بسم الله الرحمن الرحيم
عندما يريد العبد المذنب ان يتوب وينوب الى ربه , قد تقعد به عن التوبة وسوسة الشيطان التي تقطع عنه طريق العودة الى ربه وتعمي عينه عن أبواب الرحمة المفتوحة له , وقد تضعف همته عن الرجوع الى طريق الهدى , ويقعده وهم عدم شموله بعفو ربه عنه , فيرى نفسه وحيداً بعيداً عن الرحمة الالهية , مكبلاً بقيود ذنوبه غارقاً في وحل آثامه فيجرفه سيل الذنوب في مهالك الهاوية , ويكون فريسة للشيطان ووقوداً لنار جهنم ,
ولكن ان وجد يداً تنشله من وحل آثامه وحبلاً ينقذه من غرقه وعلماً يهديه الى طريق النجاة وقوة تشد عزمه على سلوكه , فأنه بالتأكيد أن كان يريد النجاة فأنه سيغسل نفسه من درن وحل ذنوبه ويطهر نفسه من ارجاس الشيطان ويعافي روحه التي امرضتها وساوس نفسه وشيطانها .
وهذا ما نجده في الشفاعة التي طرحها القرآن كمسألة مهمة في تقويم العبد والوصول به الى ما أُريد له من الفوز برضى الله عز وجل .
ففي نفس الوقت الذي نرى فيه القرآن الكريم يصف العقوبات الالهية بالشدة , نرى سبل النجاة مشرعة امام الانسان لتمنح الفرصة للمذنبين للرجوع عن الخطأ واصلاح انفسهم وسلوك الطريق المؤدي الى اللّه تعالى .
الشفاعة تعني في المفهوم الصحيح للكلمة انذاراً للمذنبين بعدم هدم جسور العودة باجمعها والحفاظ على خطوط الاتصال مع اولياء اللّه , وان وقعوا في بعض الذنوب فلا ييأسوا , وعليهم الشروع بالعودة حيثما كانوا والمسارعة نحو رحمة اللّه الواسعة .
ان الاتصال بأولياء الله لايكون الا بالألتزام بالقيم والصفات التي يتمتع بها أولياء الله , وصفوة القول التي يمكن استخلاصها من الآيات القرآنية ومن بعض الروايات الواردة في المصادر الاسلامية , ان الشفاعة من المسائل التربوية المهمة في الاسلام والتي تعكس القيم الاسلامية السامية من خلال الاهتمام بنوع الشفعاء , وتحث جميع المسلمين للالتزام بهذه القيم والصفات التي يتمتع بها الشفعاء , وتشجع على تقوية وتوثيق العلاقات معهم.
نعود الى القرآن الكريم لنتعرف من خلاله على حقيقة ومفهوم الشفاعة وعلى جميع الامور المتعلقة به , ويمكن أن نًقَسّم الآيات القرآنية الى خمسة أقسام نبحث فيها مسألة الشفاعة حسب المفهوم القرآني لها .
نقرأ في قوله تعالى:
1 ـ (فما تنفعهم شفاعة الشافعين ) المدثر ـ48.
2 ـ (واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولايقبل منها شفاعة ولايؤخذ منها عدل ولاهم ينصرون ) البقرة ـ48
3 ـ (مالكم من دونه من ولي ولا شفيع ) السجدة ـ4 .
4 ـ (قل للّه الشفاعة جميعا له ملك السموات والارض ثم اليه ترجعون ) الزمر ـ44.
5 ـ (من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه ) البقرة ـ255.
6 ـ (يومئذ لاتنفع الشفاعة الا من اذن له الرحمن ورضي له قولا) طه ـ109.
7 ـ (ما من شفيع الا من بعد اذنه ) يونس ـ3.
8 ـ (وكم من ملك في السموات والارض لا تغني شفاعتهم شيئا الا من بعد ان ياذن اللّه لمن يشاء ويرضى ) النجم ـ26.
9 ـ (ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة الا من شهد بالحق وهم يعلمون ) الزخرف ـ86.
10 ـ (ولا يشفعون الا لمن ارتضى ) الانبياء ـ28.
