خطر تمادي الرجل في الغيرة
ثم ينهى الامام (عليه السلام) في موعظته حول معاملة المرأة، ينهى الرجل عن التمادي في الغيرة على النساء والزوجة، فيسيء الظن بهن بدون سبب، فان ذلك يولد فيهن رد فعل سيئا، فخير الامور الوسط، وكل شى ء في محله جميل.
يقول (عليه السلام): 'واياك والتغاير في غير موضع غيرة، فان ذلك يدعو الصحيحة الى السقم، والبريئة الى الريب' فاذا كانت المرأة سوية بريئة فان شده الضغط عليها قد يولد الانفجار، فتميل الى الشذوذ والى سلوك سبل الريب.
جهاد المرأة
ننتقل الان الى بيان جانب هام من وظيفة المرأة الفطرية، وذلك حين تكون زوجة صالحة.
ان سر نجاح الزواج كامن في علاقة المحبة والالفة بين الزوجين، وفي التوافق النفسي والروحي بينهما وتلعب هنا العلاقة الزوجية دورا كبيرا.
لذلك اكد الشارع الحكيم على تقوية العلاقة ليصون الاسرة ويجعل بناءها قويا متينا. ووضع المسؤولية الكبرى في تمتين تلك الرابطة على الزوجة بالذات، لانها اوتيت الوسائل اللازمه لذلك، واعتبر عملها هذا في تقوية تلك الرابطة مسؤولية كبيره لا يجوز لها ان تستهين بها، وسماها 'جهاد المرأة' في مقابل 'جهاد الرجل' الذي يقصد به مجاهدة الاعذار والسعي في تامين ضرورات الحياة.
وقد ترجم الإمام علي (عليه السلام) هذا المعنى بقوله: 'جهاد المرأة حسن التبعل' ويقصد بالتبعل اطاعة المرأة لزوجها وتامين كل حاجاته المادية والعاطفية، حتى يظل مشدودا اليها ومشغولا بها عمن سواها، فتكون له درءا يجنبه الحرام، وحافظا يصونه من طوارق الايام.
وفي ذلك يقول النبي "ص": 'ما استفاد امر وفائدة بعد الاسلام افضل من زوجة مسلمة، تسره اذا نظر اليها، وتطيعه اذا امرها، وتحفظه اذا غاب عنها، في نفسها وماله'.
خبر اسماء بنت يزيد الانصارية
ولبيان الفرق بين جهاد المرأة وجهاد الرجل، وان جهاديهما متكاملان، نورد قصة اسماء بنت يزيد الانصارية، وافدة النساء على رسول الله "ص".
ومجمل القصة ان اسماء اتت الى النبي "ص" وهو في اصحابه فقالت: بابي وامي انت يا رسول الله، انا وافدة النساء اليك.
ان الله عزوجل بعثك الى الرجال والنساء كافة، فامنا بك وبالهك. وانا معشر النساء محصورات مقصورات، قواعد بيوتكم ومقتضى شهواتكم وحاملات اولادكم. وانكم معاشر الرجال فضلتم علينا بالجمع والجماعات وعيادة المرضى وشهود الجنائز والحج، وافضل من ذلك الجهاد في سبيل الله عزوجل. وان احدكم اذا خرج حاجا او معتمرا اومجاهدا حفظنا لكم اموالكم، وغزلنا اثوابكم، وربينا اولادكم، افما نشارككم في هذا الاجر والخير؟ فالتفت النبي "ص" الى اصحابه بوجهه كله، ثم قال: هل سمعتم مسالة امراة قط، احسن من مسالتها هذه في امر دينها؟ فقالوا: يا رسول الله اي امراة تهتدي الى مثل هذا؟! فالتفت اليها النبي " ص" وقال: 'افهمي ايتها المرأة واعلمي من خلفك من النساء، ان حسن تبعل المرأة لزوجها وطلبها مرضاته واتباعها امره، يعدل ذلك كله. "المجالس السنية ج ٢ ص ١٣٣-٥"
مظاهر نقص المرأة
نعود الان للحديث عما ختمنا به المناقشة الجريئة التي تمت مع الصحفية الايرانية في طهران.
فبعض النساء يتهمن الامام عليا (عليه السلام) بالتحامل على المرأة لانه وسمها بالنقص. ولكني اقول ان كلام الامام (عليه السلام) هو من قبيل بيان الحال، وليس مقصوده الحط من قيمة المرأة تجاه الرجل. فكل شى ء لايملكه الانسان هونقص فيه. واذا كانت المرأة ناقصة في بعض الامور، فان الرجل ناقص في امور اخرى.
