كان للمستشفيات دور كبير فى أحداث ثورة 25 يناير، إن لم يكن لها الدور الأهم، فكانت بمثابة محطة مر عليها مصابى وضحايا الأحداث، منهم الثورى والمناضل، ومنهم البلطجى المتآمر، ومنهم مصاب أو شهيد الصدفة.

وجوه ومواقف لم يستطع العاملين بالمستشفيات المحيطة بميدان التحرير، أن ينسوها، بل تركت أثرا نفسيا كبير استمر حتى الآن، فمازالوا يتذكرونها وكأنها وليدة اللحظة.

دماء تملئ ساحة المستشفى جثث وأشلاء متراكمة أجواء لا يمكننى أن أنساها أو تمحوها الأيام من ذاكرتى، هكذا بدأ الدكتور "عمر محمد" حديثة لـ"اليوم السابع" والذى شاهد أحداث ثورة 25 يناير منذ لحظتها الأولى من موقعه فى استقبال القصر العينى، قائلا مرت علينا أيام صعبة جدا كان فريق عمل المستشفى متواجد بالكامل من أول يوم فى الثورة، كل الأقسام تقريبا كثفت جهودا لاستقبال المصابين والضحايا من كافة الشرائح والفئات.

وبما أن مستشفى القصر العينى مستشفى حكومى مجانى، لذلك استوعبت نسبة كبيرة جدا من المصابين غير القادرين على العلاج بالمستشفيات التخصصى، وكان من بينهم الثوار الحقيقيون اللى نزلوا من أجل تحقق مطالبهم، ومن بينهم أيضا فئات مندسة على الثورة من البلطجية والمخربين، اللى حاولوا يستغلوا الأحداث.

متابعا، لكن إحنا مكناش بنفرق بين مصاب والتانى كلهم عندنا سواء بغض النظر عن سبب أصابتهم إنما هما بالنسبة لنا كأطباء فى الأول والأخير مصابين.

وعلى المستوى الشخصى من أكثر الحالات اللى أثرت فى، كانت شاب لا يتعدى 22 سنة، وكان مصاب بطلق نارى فى البطن، والطلقة للأسف اخترقت كل طبقات البطن، وكان بيتصاعد من بطنه نافورة دماء، وهو كان واعى وشايفها، وكل ما نحاول إيقاف الدم بتغطية الجرح بأيدينا كانت نفورة الدم مندفعة، المشهد ده وغيره من المشاهد اللى أثرت فينا نفسيا وتسببت فى هواجس عقليه عانينا منها كثيرا حتى نتخلص منها ونعود لخالتنا الطبيعية.

بينما يقول عبد الحليم محمد موظف الاستقبال بمستشفى القصر العينى، شهدت المستشفى أكبر نسبة لاستقبال مصابى العيون سواء بالطلق النارى أو بالخرطوش، وكانت مشاهد استقبال الحالات دى من اكتر المشاهد التى شاهدناها ولم نقدر على نسيانها.

متابعا، وسط الألم والآهات والوجع كان فى وجع أكبر بالنسبة لمصابى العيون، أنهم كانوا بيبقوا مش شايفين حاجة ولا مميزين معالم المكان، حتى دموعهم كانت مختلطة بالدماء وكأنهم بيبكوا دم على أعز حاجة فقدوها.

ونظرا لتوافد أعداد كبيرة من المصابين للمستشفى كونها أقرب المستشفيات لموقع الأحداث ولأنها مجانية، مما أدى إلى نقص كبير فى أكياس الدم، ومن هنا جاءت فكرة فتح باب التبرعات فى قسم الاستقبال، سواء كان التبرعات العينية أو بالدم، علشان نقدر نغطى احتياجات المصابين.

بينما يقول الدكتور أحمد محرز رئيس قسم الجراحة بمستشفى المنيرة "تعتبر مستشفى المنيرة شاهد على الثورة من أول ساعة، بل من قبل حتى الثورة، فشهدت تمهيدات وإرهاصات للثورة، عندما استقبلت أكثر من حاله عبارة عن محاولات انتحارية بسبب ظروف الحياة أو كنوع من الاعتراض على الأوضاع وقتها، وكانت من بينها، حالة الرجل الذى أحرق نفسه أمام مجلس الشعب اعتراض على سوء أحواله المادية.

يتابع، كما كانت قلب للإحداث، بل وشاركت بها، فأتذكر منذ الأيام الأولى للثورة عندما كانت تطارد الداخلية المصابين بالمستشفيات وتعتقلهم داخل المستشفى، كنا نهرب أصحاب الإصابات الخفيفة مثل الكسور والجروح الطفيفة، بعد إتمام علاجهم بالكامل، ونعطيهم ملابس غير ملابسهم التى تم القبض عليهم بها حتى تسهل عملية التهريب.

نفس الحال بالنسبة لأفراد الأمن بعد يوم 28 يناير، اللى كانوا بيحاولوا يهربوا بعد الهجوم اللى تعرضه له بعد سقوط الداخلية، فعلى ما أذكر، قمنا بإخفاء مدرعتين داخل المستشفى من هجوم بعض الشباب المتحمسين للثورة.

أما بالنسبة لمستشفى القصر العينى الفرنساوى التى تعتبر أقرب المستشفيات الاستثمارى لميدان التحرير، فالأمر لم يختلف كثيرا فعلى الرغم من كونها مستشفى تخصصى إلا أن باب الطوارئ لم يغلق أبدا أمام أى مصاب مهما كانت هويته أو الفئة التى ينتمى لها طبقا لحديث "سلطان عبده" موظف الاستقبال بمستشفى القصر العينى الفرنساوى حيث قال: "صدرت لنا أوامر من قيادات المستشفى بفتح أبوابها أمام جميع المصابين، دون أدنى تفرقة بين غنى أو فقير، أو من يكملك تكاليف العلاج أو لا.

يتابع ولكن شهدت المستشفى إقبالا كبيرا من قبل بعض الحركات الثورية مثل 6 أبريل وغيرها، مما أثار الشكوك لدى البعض، وجعل الناس تتساءل حول مصادر الأموال التى تتلقاها المستشفى مقابل علاج هؤلاء الشباب، فالبعض أطلق الشائعات بأننا ممولين من جهات غير معلومة، ولكننا لم نلتفت لمثل هذه الشائعات واستكملنا مشوارنا وتبرعنا بعلاج المصابين بالكامل، طبعا بالإضافة إلى صندوق الثورة الذى إقامة بعض رجال الأعمال المساندين للثورة والمتعاطفين مع الضحايا.

يستكمل حديثه مشيرا إلى أن القصر العينى الفرنساوى من أكثر المستشفيات التى عملت على علاج نسبة تفوق 80% من المصابين بها، ولم يتبق سوى 3 حالات أصيبت بطلقات نارية بالعمود الفقرى مما أدى إلى شلل رباعى، ولكنهم خرجوا منذ وقت قريب.

لمزيد من أخبار المنوعات..

اكتشاف آثار من العصر الحجرى فى السويد

طفل مصرى ينقذ حياة سيدة نمساوية دفعها مخمور أمام عجلات مترو الأنفاق

أغنياء العالم يزدادون ثراء



أكثر...