إن عشائر الكرد هم من العشائر التاريخية القديمة التي جرت فيها التحقيقات في العديد من المصادر والكتب التي تبحث عن نسبهم وأصلهم قديما وحديثا ، لكن الآثار الخاصة بالشعب الكردي والمكتثفة حتى الآن لا تعطينا فكرة قاطعة عن أصلهم ومنشأهم ، فلم يحن الوقت الذي يمكننا فيه أن نبدي رأيا حاسما في مثل هذا الموضوع التاريخي.
ولو استعرضنا مجمل وأهم هذه المصادر وبعد التدقيق فيها نجد :-
1- أنهم من ولد كرد بن أسفند ياذ بن منوشهر (منوجهر) من ولد ليرج بن فريدون المعروف، وهو أول الطبقة الثانية من ملوك الفرس ، قاله في التنبيه والاشراف، ولعل هذا القول مبتن على وجود التشابه في اللغة، ولكن هذا غير قطعي فبعض لغات الكرد بعيدة كل البعد عن اللغة الفارسية.
2- أنهم ممن أبقاهم وزير الضحاك في حادثة مرضه المعلومة(1) وفي هذا ما يؤيد أنهم من الفرس عادوا الى البداوة، أو كما عبر عنهم ابن الشحنة بقوله (أعراب العجم)(2).
3- الادعاء بأنهم قوم من الجن كشف عنهم الغطاء لا يستحق الكلام، ودعوى أنهم أولاد المفريت تفصيل لهذه الشائعة المعطوفة الى النبز، فلا تستحق البحث.
4- قال المسعودي في التنبيه والاشراف أنه (قد ذهب قوم من متأخري الأكراد وذوي الدراية منهم ممن شاهدناهم الى أنهم من ولد كرد بن مرد بن صعصعة بن حرب بن هوزان، وفي المروج أنهم انفردوا في قديم الزمان لوقائع ودماء كانت بينهم وبين غسان ، ومنهم من يرى انهم من ولد سبيع بن هوزان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
(1) مروج الذهب / ج1/ ص308.
(2) روضة المناظر في أخبار الأوائل والأواخر/ لأبي الوليد محمد بن الشحنة/ هامش ابن الأثير/ج7/ ص78.
وقد علق المسعودي في التنبيه والاشراف على هذه الأقوال بقوله ( وحرب وسبيع عند نساب مضر درجا فلا عقب لهما)، فطعن بهذه الآراء، ولم يشأ أن ينسبهم الى احدى قبائل العرب، وقال: ومن الأكراد من يذهب الى أنهم من ربيعة بن نزار بن بكر بن وائل، وقعوا في قديم الزمان لحرب كانت بينهم الى أرض الأعاجم، وتفرقوا فيهم، وحالت لغتهم وصاروا شعوباً وقبائل... فكان سبب تبدل لسانهم... وهكذا الأقوال من نوعها، وبعد الاسلام اختلط بهم العرب، ولا نزال نسمع من رؤسائهم خاصة أنهم ينتمون الى نجار عربي، وكل ما أقوله هنا أن المسعودي وأمثاله كتبوا عنهم، وسجلوا ما سمعوه منهم، ولم تكن آنئذ فكرة قوميات وإنما يعتبرون الأخوة بين الأقوام معتبرة، وان التعادي أوجده العصر الحاضر أو العصور المتأخرة فقام الناس بالدعوة المتطرفة وبما بثوه من نزعات، وعلى كل حال لم يقتنع المسعودي بأقوالهم .. ولكن هذا لا يمنع أن يكون قد اختلط بالكرد عرب، وتولوا رياستهم قبل الإسلام كما حدث بعده، ولذا قال ابن الشحنة (الكرد من العرب ثم تنبطوا).