الا ان الافضلية النهائية هي للرجل، لقوله تعالى: 'الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض' [هذه الاية ليست في مقام تقرير الافضلية النهائية والمطلقة للرجل على المرأة وانما هي مقام اعطاء الرجل حق القيمومة على المرأة وتقرير: ان القرار النهائي يرجع اليه لانه هو الذي يتصدى للانفاق على المرأة ولانه هو الذي يملك قدره اكبر على اتخاذ القرار الانسب مادام ان عواطفه ليست بدرجة من القوة بحيث تهجن على عقله ولاسباب اخرى شرح جانبا منها المؤلف نفسه فيما تقدم وفيما تقدم وفيما ياتى.] "سورة النساء- ٣٤" ولذلك جعل الله قيادة الاسرة بيدالرجل.
وقد حدد الإمام علي نقص المرأة في ثلاثه مجالات هي 'نقص العقول ونقص الحظوظ ونقص الطهارة'
يقول الإمام علي (عليه السلام) من خطبة له بعد فراغه من قتال عائشة في حرب الجمل، في بيان نقص النساء:
'معاشر الناس. ان النساء نواقص الايمان، نواقص الحظوظ، نواقص العقول. فاما نقصان ايمانهن فقعودهن عن الصلاة والصيام في ايام حيضهن، واما نقصان عقولهن فشهادة امراتين كشهادة الرجل الواحد، واما نقصان حظوظهن فمواريثهن على الانصاف من مواريث الرجال. فاتقوا شرار النساء، وكونوا من خيارهن على حذر. ولاتطيعوهن في المعروف حتى لايطمعن في المنكر'
وسوف نشرح فيما يلي مظاهر النقص السابقة وعواملها:
نقص الطهارة
وقد عبر عنه الامام (عليه السلام) بنقص الايمان في قوله 'ان النساء نواقص الايمان' ذلك ان العبادة التي هي لب الايمان لا تستقيم بدون طهارة. وفي حين يستطيع الرجل ممارسة العبادات في كل وقت، نجد ان المرأة تقعد عن الصلاة والصيام في ايام المحيض، وهي تشكل نحوا من ربع حياتها. وسبب ذلك ان المرأة اثناء المحيض تعاني من تبدلات عضوية ونفسية تجعلها غير مهيئة لممارسة العبادات.
يقول تعالى: 'يسألونك عن المحيض قل هواذى'. ويصح ذلك بالنسبة للجنب من الزوجين، فالجنابة والحيض والنفاس يرافقها ظلمة تغشى النفس لاتزول الا بزوالها.
هذا وان حالة الحيض لما تفرضه وظيفة المرأة المقدسة في الحمل والانجاب والارضاع. فهو ليس منقصة للمرأة بل كرامة تعتز بها. لان المرأة بهذا النحو تكون منجبة للاجيال وصانعة للابطال.
نقص الحظوظ
ويقصد به حظ المرأة في الارث، فنصيب النساء على الانصاف من نصيب الرجال، وذلك في قوله تعالى 'للذكر مثل حظ الانثيين' وهذا في نظرى تكريم كبير للمرأة.
في حين لم يطالب الاسلام المرأة باية نفقه لاحد، نراه يعطيها نصف ما يعطى الرجل. بينما طالب الرجل بالانفاق على اسرته ووالديه وحتى على اخوته ان كانوا محتاجين. فالتفريق في سهم الارث انما هو من مستلزمات التباين في الوظيفة والتكليف بين الرجل والمرأة. ولو اعطى الله المرأة كالرجل في تلك الحال لكان ذلك ظلما وجورا.
وهذا النقص ايضا ليس مدعاه للحط من قيمة المرأة، وانما هو لتحقيق العدل والانصاف، والتعادل بين الحق والواجب.
نقص العقول
وقد شرحنا جانبا من هذا النقص حين بينا التفاوت بين المرأة والرجل من حيث توزيع العقل والعاطفة، ليقوم كل منهما بدوره على احسن وجه.
وقد ورد هذا النقص على لسان الامام (عليه السلام) في موضع آخر من النهج، وذلك في وصيته لعسكره قبل لقاء العدو بصفين، حين وصاهم بعدم التعرض للنساء باذى، وان تفوهن بالفاظ السب والشتم.
