(المستقلة )/إياس حسام الساموك/..لا تخلو الطبيعة القانونية للدعاوى من جنبة فنية للوصول إلى الحقيقة التي يبحث عنها القضاء في إجراءاته، ولعل ذلك يتمثل بالخبرة، وهي ما عدها المشرع احد أدلة الإثبات ويمكن اعتبارها سبباً لإصدار الحكم. وبما أن القاضي لا يحكم بعلمه الشخصي، وهو كبير الخبراء في مجال عمله حصراً، لابد له من أدوات مساعدة في مسائل لا يفهمها إلا ذو الاختصاص، ومن هنا يأتي دور الخبير وأهمية تقاريره في مسار الدعوى، لكن قضاة يقرون بأن هذه الشريحة لا تزال بحاجة إلى  تنظيم كي تكتمل صورة عملهم على أتم وجه. وحسب المادة 132 من قانون الإثبات رقم (107) لسنة 1979 فأن “الخبرة تتناول الأمور العلمية والفنية وغيرها من الأمور اللازمة للفصل في الدعوى دون المسائل القانونية”. ويقول قاضي أول بداءة الاعظمية جاسم حسين الغريري إن “المحكمة تنتخب خبيراً يكون تخصصه طبقا لنوع الدعوى المعروضة أمامها”. ويقول الغريري أن “60% من الدعاوى المعروضة أمام محكمتنا تتطلب خبيرا ونحن بدورنا نعتمد وبشكل كبير على آرائهم في إصدار القرارات”، مشدّداً على “عدم وجود إلزام قانوني بهذا الرأي إنما تكون آراؤهم لغرض الاستئناس”. وتابع أن “نوع الدعاوى المعروضة يحدد مدى الحاجة للخبير”، مؤكدا أن “المشرع عد القاضي بأنه كبير الخبراء في المجالات القانونية”. لكنه استدرك أن “الجوانب الفنية الأخرى، يتم اللجوء إلى الخبير في سبيل الوصول إلى الحقيقة”، مشددا على أن “محكمة التمييز تراقب عملنا في هذا الجانب كأن تقول بأن علينا انتخاب خبير أو أن من وقع عليه الاختيار لم يكن متخصصا في مجال الدعوى المعروضة”. الية الاختيار والاعتراض وعن آلية اختياره والاعتراض عليه، رد الغريري “إذا كانت الجلسة علنية سوف نطلب من الأطراف انتخاب الخبير من الجدول الموجود في المحكمة، وفي حال عدم الاتفاق على شخص معين نلجأ نحن إلى تسميته”، مستطرداً انه “لا يتم تحليف الخبير الذي يتم اختياره من جدول الخبراء قبل ممارسة عمله، إلا الخبراء ممن لا يحملون إجازة قضائية في العمل فهم من يؤدون القسم”. وقد يعترض احد الأطراف على من انتخبته المحكمة، عندها يقول قاضي البداءة إننا “نستفهم منه عن غرض الرفض فقد تكون هناك خصومة، واذا وجدنا أسبابا مقنعة فنعمل على تغييره”، موضحا إنني “في اغلب الأحيان بمجرد عدم اقتناع احد الأطراف بالخبير الذي انتخبته المحكمة لا ضير في استبداله إذا ما كان الطرف الثاني موافقاً”. ولا يرى الغريري مشكلة في إجراءات اختيار الخبير، نافيا أن تكون سبباً في تعطيل سير الدعاوى في بعض الأحيان، وأفاد “أمامنا جدول والقاضي لديه معلومات كافية عن الأسماء المدرجة”، منوها بانه “في بعض المسائل التخصصية لا نجد لها في جدول المحكمة المعنيين فيتم الرجوع إلى الجهات ذات العلاقة، فالقضايا التي فيها جانب طبي نفاتح وزارة الصحة لترشيح الخبير”. المباشرة بالمهام.. وتلافي التعطيل وزاد أن “الخبير وبعد الانتهاء من انتخابه يباشر عمله بالانتقال بمعية القاضي لمرحلة الكشف الموقعي في محل الدعوى في حال كانت عقاراً”، مبيناً انه “في حالات معينة يتم تحديد موعد لهذا الانتقال”. وأكمل قائلا “إذا ما تغيب احد أطراف