11 ـ (لايملكون الشفاعة الا من اتخذ عند الرحمن عهدا) مريم ـ87.
12 ـ (وما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع ) المؤمن ـ18.
والاقسام الخمسة التي نبحث فيها الآيات القرآنية التي تخص الشفاعة هي تحت عناوين ,
القسم الاول / الآيات التي تنفي الشفاعة بشكل قاطع.
القسم الثاني / الآيات التي تعتبر الشفاعة خاصة باللّه عز وجل.
القسم الثالث / الآيات التي تجعل الشفاعة منوطة باذن اللّه عز وجل.
القسم الرابع / الآيات التي حددت بعض الشروط للشفيع والمشفوع له.
القسم الخامس / الآيات التي تشير الى الاشخاص الذين لاتنالهم الشفاعة بسبب ما أرتكبوه من اعمال.


بعد ان عرفنا أن موضوع الشفاعة في القرآن الكريم ينقسم الى خمسة أقسام , نحاول وبعد أن نستمد العون من الله عز وجل أن نبين هذه الاقسام .
القسم الاول : الآيات النافية للشفاعة وفيه تندرج الآية الاولى والآية الثانية .
الآية الاولى قوله تعالى (فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ) 48 المدثر.
بعد ان بينت الآيات السابقة لها أحوال واوضاع المجرمين في جهنم وحديثهم مع اهل الجنة ثم قالت : (فما تنفعهم شفاعة الشافعين ).
لقد نفت هذه الآية المباركة أي نوع من انواع الشفاعة التي يمكن ان تنال هؤلاء المجرمين بما في ذلك شفاعة الانبياء والاوصياء والملائكة والصديقين والشهداء والصالحين.
ولكن وجود كلمة (الشافعين ) وهي ظهور الفعلية , تثبت وجود شافعين ومشفعين في ذلك اليوم وان شفاعتهم لا تنفع هؤلا الذين كانوا يكذبون بيوم الدين ولم يكونوا يصلون ولا يطعمون المسكين .
وكذلك تعبير (فما تنفعهم ) يدل ايضا على ان احوالهم واعمالهم ومعتقداتهم هي التي جلبت اليهم هذا الحرمان .
ونفهم من ذلك أن هذه الاية وان كانت من الايات النافية للشفاعة , الا ان نصها يثبت ضمنيا وجود الشفاعة .
والآية الثانية قوله تعالى (وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ) البقرة 48.
فقد نفت هذه الآية الشفاعة واتسم حكمها بالعموم
ويستفاد منها أن هناك اربعة طرق مهمة تعتبر وسيلة للنجاة في هذه الدنيا لكثير من المجرمين :.
الاول : ان تجزي نفس عن نفس
والثاني : ان يشفع لها شفيع
والثالث : لو دفعت غرامة لجزت عن العقوبة
والرابع : ان يهب قوم لنصرتها وانقاذها من مخالب العذاب.
لكن ايا من هذه الطرق ليس لها وجود يوم القيامة , والحديث هنا يدور حول نفي الشفاعة هناك نفيا قاطعا.
ولكن المخاطبين في هذه الاية هم اليهود , بقرينة الاية السابقة لها في قوله تعالى (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ) البقرة 47 ـ
ونفي الشفاعة يختص باليهود الذين سلكوا طريق الكفر والعناد ومجانبة الحق , وقتل الانبياء
وكذلك فأن هذه الاية تشير الى ظن اليهود الذين كانوا يتوهمون بأن آباهم يشفعون لهم يوم القيامة , فالاية تبطل هذا الوهم وتجعلهم في يأس منه.
وبهذا فهي لا تتنافى مع آيات الشفاعة والروايات المتواترة الدالة على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسائر المعصومين يشفعون لمذنبي هذه الامة .
بفضل من الله تعالى وبمنة منه نصل الى القسم الثاني من اقسام الشفاعة في القرآن الكريم
وتندرج فيه الآيات (التي تعتبر الشفاعة خاصة باللّه عز وجل ).
ومنها الآية الثالثة التي قالت بعد الاشارة الى خلق السموات والارض وحاكمية اللّه على كل شي : (ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع ) 4/السجدة .
