تعتبر المراهقة من أخطر المراحل التى يمر بها الإنسان ضمن أطواره المختلفة التى تتسم بالتجدد المستمر، والترقى فى معارج الصعود نحو الكمال الإنسانى الرشيد، ومكمن الخطر فى هذه المرحلة التى تنتقل بالإنسان من الطفولة إلى الرشد، حسب ما قال الدكتور موسى نجيب موسى المستشار الإقليمى لجامعة ستنافورد الأمريكية، لافتاً إلى أن المراهقة هى التغيرات فى مظاهر النمو المختلفة الجسمية والفسيولوجية والعقلية والاجتماعية والانفعالية والدينية والخلقية.

ولما يتعرض الإنسان فيها إلى صراعات متعددة، داخلية وخارجية ويشير مفهوم المراهقة من وجهة النظر السيكولوجية إلى أنها الاقتراب من النضج الجسمى والعقلى والنفسى والاجتماعى، ولكنه ليس النضج نفسه، لأن الفرد فى هذه المرحلة يبدأ بالنضج العقلى والجسمى والنفسى والاجتماعى، ولكنه لا يصل إلى اكتمال النضج إلا بعد سنوات عديدة قد تصل إلى 10 سنوات.

والمراهقات فى هذه السن يعانين من العديد من المشكلات المختلفة مثل الصراع الداخلى، حيث تعانى من جود عدة صراعات داخلية، ومنها صراع بين الاستقلال عن الأسرة والاعتماد عليها، وصراع بين مخلفات الطفولة ومتطلبات الأنوثة، ومشكلة الاغتراب والتمرد.

وأوضح موسى أن المراهقة تشكو من أن والديها لا يفهمانها، ولذلك تحاول الانسلاخ عن مواقف وثوابت ورغبات الوالدين كوسيلة لتأكيد وإثبات تفردها وتميزها، وهذا يستلزم معارضة سلطة الأهل، ومشكلة الخجل والانطواء، فالتدليل الزائد والقسوة الزائدة يؤديان إلى شعور المراهقة بالاعتماد على الآخرين فى حل مشكلاتها، والعصبية وحدة الطباع، فالمراهقة تتصرف من خلال عصبيتها وعنادها، وتريد أن تحقق مطالبها بالقوة والعنف الزائد، تكون متوترة بشكل يسبب إزعاجاً كبيراً للمحيطين بها.

"وتابع " موسى وهناك غيرها من المشكلات الأمر الذى يجعل من التعامل داخل الأسرة مع المراهقين بصفة عامة والمراهقات بصفة خاصة، أمر فى غاية الصعوبة لذا يجب أن تعمل الأسرة على فهم طبيعة وخصائص هذه المرحلة حتى تساعد أبنائها وخاصة المراهقات على تجاوز هذه المرحلة، دون وقوع مشكلات نفسية قد تؤثر عليهن طيلة حياتهن، ومن ثم فإن التعامل الأسرى مع المراهقات يجب أن يراعى مختلف نواحى النمو ومختلف نواحى الشخصية، وخاصة البعد النفسى لأنه مهم جدا وفعال ومؤثر فى تشكيل طبيعة شخصية وانفعال المراهقات فيجب أن يكون التعامل معهن باللين وبإدارة الأمور بالشكل الصحيح ولا يكون بفرض الرأى عليها لأنها شخصية تتميز بالعناد ولا يحب أن يملى شخص رأيه عليها ولو بالقوة.

فعندما تختار المراهقة رأيا أو فكرة فإنها من المستحيل أن تبدل هذه الفكرة بأى رأى حتى ولو كان بالقوة ولكن هنالك طريقة تجعله يغير هذه الفكرة الخاطئة وهى بطريقة عدم فرض رأى الأسرة عليها بالقوة وعدم السخرية من أفكارها وعدم المساس بكرامتها والتقليل من حجمها بقول أنت طفلة أو أنت صغيرة.

والتأكيد على الثقة بالنفس لأن الثقة بالنفس تتشكل وتتكون فى سن المراهقة ونموها يكون أسهل فى هذا السن وكلما كبر الإنسان صعب على الإنسان زيادة ثقته بنفسه، كما يجب على الأسرة عدم توبيخ المراهقة أمام الناس وحتى أمام الأقارب، لأن هذا السبب يؤدى إلى العداء بينها وبين أبويه وأنا لا أقول بعدم اتخاذ أى أجراء صارم فى حق المراهقات.

هنالك مجال لاتخاذ بعض إجراءات الصرامة على المراهقة ولكن بشروط مثل ألا يكون السبب تافها وأن يكون الإجراء المتخذ بالتفاهم الكامل ويجب أن تعى المراهقة ماذا فعلت، وأن هذا الفعل يعد من الأخطاء التى لا ترضاها وأنه سوف يحاسب على فعل هذا الخطأ، كما أنه لا مانع من اتخاذ الإجراء المعهود والذى له الأثر الكبير فى التربية ألا وهو أسلوب الحرمان، بمعنى أنه إذا تسببت المراهقة بخطأ فأنها تحرم مثلا أى شىء تميل إليه أو تحبه بشرط أن تكون مهلة الحرمان بحسب المشكلة الحاصلة، كلما كبرت المشكلة كانت مدة الحرمان أطول وكلما كانت المشكلة أصغر كانت مدة الحرمان أقصر.

وعدم رفع الصوت عند التربية لأن رفع الصوت يذهب الهيبة وكلما كان الصوت خافضا ويكون مصاحب بالتهديد فإنه يجدى أكثر بكثير فى إخافة المراهقة وتحقيق الهدف من التوجيه والإرشاد، وعندما تفعل المراهقة عملا رائعا وجميلا يجب علينا تشجيعها وتأييدها لكى تثق بقدراتها، ولكى تعلم أن أبويها ليسا متربصين بأخطائها ويريدان معاقبتها كل يوم أو لمجرد العقاب.

يقول موسى يجب أن يدرك الوالدين أن المراهقة تكون على درجة عالية من الحساسية ورهافة الحس وتحتاج إلى التدعيم النفسى أكثر من أى مرحلة عمرية أخرى، لذا يجب عليهما احتوائها وإدراك طبيعة مشاعرها وإحساسها حتى يمرا بالمراهقة من هذه المرحلة بسلام بما يعود على ابنتيهما بالإيجاب من حيث صحتها الجسمية وسلامتها النفسية وتحقيق النضج الانفعالى والاتزان الانفعالى وخلق شخصية متوازنة فى مختلف النواحى الانفعالية والنفسية والجسمية والعقلية والاجتماعية أيضا.