الدعوى فأننا نؤجل هذا الإجراء إلى موعد المرافعة لمعرفة حقيقة عدم مجيء المتغيب وفي حالة عجز الأخير عن تقديم الأسباب المقنعة نبادر لمفاتحة محكمة التحقيق من اجل اتخاذ الإجراءات القانونية بحقه باعتبارها من جرائم الجنح”. أما إذا كان هناك عذر مشروع لعدم حضوره إلى محل الكشف، ذكر الغريري “حينها نحدد موعدا جديدا ونسير بإجراءات الكشف”، منوها بأن “على الخبير تقديم تقريره عن الدعوى وفق المدة التي تتطلبه طبيعتها، كما ان موعد المرافعة يتم تحديده عند إجراء الكشف الموقعي”. وأوضح أنه ” يمكن تحريك دعوى جزائية بحق الخبير إذا تقاعس عن كتابة تقريره كونه مكلفاً بخدمة عامة ولم ينجزها”، مستدركاً “في الغالب يسارع الخبير في تقديم التقرير في سبيل الحصول على أجره كما انه يبحث عن انتخابه مستقبلاً في دعاوى أخرى”. ومع وضع تقرير الخبير أوزاره الأخيرة، يؤكد الغريري أنه “يحول إلى المعاون القضائي في المحكمة لغرض استيفاء الرسم وربطه في الدعوى وبثلاث نسخ؛ الأصلية تبقى لدينا والأخريات تسلم إلى الأطراف في يوم المرافعة”. موقف الاطراف من التقرير أطراف الدعوى وحسب قاضي بداءة الاعظمية “سيكون أمامهم خياران؛ إما إبداء موقف مباشر أو طلب الاستمهال لمرافعة أخرى وحينها سيقول كل منهم كلمته بالاعتراض أو الموافقة عليه”، مبيناً إن “التحفظ ممكن أن يحصل شفوياً”، مشترطاً أن “يدعم بسبب مقنع”. وأردف أن “اقتناع المحكمة بسبب الاعتراض يفضي إلى إنهاء دور الخبير واستبداله بثلاثة آخرين يخوضون نفس العمل”، لافتا إلى ان “حالات الاعتراض قد تصل بالخبراء إلى 9 أو 11 ويكون رأي الفريق أما بالإجماع أو الأغلبية”. ورغم ذلك، يشير الغريري إلى إمكانية “إهمال التقرير الذي جرت الموافقة عليه بين الأطراف والعودة إلى ذلك الذي تم رفضه من احد الأطراف إذا وجدت المحكمة انه الأقرب إلى الواقع”. ويبين قاضي بداءة الأعظمية انه بـ”الانتهاء من ملف الخبير وتقديم تقريره والموافقة عليه من الأطراف فهذا يعني قطع 80% من طريق الدعاوى ولم يتبق حينها إلى إجراءات بسيطة تنجز في وقت يسير”. ويؤشر الغريري بعض النقاط السلبية في عمل الخبراء بأن “قسما منهم يتجاوز حدود عمله ويتدخل في المسائل القانونية”، مبديا استغرابه بالقول “جاء في تقرير احدهم بأنه لا يرى تقصير المدعي عليه،(…) وهذا ليس من واجبه بل انه يقدر مقدار التعويض إن وجد فقط”، وأردف “حينها نطلب منه إعداد ملحق بالتقرير بما يقع على عاتقه من واجبات حصراً”. الحلول لمشاكل الخبراء القضائيين ومن جملة الحلول لتنظيم عمل الخبراء، يقترح الغريري أن يكون هناك متخصصون في كل مجال، مشيرا الى أن “اغلبهم في جميع المحاكم البلاد من المحامين، في حين يجب أن تمارس هذه الشريحة الخبرة في مجال عملها، كأن يرفع المحامي على موكله دعوى عن الأتعاب وحينها يتولى من يتم انتخابه تقدير مبالغ هذه الأتعاب”. ويجد القاضي ضرورة لـ”إخضاع المنضوين في دفتر الخبراء إلى امتحانات تشرف عليها جهات متخصصة وأكاديمية قبل منحهم إجازة العمل”، مضيفاً “أما الإجراء الحالي فيكون بتقديم طلب إلى رئاسة محكمة الاستئناف مدعوما بوثائق تبين اختيار المتقدم كخبير في بعض الدعاوى كي يتم […]

أكثر...