ان الشفيع الحقيقي هو الخالق المدبر لعالم الوجود , والشفاعة هي نوع من التدبير والربوبية والتربية
ان من يمتلك حق العفو عن المذنبين وحق الشفاعة او قبول شفاعة الشافعين هو الخالق والمالك لكل الموجودات التي بدا وجودها منه سبحانه ثم تعود اليه في نهاية المطاف .
وعلى هذا فان مقام الحاكمية وهداية وتربية الناس ممنوحة للأنبياء والاولياء من قبل اللّه تعالى , والشفاعة أيضا قد تمنح لهم من قبل الله عز وجل وبأذن منه
وفي الآية الرابعة ورد هذا المعنى ولكن بصورة اخرى , اذ تقول لعبدة الاوثان الذين اتخذوها شفعاء لهم : (قل للّه الشفاعة جميعا) 44/الزمر.
ثم تؤكد ان سبب ذلك هو ان : (له ملك السموات والارض ثم اليه ترجعون ) 44/الزمر.
نفهم من ذلك ان الشفيع في الاساس هو اللّه تعالى , ويستمد الاخرون منه مشروعية شفاعتهم
ومن الواضح ان انحصار حق الشفاعة به تعالى دون سواه لايتنافى ابدا مع مشروعيتة للاخرين , كما ان الملكية والحاكمية له دون سواه , ويمكن للآخرين الملك والحكم باذنه وبامره وفي حدود خاصة .
ومما يجب الالتفات اليه , هو ان الآية السابقة لها قالت حين نفت شفاعة الاوثان (قل اولو كانوا لايملكون شيئا ولا يعقلون ) 43/ الزمر. وهذا التعبير دليل واضح على ان الشفاعة من مختصات المالكية والحاكمية , وانما اختص بها اللّه تعالى لانه هو المالك والحاكم الاصل في عالم الوجود والآخرون يقتاتون على فتات مائدة نعمته .​


بمنة من الله تعالى وصلنا الى القسم الثالث من اقسام الشفاعة القرآنية وهو بعنوان (الشفاعة منوطة باذن اللّه ) وتندرج فيه الآيات المباركات الخامسة والسادسة والسابعة والثامنة من الآيات التي ذكرناها في بداية الموضوع.
وآيات هذا القسم مكملة لآيات القسم الثاني ولذا ورد في الآية الخامسة استفهام انكاري ينص على : (من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه ) البقرة/ 255 , والذي يدل على أن الأنبياء صلوات الله عليهم وأولياء اللّه والشفعاء أنما يستمدون مشروعية شفاعتهم يوم الجزاء من اللّه تعالى , ويشفعون باذنه ,
ومن المعلوم بداهةً ان اذنه عز وجل منبثق من حكمته تعالى المنزهة عن العبثية , فان كان هناك شخص لا يستحق الشفاعة فلا يؤذن بالشفاعة له
ومما يجب الالتفات اليه ان آية الكرسي (والآية الخامسة هي جزء من آية الكرسي ) تبطل معتقدات عبدة الاوثان الذين يتذرعون بعبادتها بدعوى انها تشفع لهم عند اللّه , فقد اكدت هذة الجملة ( من ذا الذي يشفع عنده الا بأذنه ) بعد ان اقرت مقام القيمومة والمالكية للّه تعالى على كل ما في السموات والارض وعلى هذا فان هذه الشفاعة منبثقة من مالكيته وحاكميته وقيمومته كما ذكر في القسم الثاني من اقسام الشفاعة القرآنية.
وبصورة اخرى ورد نفس هذا المعنى في الاية السادسة , اذ قالت : (يومئذ لا تنفع الشفاعة الا من اذن له الرحمن ورضي له قولا) طه/ 109.
ويمكن لنا ان نسأل
من المقصود من : (من اذن له الرحمن ) ؟
هنالك احتمالان الاول :هم الشفعاء باذن اللّه ,
والثاني : هم الذين تشملهم الشفاعة باذن اللّه .
قد يكون الاحتمال الاول هو الاصح , لانه يتسق ومضمون الآية السابقة (آية الكرسي ) فهناك كان الحديث يدور حول الاذن للشفعاء.
