التنجيم هو التصور الذي يحاول وضع علاقة بين بعض الأجرام الفلكية والأحداث الأرضية. ويقوم بدرجة أساسية على رسم خريطة البروج أو الطوالع (Horoscope) لكل حدث. وهي عبارة عن رسم يوضح موقع الأرض والكواكب والبروج النجمية في وقت الحدث والذي يكون عادة ذا أهمية مثل وقت الميلاد أو الزواج. ومن هذا الرسم يتم التنبؤ بالأحداث التي تترتب على ذلك الحدث. وتلحق الشمس والقمر بالكواكب في التنجيم. وهناك عدة افتراضات وتنبؤات لمن يولد أو يتزوج أثناء الاقترانات المختلفة لتلك الأجرام لذلك يهتم المنجمون كثيراً باقتران الكواكب والمجموعة النجمية (البرج) التي يحدث فيها الإقتران.


ولقد أدى الخلط بين علم الفلك والتنجيم عند عامة الناس إلى تكون نظرة سلبية حول علم الفلك أدت إلى ابتعاد الناس عنه. حيث تصور البعض أن علم الفلك هو ضرب من ضروب التنجيم أو هو طريق لتعلم التنجيم المنهي عنه في الشريعة الإسلامية. لكن نود أن نشير إلى أن علم الفلك ليس من التنجيم في شيء، وإن كان المنجمون قد يستخدمون بعض حساباته أو مفاهيمه. كما يستخدم كل من له غرض آخر أي علم من العلوم. لأن علم الفلك هو علم كبقية العلوم. كما أن آيات قرآنية كثيره حثت على التفكر في خلق السماوات والأرض والإهتداء بالنجوم في البر والبحر وأقسم الله بمواقعها. كل ذلك يجعل من علم الفلك أحد العلوم التي حثت الشريعة الإسلامية على تعلمها لأنه مقدمة لذلك التفكر. كما أن الشريعة الإسلامية مليئة بالفرائض والسنن المرتبطة بالزمان والمكان والتي يصعب تحديدها بشكل صحيح دون الاستعانة بعلم الفلك.


ومن الصعب اعتبار التنجيم أحد العلوم المنطقية كبقية العلوم. إذ أن بقية العلوم الأخرى تبنى على مسلمات بديهية أو مقدمات بسيطة ومن التأليف بين تلك المسلمات والمقدمات البسيطة تأليفاً منطقياً حسب العلاقات المنطقية المختلفة يمكن الحصول على النتائج الأكثر تعقيداً لتلك العلوم. أما التنجيم فإنه ينطلق من مقدمات ظنية تحتاج بذاتها إلى إثبات، ويبني على تلك المقدمات ليصل إلى نتائجه. لذلك فحتى لو صادف أن تحققت بعض تلك النتائج فهذا لا يعني بالضرورة صحة المقدمات أو العلاقة التي أدت لتلك النتيجة. ولكن قد تتظافر عوامل نفسية أو خارجية تؤدي إلى تلك النتائج أو في كثير من الأحيان إلى الإحساس بتلك النتائج.
وعلى هذا يمكن القول إن الكون المتوازن لا بد أن تتأثر جميع ذراته بالذرات الأخرى والتي منها الإنسان والكواكب والنجوم وغيرها. ولكن طبيعة تلك العلاقات بين جميع ذرات الكون أو محصلة تلك العلاقات على البشر هي من التعقيد بحيث لا يحيط بها إلا من يحيط بجميع ذرات الكون ويعلم طبيعة تلك العلاقات منفردة ومجتمعة وأي نقص في ذلك لا يقود إلى علم منطقي حقيقي. أي أن ما ينظر به المنجمون إلى تلك العلاقات هو نظر ضيق وصغير جداً جداً مقارنة مع ما يجهلوه. لذلك فمن غير المنطقي أن تكون النتائج التي يصلون إليها مساوية أو هي بقدر المقدمات الظنية التي استندوا عليها.
ويشير إلى ذلك المعنى قول الإمام جعفر الصادق : (إنكم تنظرون في شيء كثيره لا يدرك وقليله لا ينتفع به) وقوله (إن أصل الحساب حق ولكن لا يعلم ذلك إلا من علم مواليد الخلق كلهم).

ويقول الشهيد محمد صادق الصدر (الثاني) في كتابه التنجيم والسحر: "ولعلنا حين نقول أو نسمع (إن أصل الحساب الحق) وأنه (من علوم الأنبياء) نأمل أن يكون هذا الحساب قد استوعب الترابط الكوني بكل جوانبه، غير أنه ترابط عميق أعلى من الطاقة البشرية والفهم الإنساني وأن (قليله لا ينفع وكثيره لا يدرك)". كما أنه لم يرد في القرآن أو السنة ما يدعو إلى التنبؤ بالمستقبل من خلال الأجرام الفلكية.
(فانتبه أخي )



بل ورد في كثير منها الدعوة للنظر في التاريخ لاستخلاص العبر والسنن التاريخية التي جعلها الله والتي تسلكها الأفراد والمجتمعات. وهذا موضوع جدير بالاهتمام لأنه يمكن أن يؤلف علماً حقيقيأ قائماً بذاته. كذلك فهو يبعث الثقة والأمل في قلوب المؤمنين بتلك السنن وهو ما يحفظهم ويصون عقولهم عن الاعتماد على أقوال المنجمين أو من يدعي علم الغيب.

ولعل الآية الكريمة التي تقول (وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً) تشير إلى هذا المعنى. ويؤكد ذلك ما ورد عن الإمام علي حين نهاه أحد المنجمين عن المسير في وقت ما فرد عليه بكلام منه (من صدقك بهذا استغنى بقولك عن الاستعانة بالله، وأُحوِجَ إلى الرغبة إليك في دفع المكروه عنه).