الدكتور عبدالقادر محمد القيسي سبق وان كتبت في الجواز الدبلوماسي قبل أكثر من سنة وأكرر بمناسبة ما اثير حول الغاء الحكومة العراقية لعدد كبير من الجوازات الدبلوماسية، وأقول: الشخص الذي يحمل جواز دبلوماسي ليس فرداً عادياً هذا ما تعارف عليه الناس والدول، ودول العالم وضعت القوانين والبروتوكولات المتعلقة بالعلاقات الدبلوماسية بمعاملة الشخصية التي تحمل هذا الجواز معاملة خاصة، ومعظم الدول وضعت في قوانينها تكريم الشخصيات أصحاب الجوازات الدبلوماسية ووضع بوابات خاصة بهم وعدم تفتيشهم كاحترام متعارف عليه ليس للشخص نفسه وانما للجواز الذي يحمله والذي يفرض احترامه، ودليل على انه رجل مهم في بلده> ومن هذا المنظور، فأن من يجب أن يحمل هذا الجواز لا بد أن يخضع لشروط ومعايير وفي إطار لوائح واضحة تبين وتحدد من يستحق أن يمنح جواز دبلوماسي ومن لم يستحق، وبالمقابل كل دوله لها قوانينها ومعاييرها في منح هذا الجواز للشخصيات المهمة سواء كانت دبلوماسية مبعوثة للعمل في سفاراتها في الخارج أو مسؤولين كبار في الدولة أو شخصيات ذات مكانه اجتماعية عالية، بمعنى إننا نستطيع أن نقول أن الجواز الدبلوماسي لا يمنح اعتباطاً وبدون شروط؛ لان من يحمله يمثل الدولة التي يحمل اسمها بأنه محاسب على تصرفاته وعلاقاته في كل دولة يذهب إليها ويضل تحت المجهر في الدولة التي يذهب إليها لأي سبباً كان ليس من باب المضايقات بل أن الدولة المستضيفة له تعتبر نفسها مسؤولة عنه وعن حمايته وقد لا تسأله أو تعترض على تصرفاته أو علاقته أو تحركاته ولكنها قد ترصد كل تحركاته وتصرفاته، وهذا من حقها قانوناً وبروتوكولياً. والمؤسف تناولت وسائل الإعلام بعض الظواهر السلبية التي صدرت من حاملين جوازات سفر دبلوماسية وعوائلهم وبطريقة باتت تسيء لسمعة دولة العراق المعروف برصانة جوازاته الدبلوماسية، لكن مثل هذه الفضائح لن تنتهي ما دام الجواز الدبلوماسي يحمله الأميون، ويحمله آخرون من غير عائلات النواب والوزراء سامحهم الله. ما يحدث بهذه الجوازات الدبلوماسية العراقية من مطار بغداد الدولي مرورا بالمطارات العربية والمجاورة وحتى المطارات الاوربية حقيقة يدعو الى الحسرة والغصة والحزن والخجل. فمثلا وابتدأ من مطار بغداد تأتي عوائل كاملة بقضها وقضيضها دبلوماسية، فبعض افراد هذه العوائل الدبلوماسية يرفض ان يعرض اوراقه الثبوتية لأنه دبلوماسي من عائلة الاستاذ الفلاني “عضو البرلمان” !! وطفل دبلوماسي يصرخ باكيا على امه الدبلوماسية لأمر ما، وطبعا كل هذه مشاهد حقيقية ولا ذلك الرجل ولا هذه المرأة ولا هذا الطفل ولا هذه العائلة او تلك يعرفون شيئا عن الدبلوماسية ولا ابسط اصولها وحقوقها وواجباتها لكن بفضل الحجي الفلاني عضو البرلمان او الوزير واخرين حصلوا على هذه الجوازات الرسمية المهمة والخطيرة بل واجزم ان الاستاذ والحجي، لا يعرفون اهمية وخطورة هذه الجوازات الحمراء التي اصبحت ملكا مشاعا في العراق. ومشاهد اخرى حقيقية في مطار عربي ومن مطار هيثرو واخرى من مطار ستوكهولم , ففي مطار هيثرو مثلا، وقفت أم عراقية كريمة تجاوزت السبعين عام وهي تفتش الوجوه وتردد بالعربي ” يمه من يفهمني ماذا يقول هذا الشرطي !!” والشرطي كان موظف الجوازات في مطار هيثرو وكان