وينعكس كلا المعنيين في جملة (ورضي له قولا) ,
الاول انها تعود على الشفعاء اي تقبل شفاعة من رضي اللّه قوله وشفاعته وعلى هذا فان الجملتين تؤكد احداهما الاخرى .
والثاني : ان المقصود هو المشفوع له من الذين رضي اللّه قولهم , وبعبارة اخرى هو الذي كان عمله وكلامه ومعتقده صالحا وصار موضعا لرضى اللّه لكي يشفع له , ولكن بما ان الجملة الاولى تقصد الشفعاء , فمن الانسب ان تكون الجملة الثانية اشارة الى ذلك ايضا , لتكون عودة الضمائر على وتيرة واحدة .
وتشكل الآية الكريمة دليلا واضحا على وجود الشفاعة باذن اللّه , لفريق من المؤمنين .
وفي الآية السابعة تم تبيان نفس ذلك المعنى ولكن بصورة اخرى اذ قالت ( ما من شفيع الا من بعد اذنه )يونس/ 3 , فلماذا تعبدون الاصنام ؟ (ذلكم اللّه ربكم فاعبدوه افلا تذكرون ).
وفي الاية الثامنة في قوله تعالى (وكم من ملك في السموات لاتغني شفاعتهم شيئا الا من بعد ان ياذن اللّه لمن يشاء ويرضى )النجم/ 26 , جاء نفس هذا المعنى بشأن شفاعة الملائكة , اذ تؤكد الآية الشريفة ان شفاعة الملائكة انما تقبل باذن اللّه ايضا
فملائكة السماء وبكل مالديهم من عظمة لا يستطيعون أن يشفعوا الا بأذنه , فكيف بالأوثان التي لا شعور لها ولا تمتاز باية قيمة معنوية ؟
واستخدام كلمة (كم ) للتعبير عن اهمية الموضوع , وهو مايستخدم عادة للكثرة وهو موسوم هنا بطابع العموم وجاء في الاية كذلك تعبير (في السموات ) وهو دلالة على علو مقامهم ووردت كذلك كلمة (شفاعتهم ) بصيغة الجمع لكي يفهم ان شفاعتهم جميعا لا اثر لها الا باذن اللّه ورضاه .
ولعل التاكيد على الملائكة دون بقية الشفعاء جاء هنا لان فئة من العرب كانت تعبد الاوثان او ان المقصود : فان كانت شفاعة الملائكة غير مجدية الا باذن اللّه , فماذا يتوقع من الاصنام الجامدة ؟.
بعون الله تعالى وصلنا الى القسم الرابع من اقسام الشفاعة القرآنية وهو بعنوان ( الآيات التي حددت بعض الشروط للشفيع والمشفوع له ).
وتندرج في هذا القسم الآيات الكريمات التاسعة والعاشرة والحادية عشر.
نفهم من الآية التاسعة ان الصفة الاولى للشفعاء هي الشهادة بالحق , فلابد ان يكون الشفيع موحدا , اي لا تتحقق الشفاعة الا في ظل التوحيد ونبذ الاصنام والاستعانة بلطف اللّه , فبعد أن نفت الشفاعة بقولها : (ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة ) ثم انها استثنت منهم فريقا فقالت : (الا من شهد بالحق وهم يعلمون ).
أن وصف (وهم يعلمون ) يمكن أن يكون له معنيين, فان كان الوصف للشفعاء فسيكون معنى الجملة : اؤلئك الذين يشهدون بالحق عن علم ووعي , او ان كان المقصود هم المشفوع لهم فيكون المعنى حينئذ انهم يعرفونهم ويعلمون لمن ينبغي ان تكون الشفاعة .
فان كان الوصف للمشفوع لهم , فمفهومها هو ان الشفاعة تشمل من ينطقون كلمة التوحيد بحق ويقولونها عن علم ووعي انطلاقا من الدليل والبرهان وهي غير مقصورة على اللسان .
