصولا الى القدس، والشراة، ومن أوائل أمرائها الذين برزوا على الساحة السياسية، في ذلك العصر ، الأمير الجراح الطائي، وهو أمير عربان طيء في القرن الثاث الهجري. كان يطلق على عربان طيء من سلالة لام الممتدة 21 جدا من عهد لام الى عهد شبيب والد جراح " بني لام" ، وفي عهد الجراح بن شبيب إكتسبت عشائر بني لام إسم أميرها "الجراح" فقالت العرب بنو الجراح، مجازا على إعتبار أنه بمثابة والد لسلائل لام كافة، وهو جراح بن شبيب بن مسعود بن سعيد بن حرب بن السكن بن ربيع بن علقى بن حوط بن عمرو بن خالد بن معبد بن عدي بن أفلت بن سلسلة بن غنم بن ثوب بن معن بن عتود بن حارثة بن لام الطائي.
تشعبت قبائل لام منذ عهد لام الى عهد دغفل ، وهذه فترة زمنية تمتد زهاء 450 الى 550 سنة، بدأت قبل البعثة المحمدية واستمرت الى عصر دغفل، الذي سجلت الأحداث أنه كان عام 360هـ (983ميلادي تقريبا)، حيا يرزق. أي أن لام ربما يكون ولد مع بداية القرن الرابع الميلادي ومات قبل عام 623ميلادي وهو تاريخ البعثة المحمدية ، وهي فترة كافية لتشعب القبيلة، الى قبائل تختلف وتتفق وتتفرق في أرض الله الواسعة، حسب متطلبات الحياة، في ذلك العصر. فكم من جد من هذه الجدود أو من الجدود غير الواردة في عمود نسب دغفل المشار اليه أعلاه، من أبناء عمومتهم نصب نفسه قبيلة، بحكم ذراريه؟ ومردهم جميعا بنو لام. وقد أطلقت العرب على ذراري دغفل "بنو الجراح"، نسبة الى والده، جراح، فأصبحت ذراري جراح (الجراح) قبيلة ، قالت عنها العرب " بنو الجراح" ، ربما لأنه صاحب شهرة، وصيت، وجاه، فأصبح رمزا للطائيين في بلاد الشام.
إبنه دغفل بن الجراح الذي سجلت الأحداث أنه كان عام 360هـ، ، فلم يشكل قبيلة بأسمه ، فلم نسمع بقبيلة إسمها قبيلة دغفل، ولعل ذلك يعود الى إسمه الوعر، غير المألوف، فكان دغفل هو أمير بني الجراح، ووريث إياس بن قبيصة الطائي، وكانت الهيمنة له ولأبنائه على سوريا الجنوبية.


عرب المفارجة بين البلقاء والرملة
ورث المفرج والده دغفل الأمارة، وكان يسمى الأمير البدوي أو أمير طيء في الشام، وتضم جميع ذراري لام قاطبة، وبقيت الإمارة الطائية في عقبه وعقب ذراريه من 360هـ الى أوائل القرن السادس الهجري، ومات المفرج مسموما عام 404هـ الموافق 1013م، من قبل الفاطميين، وفي فترة حياته كان يشاركه الحكم إبنه حسان بن المفرج الى ما بعد عام 432هـ، وشارك حسان الزعامة إبنه علان بن حسان. وإلى المفرج تنتسب حاليا قبيلة عرب الصقر وقبيلة عرب السردية، وعرب النعيمات، وفي إمارته ألحق الطائيون من بني لام الهزيمة النكراء بالقرامطة في الرملة عام 367هـ. وحسان بن المفرج الطائي هو المتحالف مع صالح بن مرداس الكلابي في حلب لسلخ بلاد الشام عن الفاطميين عام 420هـ، فانهزموا في معركة الأقحوانة (إسمها الشونة الشمالية حاليا) في غور الأردن.
إذن نرى من خلال تتبعنا للأحداث التاريخية، أن علان ومن قبله والده حسان ووالده المفرج هم أمراء بني الجراح وبقية ذراري بني لام في بلاد الشام من360هـ، وحتى أواخر القرن الخامس الهجري، وهو بداية إنقسام الإمارة الطائية الى إمارتين هما المفارجة في فلسطين ، والربيعة في وسط الشام.

عرب الربيعة بين البلقاء ودمشق
عرب الربيعة وعرب العلي ، بهذه الأسماء عرفت في بداية الأمر ذراري الفرج بن دغفل، إنفصل بنو ربيعة بإمارة مستقلة عن بني عمهم المفارجة ، منطلقين من أطراف دمشق بإسم آل العلي، حيث إنتقلوا الى هناك من البلقاء ، بعد أن كان فرع العلي يقيم في تلاع البلقاء الخصيبة ، وفيرة المياه، والمعروف جزء منها الأن بـ"تلاع العلي" ، تاركين إسمهم منقوشا منذ ألف عام على تلك البلاد، وهي أرقى مناطق عمان الغربية.
علي هو إبن فرج ، كثر نسل علي، فكانت الإمارة لهم، ومن سلائل العلي برزت قبيلة بإسم حفيده ربيعة، وهو ربيعة بن حازم بن علي بن الفرج بن دغفل. ومن الملاحظ أن القبيلة لم تحمل إسم حازم، بل حملت إسم إبنه ربيعة ، فقالت العرب: بنو آل علي في حياته، إلا أن إسم بنو ربيعة غلب إسم آل علي بعد ممات علي، وبزوغ نجم ربيعة، فهيمن بنو ربيعة على وسط الشام، مع مطلع القرن السادس الهجري أي 500هـ فصاعدا، وهو ظهور بنو ربيعة، منفصلين كليا عن عرب المفارجة، وهي نفسها سمتها العرب إمارة الفضل أو الفضول نسبة الى فضل بن ربيعة بن حازم بن علي بن الفرج بن دغفل، وسميت لاحقا إمارة العيسى إنطلاقا من الغوطة وما حولها، ومعظم الأراضي السورية، ومن الملاحظ أن إنفصال ذراري المفارجة عن ذراري الفرج جاء زمن ربيعة، وهو الجد الخامس على عمود النسب ، الذي يخرج أبناء العمومة من الدم، وتقدر بـ 100 الى 120 عاما، وظهر منهم تفرعات متعددة ، تسمت على نفس النمط السابق، حسب نفوذ الجد وشهرته.
الموضوع منقول من بحث : علي الملاحي