غير مقتنع بالسيدة “الدبلوماسية” العجوز ذات العباءة والفوطة العراقية المميزتين لأمهاتنا العراقيات النجيبات!! وبعد ترجمة وشرح وتفصيل له واقراره بعدم وجود تزوير او مخالفة بالجواز سهل الامور على أمنا الدبلوماسية. اما في مطار ستوكهولم وبعد ان نزلت الطائرة بسلام على المدرج أكد طاقم الطائرة على الهبوط بسلام وكرر الجملة المعتادة بعدم فتح الحزام ومغادرة المقعد الا بعد وقوف الطائرة واعطاء الاشارة، لكن طفلة عمرها لا يتجاوز 12 عام ترافق عائلتها نهضت فجأة وحدها، فما كان من المضيفة الا الطلب منها الجلوس وربط الحزام مرة اخرى، فكان جواب الطفلة العملي بان تبرز جوازها الدبلوماسي العراقي الاحمر بوجه المضيفة وكأنها حكم يقود مباراة ويوجه بعصبية انذار احمر الى أحد اللاعبين !! وسط صدمة ودهشة وحيرة المضيفة والمسافرين في بلد يتساوى فيه الملكة ورئيس الوزراء وعامل التنظيف في الحقوق والواجبات !! وهذه الأفعال دون أدنى شك لا تليق ببلدنا العراق او بقيمة جوازه الدبلوماسي كل هذه الامور هي مشاهد واقعية تفرض على المخلصين من اعضاء البرلمان والحكومة العراقية للعمل على الغاء فقرة الجواز الدبلوماسي وحصرها بأصحاب الاختصاص والوظيفة كما معمول به في كل دول العالم المتقدم، والا ليس من المعقول ان يكون الجواز الدبلوماسي العراقي بيد الطفل وبيد لاعب لكرة القدم والتاجر والاعلامي وغيرهم (ممن منحوا الجواز دون استحقاقهم فقط لان المسؤول الحكومي راض عنهم)، حتى الرجال والنساء لمجرد انهم ينتمون لعائلة هذا الوزير او ذاك البرلماني!! ويفترض على وزارة الخارجية أن لا تمنح هذا الجواز لكل عابر سبيل وحتى الأشخاص الذين ينطبق عليهم الشروط فأنه يجب أن يكون هنالك مختص أو مختصين مهمتهم إجراء مقابلة خاصة لبعض الأشخاص الذين يتطلب الأمر منحهم جوازات دبلوماسية وتدقق بمدى صلاحية منحهم الجواز الدبلوماسي من كافة الجوانب وترشدهم إلى أهمية هذا الجواز وأن من يحمله، تصرفاته وسلوكه وعلاقاته في الخارج محسوبة عليه وعلى العراق، وعليه أن يكون مثالاً للأخلاق والسمعة الطيبة وغير ذلك من التوجيهات ويكون هذه جزء من شروط تسليمه الجواز الدبلوماسي. إن القانون الأخير، رقم (50) لسنة 2007 وتعديله المرقم 23 لسنة 2009 الذي عدل المادة (5) منه، حيث أصبح نص المادة المذكورة بعد التعديل كما يلي: (تمنح هيئة الرئاسة وأعضاء مجلس النواب جوازات سفر دبلوماسية لهم ولأزواجهم وأولادهم أثناء الدورة التشريعية و(8) سنوات بعد انتهاء الدورة التشريعية). بعد إن كانت تنص على ما يلي: (تمنح هيئة رئاسة مجلس النواب وأعضاء مجلس النواب وأسرهم جوازات سفر دبلوماسية)، ان هذا القانون وتعديله صدر في الوقت بدل الضائع من عمر البرلمان السابق، وهو إضافة غير حميدة تضاف إلى سجل طويل من الاختلاسات القانونية التي تسمى امتيازات البرلمان، لقد أصبحت الجوازات الدبلوماسية العراقية نكتة مسخه وغير محترمة بسبب كثرة توزيعها حتى على بعض إفراد الحمايات الخاصة بل ولاعبي المنتخب والوزراء ووكلائهم والمدراء المتنفذين في الوزارات وأعضاء البرلمان وعوائل الوزراء حتى تجاوز عدد من يحمل هذا الجواز الآلاف في بلد لا يملك أكثر من ستين سفارة عاملة بشكل رسمي حتى الآن، مع العلم ان […]

أكثر...