وفي الآية العاشرة قد جاء نفس هذا المعنى ولكن بصورة أخرى, فبعد استنكار الآية ورفضها لقول عبدة الاوثان الذين يظنون ان الملائكة ابناء اللّه تقول لهم بانهم عباد اللّه وانهم (لايشفعون الا لمن ارتضى ) وفي الحقيقة (وهم من خشيته مشفقون ).
فلا طائل من وراء عبادة الملائكة لأجل نيل شفاعتهم (وهي عقيدة المشركين ) لأنهم يأتمرون بامره تعالى ولا يشفعون الا لمن يرتضي , اي للموحدين فقط.
فجملة ( لمن ارتضى ) اما أن تكون اشارة الى رضاه سبحانه عن دينهم وتوحيدهم وايمانهم , واما كونه راضيا عن الشفاعة لهم , وكلاهما يرجعان الى معنى واحد.
وانطلاقا مما ذكر فان شفاعة غير اللّه لا تكون الا بأذنه , واذنه يختص بالمؤمن والموحد.
والآية الحادية عشر , وبعد الحديث عن سوق المجرمين الى جهنم تأتي بتعبير جديد يجري في نفس هذا المجرى , أذ تقول : (لا يملكون الشفاعة الا من اتخذ عند الرحمن عهدا ).
وبقرينة الآية السابقة لها والتي تتحدث عن المجرمين , نفهم أن هذا الوصف لمن يُشفع لهم
ومن خلال التمعن في الاحتمالات الكثيرة التي طرحها المفسرون في تفسيرهم لكلمة (العهد) , يتضح لنا أن الايمان باللّه والأقرار بوحدانيته وتصديق الانبياء وقبول ولاية الاوصياء , وكذلك العمل الصالح هو المقصود ب ( العهد ).
وعلى هذا الاساس يجب ن تكون هناك علاقة بين الشفيع والمشفوع له قائمة على الايمان والعمل الصالح لان الشفاعة هناك محسوبة ولا تعني مطلقا التوسط لمن لا يستحق .
جاء في حديث عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال : (من ادخل على مؤمن سرورا فقد سرني ومن سرني فقد اتخذ عند اللّه عهدا ).
ولو أن أحدا ادخل السرور على مؤمن لأجل ايمانه ,فمن المؤكد أنه من ذوي الايمان والعمل الصالح وذلك مما يوثق علاقته باللّه من اجل قبول شفاعته .
بمنة من الله تعالى وعونه وصلنا الى القسم الخامس والأخير من أقسام الشفاعة في القرآن) وفيه تندرج الآية القرآنية الشريفة في قوله تعالى ( ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع ) غافر 18 , وتشير الآية المباركة الى الاشخاص الذين لاتنالهم الشفاعة بسبب ماارتكبوه من اعمال , ويمكن ان نفهم منها ان الشفاعة لاتشمل الظالمين ولكنها تشمل فئات اخرى ,
اذن فغير الظالمين بشكل عام يستحقون الشفاعة .
ولكن مالمقصود بالظالمين ؟ قال البعض من امثال المحقق الطبرسي في مجمع البيان انهم المشركون والمنافقون لأن اسوء الظلم هو الشرك والنفاق .
وصرح الفخر الرازي بان المقصود بـ (الظالمين ) هنا الكفار.
والآيات السابقة لهذه الآية , ومطلع نفس هذه الآية الشريفة الذي يحذرهم من عذاب يوم القيامة وكذلك الآيات الواردة بعدها والتي تذكر مصير الكفار السالفين الذين اصبحوا عبرة من خلال تعرضهم للعذاب الالهي , هي ايضا شاهد ودليل على هذا المعنى .
وقال بهذا الرأي كل من صاحب تفسير روح البيان , وصاحب روح المعاني والمراغي .
وعلى كل حال فان نفي الشفاعة عن الظالمين بالخصوص (وبغض النظرعن المعنى الذي تفسر فيه كلمة الظالمين ) دليل على اثباتها لأقوام آخرين .
فالشفاعة لا تحصل اعتباطا بل تحتاج الى نوع من الاستحقاق والتاهيل , اي ان المذنبين على صنفين : صنف يستحق الشفاعة وصنف لا يستحقه.
منقوووووووووووووووووووووول