يقول (عليه السلام):
'ولا تهيجوا النساء باذى، وان شتمن اعراضكم وسببن امراءكم، فانهن ضعيفات القوى والانفس والعقول'.
فمن صفة النساء اذا اثيرت حفيظتهن، انهن يسترسلن في التفوه بانواع الكلام، دون ان يستطعن كبح جماح انفسهن وعاطفتهن.
ولهذا السبب كانت المرأة في الماضي اذا تكلمت امام السلطان او الامير، فلا يحاسبها كما يحاسب الرجل، بل يقول: انها امراة والمرأة تتكلم بعاطفتها.
ولهذا السبب اعتبر الشارع المقدس شهادة المراتين كشهادة الرجل الواحد، لان المرأة بدافع عاطفتها الغالبة عليها يمكن ان تحور مضمون الشهادة فتخرجها عن حقيقتها، اضافة الى انها كثيرة النسيان وقليلة الدقة العقلية.
ولا ينفي ذلك تمتع بعض النساء بعقول ناضجة قد تفوق عقول الرجال.
ومن اقرب الامثلة على ذلك تلك المرأة المخزومية التي ناقشت عمر بن الخطاب في مهر النساء فافحمته حتى قال: الا تعجبون من امام اخطأ وامراة اصابت، فاضلت امامكم ففضلته؟!
خبر ام البنين مع الحجاج
ومن ذلك خبر ام البنين زوجة الوليد بن عبد الملك حين جادلت الحجاج الثقفي فافحمته.
فقد روى ابن قتيبة في "عيون الاخبار" انه لما دخل الحجاج على الولد بن عبدالملك، وعليه درع وعمامة سوداء وقوس، بعثت اليه زوجته ام البنين بنت عبدالعزيز بن مروان تساله: من هذا الاعرابي المستلئم في السلاح عندك وانت في غلالة؟ فارسل اليها قائلا: هذا الحجاج. فاعادت الرسول اليه فقال: انها تقول لك: والله لان يخلو بك ملك الموت في اليوم احيانا احب الى من ان يخلو بك الحجاج.
فاخبر الوليد الحجاج بذلك وهو يمازحه. فقال: يا اميرالمومنين، دع عنك مفاكهة النساء بزخرف القول، فانما المرأة ريحانة، وليست بقهرمانة، فلا تطلعهن على سرك ولا تدخلهن في مشورتك.
فلما دخل الوليد على زوجته اخبرها وهو يمازحها بمقالة الحجاج. فقالت: يااميرالمومنين، حاجتي ان تامره غدا ان ياتيني مسلما. ففعل ذلك، فلما اتاها الحجاج حجبته، فلم يزل قائما حتى اذنت له. فقالت: يا حجاج، انت الممتن على اميرالمومنين بقتلك ابن الزبير وعبدالرحمن بن الاشعث! اما والله لولا ان الله علم انك شر خلقه ما ابتلاك برمي الكعبة الحرام، ولا بقتل ابن ذات النطاقين "اي عبدالله بن الزبير الذي امه اسماء بنت أبي بكر"، اول مولود في دار هجره الاسلام! واما نهيك اميرالمومنين عن مفاكهة النساء وبلوغ لذاته واوطاره، فان كن ينفرجن عن مثلك فما احقه بالاخذ منك ! وان كن ينفرجن عن مثله فهو غير قابل ذلك.. ثم امرت جواريها فاخرجنه. (شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد طبعة مصرج ١٦ ص ١٢٦) .
ومن اراد المزيد من هذه الاخبار الطريفة فليراجع الكتاب الجامع: آثار ذوات السوار الجامعة محمدعلي حامد حشيشو- طبع صيدا.
التحفظ في اطاعة النساء
ثم يعقب الامام (عليه السلام) بقوله: 'فاتقوا شرار النساء، وكونوا من خيارهن على حذر، ولا تطيعوهن في المعروف حتى لايطمعن في المنكر'. وفي هذا بيان واضح الى ان النساء لسن بصفة واحدة، فمنهن الصالحات وهن المؤمنات، ومنهن الشريرات وهن الفاسقات والكافرات.
وعلى المومن ان يجتنب النساء الشريرات، ولايستسلم للنساء الصالحات، بل يكون حذرا من انزلاقهن الى الحرام. واذا كن صالحات فلا يطيعهن في كل شى ء، لان اطاعتهن في كل مطلب يشجعهن على التمادي في الطلب، حتى يطلبن المنكر