5- ان الكرد قوم قائم بنفسه لا ينتسب الى الأقوام الموجودة، وهو منفرد عن سائر الأمم وقرباها، قاله أوليا جلبي، وعدهم ممن دخل السفينة من المؤمنين وخرج منها مع نوح (ع) وأولاده، عاشوا منفردين عن غيرهم ، وإن لغتهم لا تشبه الأقوام المعروفة، وحكمهم ملك يقال له (كردم) وعمر عمارات مهمة في جودي وسنجار ، ومن ثم عرفوا به.
ومثله ما جاء في مسالك الأبصار قال:
(الأكراد جنس خاص، وهم ما قارب العراق وديار العرب دون من توغل في بلاد العجم، ومنهم طوائف بالشام واليمن، ومنهم فرق متفرقة في الأقطار.. وحول العراق وديار العرب جمهرتهم فمنهم طوائف بجبال همذان و شهرزور وغيرها)(1).
وفي التعريف بالمصلح الشريف :
(ويقال في المسلمين الكرد، وفي الكفار الكرج، وحينئذ يكون الكرد و الكرج نسباً واحداً) (صبح الأعشى ج 1 ص 369).
وفي النويري : (كرد بن مرد بن بافث) ، وفي رأي أكثر النسابين أن الأكراد أولاد ايران بن أرم بن سام، أو من هوزان كما تقدم ، وفي ذلك خلاف ، قاله النويري (نهاية الأرب ج2 ص290) مما يدل على أنه ليس هناك رأي مقطوع به أو يصح التعويل عليه، والتوثق من صحته.
والكرد من العناصر الفعالة في العراق أيام العهد الاسلامي، ولهم الأثر الجميل في كافة أنحاء المعرفة والادارة والعمل للحضارة، وهم قوم قائم بحياله على الأرجح ولم يكن من بادية ايران كما توهم البعض بل يصح أن تكون ايران قد تولدت منه، وبنت ثقافتها على أساس البداوة الكردية، واستقت نفوسها- بلا ريب- من الكرد أو من بعض أقسامه القريبة منها، والأدلة الكثيرة على قدم هؤلاء ورسوخهم في الحضارة ، فقد نزحوا الى المدن، وسكناها ومالوا اليها بأُلفة وقبول تامين، فلم يستنكروا ذلك، ولا عارضوا كما يشاهد في العناصر البدوية فإنهم مالوا خطوة أثر خطوة حتى وصلوا الى الزرع، ثم الى الغرس وتعهد المغروسات ثم تأسيس القرية وهكذا تدرجوا حتى فقهوا الحياة المدنية، ولكنهم لا يزالون حتى في أرقى المدن محافظين على بعض العوائد، والتقاليد القومية الموروثة، فلم يروا وسيلة لإهمالها، أو نسيانها فالكثير من الأمور لا يزال على حالته، والكرد أقرب الى تمثيل الحضارة، فلم يمض أمد قليل حتى أصبحوا من أعضاء الحضارة النافعة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
(1) مسالك الأبصار /ج10.
والتاريخ في مجراه، في حوادثه العديدة برهن على أن هذا العنصر منذ دخل الإسلام صار من أهم أركانه، وأخلص لعقيدته، وتأثر بمبدئه السامي.

