يوم طخفة:

وهو لبني يربوع على عساكر النعمان بن المنذر. قال أبو عبيدة: وكان سبب هذه الحرب أن الرادفة، وهي بمنزلة الوزارة، وكان الرديف يجلس عن يمين الملك، كانت لبني يربوع من تميم يتوارثونها صغيراً عن كبير. فلما كان أيام النعمان، وقيل أيام ابنه المنذر، سألها حاجب ابن زرارة الدرامي التميمي النعمان أن يجعلها للحارث بن بيبة بن قرط ابن سفيان بن مجاشع الدارمي التميمي، فقال النعمان لبني يربوع في هذا وطلب منهم أن يجيبوا إلى ذلك، فامتنعوا، وكان منزلهم أسفل طخفة، فحيث امتنعوا من ذلك بعث إليهم النعمان قابوس ابنه وحساناً أخاه ابني المنذر، قابوس على الناس، وحسان على المقدمة، وضم إليهما جيشاً كثيفاً، منهم الصنائع والوضائع وناس من تميم وغيرهم، فساروا حتى أتوا طخفة فالتقوا هم ويربوع واقتتلوا، وصبرت يربوع وانهزم قابسو ومن معه، وضرب طارق أبو عميرة فرس قابوس فعقره وأسره، وأراد أن يجز ناضيته، فقال: إن الملوك لا تجز نواصيها، فأرسله. وأما حسان فأسره بشر بن عمرو بن جوين فمن عليه وأرسله. فعاد المنهزمون إلى النعمان، وكان شهاب بن قيس بن كياس اليربوعي عند الملك، فقال له: يا شهاب أدرك ابني وأخي، فإن أدركتهما حيين فلبني يربوع حكمهم وأرد عليهم ردافتهم وأترك لهم من قتلوا وما غنموا وأعطيهم ألفي بعير. فسار شهاب فوجدهما حيين فأطلقهما، ووفى الملك لبني يربوع بما قال ولم يعرض لهم في ردافتهم؛ وقال مالك ابن نويرة:
ونحن عقرنا مهر قابوس بعدما ** رأى القوم منه الموت والخيل تلحب

عليه دلاصٌ ذات نسجٍ وسيفه ** جرازٌ من الهنديّ أبيض مقضب

طلبنا بها، إنّا مداريك نيلها ** إذا طلب الشّأو البعيد المغرّب