غازي المشعل ————————————————————————— .. وعذراً اولاً من قلب المثل العربي الشهير ؛ والبدء بالافراح قبل المصائب .. وعذراً ثانية على استخدام لفظ موغل في المحلية باللهجة العراقية .. لانني وجدته خير معبرٍ عن المعنى الذي اريد الوصول اليه . فأما ( الطراكيع ) او المصائب فهي التي حلت باقتصاديات واوضاع دول عربية بعينها جراء انهيار اسعار النفط الخام في الاسواق العالمية ؛ الذي هبط مطلع هذا الاسبوع الى ما دون السبعين دولارا للبرميل الواحد ؛ وهو مرشح للنزول اكثر فاكثر ؛ لا سيما ان هناك دولاً عربيةً ليس لديها الا النفط مورداً وشرياناً لاقتصادها كالعراق وليبيا واليمن والجزائر وكل دول الخليج العربي ومصر الى حد ما .. وهي التي تعاني اساسا من تدهورات عميقة في الامن وانهيار البنى التحتية والصراعات المسلحة وغياب الخطط المستقبلية او تنويع موارد الاقتصاد الوطني اوالفساد المالي والاداري والتضخم الاقتصادي الذي يعيق اي خطط للتنمية الصحيحة.. خاصة اذا علمنا ان تلك الدول تضع اسس ميزانيتها السنوية المستقبلية على اساس سعر تخميني لاسعار النفط في السوق العالمية .. وهي الان عاجزة عن تسمية اي سعر اساس لموازناتها الوطنية في ضوء الانهيار السريع للاسعار .. والتوقعات باستمرار الانخفاض .. مع الاقرار بوجود وفرة في المعروض على مستوى الاسواق العالمية ؛ وفي ظل توقعات ارتفاع انتاج العراق العام المقبل ؛ وعودة انتاج النفط الليبي الى مستوياته الاعتيادية قبل سقوط النظام فيها. وحتى الان فان كل الاجراءات التي اتخذتها دول منظمة الاوبك .. ومنها تخفيض السعودية ( للانتاج وهي اكبر منتج ومصدر للنفط في العالم ) .. لن يشفع لاسعار الذهب الاسود – كما يسميه الاقتصاديون – بالصمود .. مما ادى الى ان تعيد جميع دول الاوبك النظر بسياساتها النقدية والاقتصادية .. واتجاهها الى تجميد الاسعار او الاقتراض ؛ او السحب من الاحتياطات النقدية الاجنبية لديها لتعزيز قيمة عملتها الوطنية او المحافظة على استقرارها الاقتصادي او المجتمعي.. واما الافراح والليالي الملاح ؛ فانك تراها وتتلمسها لمس اليد في كل من : دول العالم الراسمالية او الصناعية الكبرى كأوربا وامريكا وكندا واليابان ومجموعة النمور الاسيوية الاخرى ؛ والتي وصل فيها سعر لتر البنزين على سبيل المثال ( وهو احد اشهر مشتقات النفط واكثرها مساسا بحياة البشر ) الى اقل من نصف دولار .. او دول العالم الفقيرة غير المنتجة للنفط والتي ترهق الاسعار العالية لهذه المادة الحيوية للطاقة العالمية كواهل موازناتها وخططها التنموية ؛ مما يعني مزيداً من الانتعاش الاقتصادي والبشري وخلق المزيد من فرص العمل وامكانية التخزين على اساس السعر المنخفض وتيسير حركة الشحن والنقل بكل انواعه واغراضه .. كما يعني ان شركات النفط العالمية الكبرى على وشك جني ارباح خيالية وقياسية بفضل هذا الانخفاض المريع في اسعار النفط يقابلها انخفاض السيولة النقدية لدى الدول المنتجة. ما يعنينا في الامر هو العراق ؛ فاوضاعه معروفة وجليّة مابين الاضطراب والصراع السياسي والتحديات الامنية والفساد المالي والاداري .. الذي حال حتى الان دون اعلان موازنة العام الحالي الفين واربعة عشر ؛ على الرغم من ان ايام معدودات فقط تفصلنا عن انتهائه .. كما تدور تكهنات ومحادثات يشوبها التشاؤم الواضح .. يرقى الى اعلان افلاس الدولة بكاملها جراء الانهيار العالمي لاسعار النفط .. وتعثر جميع الخطط المستقبلية في التعافي الاقتصادي والمالي حتى الان ؛ حتى ان الخيارات المطروحة حتى الان كالاقتراض من البنوك العالمية .. او حذف الاصفار من العملة الوطنية او تخفيض الرواتب الفلكية لرؤساء واعضاء السلطات الاربع في البلد ( الرئاسية والتنفيذية والتشريعية والقضائية ) والمناصب العليا والدرجات الخاصة ؛ اضافة الى الترشيد التام وخفض وتقنين الانفاق الحكومي وتفعيل التحاسب الضريبي وتحصيل اموال الدولة ومحاربة الفساد والمفسدين ؛ والحرب بلا هوادة على ( الفضائيين ) في جميع مواقع الدولة والقوات المسلحة ؛ لم تعد تجدي نفعا ولا بد من ان ترافقها حلول واقعية جذرية تحت اشراف خبراء اقتصاديين من ذوي الكفاءة والاختصاص ؛ ليس فقط من اجل ان نعبر هذه ( الطركاعة ) بل حتى لا تقع في واحدة اخرى اشد من التي نحن فيها !!. *almishal.ghazi@yahoo.com    

أكثر...