ومن ثم نال نصيباً وافراً من الحضارة ومكانة مقبولة مرضية، الأمر الذي دعا أن يكون من أهم أركان نهضته.. وعلماؤه وأدباؤه ومؤرخوه، ورجال سياسته ومدنه وصناعاته، كل هذا أكبر دليل تاريخي، بل شاهد محسوس لما ناله من المنزلة السامية حتى أن زراعه في انتاجهم، وعماله بأعمالهم لا يقلون عمن ذكر من خدام المدينة.
وهنا أستعرض بعض النصوص التاريخية فأقول:
إن العرب بعد فتح البلاد المجاورة لهم صاروا يقيسون الأقوام والأمم من حيث النسب بمقياس أنسابهم وحاولوا أن يرجعوا الكرد كغيرهم الى قبائل ، بل زادوا أن عدوا الكرد من أصل عربي ، وأيدوا عوامل المجاورة والاختلاط بعامل آخر، وهو العامل النسبي مراعاة لما يقول به رجال الكرد، على أن بعضهم رأى اللغة أقرب للفارسية، فاعتبروهم ايرانيين، أ, أنهم أهل البداوة منهم، ولكن هذا كله لم يمنع أن يحتفظوا بقوميتهم وأنهم (كرد) لا (فرس) ، ولا (عرب).
ونص المسالك يدل على أنهم جنس خاص، فلم يعدّهم من الايرانيين، ولا من باديتهم، ولا من العرب ونجارهم وهو الأقرب للصواب، ويهمنا أن لا نقف عند هذا مكتفين بالآراء القديمة المبينة أعلاه، والأخرى المتداولة في الوقت الحاضر التي لم نر حاجة في النقل منها، وجل ما توصل اليه الباحثون أنهم من العناصر الآرية، والكتب المدونة في الوقت الحاضر المؤيدة لهذا الرأي الشائع في أوربا كثيرة من أهمها: خلاصة تاريخ الكرد وكردستان بمعالي الاستاذ محمد أمين زكي، وكرد للاستاذ رشيد ياسمي، وكردلر باللغة التركية منقولاً من اللغة الألمانية، والأكراد من فجر التاريخ الى سنة 1920م ومن عمان الى العمادية فكل هذه تعرضت لأصل الكرد، فمن أراد التوسع فليرجع اليها..
وهنا يسوقنا البحث الى معرفة الأقوال المتأخرة لعلمائنا، ولعل فيها ما يؤيد بعض الأقوال ويناصرها، أو على الأقل يعين اضطراب الآراء وتشتتها، لئلا يرمي العرب المحدثون في التعصب للعروبة بإدخالهم ضمن حضيرتهم من لم يكن منهم وإنما المنقول من الكرد أنفسهم قديماً، ولم يكن ذلك ابن اليوم أو أمس القريب.
وفي كتاب شرح منظومة عمود النسب في أنساب العرب للاستاذ المرحوم السيد محمود شكري الآلوسينقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةالأكراد جيل معروف، وقبائل شتى، واختلف في نسبهم (عدد الأقوال وقال: وقد ألف في نسب الأكراد فاضل عصره محمد أفندي الكردي ، وذكر فيهم أقوالا مختلفة، بعضها صادم البعض، ورجع فيه أنهم أولاد كرد بن كنعان بن كوش بن حام بن نوح (ع) (وسرد النقول عن مؤرخين منهم صاحب كتاب مناهج الفكر ومباهج العبر وابن الجواني في آخر المقدمة الفاضلة وكتاب الجوهر المكنون في القبائل والبطون، وتاج العروس).
وفي تفسير روح المعاني عند الكلام على قوله تعالى (ستدعون الى قوم أولي بأس شديد) يعني الأكراد كما في الدر المنثور، ورجح أنهم (جيل من الناس) ، ونقل عن كتاب القصد والامم وغيره اختلاف العلماء في كونهم في الأصل عرباً أو غيرهم، وقال: والذي يغلب على ظني أن هؤلاء الجيل لا يبعد أن يكون فيهم من هو من أولاد عمرو مزيقياء إلا ان الكثير منهم ليسوا من العرب أصلاً.
وقد انتظم في سلك هذا الجيل أناس يقال أنهم من ذرية خالد ابن الوليد، آخرون يقال أنهم من ذرية معاذ بن جبل، وآخرون يقال أنهم من ذرية العباس بن عبد المطلب، وآخرون يقال أنهم من بني أمية، قال ولا يصح عندي من ذلك شيء وصحح نسب البرزنجة وأبدى أنهم سادة انتهى ما نقل عن التفسير بإختصار.
هذا ما نقله الاستاذ الآلوسي المرحوم في كتابه (شرح المنظومة) ، ولم يبد أي مطالعة حول أصلهم واكتفى بما ورد من النصوص وعلى كل انجلت ماهية الخلاف، وعرف تشعب الآراء والتعصب لبعضها.

أما فروعهم الكبرى فهي:-
1- كرمانج.
2- لر.
3- كلهر.
4- كَوران.
وهناك فروع أخرى تدخل ضمن هذه الفروع، والآن لا تزال هذه القسمة القديمة معروفة مصادقاً عليها، ونصيب العراق من هذه الأقسام كبير، وإن كان لا يدعي حيازتها بحذافيرها بل لا تزال أقسام كبرى في ايران قد تفوق ما في العراق، وكذا في الجمهورية التركية مقدار منهم ، كما أن سوريا تحوي جزءاً لا يستهان به.
وفي معجم البلدان ذكر ممن في شهرزور من الطوائف:
1- الجلالية: هي الكلالية المعروفة.
2- الباسيان: يريد ما نسميه بازيان.
3- الحكمية: لا تعرف اليوم وتنسب الى مروان بن الحكم الأموي.
4- السولية: لا يزال الموطن معروفاً.
وكان من أقضية لواء السليمانية وينطق به (سيول) أيضاً واللفظ العربي صحيح ، والآن يحتوي على قرى كثيرة عد منها صاحب سياحتنامه حدور 26 قرية، وجاء ذكر هذه القبيلة المعروفة بمكانها في مسالك الأبصار بلفظ (السيولية) كما في السياحتنامه، وتردد فيها معالي الاستاذ أمين زكي.

وعد صاحب مسالك الأبصار من قبائلهم:
1- الكورانية. 2- الكلالية. 3- اللورية ، وهم اللرية.
4- بابيرية. 5- الخونسة. 6- السورانية.
7- السيولية. 8- الزرارية. 9- الفرياوية ، أو الفرناوية.
10- المازنجانية. 11- الحميدية. 12- الجولمركية.
13- الحسنانية، وكذلك جاءت في نسخ أخرى من مسالك الأبصار، أو خستانية.
14- اليافية (غير منقوطة).
15- الهمكارية. 16- بختية. 17- الداسنية.
18- الدنبلية.
وفي المسعودي ما يقاربها نوعاً، وغالب نسبة هؤلاء الى المواطن والبقاع لا الى قبيلة، والأمر شائع جداً في هذه الأنحاء، وهذا يصح أن يعد الأصل في الانتساب، ويؤيد ما قررناه، وبين هذه القبائل ما هو غير معروف اليوم في الأنحاء العراقية، أو انه يتعلق بمواطن مجاورة أو خارج العراق والبحث عن العشائر لا يقتصر على ما هو مألوف في عشائر العرب...
وإن صاحب مسالك الأبصار تكلم عنهم بالاستناد الى علماء عراقيين مثل الحكيم الفاضل شمس الدين أبي عبد الله محمد بن ساعد الأنصاري فقد توضح (تاريخ العراق) في تلك الحقبة بأمثال هذا العالم الجليل المبرز في كل علم حتى التاريخ ونظام الدين الحكم وآخرين.. وإن القلقشندي و النويري اعتمدوه وأخذوا منه.


