(المستقلة).. ازدادت في الفترة الماضية المظاهرات التي يقوم بها يمينيون متطرفون ونازيون جدد في ألمانيا ضد الإسلام. قبل عدة أسابيع كانت حركة “أوروبيين وطنيين ضد أسلمة الغرب”، المعروفة اختصارا باسم (بيغيدا) المعادية للإسلام في ألمانيا، حركة صغيرة على موقع “فيسبوك”، لكن الاثنين الماضي تكشف حجم الإستقطاب الذي تمكنت منه في صفوف الألمان وأثرت في أكثر من عشرة آلاف شخص شاركوا في مظاهرة نظمتها في مدينة درسدن الألمانية. ويفسر الباحث الإجتماعي الألماني أوليفر ناختفاي هذا الصعود لهذه الحركة المتطرفة بقوله: هناك تفسيران يكملان بعضهما البعض، أولهما هو صعود موجة عنصرية جديدة ضد المسلمين مبنية على القلق من تلاشي قيم الغرب. وأوضح ناختفاي في حوار نشرته “دوتشيه فيله” أن هذا “نتاج لمجتمع عصبي لا فرصة فيه للصعود إلا لقلة قليلة، ويسود فيه شعور دائم بالمنافسة والصراع على المناصب والثروات”. وحمل الباحث مسؤولية ذلك لـ”النظام  و”الآخرون” أو “الأجانب” وتصريحات مسؤولي حزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي حول ضرورة إجبار الأجانب على تكلم اللغة الألمانية حتى داخل منازلهم”. وأضاف: التفسير الثاني، هو أن الأحزاب والمنظمات الكبرى لم تعد تمثل الشعب وقنوات التعبير عن المخاوف بدأت في الاختفاء. وأشار إلى أن ذلك أدى إلى ظهور “حركات احتجاجية مبنية على قاعدة شعبية، بعضها يساري مثل حركة “احتلوا”، والبعض الآخر يتبنى نظريات المؤامرة، مثل مظاهرات يوم الاثنين التحذيرية، وغيرها يميني، مثل حركة “بيغيدا”. ويشير ناختفاي أن هذه الحركة تحالفت مع المواطنين المنتمين إلى الطبقة الوسطى وطبقة العمال المهرة، وأظهرت الدراسات طويلة الأمد للباحث الألماني فيلهلم هايتماير من بيلفيلد أن مشاعر معاداة الأقليات أكثر نمواً لدى أفراد الطبقة الوسطى. وأوضح ناختفاي أن ما شهدته درسدن هو أقوى مشهد لحركة متواجدة بالفعل في عدة أماكن، ففي ولاية شمال الراين ويستفاليا، مثلاً، هناك عدد من الحركات المدنية المعادية للإسلام، لكن ما هو غير موجود حتى الآن هو الرابط السياسي بين هذه الحركات، وذلك لأن المواطن العادي لا يريد أن يرتبط بأحزاب يمينية متطرفة مثل الحزب القومي الديمقراطي الألماني والنازيين. وحذر من أن تقوم الأحزاب السياسية بتبني هذه الأفكار، وهناك خوف من أن يتحول حزب “البديل لألمانيا” إلى تبني العنصرية المناوئة للإسلام، وذلك بعد أن أيد زعيمه بيرند لوكه “بيغيدا” على صفحته على الفيسبوك. ولفت إلى خروج نحو عشرة آلاف متظاهر ضد أفكار ومناصري “بيغيدا” في درسدن. ودعا إلى مواجهة الحجج التي يطرحها مناصرو حركة “بيغيدا” وانتقادها بشكل علني، أي القيام بحملة توعية، ويرى أن من الخطأ إعطاء الحركة أكبر من حجمها الحقيقي عبر دعوتها إلى حوار. وقال: إذا ما فكرنا بأن “بيغيدا” يرأسها شخص فاشل له سوابق إجرامية، فإن علينا أن نتساءل حول الخطر الكامن في المجتمع الألماني من عواطف قادرة عل تحريك المجتمع بهذه الطريقة. وأكد أن دور المجتمع المدني يجب أن يكون دوراً مزدوجاً: منع هذه المظاهرات بشكل مباشر ومواجهتها، وطرح النقاش بشكل عام حول المشاعر بخصوص الإسلام وعدم تحمل إبداء أي تسامح مع مثل هذه العواطف.

أكثر...