الاستنتاج:-
نستنتج من ذلك أن فصيح الحيدري قد تعقب ما جاء في تفسير الآلوسي فقالنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة والاكراد كلهم على ما في القاموس من اولاد كرد بن عمرو مزيقياء) وذكر في مادة مزق أن مزيقياء، لقب عمرو ملك اليمن كان يلبس كل يوم حليتين ويمزقها بالعشى، فلذا لقب بمزيقياء، أقول (القول للحيدري) فعلى هذا تكون الأكراد من أشراف العرب واكابرهم ، وكرمهم وشجاعتهم وغيرتهم أعدل شهود على كونهم من أشراف العرب.
واما ما ذكر بعضهم من أنهم ليسوا من العرب فهو من قبيل التعصب، وكفى صاحب القاموس تصحيحاً وشهادة، فهم على ما ذكره المجد صاحب القاموس من قحطان من العرب العاربة نسباً، لأن مزيقياء على ما ذكره علماء النسب من بني قحطان وتبدل لسانهم لقرب منازلهم من العجم، فلسان الكرد ممزق لسان الرفس (عنوان المجد ص169) وفي هذا رد ضمني لما أورده أو نقله الآلوسي في تفسيره.
ونحن لا نقول أكثر من أنهم شعب مستقل عن الشعوب الأخرى، متأثر بالمجاورين من عرب وايرانيين ، ولا ينكر أنهم اختلط بهم بعض العرب، وعاشوا معهم، وصاروا لا يفترقون عنهم بوجه وأنهم لا يزالون يحفظون أنسابهم فلا طريق للطعن كما أن كثيرين من الكرد عاشوا مع العرب والآن لا يخرجون عنهم ويهمنا الكلام على (العشائر في التاريخ) بنظرة سريعة للتوصل الى قبائل العصر الحاضر، فهم من العرب القحطانية وليس من العرب العدنانية، لأن جدهم عمرو مزيقياء هو أقدم من أجداد العرب العدنانية، وأعدهم ابن خلدون من الطبقة الرابعة من العرب.....!
ومن القبائل الكردية :-
1- لواء السليمانية – قبائل الجاف.
2- الهماوند. 3- الكلالية. 4- كشكي.
5-هاورامان. 6- ايل غواره.
7- بيشدر.
8- امارة بابان. 9- لواء أربل. 10- بلباس.
11- كَدري.
12- آكو.
13- خوشناو.
14- هركي. 15- سورجي . 16- روتي.
17- بالك. 18- بالكي.
19- كرد خيلانية.
20- ديزدي. 21- زراري.
22- امارة صوران.
23- لواء كركوك- صالحي أو ساله بي.
24- شيخ بزيني. 25 شوان. 26-جباري.
27- داووده. 28- دلو. 29- زند.
30- زنكنة. 31- كيج. 32- بالاني.
33- طاطران. 34- كاكائية.
35- لواء ديالى-قره أولوس 36- باجلان. 37- الفيلية. 38- لواء الديوانية-الكرد
39- لواء الموصل – قبائل الكرد الشمالية.
40- امارة العمادية. 41- قبائل زاخو. 42- عقرة.
43- زيبار. 44- بارزان. 45- قبائل دهوك.
46- ميران. 47- الزيدية وإمارتهم.
48- قبائل الحدود. 49- كلهر. 50 - لك.
51- زرزا. 52- كيله شين. 53- شقاقي.


المصادر:-
1- مروج الذهب / للمسعودي.
2- روضة المناظر في أخبار الأوائل والأواخر/ لأبي الوليد محمد بن الشحنة.
3- عشائر العراق / العزاوي.
4- موسوعة العشائر العراقية / للعامري.
5- نسب معد واليمن الكبير/ السائب الكلبي.
6- جمهرة أنساب العرب/ لابن حزم الأندلسي.
7- معجم قبائل العرب / للسمهودي.
8- البدء والتاريخ / لابن سهل البلخي.


منقول